كنا تطرقنا في الجزء الثاني من مقالنا " مآزق المشهد السياسي اليمني والحلول الممكنة " وتحدثنا فيه عن التدخلات الغربية والدور المشبوه لجمال بن عمر ونواصل اليوم الحديث عن المأزق الثالث :
السموم العفاشية المدمرة :
وهذه السموم سببها الرئيس الأطراف السياسية التي ناقشت المبادرة الخليجية وأغفلت بندًا مهمًا ، ما كان لهم أن يتركوه وهم أعلم بشخصية عفاش التآمرية المدمرة ، وهذا البند يتمثل في وجوب منع علي عفاش من ممارسة العمل السياسي وإبعاده عن البلاد ما لا يقل عن خمسة أعوام كشرط لازم مقابل إعطائه الحصانة ، لكن إغفال هذا الأمر جر الويلات على البلاد والعباد ، ونشر الخراب ودمر المؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية إلى ما قبل خمسين عامًا ، ولا أقل ما يمكن أن يوصم به مع نظام الحكم كارتباط الرجل بزوجته فاتنة الجمال ، فكيف يمكن لشخص أن يرى زوجته ( الحكم ) مع شخص آخر ( عبد ربه ) والعشرة بينهما أربعة وثلاثين عامًا ...
فكيف يمكن للبلاد أن تخرج من مأزق كهذا الذي نراه ، وكان يظن في بدء الأمر أنه يستطيع أن يدير البلاد بطريقة رئيس الرئيس ، لكن الأخير تمنّع من أن يكون ديكورًا لحكم وهمي يسيره عفاش عن بعد ، ولذلك استطاع عفاش وبدهائه طيلة بقائه خارج السلطة أن يدمر كيان الدولة والقوات المسلحة وكل شيء جميل ، وبتحالفات قذرة مع الحوثيين وعناصره في كل المواقع الحكومية والعسكرية ، فلم يعد للبلاد جيش يدين لها بالولاء ، ولا يأتمر بأمر رئيسه ولا وزير دفاعه ، وتم إعادة كثير من الوحدات العسكرية والأمنية إلى أحضانه مرة أخرى ، ساهم في ذلك أن كثيرًا من القيادات العسكرية والجنود رأوا أنهم أصبحوا ضحية الصراعات والمؤامرات بين الأطراف السياسية ، فآثر أغلبهم الصمت والبقاء على الحياد والتسليم بهدوء أمام أي هجوم حوثي عفاشي ، باعتبار أنهم غير معنيين بالصراعات السياسية والمؤامرات التدميرية ...
ولذلك ولعلم كثير من المتابعين السياسيين والمهتمين بعلم النفس يرون أن المخلوع / علي عفاش لن يجدي معه أي حلول أو تهديدات لأنه مهووس بعشيقته ( السلطة ) ، وأظنه لن يتوانى بالتضحية بكل شيء من أجل العودة إليها ، ويؤكد كلامنا أننا نتابعه منذ قام بتسليم خرقة العلم وهو يدمر ويخرب مثل نيرون ، ولم يعد نرى دولة ولا كيان ولا أمن ولا استقرار ، ليؤكد لنا مجددًا مقالة " أنا ومن ورائي الطوفان " .
إذن نستطيع القول أن إعادة النظر فى المبادرة الخليجية بتعديلها بناء على المستجدات الحالية وعدم التزام الأطراف بتنفيذ بنودها وأهمها إلغاء الحصانة الممنوحة له ، واتخاذ الإجراءات القانونية بمحاسبته على كل الدماء المسفوكة من شهداء الثورة السلمية التي صارت لعنة على النظام والأحزاب التي فرطت في الإقتصاص ممن قتلها ظلمًا وعدوانًا ، وأظنها هي السبب الحقيقي فيما صار للبلاد من خراب ، لأنهم قرروا فيما ليس لهم حق باتخاذه فنالوا جزاء ما عملوا ، والحق لا يسقط بالتقادم ، والدماء لا تفاوض فيها ولا حصانة ، والحق أحق أن يتّبع ، وليذهب كل مفرط إلى بئس المصير .. وهذه الإجراءات يجب أن تكون حقيقية لا تكتيكية حتى يتم إيقاف نشاطه ، وعدم الإلتفات للأمر السياسي الواهن الذي أنتج خرابًا لم تعرفه اليمن منذ سنين ، وأن يقوم أهالي الشهداء بطلب المحاكمة رسميًا ولا عبرة بأي التزامات سياسية لم تنتج إلا الخراب ، بل يجب أن تكون ثورة تقتلع الظالم وتلتهمه ، ودعوا هذه الثورة تسير كطوفان لا يرحم كل ظالم ومتجبر ، حينها سيظهر الحق أبلجًا كالشمس في رابعة النهار ...