الحمدي وعلي صالح عند اليمنيين
بقلم/ م. عبدالرحمن العوذلي
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 19 يوماً
الإثنين 23 يناير-كانون الثاني 2012 07:25 م

مر بساحة أبناء الثوار في محافظة البيضاء رجل مسن قد غزا الشيب وجهه وبالكاد يبصر مر وكأنه يقلب صفحات الزمن ومن المؤكد أنه كان رجل ثورة في زمانه وأيام شبابه وربما شارك في ثورة سبتمبر في القرن الماضي ، مر بجوار صورة الشهيد إبراهيم الحمدي ثم استوقفته الصورة وبدأ يحلق بعينيه في تلك الصورة لبرهة من الزمن حتى لفت انتباه من بجواره في الساحة ثم سأل الثوار هناك أليست هذه هي صورة الرئيس إبراهيم الحمدي فردوا عليه بنعم ، ما إن سمع تلك الإجابة حتى انهارت دموعه بشكل تلقائي مرددا رحمك الله يا إبراهيم الحمدي فقد كنت وكنت وبدأ يعدد مناقب الرئيس الراحل وعيناه تذرفان بالدموع حتى ذرفت دموع من حوله من الشباب الثائر يالله منظر غريب بالفعل والأغرب من ذلك حب ذلك الرجل المسن للرئيس الحمدي سؤال يطرح نفسه ويتكرر كثيرا يا ترى ما اللذي فعله الرئيس الشهيد حتى نال حب كل الناس ،فالكل يحبه والكل يثني عليه والكل يدعو له بالرحمة والمغفرة ، سؤال يراود الكثير يا ترى ما الذي جعل هذا الجيل من الشباب وأنا واحد منهم دائما يردد اسم الرئيس الراحل ويرفع صوره في الساحات رغم أنه استشهد قبل مجيئنا لهذا الحياة بسنوات عديدة ،ما الذي جعل الشعب اليمني قاطبة يحب هذا الرجل ولا يزالون يرددون اسمه بعد عقود من حكمه ويتمنون عودته .

وبالمقابل هذا الشعب ثار على حاكم آخر ويتمنى زوال حكمه وقد بدأت النهاية ، مفارقة عجيبة جدا من هنا بدأت في مقارنة بين الرئيس الشهيد الراحل وبين الرئيس المرًحل في إطار النظرة العامة للشعب اليمني فالرئيس الشهيد الحمدي قد فاق الرئيس علي صالح في كل شيء رغم انه حكم اليمن لقرابة ثلاث سنوات بينما علي صالح حكمها بزيادة ثلاثين عاما ،إذاً إنًه الإنجاز والإخلاص والمبادئ التي يحملها كل شخص في هذه الحياة إنها فلسفة الحياة التي يحملها كل فرد منا حاكما أو محكوما .

فالحمدي كان ينشد المدنية والعدل والمساواة وعلي صالح كرس القبلية والطائفية وحكم الفرد المتسلط ، الحمدي بنى البلد وأسسها على نظم وقواعد الدولة الحديثة واتخذ سياسية الرجل المناسب في المكان المناسب أثناء ولايته بينما علي صالح فضل نظام المحسوبية والعشائرية والوساطة في كل المناصب السيادية والقيادية وحتى العادية .

سيغادر علي صالح السلطة قريبا إن لم يكن غادرها بالفعل فهو ونظامه في حكم الموت السريري والرمق الأخير ، يترقب الشعب اليمني هذه المغادرة وينتظرها بكل شوق حتى يتخلص من عقود ساد فيها نظام المصلحة الفردية على المصلحة العامة ،بالتأكيد ستعم الفرحة العامة بهذه الأنباء بل عندما أصيب علي صالح في دار الرئاسة ذبحت الذبائح في الساحات ووزعت اللحوم وتبادل الناس الخبر بارتياح عام لهذه النهاية الخبر ظنا بأنه قد قتل بينما في المقابل عندما يذكر استشهاد الحمدي تحشرج الحناجر وتفيض العيون وينفطر قلوب اليمنيين ألما على الرئيس الراحل .

لا تكاد تسمع نقاشا أو حوارا على حكم إبراهيم الحمدي إلا وترى المديح والثناء لما أنجزه وعمله رغم الفترة القصيرة التي حكمها تجد المدح للشخصية والتعامل والفكرة والهدف اللذي كان يحمله الرئيس الشهيد وأستطيع القول بأني لم أسمع شخصا واحد يذم الرئيس الحمدي طوال حياتي بل وسألت الكثير فكان رد الجميع بأنهم لم يسمعوا يوما أحدا يذم الحمدي بل الكل يحبه وبالمقابل ما إن يذكر الرئيس علي صالح إلا وتسمع الذم واللعن والشتائم عليه ووصفه بصفات الطغاة والجبروت والظلم والديكتاتورية وغيرها من الصفات التي تلازم الحاكم المستبد .

صعد علي صالح إلى الطائرة مغادرا اليمن ولن يعود رئيسا بالتأكيد بعد أن قدًم اعتذاره للشعب ففرح اليمنيون واستبشروا خيرا بينما لا تزال صور إبراهيم الحمدي مرفرفة في الميادين والساحات لتعلن أنه انتصر بمبادئه ومنجزاته وبحب الناس له بعد عقود من الزمن ، حكم علي صالح ثلاثة عقود ونيف فهل يا ترى سيذكره اليمنيون بعد ثلاثة عقود من تخليه للحكم كما هو الحال مع الرئيس الشهيد سأترك لكم الحكم .