إلى الخوار الوطني
بقلم/ نشوان محمد العثماني
نشر منذ: 14 سنة و 9 أشهر
الأربعاء 03 فبراير-شباط 2010 04:10 م

كان من المفترض أن ينعقد, لكنه ما زال ينضج, وأجل للمرة للرابعة (إلى أجل غير مسمى). أقصد مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا له فخامة رئيس الجمهورية "الحالي" علي عبد الله صالح, ديسمبر 2009, والذي كان سيبحث محاولة إيجاد مخارج وحلول وتوافقات للأزمة اليمنية الراهنة, التي أصبح لها شأوا دوليا بلغ حد انعقاد اجتماع دولي رفيع المستوى الأربعاء 27/1/2010 في العاصمة البريطانية لندن, بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا ودول مجلس التعاون الخليجي, إضافة إلى تركيا ومصر .

وحسبي الإشارة إلى أن تأخير انعقاده بهذه الدراماتيكية المتتالية, دون توقف, يفيد بأن هناك سرا ما, إذا ما أضفنا له الخطوات المتسارعة, التي جنحت, وبفجأة يألفها اليمنيون, نحو السلم في الجبهة الملتهبة بمحافظة صعدة وما جاورها, تزامنا مع انعقاد مؤتمر لندن, إذ أعلن الحوثي إيقاف الحرب مع السعودية قبله بيومين, وأعلن قبوله لشروط الحكومة بعده بثلاثة أيام, ولم يتوقف ضجيج الآلة العسكرية بعد. ولست محللا سياسيا, ولكن ما يدور في الساحة اليمنية والإقليمية والدولية يشير إلى أن هناك مخاضا ما, لا أستطيع التحدث عنه الآن؛ خوفا من التخريف .

وبدون تيهٍ عن الحوار الوطني, حوار الشورى, فلعله بادرة ممتازة, لولا أنها تجاوزت المعقول والمنطق, وكما يبدو فإن السلطة في اليمن لديها هوس في تسجيل الأرقام القياسية في العجائب والغرائب, ولعل من أهمها أن يتوافد أكثر من ثمانية آلاف مشارك ومشاركة, زرافات ووحدانا, إلى العاصمة صنعاء للمشاركة في حوار, قيل إنه وطني وممثل للجميع, باستثناء دعاة الانفصال الذين لا يريدون أي حوار لا يقوم على ما يسمى بـ"فك الارتباط", وستر الله أنهم لم يصلوا صنعاء, فلم يصلها مثل هذا العدد دفعة واحدة إلا حين كانت مدينة مفتوحة, فاللجنة المنظمة ما زالت تعمل في وتيرة متسارعة لاستكمال بطائق الأعضاء وتحضيرات المؤتمر .

وعجبي شديد: ماذا سيناقش هؤلاء الثمانية الآلاف الذين يبلغ عددهم ما يقارب نصف عدد حجاج اليمن إلى مكة المكرمة في العام المنصرم؟ وقبل هذا, كيف تم اختيار هذا العدد الأولمبي الهائل؟ وممن؟.. الإجابة المؤكدة: لا جديد؛ لأن السلطة تريد, كما تعودت, أن تنفرد بالحلول, في وقت لم تعد قادرة على ذلك, فاختارت آلاف الأشخاص ليقوموا بحوار وطني, ستكون أبرز نتائجه ابتكار موسوعة غينيس تصنيفا جديدا لـ"الأرقام الخرافية"؛ لاستيعاب تصرفات السلطة في اليمن. وألمي أشد: أن الطرف الآخر, المعارضة اليمنية, لا تستطيع فعل شيء على هذه الحالة التي تعيشها .

إن الرئيس علي عبد الله صالح, ما زال بحكم منصبه يمثل القوة التي يؤمل عليها اليمنيون فعل شيء لصالح البلد, قبل أن يأتي هذا الشيء من الخارج على صيغة سياسية قد يقبلها الجميع باستثناء السلطة. ولا أستطيع أن أقول: إن على الرئيس أن يعمل مصالحة وطنية حقيقية تجمع كل الفرقاء السياسيين على مائدة حوار جاد وبناء (لا يقاس بالآلاف), ولكني أتمنى أن يعمل ذلك .

فعليه أن يمثل القاسم المشترك لكل اليمنيين, فهو ليس رئيسا لحزب ما ولا لمحافظات بعينها, بل هو رئيس لكل اليمن واليمنيين, ومن هذه المسئولية الملقاة على عاتقه, نتمنى أن يسعى إلى حل قضايا الجميع, قبل أن تأتي شفرة الحلول من الخارج, على غرار شفرة الحلاقة التي قال عنها يوما "يجب أن نحلق رؤوسنا قبل أن يحلق لنا الآخرون ".

أنني لا أؤمل على حوار السلطة الوطني إلا إذا كان سيمهد لفرصة تاريخية ستحاول السلطة استغلالها لإتاحة صيغة سياسية تجمع الفرقاء السياسيين في سبيل حل وطني وشامل, باستخدام الـ"8000" شماعة لذلك, أما هذا العدد الهائل والمهول, فقل أن يوجد بحجمه مشجعو الأندية المحلية في بلادنا .

إنني أتمنى من كل قلبي أن يقود العقلاء من "يمن الإيمان" حوارا وطنيا جادا ومسئولا, لا خوارا يخور باليمن إلى أكثر مما هي عليه. كما أدعو المعارضة, التي أقسو عليها دائما؛ لأنها كمثل الكسيحة الصماء التي لا تعبأ بما حواليها, وإن عبأت أصدرت منشورا شبيها بمنشورات تلامذة المدارس, أو اعتصمت أمام مجلس الوزراء, وهي على كساحها وصممها, أو عقدت مؤتمرا صحفيا, قد لا تضمن فيه حياة ناطقها الرسمي, ادعوها إلى استشعار مسئولياتها, وعدم ترك الملعب السياسي لفريق واحد, أصبح يسجل أهدافه بركلات الترجيح المضمونة .

العيش الكريم, والحياة الهانئة, هما ما ننشدهما لكل اليمن واليمنيين, شمالا وجنوبا .

nashwanalothmani@hotmail.com