الحوار السياسي في مؤتمر المعهد الديمقراطي الوطني حول النظم السياسية

الثلاثاء 05 فبراير-شباط 2008 الساعة 07 مساءً / مأرب برس - خاص
عدد القراءات 3913

قام المعهد الديمقراطي الوطني وكجزء من جهوده لتعزيز البناء الديمقراطي في اليمن بعقد ندوة لمدة يومين تحت عنوان "النظم السياسية تحت ظل الديمقراطيات" والتي تم إنعقادها في يومي الأربعاء والخميس السابقين في فندق الموفنبيك بصنعاء.

وكان الهدف الرئيسي من هذه الندوة هو الخروج بتقييم واضح لمميزات وعيوب تبني نظام رئاسي أو نظام برلماني، أو حتى الحفاظ على نظام مختلط.

وقد قدمت خلال الندوة خمسة أوراق حول النظريات السياسية والممارسات والتي ألقاها بعض أساتذة الجامعة ورئيس نقابة الصحفيين سابقاً. قام الدكتور/ وسام سعاده، أستاذ جامعي بجامعة القديس يوسف في بيروت، بإفتتاح الندوة من خلال مناقشة الخلفية التاريخية والنظرية المختلفتين للنظامين الرئاسي والبرلماني في الغرب وأوجه الإختلاف في طبيعة الفصل بين السلطات لكلا النظامين.

وكان الأستاذ/ عبد الباري طاهر، رئيس نقابة الصحفيين اليمنيين سابقاً هو المتحدث الثاني في الندوة حيث أكد في حديثه على أهمية حيادية الإعلام وإستقلاليته في أي نظام ديمقراطي سواءً إتخذ شكل النظام الرئاسي أو البرلماني. وقد إختتم كلمته بالقول أنه لن يكون لأي من النظامين قيمة عالية في تعزيز الديمقراطية دون وجود إصلاحات حقيقية تهدف للحد من سيطرة الدولة على الإعلام في اليمن.

وقد قام الدكتور/ محمد عبد الله نعمان، أستاذ القانون الدولي والعام مساعد بجامعة صنعاء، بعرض مدى تأثير التغييرات الأولية على السلطة القضائية. وأكد الدكتور/ نعمان على الآتي: "إن كان هنالك أي تطوير بالنظام السياسي في اليمن، فيجب أن تصبح السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية، ليس فقط من ناحية شعور القضاه بالاستقلالية ولكن بالتمكن من الحفاظ على إستقلاليتهم المادية والإدارية".

كما أكد الدكتور/ محمد الظاهري، رئيس قسم العلوم السياسية بصنعاء أن اليمن تعاني من إختلالات إجتماعية ناجمة من أنه تم دمج أسوأ ما في البيئة القبلية في المؤسسة الرسمية. وإختتم الدكتور/ الظاهري كلمته بالقول: "أن البناء المؤسسي للنظام السياسي سواءً رئاسياً أو برلمانياً، سيعزز الدول الفعال للقبيلة كمؤسسة إجتماعية، بينما النظام الحالي الشخصاني يشكل عائقاً مما يؤدي إلى إختلال دور القبيلة".

وأختتم اليوم الأول من خلال عرض الدكتور/ سمير العبدلي، أستاذ علوم سياسية مساعد، جامعة صنعاء ورقته حول تأثير النظام السياسي الرئاسي أو البرلماني على المجلس التشريعي. وقد نوه الدكتور/ العبدلي إلى غياب الوعي المدني والسياسي في اليمن مما يجعل النظام البرلماني أكثر ملائمةً لأنه يمكن الشعب من الإشراف على السلطة التنفيذية وتوسيع فرص المشاركة: "يمكن تعديل النظام البرلماني لما يتناسب مع الواقع اليمني". وأضاف الدكتور/ العبدلي إلى أن النظام البرلماني يساعد أكثر في الفصل بين السلطات.

وفي اليوم التالي للندوة عرض تصور المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك.

فقد ناقش الأستاذ/ عبد الله غائم، رئيس اللجنة السياسية للمؤتمر الشعبي العام أنه يمكن لأي من النظامين الرئاسي أو البرلماني أن يعزز من العملية الديمقراطية طالما وأن الحكومة تمثل من قبل الشعب وتخدم إحتياجاتهم. كما أشار الأستاذ/ غانم إلى أن التصور الرئيسي لمبادرة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح هو الفصل بين سلطات وكذا توزيعها بتعزيز السلطة المحلية وإنشأ مجلس ذو غرفتين تشريعيتين وضمن إطار هذا الجدول يرغب الرئيس في أن يقلص من مركزية الحكومة وزيادة حجم ومهام ومصادر المجالس المحلية.

أما الأستاذ/ على الصراري، قيادي في اللقاء المشترك فقد أشار إلى أن المشكلة التي تواجه اليمن هو أن نظامها السياسي غير مبني على مبدأ سيادة القانون ولكن مبني على مصالح وأمزجة شخصية والذي من المفترض أن يتغير حتى تتمكن اليمن من تجنب الكوارث ولهذا السبب فإن أحزاب اللقاء المشترك تؤمن أن النظام البرلماني هو أفضل من النظام الرئاسي لإنتاج حكومة مبنية على أساس المؤسسة.

"النظام الحالي هو نظامُ فردي "مشخصن" والذي هو منفصلٌ عن الدستور – وليس مبني على أساس مؤسسي" أضاف الأستاذ/ الصراري "المشكلة في اليمن أن هنالك عدم توازن حقيقي في الفصل بين السلطات وسبل الحصول على مصادر القوة والسلطة. وقبل أن يتم إختيار النظام السياسي يجب علينا تعزيز إحترام وفرض سيادة الدستور والقانون.

وخلال الندوة تم مناقشة تأثير النظام السياسي على الثقافة القبلية في اليمن.

فقد أشار الشيخ/ علي بن صالح، عضو مجلس نواب سابق من حزب الإصلاح أن "الشخصيات السياسية والمفكرة المعروفة تقوم دوماً بإتخاذ القبيلة ككبش فداء يلقى عليها اللوم لجميع المشاكل التي تحدث في اليمن" وأضاف قائلاً: "القبائل هي عادات موروثة في اليمن فهي جزء لا يتجزأ من العامل الثقافي والسياسي والواقع اليمني الذي يجب قبوله".

اتفق الأستاذ/ زيد الشامي، عضو مجلس النواب لحزب الإصلاح أن الثقافة القبلية ليست أساس المشاكل في اليمن، "فالقبائل ستكون دوماً متواجدة في اليمن" وأضاف قائلاً: "أن المعضلة الأساسية ليست وجود القبائل كجزء من المجتمع وإنما لجوء الشعب للقبائل بسبب عدم تمكن مؤسسات الحكومة من فرض العدالة. عندما يكون لدينا حكومة تتمكن بشكلٍ عام من تطبيق العدالة فإن مشكلة القبائل ستحل وتنتهي".

ومن حين إلى آخر تم مناقشة موضوع المشاركة السياسية للمرأة، والتي ذكر حزب المؤتمر الشعبي العام وكذا أحزاب اللقاء المشترك دعمها. كما ذكر الأستاذ/ عبد الله غانم أن "موضوع المشاركة السياسية للمرأة هي قضية تحدي". وأضاف قائلاً "ولكنها قضية إجتماعية أكثر من أنها سياسية وأنه واجبٌ علينا جميعاً أن نقوم بزيادة المشاركة السياسية للمرأة ولكن نسبة 30% من الحصص المخصصة في مجلس النواب هي نسبة غير واقعية في الوقت الحالي". ونوه الأستاذم غانم إلى أن المؤتمر الشعبي العام يشعر بأن نسبة 15% من الحصص المخصصة هي نسبة أكثر واقعية ومازال من الصعب الوصول إليها ولكنها قضية أساسية يلتزم المؤتمر الشعبي العام بحلها.

وكرجع الصدى لما ذكره الأستاذ/ غانم، أكد الأستاذ/ علي الصراري أنه "من الظلم الحصول على 45 إمرأة في البرلمان حيث وأن اليمن فيها الكثير من النساء المثقفات والمؤهلات ليصبحن عضوات في البرلمان وأنه من الغير مقبول أن تمثل المرأة بصورةٍ ضعيفة".

وبعد إنتهاء العروض والتعقبات والأسئلة، أختتمت الندوة بتعقيب الدكتور/ وسام سعاده أن اليمن تواجه مشاكل حقيقية إتضحت من خلال المواقف العنيفة التي بدت سائدة بين كافة الحاضرين من ألوان الطيف السياسي السائد في اليمن.

كما ذكر الدكتور/ سعاده في نهاية جملته: "ليس بالضرورة أن يكون أي من النظامين الرئاسي والبرلماني أفضل من الأخر لتطبيقة في اليمن. حيث إتضح من الحوار الجاري في القاعة بأن شبكات العلاقات الاجتماعية التقليدية وغير الرسمية تغلب على السمة المؤسسية للهيئات الرسمية وهذا الأمر يشكل تحدياً مقلقاً للتطور السياسي في اليمن ودول العالم العربي".

وقد إلتزم السيد/ بيتر ديمتروف، المدير المقيم للمعهد الديمقراطي الوطني أن يقوم بنشر التنائج الكاملة للندوة في أسرع وقتٍ ممكن، كما أكد قائلاً "أتمنى أن نتائج وفعاليات المؤتمر يمكن أن تضيف للنقاش العام حول الخيارات السياسية المطروحة من قبل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في اليمن وخاصة في ضوء القضايا التي بحاجة لإستفتاء عام".

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن