جيش الجمهورية اليمنية في تعز وعبث الخطاب المأزوم
بقلم/ د. عبدالواحد نعمان الزعزعي
نشر منذ: 4 سنوات و 11 شهراً و 14 يوماً
الخميس 21 نوفمبر-تشرين الثاني 2019 10:11 م
 


عندما كان الجيش الوطني في 2014 م يواجه جحافل الإمامة في عمران بقيادة الشهيد العميد حميد القشيبي، كان هناك خطاب موجه وممول لكتبةٍ إنتهازيين ومأجورين، ما أتعسهم وهم يصورون المشهد يومها أن المعارك تدور بين مليشيات الإصلاح وآل الأحمر من جهة وبين الحوثيين من جهة، هكذا كانوا يدعون ويدلّسون، مع أن الحرب كانت بين جيش الجمهورية اليمنية ممثلاً باللواء 310 بقيادة عميد الشهداء وآخر قلاع الجمهورية الشهيد القشيبي وبين سدنة الكهف وكهنة الإمامة، لازلتُ أتذكر ويتذكر الكثير من اليمنيين يافطات الصحف الصفراء وذلك الكم الهائل من المنشورات والمقالات من قبل إعلاميين وكتبة وهم يختزلون المشهد بتلك الخفة والسفه، للأسف الشديد تماهى معه بسذاجة الكثير من الناس حتى سقطت راية الجمهورية في عمران وأقتحم الحوثيون صنعاء وسيطروا على كل مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والمدنية وتمددوا حتى وصلوا إلى بحر حقات جنوبًا والى بيحان شرقًا وميدي والحديدة غربًا.

تعز نفسها لم تسلم من الغزاة الذين وصلوا إلى مشارف هيجة العبد بالتربة وتخوم الوازعية وذوباب بالغرب إلى مرتفعات صبر شرقًا، حيال ذلك التمدد التراجيدي صمت الكتبة ولزم الكثير من قيادات الاحزاب الصمت وقال بعضهم "حرب لا تعنينا هم يريدون الإصلاح وجامعة الإيمان".

يتكرر اليوم ذلك الخطاب وبنفس المغردات وبنفس النغمة السمجة ومن نفس الشخوص للنيل من جيش الجمهورية اليمنية الناشئ والذي تشكل من شباب يؤمن بالثورة وبالجمهورية ويتطلع لمستقبل أفضل لليمن وشعبها، أنهار من الدماء سالت خلال سنوات الحرب في كل مربعات الجمهورية اليمنية ولا تزال قوافل الشهداء تترى، فعلى سبيل المثال الجيش في تعز بلا رواتب لشهور وبلا سلاح وبلا ميزانية تشغيلية وبلا ميزانية حرب، وهو مع ذلك يخوض حرب شعواء منذ خمس سنوات ويدافع عن مدينة محاصرة من قبل الجميع وصلت إلى منع المؤن والذخيرة عنهم ولا تصل اليهم إلا بالتهريب، ومع ذلك لا يزالون بثبات وصمود وشموخ وبطولة وعزيمة قوية يرفعون راية الجمهورية والثورة في مواجة أقوى ترسانة عسكرية ومليشيات مدربة ورثت مخازن وسلاح دولة من الصاروخ البالستي إلى سلاح القناصة والذخيرة،

ومن المؤسف حد السخرية أن كتبة السوشيال ميديا والعميقين جدًا لا يفتئون ينالون من جيش تعز وأبطالها، هؤلاء الكتبة وصانعي البطولات في صفحات الفيس بوك ومجموعات الواتس إعتادوا على مضغ القات وإحتساء المشروبات الباردة واستنشاق الشيشة والمعسل ومن خلف شاشات الجوال يصنعون البطولات الوهمية، وليتهم يكتفون بذلك بل بكل وقاحة وإنتهازية ينالون من تضحيات الجيش وبطولاته، نسي هؤلاء الأغبياء أن الابطال المرابطين في خنادق المواجهة مع العدو الحوثي لا يجدون الوقت الكافي ليقراوا ما يكتبه هؤلاء المتزلفين، سليقي الألسنة.

ليتهم يدركون أن هؤلاء الأبطال الذين يدافعون عن كرامتهم ويحمون أعراضهم ويواصلون الليل بالنهار وهم على الثغرات ليوفروا لهم الأمن ليمضغوا القات وينامون بهدوء بعيدًا عن قذائف الحوثي، نسى هؤلاء صواريخ الحوثي وألآت الموت التى كانت ولا تزال تتساقط على أحياء مدينة تعز، نسى هؤلاء كيف كان الناس ينقلون مؤن الجيش عبر طالوق صبر مشيًا بالأقدام لساعات حتى تم فتح المنفذ الجنوبي لتعز كي تتنفس منه.

يقول دعي ماذا فعل الجيش في تعز؟! فتجيب جغرافيا تعز وجبالها من الشمايتين والمقاطرة والأحكوم جنوبًا الى جبل حبشي وحذران والوازعية غربًا ومن مشرعة وحدنان والصلو شرقًا إلى الزنوج شمالًا من هنا طُرد الغازي، ومن هنا مر أبطال تعز ورجالها العظماء وطهروا أزقة وحارات تعز شبرًا شبرى ومترًا بمتر وسكبوا في ثراها الدماء أنهارًا..

هل سيقبل أحد هؤلاء المتحاملين التحدي ويرابط ليلة على أسوار محمد علي عثمان أو في تخوم الزنوج أو في قمم جبل هان والشقب والصلو، بالتأكيد أن حاول سينخلع قلبه ولن يفعل وأعي جيدًا ما أقول، ولو قُدر لأحد هؤلاء زيارة أزقة وحارات الجحملية والمدينة القديمة شرق تعز حيث دارت معارك التحرير، وليس بين الجيش والحوثي إلا جدار أو شارع، لو شاهد أحدهم آثار المعارك واشتم رائحة الباروت التي لا تزال ساكنة في عتبات البيوت المدمرة، ولقال كاذبًا كم عهدناه أن فيالق من المارنز هي من خاضت تلك المواجهات بمشاركة الأباتشي التي لم تزر سماء تعز البتة. لم يكن المشهد تمثيلي كما يراه البعض بل منازلة بطولية خاضها أبناء تعز العظماء في تلك الأزقة وهناك فاضت الآلاف من أرواح شباب تعز الأنقياء.

أكثر من ثماني الف شهيد وخمسين ألف جريح ومعاق حتى اليوم هي ضريبة الكرامة التي بذلها جيش تعز وشبابها، ومع ذلك لا يزال أنين الجرحى يمتد من تعز المحاصرة إلى قاهرة المعز والهند حيث لا يجد جرحى تعز الا النكران، نحن أهل الأرض نعرف عن معارك ثعبات وصالة وحي المحافظة والزنوج وجبل جرة وحي الدعوة وبطولات مقبنة والصلو وراسن وغيل بني عمر وهيجة العبد والاحكوم ومعارك المسراخ ونجد قسيم والأقروض والشقب والكريفات، ويعي أبناء وبنات وأمهات ورجال تعز أن خطاب الشيطنة لأبطالهم لن يُحدث أي إختراق في جدار الثقة بجيش تعز وأبطالها مهما كذبوا وضللوا لإنّا بحقٍ ويقين نعلم ونعرف من يدافع عن تعز ويقدم في سبيل ذلك التضحيات المتواصلة من أجل كرامتها وحريتها، أما كتبة السوء والكذب فلن يغيروا خطابهم حتى تسقط آخر قذيفة حوثية على أحدهم وربما لن يفعلوا!

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) باحث وكاتب يمني مقيم في الهند