تونس تحقق نجاحاً كبيراً في تصدير الذهب الأخضر إسرائيل تدك أكثر من 40 ألف وحدة سكنية في جنوب لبنان وتجعلها ركاما وانقاضا عاجل: أمريكا تحبس أنفاسها وتتحصن مع تفاقم التوترات وترامب يعلن واثق من الفوز وايلون ماسك يحذر من هزيمة المرشح الجمهوري واخر انتخابات في تاريخ أمريكا لأول مرة في تاريخها… التعديلات الدستورية الجديدة في قطر وتجربتها الديمقراطية عثمان مجلي يصارح الخارجية البريطانية: الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة بحضور دبلوماسي ومباركة رئاسية .. عدن تشهد ميلاد أكبر تكتل وطني للمكونات السياسية يضع في طليعة أهدافه استعادة الدولة وإقتلاع الإنقلاب وحل القضية الجنوبية مجلس القضاء الأعلى بعدن يصدر قرارات عقابية بحق إثنين من القضاة مقتل امرأة في قعطبة بالضالع برصاص الحوثيين صحيفة أمريكية: هجوم ايراني قريب على اسرائيل سيكون اكثر عدوانية من السابق توقعات المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر حول الأمطار ودرجات الحرارة في المحافظات الشمالية والجنوبية
أربعون عاما مضت من عمر جامعة عدن، وما زال رئيسها يصر على بتر تاريخها واختزاله في العشرين سنة الأخيرة، وكأن عدن لم تعرف التعليم الجامعي إلا بعد الوحدة.
يمكنني أن أتقبل حماسه المفرط بهذا الشأن، فهو ذاته رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام في الجامعة، و لكلا الأمرين – رئاسة الجامعة والحزب فيها - أدوات للبقاء ومناورات للتشبث عليه أن يجيدها.
من هنا مالت الفكرة عن مسارها، وأفرغ المعنى من محتواه، وفي كل خطاب نسمعه منه، يتحول الحديث عن الجامعة ومفهومها الجوهري الذي ينص أن الطالب هو الركيزة الأولى في العملية التعليمية، يتحول إلى حديث الأرقام وأعداد الجدران التي تم بناؤها والكراسي التي تم إضافتها وعدد المدخلات والمخرجات، وكأني في مصنع لإنتاج الطالب المعلب، وبدون مواد حافظة أيضا.
ما زلت أتذكر تصريح غريب للدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور رئيس جامعة عدن في مركز البيئة التابع لها، يتوعد بإقامة اعتصام إذا لم يتم تشجير محافظة عدن، علما أن إحدى كليات جامعته تعد ممراتها ذو نوعية فريدة على مستوى العالم، إذ تطفو على إحدى جهاتها مجاري طافحة وفي الأخرى قمامة زاحفة.
هي ذات الكلية التي يصر بن حبتور على حرمان الطالب الصحفي وائل القباطي من استكمال دراسته فيها ودخول امتحانات عام التخرج بعد إيقاف قيده "مدة عامين طبقا للوائح والقوانين".
مجلس كلية الآداب أصدر قرارا مذيلا بتوقيع رئيس لجنة الامتحانات فيها، في مخالفة صريحة للوائح المتذرع بها، إذ ليس من أهلية لجنة الامتحانات فصل أو إيقاف طالب ما، ودون استدعاء الطالب للاستماع لأقواله، في مخالفة أخرى للوائح المتذرع بها ، قررت معاقبة وائل على كتابات صحفية نشرها في صحف مختلفة تنتقد حال الجامعة وتطرح تساؤلات عدة، لعلي أبرزها رسالة وائل الموجهة إلى رئيس الجامعة في مقاله "افعلها يا بن حبتور" بصحيفة مشاعل الشبابية، بشأن المجالس الطلابية في الجامعة التي مرت خمس سنوات على فقدان شرعيتها وانتهاء مدتها بعد إصرار الجامعة على تعطيل إقامة انتخابات المجالس الطلابية في مخالفة كارثية للوائح والقوانين المتذرع بها لأسباب حزبية يعلمها بن حبتور كرئيس لحزب المؤتمر في جامعة عدن.
أراد بن حبتور أن يعاقب وائل بحرمانه من جنة الآداب، التي يزاحم غربانها طلابها مقاعدهم، ويعكف الطلاب على قراءة الفاتحة بين يديها خوفا من سقوط إحدى المباني المتهالكة في الكلية خشية الموت، والتي لن يقوم بن حبتور بهدمها و إعادة بنائها إلا بعد أن تقع مصيبة على رؤوس الطلاب، واكتفى ومن معه بوضع أسلاك حول تلك المباني تصرح ضمنيا "ممنوع الاقتراب فمن الممكن أن يسقط المبنى وتموت.. حينها ستكون أنت المسئول" وهنا تنتهي مسؤولية الجامعة.
الجامعة التي رفضت قرار قاضي محكمة يجبرها السماح لوائل بدخول الامتحانات ورفع قرار الإيقاف، مازالت تقاوم بحجة اللوائح – رغما عن أنف القضاء – وكأننا في دولة داخل دولة وسلطة داخل سلطة.
الجامعة التي تصر أن تكون حلقة في منظومة القمع ، تؤدي دورها في كبت الصحفيين منذ النشأة الأولى، وبعد التخرج تستكمل حلقات تلك المنظومة أدوارها، بسجن الصحفيين وتغريمهم وإخفاءهم أحيانا، وتكبيلهم بالقوانين والموانع والتصاريح، ليكون أول درس يتعلمه زملاء وائل ومن بعدهم في قسم الإعلام هو خوف من الانتقاد وكراهية حرية الكلمة، ليكون وائل كبش فداء.
لكن وائل؛ بجسمه الرقيق وابتسامته الدائمة كان عصيا على السكاكين التي حاولت ذبحه وقطع أطرافه ، بسعيه ومن معه نحو الطرق السلمية، فطرق باب القضاء واستعان بمنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية ونقابة الصحفيين وغيرها يمنيا ودوليا، والتي أدركت جميعها واتفقت كلها على وقوع الظلم بحقه ووجوب إلغاء القرار والسماح له بممارسة حقه كطالب وكصحفي، طالما وأن الجامعة ليس من حقها معاقبة طالب على كتاباته وآراءه إلا في إطار القضاء.
من هنا يبرز حقيقة أن المسألة كلها لا تقف عند شخوص معينة، فالحملة التضامنية التي وقفت وتقف مع وائل القباطي في محنته هذه ونشر قضيته حتى طالت كل الصحف والمواقع يمنيا وعربيا والقنوات الفضائية المستقلة وحتى قناة الجزيرة، لا تستهدف الانتصار لوائل أو النيل من بن حبتور، إنما هي الرمزية التي تستوجب الدفاع عن حرية الكلمة وإسقاط إرهاب الفكر وتفتيت منظومة الكبت ومنذ النشأة الأولى كذلك.
وهنا التمس قرارا أيضا بسبب كتابتي لهذا المقال، كوني طالب في جامعة عدن، لعلي أنال شيئا من التعاطف والتضامن والشهرة مثل ما نال زميلي القباطي.