وصلنا مركز مديرية جبل مراد إحدى مديريات محافظة مأرب حسب التقسيم الإداري للجمهورية اليمنية اما قبلياً فهي جزاء من قبيلة مراد المترامية الأطراف .. وحتى يكون المقال اكثر فائدة ساذكر لكم نبذة تاريخية قصيرة عن قبيلة مراد..
قبيلة مراد هي رأس قبيلة مذحج أحد أشهر القبائل اليمنية في التاريخ وهي من أشهر القبائل القحطانية المنتمية الى سباء اما موقعها الجغرافي قديماً كانت مراد قبل الاسلام تسكن المنطقة الواقعة من جنوب نجران والتثليث الى أبين وزبيد وبعض مناطق الببيضاء والجوف وكانت أبين سوقها وكانت مختلطة مع قبائل كندة بحضرموت لكن بعد معركة ذات الردم التى انتصرت فيها همدان على مراد خرجت مراد من الجوف وتركزت في مناطق الجوبه
- جبل مراد - العبيدية - ماهلية - رحبه - البيضاء - الضالع حيث ماتزال حتى اليوم. تنتسب قبيلة مراد الى مراد(يحابر) بن مالك( مذحج) بن أدد بن زيد بن عمروبن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. منهم الصحابي الجليل فروة ابن مسيك المرادي رضي الله عنه الذي استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على نجران واستعمله عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ومنهم قيس بن هبيره فارس مذحج قاتل الأسود العنسي الكذاب الذي ادعى النبوة في صنعاء.
- ومنهم التابعي الجليل أويس القرني الذي يدخل الجنة بشفاعته مثل ربيعة ومضر. ومنهم هاني ابن عروة الذي اذا غضب غضب له مائة الف سيف يماني.
- ومنهم الشيخ علي بن ناصر القردعي قاتل الإمام يحي ومشعل ثورة 48م وغيرهم كثير. بعد هذه النبذة القصيرة عن قبيلة مراد نعود الى سرد أحداث زيارتنا لجبهات مراد الابية. وصلنا مركز مديرية جبل مراد الساعة الثانية عشرة منتصف الليل، استقبلنا هناك القائمين على الإمداد والتموين ثم وجهونا مباشرة إلى العشة وهي إحدى جبهات جبل مراد ويطلق عليها الوشل فانطلقنا على بركة الله في طريق متشعبة وعرة شاقة لا تستطيع السير فيها الا سيارات الدفع الرباعي المخصصة لمثل تلك الطرق! بالمناسبة كان الطقس في تلك الليلة ممطر وبارد جدا ذكرني للحظات بأجواء صنعاء مدينتي التي عشت وترعرعت وكبرت فيها، كانت طبيعة الطقس في جبل مراد معلومة لدي من السابق ولهذا كنت مستعدا بالملابس الشتوية لكن للأسف معظم اعظاء الفريق لم يكونوا مستعدين بالرغم من تحذيري لهم من برودة الجو قبل انطلاق الرحلة. وصلنا جبهة الوشل وكان في استقبالنا مسؤول الجبهة ومعه جمع من الأسود تزأر ترحيباً بنا حينما تنظر إليهم تجد انهم جبال تقف على جبال وحينما تسمع حديثهم تشعر بالطاقة الكامنة داخلهم التي ليس لها حدود، شرحنا لهم طبيعة مهمتنا وابلغناهم أننا نريد البدأ في مهمتنا فورا، كانت الساعة في تلك اللحظة تشير الا الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، حينها كان هطول المطر قد توقف لكن الاجواء لازالت باردةجدا، فقالوا على الرحب والسعة فعينو لنا الأدلة ووسائل النقل وغيرها، اتذكر أن أحدهم قال لنا رأيي أن تزورو في البداية أفراد الجيش الوطني المرابطين الذين ليسوا من أصحاب المنطقة ارادوا بهذا ان يؤثِروا من جاء للقتال معهم على أنفسهم كرد جميل وهذه من صفات أصحاب الشهامة والمرؤة والكرم فقلنا له سنبدأ بأصحاب المنطقة وسنغطي الجميع بإذن الله تعالى. بدأنا زيارة المرابطين في مواقعهم التي كانت معظمها في قمم جبال عالية بحيث لا يمكن الوصول إليهم الا بتسلقها عبر الأقدام بعض الجبال يستغرق ساعة ونصف صعوداً على الأقدام حتى بلوغ القمة، سيتبادر الى اذهانكم سؤال مادامت جغرافية المنطقة وتضاريصها ذات مشقة عالية والوصول الى المواقع فيه صعوبة شديدة! اذا لماذا لم تسلموا المبالغ النقدية والهدايا العينية للقادة هناك وهم بدورهم يتولوا توزيعها على أفرادهم؟ الا تثقون بهم؟ وللإجابة على هذه التساؤلات أقول كان من الممكن تسليم المبالغ إلى القادة هناك لأننا نثق فيهم كل الثقة فمن يقدم روحة رخيصة في سبيل دينه ووطنه ولا ينتظر الأجر الا من الله تعالى وحده لن يتنازل ويأخذ حقاً ليس له ونكون بذلك قد أدينا واجبنا ووفرنا على انفسنا جهد ومشقة عظيمة! لكن ليس الهدف من الزيارة توزيع المبالغ والهدايا العينية على المرابطين فقط فالتوزيع المباشر وسيلة مهمة لتحقيق هدف الزيارة الذي يتمثل في شقين، الشق الأول السلام على المرابطين وتهنئتهم بالعيد ونقل تحياة المجتمع لهم واشعارهم بأن الحاضنة المجتمعية بأكملها تقف خلفهم وتدعمهم مادياً ومعنويا وتدعو لهم ليلا ونهارا وهذه وسيلة مهمة من وسائل رفع المعنويات، اما الشق الثاني من الهدف يخصنا نحن الفريق المكلف بالزيارة فوصولنا الى مواقعهم الأمامية واطِّلاعنا عن قرب على ظروفهم ومعاناتهم والسماع منهم مباشرة سَيُكَّوِنُ لدينا صورة مكتملة عنهم ونحن بدورنا ننقلها كما هي لأصحاب القرار حتى يتلافوا القصور ويصوبو الخطاء. لعلنا نتوقف هنا ونواصل الحديث في المقال القادم ان شاء الله تعالى.