شهداء حضرموت يصنعون الحرية
بقلم/ ريما الشامي
نشر منذ: 17 سنة و شهر و 29 يوماً
الأربعاء 05 سبتمبر-أيلول 2007 06:48 م

مأرب برس – خاص

لم تغن جنازير الدبابات وقوات الجيش يوما شيئا عن الأنظمة الديكتاتورية ومصائر لطغاة وما مصير تشاوسيسكو ببعيد وهو الذي وجه الجيش لقتل الشعب على أمل ان ينجو من مصيره اذ أنه وعلى مر التأريخ الإنساني كانت الكلمة الفصل دائما هي للشعب في وضع نهاية للظلم والاستبداد والفساد، وتلك هي إحدى سنن الله في كونه اذ الظلم والاستبداد حالة استثنائية ومهما استقوى الطغاة بالبطش والقتل والعسكر فمصيرهم حتما إلى زوال لأن أصل الحياة هو العدل والمساواة والحرية التي كرم الله بها الإنسان و التي هي مناط تكليفه واستخلافه في الأرض .

وطبائع الاستبداد توصل الطغاة في نهاية فسادهم الى تدمير أوطانهم وحرقه بمن فيه مثلما فعل نيرون عندما كان يحرق روما و يتلذذ بمنظرها وهي تحترق، وكذا سياد بري الذي أحال بلده الى قطعة من نار جهنم و أرض محروقة بالجوع والحروب ،و اليوم في بلدنا يطبق نظام اليوم سيناريو تشاوسيسكو بحذافيره على نحو لم يبلغة تشاوسيسكو نفسه في البشاعة والاستهزاء بحال هذا الشعب الذي يعيش صنوف القهر والذل والجوع والفساد ولذلك لم يتورع هذا النظام الفاشي عن مواجهة اعتصامات الشعب السلمية ومطالبهم العادلة بالدبابات و إنزال الجيش إلى شوارع المكلا لقتل مواطنين مسالمين و عزل لم يستخدموا الا الكلمة والاعتصام السلمي للمطالبة بحقوقهم العادلة والتعبير عن رفضهم للنهب والجوع والعبث بثروات الوطن وممارسات الفساد التي تضرب الوحدة الوطنية .

حضرموت التي نشر أبنائها الإسلام في بلدان أسيا وأفريقيا بأخلاقهم وسلوكياتهم الفاضلة يبدو أنه صار واجبا عليهم اليوم أن يدفعوا الضريبة من دمائهم ثمنا للحرية وأن يتقلدوا دورهم الريادي في تخليص الجنوب والوطن كله من استبداد الحكم العسكري الفردي الذي جعل الوطن من أقصاه الى أقصاه ساحة كبيرة للنهب والعبث والفساد والحروب ولم يعد لديه الا الجيش والقوة السافرة لمواجهة الشعب وإرهابه عن مطالبه العادلة برفع الظلم ووقف سياسات التجويع وكف أيادي المفسدين عن نهب المال العام وموارد البلاد . 

المكلا مدينة العلم والنور والسلام أن تتحول الى ثكنة عسكرية مغلقة شوارعها وأحيائها بالعسكر المشرعة أسلحتهم لقتل أبنائها المسالمين فهذا يعني إيذانا بنهاية الحكم الفردي .

هذا النظام الذي لم يعد يحتمل مظاهرة سلمية تطالب بالحقوق المستباحة والمواطنة المتساوية و رفع الظلم وإعادة أراضي الجنوب المنهوبة لأصحابها الا بمواجهة المظلومين بالعسكر والرصاصات الحية في صدور عارية لا تحمل سلاحا .

القحوم و جرمان وقبلهما ابن همام وبارجاش وغيرهم ممن ذهبوا شهداء على طريق الحرية والخلاص تشهد دمائهم لأبناء حضرموت بأنهم اليوم يسطرون لتأريخهم المشرق مجدا أخر ولكن هذه المرة على ساحة وطنهم برياده طريق النضال ودفع ثمن الحرية لأجل إعادة الاعتبار الإنساني لسكان هذه البلاد التي صار حالها الى ساحة عبودية وذل واستبداد يهدف المستبدون في النهاية الى مسخ حياة مواطنيها لقطيع عبيد لا يملكون حولا ولا قوة الا التسليم بالفساد أمرا واقعا وبمصيرهم تحت الظلم والموت جوعا وهوانا و عبودية .

ان دماء أبناء حضرموت التي سفكت لن تذهب هدرا وهي قطعا ستضاف الى سجل أهل حضرموت الذين أبلغ أجدادهم رسالة ربهم ونشروها في افريقيا وجنوب شرق أسيا وهاهم الأحفاد يجددون بدمائهم ويهبون أرواحهم تأكيدا لجوهر رسالة الاسلام والقيمة الانسانية العظيمة في حياة أبناء وطنهم وهي الحرية التي يريد المستبدون سلبها وتحويل هذا الشعب الى كائنات مسخرة لفسادهم وجرائمهم.

يشتعل وطننا اليوم من أقصاه الى أقصاه من ظلم وطغيان وفساد تجاوز الحدود وأصبح أخلاقا ومعايير حياة صيًر حال بلدنا الى حكم عصابات تنهب الأراضي وتستبيح الحقوق والدماء وتهتك الأعراض وتسرق المال العام وثروات الوطن وتحتكر اقتصاد البلد وتصادر لقمة العيش من أفواه الجوعى وهذا كله نتاجا للنزوع للفردية والاستئثار بمقدرات الوطن وحصادا للحكم الفردي الذي ألغى الدولة ومؤسساتها و ونشر الفساد كسياسة للحكم وضمانة للبقاء فيه للأبد وتوريثه مع اعتماده إدارة البلاد بالأزمات المستدامة وإنتاج الحروب والصراعات المتوالدة ، فما ان توقفت حرب صعدة حتى نقل ساحة المعركة والصراع الى الجنوب لمواجهة ضحاياه بجيش عجز أن يحرر قطعة أرض من الوطن اسمها( حنيش) لأنه فصله على مقاساته للحروب الداخلية في صعدة ومواجهة مطالب المعتصمين وقتلهم في أحياء المكلا وعدن .

قد يكون طرفا المعادلة غير متكافئين بحسابات القوة الباطشة في حالة شعب مظلوم جائع منهوبة حقوقه ومهدرة إنسانيته.

 في مواجهة حكم يمارس الفساد والنهب والعبث وسياسات الإفقار والتجويع كمجرد روتين اعتيادي جدا وأسهل شئ لديه هو توجيه جيشه لقمع مواطنيه وإرهابهم عن المطالبة بحقوقهم الإنسانية في حياة حرة كريمة الا أن كل تجارب الإنسانية تقول أن عروش الطغاة تسقط أمام غضب الشعوب الحية المطالبة بحقها في الحياة وقد قرر الله سبحانه وتعالى ذلك (( وقل جاء الحق وزهق الباطل أن الباطل كان زهوقا )).