مصباح الكيروسين اليدوي قصة من الفولكلور الشعبي اليمني
بقلم/ عبدالعزيز العرشاني
نشر منذ: سنتين و 11 شهراً و 28 يوماً
الخميس 11 نوفمبر-تشرين الثاني 2021 05:59 م
 

يتحدث احدهم بالقول:

قال أبي أول راتب استلمته في حياتي ذهبت لشراء مصباح يعمل بالقاز (أتريك)، ورجعت به إلى القرية من أجل الهنجمة والفشر وكأني رجعت بسيارة لكزز!

قال: وصلت ذاك اليوم بعد المغرب وملأته قاز (كيروسين) وركبت الذبالة (كيس لين منسوج- قد يكون من الحرير- ينتفخ في بأدي الأمر وبسبب وصول الهواء المضغوط ومادة الكيروسين إليه يصدر الضوء) وجلست أشحنه بالمشد التابع له حتى امتلأ بالهواء ثم اشعلته بعود كبريت فانتشر الضوء وملأ المكان حتى صار كالشمس، ومن قوة الضوء الصادر منه هرب جدي وجدتي خوفا من انفجاره.

قال: بعد ذلك قمت وعلقته في المعلاق (حديدة معطوفة تتدلى من وسط سقف الغرفة)، ورفعت الستائر لكي يرى أهل القرية الضوء! (يعني كان ابي يحب الزنط).

المهم وماهي إلا دقائق وبدأ أهل القرية بالتوافد إلى بيتنا لمشاهدة مصدر هذا الضوء العجيب! في البداية ظنوا أننا بدأنا في تخصيب اليورانيوم لأنهم كانوا متعودين على ضوء النوارات والقازات الضعيف جدا (وعاء حديدي يمتلىء بالقاز ويوضع فيه خيط قماشي تسمى ذبالة وتشتعل من طرفها الأعلى لتصدر الضوء).

قال أبي: كان أهل القرية يدخلوا وأول ما يشاهدا الأتريك ينذهلوا ويقولوا:

أف أف أف ما هذا أصبح نهار!! ثم يضيفوا: قاتلهم الله هذولا النصارى ما بيصنعوا!

وبعدها يسألوه عن السعر، وأبي يقول لهم قيمته كذا! وهم يقولوا:

الجناااان! غالي قوي.. لكن الصدق يستحق الثمن.

وهكذا أستمر أهل القرية بالتوافد حتى امتلأت الغرفة شباب وكهول وأطفال، جميعهم حضروا لمشاهدة الأتريك! حتى النساء كن يسترقن النظر من الخارج عبر الشبابيك! فقامت جدتي خوفا من الحسد وأنزلت الستائر!!

المهم أنتشر الخبر في جميع أنحاء القرية أن أبي بمعيته أتريك يضيء بقوة، وأبي كان في تلك الأيام عازب لم يتزوج بعد.

لم يشعر أبي إلا حين جاء أحد الكهول مساء يطرق الباب،

فقام أبي وفتح الباب فقال له العجوز:

تعال.

فخرج أبي وإذا بالعجوز يطلب الأتريك لعرس عياله!

قال أبي وهو محرج:

اممم، تمام، بس انتظر حتى أملئه لك بالقاز وأناولك.

قال العجوز:

إلا ما رأيك تعطيني الأتريك وأزوجك بإبنتي؟!

قال أبي:

فحسبتها سريعا في رأسي فإذا قيمة الأتريك مقاربة لتكاليف العرس تلك الأيام، قال: وافقت وناولت العجوز الأتريك على سنة الله ورسوله.

وفي اليوم الثاني ذهب أبي ليعقد قبل أن تفتطر (الذبالة) حق الأتريك (تفتطر بمعنى تنفجر) ويغير العجوز رأيه.

المهم تمت الأمور على خير وتزوج أبي مقابل أتريك قاز يدوي!!

الله الله كيف كان الناس هاذيك الأيام مؤمنين بصدق.. أما الآن من هي التي سترضى وتتزوج مقابل بطارية جل ولوح شمسي أبو 200؟!

 
عودة إلى وحي القلم
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
حسناء محمد
باقي الرماد
حسناء محمد
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
سلطان مشعل
ثنائية السياسة والأدب
سلطان مشعل
وحي القلم
الوعي الرقمي
أروى علي يحيى
البهتان والمجتمع
هلينا المهندي
محمد مصطفى العمرانيالجارة الغامضة.. قصة قصيرة
محمد مصطفى العمراني
حسناء محمدالأنثى والرجل
حسناء محمد
مناشدة أخوية..!
محمد مهيوب العبيدي
مشاهدة المزيد