مخالب الأسد هي وراء الفيتو الروسي .. وليست المصالح !!
بقلم/ د. حسن شمسان
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 30 يوماً
الخميس 15 مارس - آذار 2012 07:36 م

إن ما يحدث في سوريا اليوم لا يختلف ألبتة عما حدث في ليبيا الأمس إن لم يكن أشد بشاعة؛ فالسوريون يقتلون بآلة حرب النظام الغاشمة نفسها (تدك منازلهم وتحطم عظامهم وتزهق أرواحهم)؛ لكن المختلف هو ما نراه من تذبذب في موقف المجتمع الدولي؛ فموقفه تجاه ما يحدث في سوريا اليوم لم يتجاوز التهديد للنظام السوري، ثم الاهتمام بإدخال مواد الإغاثة؛ إن يهم لجوع السوريين ولا يكترث ألبتة لقتلهم (!) فسوريا لا تبرك على بحر من النفط كما هو حال ليبيا، أضف أن موقع الأخيرة – وهو الأهم – لا يهدد إسرائيل فليست من دول الطوق كما هو حال سوريا. فأينما تكون المصلحة فثم وجه المجتمع الدولي القبيح؛ بما يعني أن الدماء الليبية قيمتها من قيمة الدماء السورية؛ لولا أن هذه الأخيرة لم يسعفها نفطها وخيبت آمالها جغرافيتها وقد أسعف ذلك الليبيين فكان التدخل عسكريا. كما أن الليبيين قد كانوا متفوقين ميدانيا وقد كان ميزان القوى يرجح كفتهم كل هذه أسباب جعلت الدماء الليبية زكية ونفيسة، والدماء السورية تفتقد لكل هذه الأسباب فلتسفك إذا دونما حساب أو عقاب.

وإلا فإن الدماء المسلمة أيا كانت جنسيتها رخيصة وليست ذات قيمة؛ فنجاح الثورة في سوريا يعني سقوط جدار آخر هو في غاية الأهمية بعد مصر؛ وذلك لا يخدم إسرائيل ولا يتيح لها أن تستمر بغطرستها؛ ولا ننسى أن أشير في هذا السياق إلى أن من أول أبجديات المصالح/السياسات الأمريكية هو الحفاظ على إسرائيل بوسخها ودنسها ودرنها، وهذه تصل إلى حد المسلمات التي لا يختلف عليها أحد في أبجديات السياسات؛ ونجاح الثورة في سوريا يعني بشكل دقيق اقتراب هزات الزلزال - بتوصيف رئيس وزراء دولة إسرائيل - من دولته التي هي عبارة عن جدر.

وهذه المسلمة تجعلنا نصل إلى مسلمة علمتنا إياها الثورات وهي إن المجتمع الدولي هو البلطجي الأكبر وهو من يملي على البلطجي الصغير الحقير أن يجهز على الثورة حتى لو أجهز على نصف الشعب وما يهم البلطجي الأكبر أن ميزان القوى يضل بيد النظام (البلطجي الصغير) والنظام في سوريا قد صرح رئيسه بأنه ما يزال الأقوى على الأرض إن هذه القوة الذي يتحدث عنها الذئب هي قوة القبضة الأمنية؛ بمعنى أن الأسد لو فقد مخالبه فسريعا ما يتراجع البلطجي الكبير عن مواقفه لأنه بذلك فقد ذيله ويريد أن يجعل لنفسه خط رجعة عن الشعب.

إن السوريين لا يقتلون بسبب الفيتو الروسي/الصيني كما تروج لذلك وسائل الإعلام؛ لكن بسبب أن القوة ما تزال بيد نظام الأسد فما زالت أنيابه ومخالبه ثاقبة تنهش جلود السوريين وتسفك دماءهم؛ لكن عندما يفرض الشعب السوري نفسه في الميدان ويقتلع مخالب الأسد فإنه بعد ذلك لن يمثل لهذا المجتمع سوى هر يرمى له بقطعة لحم ليحجم عن المواء، إن هذه المخالب الذي يقطع فيها أسد أجساد شعبه هي وراء الفيتو الصيني / الروسي؛ الذي يعمل برموت كنترول أمريكي إنه يعمل كما تملي عليه المصلحة الحليفة (الأمريكية/الإسرائيلية) وهذا يعني أنه كلما كان النظام باسط يده كلما رخصت دماء شعبه؛ خاصة إذا كان هذا النظام مجاورا لإسرائيل؛ إذا ليستمر النظام حتى لو كان على حساب شلالات الدم؛فإسرائيل خط أحمر بالنسبة للسياسة الأمريكية وحلفائها يهون دونها كل شيء وليس أهون عند المجتمع الدولي من دماء المسلين.

إن تناقض المسلمات (مسلمات المجتمع الدولي ومسلمات الثورات) يؤدي إلى كشف المستترات وبيان العورات؛ فها هو من كان يلقب بلقب (سيد المقاومة) - وهذا اللقب صناعة إسرائيلية – قد أظهرته ثورة سوريا على حقيقته كما أظهرت حقيقة مرضعته إيران؛ ليتحول أو يصير (سيد الشبيحة)؛ ليتحول حسن إلى القبيح؛ فهذا ومرضعته يتهما الشعب السوري البطل بأن عميل لأمريكا وإسرائيل؛ على الرغم من أن الشعب السوري العميل يموت كل يوم على مرأى ومسمع من أمريكا وإسرائيل (!)

 ليس ثمة شك أن ثورة سوريا قد أنهت مكانة إيران ورضيعها؛ وقد سقط الاثنان. وقد علمتنا الثورات أن من يمتلك الزخم الشعبي فإنه هو القوي وإنه هو المنتصر؛ فالزخم الشعبي هو القوة الحقيقية والأكيدة والباقية، لذلك ليس مغاليا ولا مبالغا من يسمي ربيع الثورات العربية بربيع الإسلاميين.

لقد وضعت إيران نفسها ورضيعها ومن هو وراءها في صورة تلك التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا؛ فقد ضل التآمر يجعل من إيران وحسن نصر الله أبطالا قوميين يحققون النصر للأمة الإسلامية والعربية بعد أن فقدت هذه الأخيرة المبادرة؛ وقد كانت القضية الفلسطينية هي الورقة الرابحة لـ (إيران/نصر الله) لتزيدهما تقربا من الشعوب العربية/الإسلامية فيما مضى؛ لكن كل ذلك قد قضى نحبه في موقف إيران المنافق والمتناقض من ثورة سوريا إذا لم تعد إيران قوية حتى لو امتلكت السلاح النووي ما دامت قد فقد الزخم الشعبي العربي/الإسلامي وأصبحت غير جاهزة لتحل محل اللاعب العربي (الأنظمة)، فالجميع أصبح يؤمن بمسلمة مفادها : إن حقيقة الموقف الإيراني هو مناهض للثورات لا مؤيدا لها مما جعلها تسقط أخلاقيا وهذا السقوط الأخلاقي هو كفيل أن يجعل إيران وقوتها كرماد في مهب الريح عندما عزلت نفسها عن الشعوب المسلمة.

وما دام هذا السقوط متحققا وما دامت إيران قد فقدت مكانتها فهذا قد يمهد لقيام حرب هزلية تمثيلية بين إيران وإسرائيل لتكون هذه الحرب أشبه بعملية تجميلية تحاول تجميل وجه إيران الذي جعلته ثورة سوريا قبيحا من جديد؛ إذا لا بأس أن تقوم حرب يحدد فيها الأهداف للصواريخ كما كان يحدد الهدف لصواريخ حزب الله (حزب الشبيحة)؛ فقد يكون السنة في إيران هدفا لصواريخ وطائرات إسرائيل وبهذا قد يحاولون ذر الرماد على العيون في محاولة صنع بطل صنديد من جديد يطبل له القريب والبعيد كما حصل سابقا بيد أن ذلك لن يجدي نفعا ولن يمر بسهولة فالشعوب قد وعت وفاقت من رقادها وقد أدركت العدو من الصديق؛ فإلى البلطجي الأكبر (المجتمع الدولي) إن الثورة في سوريا هي من سوف تنتصر في النهاية مهما غاليتم بثمن الفاتورة من السوريين، كما أن جنرالات مصر لن يصمدوا طويلا في سرقة الثورة وسوف تقف جنرالات بقية نظام صالح عاجزة أمام الحكمة اليمانية.