هل لنا أن نتعلم الجهاد من أطفال لودر؟!
بقلم/ مراد القدسي
نشر منذ: 12 سنة و 6 أشهر
الأربعاء 16 مايو 2012 05:43 م

في التاسع من ابريل الماضي، تعرضت لودر لهجوم همجي جبان من قبل مجرمي ما يسمى بـ “أنصار الشريـــعة” ونتيجة للانفلات الأمني المريع الذي ساد المحافظات اليمنية عامة وأبين خاصة،إثر الأزمة السياسية التي ضربت اليمن على مدى عام كامل.

و خلال 35 يوماً لم تستطيع “القاعدة” السيطرة على هذه المديرية البطلة بأهلها وساكنيها الشجعان الذين سطروا بأحرف من نور مواقف شجاعة وأسطورية في تصديهم الجبار للهجوم الهمجي لجرذان”أنصار الشر” ومن يدعمهم ويساندهم، والحقوا بهم الهزيمة الكبيرة وكبدوها خسائر مادية وبشرية كبيرة وقُتل الكثير من زعاماتها وأمرائها الإرهابيين،(فهد القصع والإرهابي خلدون السيد وأبو حذيفة الصنعاني)، وغيرهم الكثير،كل هذا بشجاعة وصمود الرجال الأشاوس الأبطال أعضاء اللجان الشعبية في المديرية الذين بصمودهم هذا عجز الإرهابيون من اقتحام المدينة وكسر عزيمة أبنائها وتحقيق مآربهم ولا تزال المعركة شرسة حتى اليوم.

اللجان الشعبية اتخذت منهاجاً منظماً لإدارة شئون المديرية والمعركة ضد مسلحي “القاعدة” حيث تم وضع هيكلة مؤسسية لرئاسة اللجان وتشكيل دوائر أشبه ما تكون بالعمل المؤسسي، تم اختيار مسئولين ماليين ومسئولي اتصالات وارتباط،ومسئولي إعلام ، لقد شكلوا غرفة عمليات متكاملة، وإن لودر اليوم تشهد هبة شعبية من قبل جميع أبنائها بالإضافة إلى المقاتلين من أبناء القوات المسلحة والأمن وغياب قوات ما يسمى “بمكافحة الإرهاب” التي استعرضت عضلاتها في قمع وقتل شباب الساحات الثورية السلمية في صنعاء وتعز وعدن وغيرها من المدن اليمنية تلك هي بطولاتهم المخزية.

الأروع في مشهد أبناء لودر البطولي هو ما ينقله الزملاء الصحافيون الذين نزلوا إلى محافظة أبين وخصوصاً إلى لودر، تلك اللوحات البديعة التي تغلبت على الظروف المعيشية الصعبة لسكان المدينة، جراء النقص الحاد في المواد الغذائية وانعدام مياه الشرب وشحت المواد التموينية والطبية،باستثناء ما تجود به محافظة البيضاء من قوافل وتبرعات لم تكف لسد رمق القليل من أبناء لودر ، وهي تشكر على ذلك الدور الأخوي وتعتبر المحافظة الوحيدة لحد الآن التي سيرت قوافل إغاثة لأبناء لودر في غياب الدور غير المبرر لأبناء المحافظات اليمنية الأخرى في تقديم الدعم والإغاثة سواءً بالغذاء أو المال والسلاح والمتطوعين لنجدة إخوانهم في أبين،إلى جانب الإمكانية البسيطة لديهم لإدارة المعركة من سلاح وعتاد وذخيرة،بالله عليكم، لا يملكون سوى البندقية الآلي “الكلاشينكوف” وهي قليلة جداً لا تكفيهم جميعاً يتناوبون فيما بينهم لاستخدامها في القتال وهي سلاحهم الشخصي إلى جانب الـ “ أر بي جي “ ،بالمقارنة بما يحصل عليه أنصار الشر من سلاح ثقيل ومتوسط وذخيرة وعتاد حربي متكامل من خلال سيطرتهم على معسكرات الجيش وبتواطؤ وتعزيز ممن يدعمونهم في إسقاط تلك المعسكرات..كما أن دور الإعلام الرسمي ليس له وجود يذكر وتغييبه المتعمد وغير المبرر في ساحات المعارك لنشر ما يدور من ملاحم بطولية ينقشها أعضاء اللجان الشعبية - أطفالا ونساء ورجالا- من أبناء مديرية لودر،ورفع الروح المعنوية لديهم،إلاّ أن هذا لم يثن عزيمة مقاتلي اللجان الشعبية ومن خلفهم رجال القوات المسلحة أبطال اللواء(111) والضربات المركزة والدقيقة لقوات (اللواء26 حرس جمهوري) المتمركز في عقبة ثرى،ومساندة صقور الجو اليمني في دك أوكار تلك العصابات الإرهابية،وأصوات الأطفال المهللة والمكبرة تنطلق من منارات مساجد لودر تنادي بالجهاد، لتثير الخوف والرعب والهلع في نفوس الإرهابيين من جماعات تنظيم “أنصار الشر” بل أن أطفال لودر، أصبحوا اليوم يتسابقون على حمل البندقية والذهاب إلى جبهة القتال، دون خوف من الموت ،بعد أن خذلهم أبناء جلدتهم اليمانيون في عدم نجدتهم ،لا نقول بالنفس ولكن بالماء والخبز والعتاد، لذلك لم تؤثر بهم تلك المحاولات المتكررة لاقتحام المدينة ومهاجمتها بقصف عنيف ومتواصل من قبل فلول الطغيان والإرهاب،وذلك لإثارة الرعب في نفوسهم ودفعهم إلى النزوح عن منازلهم وترك المدينة ليخلو ألجو لهم ليعبثوا فيها كما عبثوا في مدن زنجبار وجعار وشقرة، وكان لهم بالمرصاد ذلك الاصطفاف والإتحاد القوي بين عموم سكان لودر ومعهم أشاوس القوات المسلحة المتواجدون هناك وبعض قبائل القرى المحيطة بمدينة لودر بوقوفهم سداً منيعاً أمام تلك الغايات والطموحات الدنيئة لتك الجماعة الإرهابية الإجرامية المرتزقة.

أبناء محافظة أبين عموماً وأبناء لودر خصوصاً محتاجون اليوم من كل أبناء اليمن وقفة جادة ومسئولة، في تقديم الدعم الشعبي والرسمي ومدهم بكل ما يحتاجونه من دعم بالسلاح والغذاء والدواء ،وعلى جميع المحافظات تشكيل لجان شعبية مقاتلة وتسليحها وتجهيزها بكل ما يلزم وإرسالها لمساندة إخوانهم أبناء أبين الصمود والنضال ،لمحاربة تلك العناصر الإجرامية الإرهابية ،وتصفية وتطهير محافظة أبين وشبوة من رجسهم وإرهابهم وشرورهم الدنيئة ومن كل مكان يتواجدون فيه،وان يكون لحملات التبرعات أو ما يسمى بالمجهود الحربي المجتمعي الدور الفاعل والكبير فغيابه عن ما يدور في أبين وعدم مشاركته المآسي الدائرة هناك يضع أبناء المجتمع اليمني، أمام المساءلة الوطنية والدينية والأخلاقية للأرواح التي تزهق من قبل القاعدة وإرهابييها المرتزقة، في الوقت الذي نلتزم الصمت وكأن ذلك لا يعنينا ونترك أبناء أبين لوحدهم يقاتلون تلك العناصر المأزومة ،أو كالذين قالوا لموسى ( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) .

أين دور الإعلام الرسمي لحكومة باسندوة من ما يجري في أبين أين تغطيتهم الإعلامية ورفع الروح المعنوية لأبناء لودر الأبطال وإخوانهم أبناء القوات المسلحة والأمن أو كأن ما يحدث هناك لا يعنيهم،أين هو دور الإعلام العسكري من المعارك الدائرة في لودر وأبين عموماً، وأين دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة من رفع الروح المعنوية في نفوس المقاتلين أليس هذا من أولويات مهامها، بدل الانتكاسات المتلاحقة التي منيت بها القوات المسلحة والأمن مؤخراً جرءا نهب قاداتهم لحقوقهم المادية والغذائية والمعنوية والولاءات الضيقة والانقسامات السياسية داخل الجيش اليمني؟! أين وزارة الدفاع ولجنة الشئون العسكرية من كل هذا؟! لهذه الدرجة حياة الجندي اليمني رخيصة؟! أين دور الشباب الثائر الذي قاد الثورة الشبابية السلمية من ما يحدث في أبين من قتل وتشريد لساكنيها؟!أين دعمهم وتبرعاتهم ومعوناتهم التي تذهب إلى خارج الحدود بدل أن تذهب لأبناء لودر الصمود والنضال والتي تقع على مقربة من آخر خيمة من ساحة التغيير.؟!

فهل لنا مواطنين ونظام حكم ومؤسسات عسكرية وأمنية أن نتعلم الجهاد من أطفال لودر الذين يسطرون أروع المواقف الوطنية في مواجهة فلول الإرهاب القاعدي غير مبالين بقدرة ومراوغة تلك العناصر وهي تستبيح الدماء الطاهرة الزكية وتهجر النساء والأطفال والشيوخ من منازلهم.. متى نعي الدور المناط بنا في حماية الأرض والإنسان والهوية.!