ابني والوحدة
بقلم/ جمال الجعبي
نشر منذ: 15 سنة و 6 أشهر و 5 أيام
الخميس 30 إبريل-نيسان 2009 10:53 ص

سمعت مثل غيري خطاب الاخ رئيس الجمهورية في اللقاء الموسع الذي ضم عدد كبير من الجنوبيين، وكان وقع الخطاب في بعض جوانبه طيب من حيث الاقرار بوجود مظالم واخطاء وقعت بحق ابناء الجنوب، والرغبة في معالجتها دون المساس بالوحدة التي تحققت في 22مايو بصورة سلمية وهو ما اعتبره العالم مكسب ونصر للشعب اليمني.

في اليوم التالي جاءني ابني الذي يدرس في الصف الرابع ابتدائي ليريني نتيجة اختبار مادة الاجتماعيات لشهري ابريل ومايو 2009م وكانت النتيجة 58من 60، هنئته واخذت اراجع الاختبار لتكون الصاعقة التي ألجمتني، وهي ان السؤال الوحيد الذي فقد ابني بسببه درجتين كان عبارة عن صح وخطأ وكان السؤال على النحو التالي (تحققت الوحدة اليمنية دون حدوث اي خسائر) والاجابة التي اجتهد بها ابني كانت (صح) ولكن الاجابة كان (خطأ) ولهذا فقد درجتين.

وحتى لا اذهب في الظنون بعيداً ومن باب التأكد طلبت ان يحضر الكتاب المقرر للمادة، وكانت المفاجأة هي ان ابني كان مخطأ وان الوحدة بحسب ما جاء في الكتاب فعلاً تحققت مسببة خسائر، وهنا كانت عيون ابني تفترسني بحثاً عن اجابة وتفسير لهذا، وما هي الخسائر التي حدثت بسبب الوحدة.

كيف سأقنع ابني بأن الوحدة تمت بصورة سلمية، وان ابناء الجنوب خرجوا ليحملوا سيارة الرئيس القادم من الشمال على اعناقهم ترحيباً وتهليلاً للوحدة؟

كيف ساقنعه بأن الوحدة تمت بتنازل (الرجل الاول) في الجنوب (للرجل الاول) في الشمال عن (الموقع الاول) مقابل ان يشترك الجنوبيين في السلطة مع اخوانهم في الشمال؟

كيف ساقنعه بأن الوحدة تحققت دون خسائر فيما كتابه المدرسي يقول ان الوحدة تحققت بالدم وانها تعمدت بالدم وانها مرتبطة بالخسائر والدم؟

كيف سأقنعه بأن احد المتهمين بالانفصال وفي قائمة الـ(16) الانفصالية هو الرجل الثاني في الحزب الحاكم، وأن الرجل الذي حقق الوحدة وكأن او رئيس حكومة لها مغضوب عليه ويطلق عليه الاعلام رأس الحنش.

قد يسكت ابني اليوم ويقتنع بإجابة مخادعة مني، ولكن ماذا ساقول له غداً عندما يكبر ويطالب بإجابة غير متناقضة ولا مخادعة، اجابة يستطيع ان يفهمها ويقبلها، كيف استطيع ان اوضح لإبني ان الرئيس يقول في اللقاء الموسع انه خائف على الجيل القادم، فيما المنهج المدرسي يقول للجيل القادم ان الوحدة مرتبطة بالدم والمشاكل، وما ارتبط بالدم لا يحله إلا الدم وما كانت المشاكل عنوان قيامه ستكون المشاكل عنوان القضاء عليه.

سأكون في مأزق عندما يسألني ابني عن الحراك السلمي في الجنوب هذه الايام ويقول اذا كانت الوحدة تحققت بالخسائر لماذا لا توقف الخسائر التي سببتها الوحدة.

لماذ ارتبطت الوحدة بالدم والخسائر ولم ترتبط بالخير والسلم والسلام الاجتماعي؟

بعد هذا.. هل سيصدقني ابني اذا قلت له اننا نعيش في بلد ديموقراطي، ونظام مؤسسات وان النظام والقانون هو سيد الموقف والحاكم للجميع،وان اساس العلاقة هي المواطنه؟

هل سيصدقني وما هي الضمانات التي سيقبلها في ظل انني خدعته وقلت له ان الوحدة تحققت بدون خسائر وبمباركة واقبال شعبي وكانت الاجابة خطأ؟

هل سيصدقني اذا قلت له ان المواطنه في اليمن كاملة ولا يوجد تمييز بين ابناء هذه المنطقة او تلك بعد ان ظللته في الاجابة عن موضوع الوحدة.

انها اسئلة تتعلق بالجيل القادم، جيل الوحدة، الجيل الذي لا يفهم ما يجري، لأنه يقراً في المدرسة وقائع، ويشاهد في التلفزون وقائع مختلفة، ويسمع من زملائه في المدرسة وقائع مختلفة، ويسمع حديث بين مدرسيه ومدرساته عن رغبة وانين في الجنوب ودعوات غاضبة للانفصال.

 الوحدة تبدأ بالمنهج، والثقافة والتسامح تبدأ بالمنهج، والقيم تترسخ بالمنهج، وبالمنهج تتضح النوايا.