الاسلاميون .. ونُذُرُ الدخول في المَسارِ الإجباري
بقلم/ عبداللطيف العامري
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً و 12 يوماً
الجمعة 07 ديسمبر-كانون الأول 2012 01:19 م

حقق الإسلاميون نجاحاتٍ متتاليةً على الصعيد السياسي يوم أن أتيح للناس حرية اختيار من يمثلهم بعد عقودٍ من الكبت والحرمان الذي مارسته الأنظمة المستبدة على الشعوب فضلاً عن تغييب الإسلاميين في السجون والمعتقلات ناهيك عن حالات الإعدام الممنهجة تجاه رموز من تيارات إسلامية مختلفة،

لم يعد الإستبداد اليوم كما كان سيّما عقب ثورات الربيع العربي التي أحدثت تغييراً هائلاً في مسارات العمل السياسي فعاد الطريد إلى وطنه وخرج السجين من سجنه ، وتبدلت الموازين فأصبح المستبد قتيلاً أو سجيناً أو هارباً أو متخفياً أو مترقباً مصيراً مرعباً ، بينما وصل بعض السجناء السابقين إلى مراكز القرار في بعض البلدان ،

بيد أن هذا التغيُّر النوعي تحدق به المخاطر من كل جانب ،وتحيط به الأخطار من كل اتجاهٍ وآلة المكر إزاءه لم تتوقف على الكيد الخفيّ بل أصبح الكيد علانية في بعض الأحايين .

على مضض رحبت الدول الغربية ـ وعلى رأسها أمريكا ـ وحلفاؤها في المنطقة بوصول الإسلاميين بطريقة ديمقراطية شفافة ، لكن هذا الترحيب يخفي وراءه ما يُخفي ،فالترحيب بهذا التحول محفوف ببوارق أملٍ بأن تنتج الديمقراطيات في العالم العربي إسلاميين وفق الأمزجة الغربية بعد أن قرأوا الواقع جيداً وأدركوا أن قمع التيارات الإسلامية ينتج لهم بالضرورة جماعاتٍ تهدد مصالحهم كالجماعات " الجهادية " التي دخلت معها في صدام مسلّح .

ظل الترحيب الغربي يتأرجح صعوداً ونزولاً حسب نبض الشارع فما إن تلوح بوادر تذمر بعض الفئات من أساليب الإسلاميين في التعامل مع القضايا السياسية حتى يعود الموقف الغربي لأصله وطريقته العتيقة في الإصطفاف ضد الإسلاميين ويبدي مرونة حذرة في التعامل معهم إن رجحت كفة الشارع لصالحهم .

على الضفة الأخرى لاحت في الأفق بوادر نجاح المسار السلمي في التغيير الذي تنشده غالبية الجماعات الإسلامية بمختلف توجهاتها ولمس بعض الإسلاميين ثمار هذا الخيار ،

وأدركوا أن العمل السلمي ومنازعة الأنظمة الاستبدادية سياسياً أقل تكلفة لتحقيق التغيير من الإصطدام المسلّح الذي انتهجته جماعات أخرى كالقاعدة مثلاً .وأن الوصول لتحقيق الأهداف جُلّها أو بعضها ممكنٌ دون انتهاج وسائل عنيفة.

وما لبث الإسلاميون طويلاً على هذا الإعتقاد حتى استشفوا من محيطهم استفزازات لا حصر لها لثنيهم عن الاستمرار في هذا المسار ، وعايشوا محاولات حثيثة لجرّهم إلى مربع العنف كمسار إجباري كما هو مشاهد في الحالة المصرية،

أُحرقت مقراتهم ومكاتبهم وقتل عدد من أفرادهم وهم صابرون ملتزمون بأعلى درجات ضبط النفس عن الرد بالمثل ، أما التهييج الإعلامي ضدهم فحدث ولا حرج .

يدرك الإسلاميون أنهم التزموا بالمعايير الديمقراطية غاية الإلتزام ، وقدموا تنازلاتٍ لخصومهم الأقلية ما لم يكونوا ليحصلوا على معشارها فيما لو كانت الحالة عكسيّة ، ومع ذلك يتساءلون ـ وحق لهم ـ عمّا إذا كان هذا الخيار السياسي هو المسار المناسب الذي سلكوه منذ عقود ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف في طريق غير نافذ ؟وهل بات جليّا أن هناك من يدفعهم ُكرهاً لسلوك المسار الإجباري المُكلف بالطبع ؟ شعر بذلك أم لم يشعر !

وهل تدرك فلول الأنظمة السابقة ومن يقف خلفها أن عدم التسليم بالفوز المستحق للإسلاميين يدفعهم لأن يغيروا قواعد الصراع ؟

وهل المجتمع الإقليمي والدولي قادرون على تحمل تبعات هذا المسلك ـ إن حدث ـ ؟

هذه الأسئلة وغيرها ستتحول إلى واقعٍ يجليها إن لم يُتدارك الأمر .