شِل مِنّه ناوله
بقلم/ نهلة جبير
نشر منذ: 11 سنة و 5 أشهر و 14 يوماً
الإثنين 03 يونيو-حزيران 2013 04:00 م

سبقتني أقلام كثيرة خاضت في موضوع التعليم ,على أنها ليست كثيرة مقارنة بحجم الموضوع وخطورته ألتي يُغض عنها الطرف إما عن عدم تقدير لأهميته وإما لتغييب أهميته عن وعي العامة ,كُنت أتوقع أن تقوم نقابة المعلمين بدور كبير في التركيز على موضوع تغيير المناهج الدراسية العقيمة لسببين :-

1- المعلم في جميع المراحل الدراسية وفي كل المواد _هو الأقدر على تصويب خلل المناهج _والأكثر دراية بسلبياتها على إعتبار أن ممارسة مهنة التعليم قد أكسبته مهارات التمييز بين ماهو كائن وبين ما يفترض به أن يكون ,هذا من جهة ومن جهة أخرى , يستطيع تحديد مقدرة الطلاب في مراحلهم المختلفة على إستيعاب مواضيع معينة عن غيرها ألتي لا تتناسب مع قدراتهم , وإستعدادهم الفيسيولوجي , الخبرة هنا لها دور أساسي ومهم , لكن فقط عبر الأكفاء و المؤهلين من المعلمين ,أشدد على المؤهلين منهم , ذلك أن الكثير ممن يمتهنون التعليم تنقصهم الكفاءة التأهيل والخبرة, وهي شروط أساسية في نجاح التعليم , ونجاح المشاركة في عملية تطوير المناهج التعليمية.

2- السبب الأخر أن المعلم في ظل هذه المناهج العقيمة يتحمل المسئولية الكاملة لإيصال المعلومة والشرح والرسم والتوضيح نتيجة قصور المناهج والإفتقار إلى وسائل التعليم المساعدة مثل المكتبة الالكترونية والمكتبة الورقية والمعامل ,فمناهج التعليم لدينا خريطة بدون مفاتيح ,وبالتالي تغييرها سيخفف الحمل عن المعلم كثيراً وسيجعل الطالب يتحمل نصيبه من مسئولية التعلم والبحث .

لكن ذلك لم يحدث ,على الرغم من أن بعض المعلمين قد تقدموا فعلاً بمشاريع تعديل وتغيير بعض المواد ,ذلك ما أخبرني به أحد معلمي مادة الفيزياء أثناء طرحي عليه تساؤلاتي حول دور المعلم في عملية إصلاح المناهج .

ونلاحظ هنا أن دور النقابات في اليمن دور لا يعول عليه ,مشلول ولا يضطلع بدوره الحقيقي في الحياة العامة.

- إن تشكيل لجان لإعادة دراسة المناهج وتصويب إنحرافاتها مسئولية كبيرة تتطلب جهداً وعملاً كبيرين إلى جانب دور الدراسات الحديثة في علم النفس التربوي ,وعلم النفس الإجتماعي وإستعانة جادة بذوي الإختصاصات من الأكاديميين المؤهلين , ولا يتم وفق إرتجالية وغوغائية ,ولا من قبل زمرة حزبية تتولى القيادة في وزارة التربية والتعليم .

بل من المفترض أن يكون للتعليم العالي دور رئيسي في قيادة هذه العملية , وهذا يحدث في معظم دول العالم ألتي تتّبع رؤى واضحة لتطوير أنظمتها التعليمية ,وللأسف لا يتم ذلك في الدول العربية والسبب واضح وهو إفتقار هذه الدول لرؤى واضحة في التطوير !!!!

لذلك مرتبة كل الدول العربية في أسفل السلم العالمي بالنسبة للتعليم وجودته ,وهذا منشور في التقارير السنوية للأمم المتحدة في مجال التنمية ,وللدكتور/ عبد العزيز المقالح ,مقالات عديدة في هذا المجال.

وتحت هذا الإتجاه خطوط حمراء ينبغي مراعاتها ,أولاها الإستعانة بذوي الكفاءات والإختصاصات بدون تدخلات ايدولوجية ولا حزبية ,فقط معايير المفاضلة والتخصص هي من يقود عملية التطوير والتغيير ,لماذا؟

لأن التسييس سيقود إلى إتجاه واحد مليء بمطبات الإعاقة الذاتية للتطوير وبدلاً عن إنتاج مسارات إنفراجية للتعليم وإخراجه من بوتقة العقم غير المُجدي سنجده عائقاً أمام طرق التنمية والتطوير وسيصبح نسخة عن المعاهد العلمية الآسنة, ومن هذا المنظور تخيلوا كيف سيئول حال المجتمع ألذي سيبقى عالقاً في عصر قد تخطاه العالم أجمع بمراحل من الرقي والتقدم والنماء ,وهو لا يزال يعالج حجاب المرأة وصوتها ويبقي مصطلح الجندر شغله الشاغل ,والذي أعتقد شخصياً أنه لا يحتاج إلى هذه الزوبعة الإعلامية المفبركة فمفهومة واضح

ولا يندرج تحت أي من تفسيراتهم المعقدة والمفرغة من أي -وعي لوغوي أو دلالاي-

هنا بكل وضوح أتكلم عن اللجنة التي شكلتها وزارة التربية والتعليم للنظر في تعديل المناهج وتطويرها بتمويل مقداره 3 مليون دولار على شكل منح في مشروع تطوير التعليم الأساسي _ومعظم من اختيروا في هذه اللجنة يتبعون حزب الإصلاح - الراعي الرسمي حالياً لوزارة التربية والتعليم ,هنا أذكر على سبيل المثال المحاضرات الدينية التي تقام في المدارس ,ماهو توجهها وماهي ضوابطها ,؟؟

نحن الأن في زمن لا مصداقية فيه لأي مرجعية دينية ,فلما تُقحم هذه المرجعيات في التعليم ؟

وفي توجيه أبنائنا وبناتنا وفق أهواء لم يكن لنا عليها سلطان, هذا الدور نرفضه لأنه إختراق وتعدي على حرياتنا ,تلك المرجعيات لا تتبع هيئة أزهرية وسطية ,ولا تتبع سلطة الدولة إنها تتبع حزب الإصلاح , فماذا بعد هذا

الإختراق؟؟؟؟

-عودة إلى موضوع التعليم والمناهج التعليمية _بعد 50 عام من نشر التعليم في المجتمع اليمني _ ما الذي تغير في المجتمع وكم نسبة هذا التغيير أو التطور ؟

لا يزال الفرد في المجتمع اليمني في مرحلة ما قبل التمدن ,سكن المدينة نعم لكنه بعيد عن التحضر والتمدن , وهذا ناتج عن مساوئ التعليم , فبناء الفرد الصالح تربوياً وعلمياً وتوعوياً لم يكن من أولويات التربية

التعليم ,التعليم في بلادنا أعاد إفراز التخلف,,,, بُنيوياً هذا ما تطرحه النتائج بعد مرور 50 عام من إنتشار التعليم , علاقة الديالكتيك,بين المجتمع والفرد (التأثير والتأثر) جدلياً واضحة _تعليم جيد يعطي فرد متحضر _ والعكس كذلك _تعليم غير جيد يعطي فرد غير متحضر_ ,ولو أمعنا النظر في التعليم بعد الثورة مباشرة سنجد أن تأثيره كان إيجابياً أكثر بسبب المناهج الحديثة شبه المناسبة لتلك الفترة وبسبب الكادر المؤهل جيداً آنذاك (المصريون) , لكن مع التطور العلمي والإجتماعي وألإلكتروني وغيره أصبحت تلك المناهج متخلفة وغير مواكبة للتطورات الحادثة.

ناهيك عن تخلف وسائل التعليم وأساليبه والكوادر غير المؤهلة ,حتى أن تلك المناهج عندما قاموا بإحداث تغييرات فيها كان ذلك التغيير سلبي جداً ,فسابقاً كان الطالب يستطيع فهم الدرس إذا ما تغيب عن المدرسة أو يساعده أحدهم في ذلك أما بعد ذلك الإحداث غريب الهيئة للمناهج أصبح عصيّ على الطالب فهمها لأنها لاتحتوي إلا على متاهات تستدعي تفسيرها وهذا التفسير لا يقوم به الا معلم المادة فقط ,مما أضعف دور المساعدة المنزلية ,فيصبح الطالب عاجز عن فهم المادة بدون معلمها , فأين هي شخصية الطالب هنا إذا كان لا يستطيع فهم المواد التي يتعلمها الإ عبر المعلم فقط!!!!!

وإذاً هذا الطالب هو الفرد المُنتج مستقبلاً فماذا سيُنتج !!

- كل ذلك معناه إعادة إنتاج التخلف بصورة مهندمة فقط .

- لذلك طموحات هذا الفرد لا تتعدى الوظيفة الحكومية مضمونة الدخل ,ولا تكلف جهداً ولا عملاً والأكثر أنها لا تتطلب إعمالاً للعقل ,!!!

- أليس هذا هو واقعنا ؟

بدون مغالاة ,هذا الواقع هو صورة نمطية واضحة لمجتمع نموه متباطئ ركيك , أعاد إفراز سلبياته من الداخل , عوامل الهدم فيه داخليه ,لماذا تنجح دول مثل ماليزيا و الهند في تنمية بلادها بعد 20 عاماً فقط من إنتهاج

سياسة إستثمار التعليم ؟

بينما نحن بعد 50 عاماً من إنتشار التعليم نبقى مجتمع قبلي فقط !!!!!!

الإجابة = (شل منه ناوله)