الربيع العربي...هل رضي الشعب عنه؟
بقلم/ بدر الشميري
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر
الإثنين 05 مارس - آذار 2012 05:27 م

الربيع موسم الجمال والبهجة ،تستبشر به الخليقة منذو النشأة، تغنى به الشعراء، وجعلوا منه محطة لغزل الطبيعة فقال احدهم : الأرض قد لبست رداء اخضرا ..والطل ينثر في رباها جوهـــــــــرا،ومحطة لنيل الأعطيات باستمالة قلوب الخلفاء،يقول البحتري:أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا"...من الحسن حتى كاد أن يتكلما....

وزداد قدر الربيع ومكانته لدى الشعوب –باستثناء حكامها- بعد أن أقحم نفسه في فتح أبواب التغيير بخمس دول عربيه، عصفت رياحه لإسقاط أنظمة جمهورية جثمت على شعوبها عقود..

بدأت رياح التغيير في تونس، ثم مصر واليمن وليبيا وسوريا،وخرجت الشعوب تنشد الربيع ونسمات الفكاك من قيود كبلتهم،تحمل طموح وأحلام كثيرة،أتت رياح ربيع التغيير بما لا تشتهي سفن الفاسدين ،واصطدمت بإرث ثقيل لأنظمة حكمت عقود ومكنت العائلة من السلطة والثروة، وأوجدت شخصيات موالية لها تكون عونا وسندا،زيد على ذلك المواقف الخارجية من تلك الأنظمة وفق سياسات الولاء والمصالح،ومدى الرغبة في تأييد التغيير من رفضه...

ومع كل تلك التعقيدات والتناقضات نقف أمام سئوال:هل رضيت الشعوب الربيع عن ربيعها ؟؟

المتابع لأحداث ربيع التغيير، وما تمخض عنه من نتائج في الدول الخمس،يدرك مدى الرضاء و الرفض في الأوساط الشعبية ،لما تحقق من نتائج، تراوحت بنسب مختلفة وفق معاير أهمها: معيار وعي الشعب بأهمية التغيير،ومعاير المواقف الخارجية من التغيير.

كانت تونس وبدون منافس الدولة الأولى في تحقيق نسبة عالية من طموح الشعب في التغيير، وهذا عائد لنظامها المؤسسي،ووعي الشعب التونسي واصطفافه دون انقسام، أمام مصلحة التغيير،وكونها الدولة الأولى لم تعط لزين العابدين الفرصة للاحتيال والتلاعب على موجة التغيير كما فعل اللاحقون به..

تلتها مصر وكان للعسكر الدور في فرض تنحي مبارك،وخرج مبارك وعائلته من الحكم ،ومازالت ظروف مصر القائمة لا تسير وفق ما خطط له، في مرحلة شد و جذب بين الشعب والمجلس العسكري و لم تستقر على نتائج تحسب للثورة الا بنسب اقل من تونس..

إن الدول التي بنيت وفق مؤسسات، حظيت بنتائج أفضل مثلا (تونس، مصر) قياسا بباقي دول الربيع العربي الثلاث(ليبيا، اليمن، سوريا)...

أما ليبيا وبرغم التخلص من القذافي وعائلته بعد أربعة عقود من الحكم، الا أن ربيعهم –فاتورته باهظة -أكثر دولة تضحية من اجل التغيير-،قتلى وجرحى بمئات آلاف ،وتدمير طال الأخضر واليابس ،ودخول الناتو على الخط،فٌرض على الشعب الليبي نتيجة لإسراف القذافي في القتل ،وما يترتب على التدخلات الخارجية بعد ذلك من الهيمنة على الثروات وتقرير المصير..

اليمن وربيع التغيير للخلاص من حكم العائلة كان ربيعا" بقدر ما فيه من الروح الشعبية التواقة الى التغيير وتقديم التضحيات الا أن سكوت الشعب ثلاث عقود لحاكم افسد كل ما هو جميل في اليمن،،حاكم تجاهل بناء دولة المؤسسات، وتعمد أن تكون اليمن بتلك الهيئة –دولة تحكمها عائلة-،حتى الجيش بني على أسس عائلية لحمايتهم الا ما رحم ربي،وفي ظل انقسام الجيش ،وتبديد المال العام من قبل النظام، و وقوف أصحاب المصالح في صفه،اصطدم الشعب بواقع يقف حائلا" أمام طموحه، وأهدافه في التغيير ،واقع الانقسام في الداخل والمواقف الخارجية اثر على سير الثورة واجبر على قبول التسويات والحلول،حتى لا تدخل البلد في صراعات تفسد طموح الشعب في التغيير و البناء...

وبقيت سوريا دولة الربيع العربي الخامسة تغرق في دماء شعبها تحت نيران نظام بشار و لم يعرف الى الآن ماذا ستسفر عنها الأيام القادمة،وما سيتحقق للشعب مقابل ما يدفع من أبناءه..

وخلاصة القول التغيير ليس ربيعا، حتى نربطه بالجمال لنرضى عنه، وإنما إرادة شعوب تحمل أحلام و طموحات، وواقعها يصدقها أو يكذبها، يقف بصفها أو يخذلها..وبقدر الرغبة الكلية في البناء والتغيير واصطفاف الشعب ووعيه يكون ربيعها وجميع فصولها مرضية عنها..

لابد للشعب اليمني أن يدرك أن ربيعه بقدر ما فيه من القصور والأخطاء والتضحيات، الا انه ربيع فتح نوافذ كثيرة للحاضر ما كانت لتفتح، عمل النظام على إغلاقها ،فتح نوافذ للشمس أن ترسل أشعتها لتضيء يمن قابع في الظلام لعقود..

وان يعتبر من الحاضر،وما قدم فيه من دمه وماله وجهده ووقته، ليحذر من أخطاء الماضي،و يدرك إن التغيير ليس بالأمر الهًين، وثمنه باهض، اذا ما تجاهل ما يعيش وتركت للظروف القائمة إن تعيد المشهد اليمني الى ما قبل الربيع....