مفاجأة مدوية.. صلاح بديلا لنيمار في الهلال السعودي ترامب يعلن التقدم والفوز في 12 منطقة أمريكية … . نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لحظة بلحظة التحالف العربي ينفذ ثلاث عمليات إجلاء جوية في سقطرى الكشف عن القيادي الحوثي المسؤول عن تهريب الأسلحة الإيرانية التحركات واللقاءات العسكرية العليا.. هل قررت الشرعية خوض معركة الحسم مع مليشيا الحوثي؟.. تقرير رفقة محمد بن زايد.. شاهد ثاني ظهور لطارق صالح عقب إصابته بحادث مروري في الساحل الغربي حزب الإصلاح يعلق على إشهار التكتل الوطني للمكونات السياسية تونس تحقق نجاحاً كبيراً في تصدير الذهب الأخضر إسرائيل تدك أكثر من 40 ألف وحدة سكنية في جنوب لبنان وتجعلها ركاما وانقاضا عاجل: أمريكا تحبس أنفاسها وتتحصن مع تفاقم التوترات وترامب يعلن واثق من الفوز وايلون ماسك يحذر من هزيمة المرشح الجمهوري واخر انتخابات في تاريخ أمريكا
تردد هذا العنوان على شاشة الجزيرة كثيرا كلما تعرضت للحديث عن الدور التركي في المنطقة العربية والاسلامية، وقد لفت انتباهي هذا المصطلح، وأثار في خلدي بعض التساؤلات من مثل: ما هو العامل المشترك بين العثمانيين القدماء وبين الحكومة التركية برئاسة أردغان حتى جعل قناة الجزيرة تردد مثل هذا المصطلح؟
ولو اختزلنا الحديث عن العصر العثماني بموقف السلطان العثماني عبد الحميد - الذي كان آخر الخلفاء العثمانيين - من قضية فلسطين وهي في مبتداها، ولعل قضية (فلسطين) في تقديري هي العامل المشترك القوي والبارز الذي جمع العثمانيين القدماء بالجدد (أردغان وحكومته) في صعيد واحد. فكل قد جعل له موضع قدم صدق في تلك القضية القديمة الحديثة، موضع قدم تعالت فيه المبادئ والقيم على المصالح الذاتية الخاصة، فذلك السلطان العثماني فيما مضى وقد عرض عليه اليهود عن طريق (تيودور هرتزل) 15 مليون ليرة ذهبية عشرة منها لخزينة الدوله العثمانية وخمسة لخزينته الخاصة في مقابل التنازل عن قلسطين لليهود يقول: "انصحوا الدكتور هرتزل ألا يقوم بأية خطوة في مشروعه، فأنا لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين، إنها ليست ملكي، بل هي ملك الأمة الإسلامية، ولقد جاهد شعبي في سبيل هذه الأرض، ورواها بدمه، فليحتفظ اليهود بملايينهم وثرواتهم، أما إذا سقطت دولة الخلافة فبوسعهم أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حي فإن عمل السكين في جسدي أهون عليّ من أن أرى فلسطين قد بترت من الدولة الإسلامية. إنني لا أستطيع السماح بتشريح أجسامنا ونحن أحياء".
إن أبرز سمة برزت في القول السابق قوله عن فلسطين: (انها ليست ملكي، بل هي ملك الأمة الاسلامية، ولقد جاهد شعبي في سبيل هذه الأرض) نعم إنه التحدث باسم الشعوب، وبلسان حالها هو ما ميز خطاب (السلطان), وهو ما يشارهكه فيه (أردغان)؛ فأينما ترى هذا الأخير وفي كل المحافل والمناسبات لا يتحدث بضفته الرسمية (رئيس الحكومة)؛ بل بصفته مفوض عن الشعب التركي المسلم كله، ومن هنا اكتسب خطاب اردغان هيبته وقوته وعزته، عندما يتكلم دائما وأبدا بلسان شعبه؛ الشعب المسلم المعتز بدينه واسلامه كما هو مطلب ولسان حال جميع الشعوب، وليس ثمة شك أن كل الشعوب تنظر لأردغان بكل تقدير وبكل أجلال وترى فيه المخلص والقائد الجديد التي ينبغي أن تلتف حوله الأنظمة الحاكمة في العالم الاسلامي، وقد أحسنت الجامعة العربية صنعا إذ دعته في قمتها الأخيرة في (سرت) ولعلها من أول الحسنات للجامعة العربية وتعتبر أول خوطة في الاتجاه الصحيح.
وما ينبغي الاشارة اليه في هذا المقام أنه لا يستطيع أحد في العصر الحديث ان ينكر المجهود الذي بذله حزب العدالة التركي سابقا ولاحقا في سبيل الانظمام الى الاتحاد الأوروبي، فالحكومة الحالية بقيادة أردغان لم تأل جهدا ولا وسعا، ولم تدخر وقتا إلا وبذلته في سبيل حصول ذلك الإنظمام ومحاولة بلوغ المرام؛ وأبرز ما يتجلى في ذلك الجهد والحرص الذي كان على أشده؛ أن تركيا لم تحاول يوما أن تطأطئ رأسها او تنكس شموخها المهاب؛ فلم نراها ولن نرها تستجدي ذلك الانظمام استجداء، بل تريد أن نتظم إلى ذلك الاتحاد وهي رافعة الرأس شامخة الهامة، كما تريد أن تثبت للاتحاد الأروبي أنها جديرة بذلك الانظمام من دون خضوع او ركوع أو تسول مهين مذل.
ويتضح ذلك جليا في مواقف تركيا الشامخة من حرب غزة، ومن قضية فلسطين عموما، رأينا تركيا التي لم تداهن فيها يوما أو لحظة او برهة فذلك لم يحصل؛ بل على العكس تماما فقد وقفت موقف الرجال الأبطال أمام الغطرسة الاسرائيلة؛ وما مواقف أردغان الذي كان يمثل الشعب التركي وكل المسلمين الا أكبر دليل على ذلك الإباء وتلك العزة، لقد وققت تركيا مواقف حازمة غلى الرغم من علمها أن اتخاذ مثل تلك مواقف سوف يؤثر على انظمامها التي جهدت له منذ زمن طويل فليس ثمة شك أن الاتحاد الاروبي صديق استراتيجي لإسرائيل، لكنه موقف الأحفاد مقتبس من موقف الأجداد لا يتغير قيد أنملة فكلا الموقفين تحدثا بلسان حال الشعوب، الشعوب التي ارتضت الاسلام دين العزة والكرامة دينا . فحق أن يقال عنهم العثمانيون الجدد.
فهي إذا عزة المسلم الذي فهم إسلامه من منبعه الصافي، ولم ياخذه بالهوية عن طريق الوراثة؛ فقد كانت مواقف أردغان نابعة من مسلمات دينه الذي علمه أن لا يهين المسلم ولا يلين ولا يذل ولا يحزن وهكذا تعاطى أردغان القضايا المصيرية وهو يمثل الشعب التركي المسلم؛ حيث مثله خير تمثيل، وقد كان المتوقع من الحكومة التركية وقد بذلت كل ما بوسعها لأجل الإنظمام للاتحاد الأروبي ان تداهن كما داهن الكثير من العرب وأن تتواطأ مع اسرائيل وأن تغض الطرف عما حدث ويحدث في غزة، لكن عزتها بدينها تأبى عليها إلا أن تشارك في الاتحاد مشارة الابطال لا مشاركة المتسولين للسلام من أمريكا والغرب واليهود، وستعلمون غدا أن أوروبا هي من سوف يطلب إلى توركيا ذلك الانظمام، وإن غدا لناظره قريب. وهذه هي النواميس الكونية، كن عزيزا بإسلامك وواثقا بربك ثم بنفسك تحترم ويحسب لك ألف حساب.
وما ينبغي أن يتضح للجميع أن مواقف اردغان لا ينبغي أن نشكره عليها أو نشيد بها ليقال عنه: [كان عربيا أكثر من العرب، وكان فلسطينا أكثر من الفلسطينين]؛ فلست مع هذا القول اطلاقا؛ وذلك لسبب بسيط ؛ هو أن مواقفه لم تكن من نافلة المواقف وكذلك أقواله لم تكن كذلك من نافلة الأقوال؛ بحيث أنه إذا لم يقف تلك المواقف فإن ذلك يعفيه؛ خاصة وقد تخل العرب وتقاعسوا؛ إن تلك المواقف من أردغان ليس منةَ ولا فضلا؛ بل كان واجبا سوف يحاسبه عليه الله، وإن ما قاله - وقد أثلج صدور الشعوب المسملة قاطبة - كان من باب القيام بواجبه نحو أمته المسلمة، وهذا الموقف ينبغي أن يكون هو موقف كل مسلم في مقام أردغان وفي مكانته؛ فاردغان عبر عن موقفه كمسلم أولا محاسب أمام ربه لأنه لا شك سائله، وثانيا لأنه مفوض من قبل الشعب التركي والشعوب ليس لها مطالب سوى مطالب اسلامها. فلا تكثروا بالاطراء على أردغان فلم يعمل سوى الواجب المطلوب منه شرعا وعقلا وعرفا.
إن أردغان أراد أن يوصل رسالة للعالمين الاسلامي والغربي، أن تركيا قوية بمبادئها، وبصدق مواقفها وهذه المواقف يفرضها عليها دينها تجاه الأمة الاسلامية؛ الممثلة في قضيتها الكبرى (القددس - فلسطين)، لقد كان أردغان أمة بمواقفه بشهادة الجميع؛ لأنه مثَّل فيها مواقف الأمة كما تريدها أن تكون؛ إنه أراد أن يقول إن تركيا قوية بشعبها كذلك؛ وهي تريد سلام الشجعان الأقوياء فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، كما تريد مشاركة الأبطال فيما يتعلق بانظمامها إلى الاتحاد الاوربي.