خارطة ملتهبه وخارجة عن السيطرة
بقلم/ أحمد الزرقة
نشر منذ: 17 سنة و شهر و 19 يوماً
السبت 15 سبتمبر-أيلول 2007 01:22 م

مأرب برس - خاص

نظرة للخارطة اليمنية كفيلة بأن تجعل المرء يمسك بكلتا يدية على قلبه ،ويحدق بعينين مدهوشتين وفاه فاغر،ما الذي اصاب اليمنيين ،كيف إنفلت عقال الامور فيها ، الم تكن الحكمة يمانية.

في محافظة صعدة أقصى شمال اليمن هناك برميل بارود في حالة سكون مرشح للانفجار بقوة مرة أخرى في أي لحظة ،فإتفاق وقف اطلاق النار اكثر هشاشة من بيوت العنكبوت .

ولا يوجد ما يجعل الطرفين في إستعداد لوقف التخندق سوى بقايا مبادرة قطرية اعلنت ذات يوم وتم تأجيلها من القطريين الى ما بعد رمضان ،بعد إكتشافهم عدم جدوى وجودهم في صعده سوى انهم ضحايا لابتزاز من طرفي الحرب وانهم في (حيص بيص).

إني لاعجب كيف ينام صانع القرار قرير العين على مشكلة معلقة دونما البحث عن حلول أكثر نجاعة.

- ما زالت القوات الحكومية تحاصر وتحارب في محافظة حجة في مديرية وشحة مجموعة من مقاتلي المنطقة الذين ناصروا الحوثي ، هل من المعقول تجزئة الحلول .

- وفي بقية اليمن هناك غليان غير مبرر وتداخل في المشاكل وامزجة الناس ، ففي حين قادت جمعيات المتقاعدين أعضائها لتحقيق مطالبهم المشروعة في جانب الحقوق المالية وإعادة من تم إقصائهم للخدمة ،وقد نجحت تلك الاحتجاجات السلمية في إنتزاع حقوقهم وإعتراف الدولة وعلى رأسها الرئيس علي عبد الله صالح بأن هناك مشكلة ومن ثم بدأت الحكومة في تنفيذ المعالجات التي تكفل إعادة الحق لاصحابه، تلك الاحتجاجات والتنسيقات التي أدارها المتقاعدين على مستوى عال من الدقة والتخطيط والفعالية أثارت إعجاب الكثير على الساحة اليمنية ودعت احزاب المشترك لاستغلال تلك الظاهرة والنزول للشارع مما سبب خلطا للاوراق السياسية ،ونتيجة لذلك الخلط تداخلت الصورة العامة ،وارتفعت بعض الاصوات التي شدها نجاح الموجه الاولى من المطالب ،لترفع خطابا مأزوما يتساوى مع الفعل الاقصائي الذي تعرضوا له وناضلوا من أجل التخلص منه.

ذلك الخطاب أفقد الفعل النضالي قيمته وحمل كثيرا من التجريح بقصد الحاق اكبر قدر من الايذاء النفسي لعدد كبير من اليمنيين، وتحولت القضية من صراع حقوقي نتقبلة جميعا ونقف معه ونسانده إلى صراع سياسي بالضرورة لا نتفق معه ،ووجدت فيه بعض الشخصيات السياسية فرصة للعودة لدائرة الضوء ومحاولة لجر البلاد الى مفترق طرق ، وطرح افكار ورؤى غر قابلة للتنفيذ وإعتبار الوحدة اليمنية خاصة بالرئيس صالح والمؤتمر الشعبي العام ،متناسين ان الوحدة هي فعل وحدث أكبر من ان يوصف أو يلحق بشخص او حزب ،وهم بذلك الطرح يتنقصوا من الوحدة كفعل استثنائي وانجاز انساني قد يكون الوحيد لمجموع اليمنيين خلال تاريخهم المعاصر الذي يجب عليهم حمايته باعتبارة مكسب جماعي ،يجب ان نناضل للحفاظ عليه ونعمل سويا لازالة الشوائب التي علقت به كنتاج مرضي لصراعات السياسيين.

- من حق جموع اليمنيين الخروج للشارع والتظاهر والاحتجاج السلمي كحق أنساني قبل ان يكون دستوري ،لكن دونما حمل سلاح أو اثارة الكراهية والعداء ،ويجب على الدولة أن تحمي تلك المسيرات طالما التزمت بالتعبير السلمي ،والتعامل بقوة مفرطة ضد المحتجين يتناقض ومبادئ الحقوق الاساسية المكفولة دستوريا وانسانيا ودوليا.

التظاهر والاحتجاج قد يكون وسيلة للفت انتباه الحكومة لوجود خلل ما ، ولن يخرج الناس للتظاهر من باب الترف ،فلو ان هناك أداء حكومي وتشريعي ومحلي جيد يستجيب لاحتياجات الناس لن يخرج الناس في مظاهرة أو مسيرة ، الغلاء الفاحش اخرج الناس للتظاهر حلو مشكلة الغلاء وسيطروا على الاسعار حينها ستكتشفون كم هو هذا الشعب طيب(عرطة).

الفساد والسطو على الاراضي وتنامي نفوذ المتنفذين وارتفاع نسبة البطالة عوامل اخرجت الناس للشارع ،وليس المشترك كما يقول "قحطان أو الصبري" ،فالفقر كافر كما قال امير المؤمنين علي بن ابي طالب .

الامور ليست تمام والدنيا ليست "بمبي" كما يحاول البعض تصويرها هناك مشكلة تمر بها اليمن وهناك حكومة غير قادرة نهائيا على الاداء الجيد وهي لاتملك حلولا مع ان هذا هو عمل الحكومات أن تقدم حلولا ولن تخرج البلد من أزمتها الا بالعمل الجاد على محاربة الفساد والفاسدين والتعامل وفقا لمبدأ الشفافية والمحاسبة وليس عن طريق تشكيل اللجان حتى ليخيل لي اننا في بلد اللجان الشعبية ولسنا في اليمن .

- تلك اللجان لا مكان لها في الاعراب دستوريا أو قانونيا ولن تصلح ما لم تستطعه المؤسسات التي لها صلاحية ،وهناك قاعدة تقول (إذا اردت افشال اي مشروع فشكل له لجنة)الا اذا كان الرئيس مقتنع بجدوي تلك اللجان فلماذا لا يتم احلالها مكان الحكومة اليمنية والا فلا داعي للضحك على الذقون وخلق وسيلة لاستقطاب المعارضين وتوفير اماكن للموالين في تلك اللجان لان المناصب الحكومية لم تعد تتسع والكعكعة اصغر من ان يتم تقاسمها.

- (اللقاء المشترك نزل الشارع وهذه ليست سوى بروفة )بلغة نارية يتحدث زعماء المعارضة ، ذلك الخطاب لا يختلف في حدته وقسوته عن الخطاب الخارج من اروقة الحزب الحاكم ، ليس مكسبا أن تزايد المعارضة على الشارع اليمني المسكون برغيف العيش ، ومعروف ان المعارضة ستتخلى عن الشارع في اقرب لفة ، الم يخرج الشارع في يوليو 2005م وقتل منهم عدد كبير وتم اعتقال العشرات ،ماذا قدمت المعارضة لاولئك الضحايا ،فلتحمد المعارضة الله لاننا شعب بلا ذاكره ، وفعلا "في اليمن لايوجد ما هو أسوأ من السلطة سوى المعارضة".

- قانون حماية الوحدة لا علاقة له بالوحدة أصلا والوحدة ستكون محمية بالممارسات السياسية التي تكفل حقوق الناس ،ومشاركتهم في الحياة ،ونحن بحاجة للتفكير بجدية في تجريم كل ما من شأنه إثارة الكراهية والحقد وبث العدوات فالالفاظ العنصرية التي يكون غايتها التقليل من شأن الاخر واحتقاره أشد خطرا من تلك الدعاوى التي قد يرفعها من يدعو للانفصال لان تلك الدعوة قد تحسم سياسيا ،لكن الاقصاء والتخقير والسب من شأنه القضاء نفسيا على مشاعر الوحدة فاليمني يجب ان يعامل باحترام بغض النظر عن إنتمائه الجغرافي ، ولا اعتقد ان من مصلحة اي طرف تغذية تلك الدعوات العنصرية والطائفية والمناطقية .

والله من وراء القصد.