جتمع وزراء خارجية دول مجلس التعاون، مع وزراء الولايات المتحدة وبريطانيا، ومشاركة نائب وزير الخارجية الروسي، في محاولة جديدة لإيجاد حل لأزمة الانقلاب الحوثي – عفاشي، الذي دمر اليمن وهوى بالاقتصاد اليمني إلى مستوى الخطر الوشيك، واحتجز الآلاف من أبناء اليمن، واحتكر السلطة في مكون يعتمد الطائفية «الحوثية»، والشريك الآخر في الدمار، ما بقي من حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يقوده الرئيس المخلوع علي صالح، وفي مخالفة صريحة، قامت المجموعة الانقلابية بتشكيل مجلس سياسي، والاتجاه نحو تشكيل حكومة يشرف عليها المجلس الرئاسي، في محاولة مكشوفة لخلط الأوراق السياسية القادمة، وتعقيد المشهد المأساوي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي في اليمن الحبيب، وبالرغم من المحاولات الحثيثة من مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، السفير إسماعيل ولد الشيخ في مباحثات الكويت، التي انتهت بالفشل، والعودة إلى المربع الأول، للتعنت الحوثي، ولعدم جديته في تطبيق قرار الأمم المتحدة 2216.
وقد يحق لنا أن نسأل، لماذا، وفي هذا الوقت بالذات، أن تتدخل دول مجلس الأمن في عرض الرؤية الأميركية، والتي أفصح عنها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في جدة، عبر المسار السياسي في تشكيل حكومة وطنية مشتركة، والعمل على الانسحاب من المدن في وقت واحد، وهو المسار الأمني، وقد كان هذا مقترح الوفد الانقلابي في بداية مفاوضات الكويت، وهو يناقض أولويات تنفيذ القرار 2216، الذي يتحدث عن ترتيب مدروس يبدأ بالانسحاب من المدن وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط، وإطلاق سراح الأسرى، وإلغاء المجلس السياسي، الذي تشكل حالياً، وهو غير موجود في متن القرار 2216، وأعتقد أن الجانب الأميركي يهرول متأخراً، بعد مشاهدة تأثير الدور الروسي في المنطقة القريبة من منابع ومصادر الطاقة النفطية العالمية، وقد يكون هذا الاجتماع، لمحاولة الضغط على السعودية في موقفها المتشدد من الحلول المقترحة للوضع السوري، والذي تميز بالتداخل والتعقيد الشديد، بعد التدخل الروسي، كما أن انحراف القرار التركي من داعم إلى تغيير بشار الأسد، إلى موافق على وجوده في مرحلة انتقالية، في ظل مقترح الحكومة الوطنية السورية لحل المأساة الإنسانية السورية.
والسؤال الذي يحيرني، لماذا وقف العالم متفرجاً على المشهد اليمني خلال السنة والنصف الماضية، وقام بهذا التحرك تحت الدواعي الإنسانية والظروف الاقتصادية في اليمن، وإيقاف النزيف اليمني، الذي تسبب به الانقلاب الحوثي – عفاشي، ولماذا لم يتم إدانة الجانب الحوثي على الجرائم التي قام ويقوم بها في ضرب المدنيين والنساء والأطفال في المحافظات اليمنية، وفي جميع الأحوال، فإنه لولا الدعم الإنساني الإماراتي والسعودي المكثف للشعب اليمني، لكان الحال وصل إلى مرحلة الكارثة الإنسانية في جميع محافظات اليمن، وأعتقد أن جدلاً ديبلوماسياً وسياسياً يدور بين وزراء خارجية التعاون وبعض دول مجلس الأمن المشاركة في مناقشة التصور الأميركي، ليتم نقله للأطراف الانقلابية بعد تعديله من دول مجلس التعاون الخليجي، وبما يتناسب مع الشرعية اليمنية والقرار2216، ويبقى التساؤل، بعد أن يعرض الشيخ ولد إسماعيل هذه الرؤية الأميركية – الروسية – البريطانية – الخليجية على الأطراف الانقلابية في قبولها هذه الرؤية، أو تستمر العمليات العسكرية، ونتمنى لليمن بشماله وجنوبه كل التوفيق لحقن الدماء، وعودته عربياً، بعيداً عن الأطماع والتبعية الإيرانية.