معاذ المسوري ضابط مرور يبحر بنضاله السلمي ضد مسئولية في اليمن

الأحد 25 نوفمبر-تشرين الثاني 2007 الساعة 04 مساءً / مأرب برس – خاص
عدد القراءات 3772

مسكين أنت يا معاذ المسوري .. أنت الآن بلا أقارب يحمون وجودك الوظيفي ويحافظون على مستحقاتك .. ذهب أقاربك وأصبح ظهرك مكشوفا كباقي المواطنين .. الذين لايعرفون أن ظهورهم مكشوفة .

أن تكون ضابطا في إدارة المرور وتريد أن تعيش بكرامة فهذا يعني أنك تفتح على نفسك أبواب جهنم .. لأن الفساد منظومة متكاملة لا تقبل تروسها التعايش مع جندي يحافظ على كرامته .. هذه هي قضيتك باختصار يا معاذ

أما التفاصيل فهي حياتنا .. أوضاعنا جميعا .. صمتنا الجماعي على الجريمة المستمرة التي تمارس بحقنا على مدار الوقت .

عندما يكون أحدكم على طريق يمر مابين جولة القادسية والجامعة الجديدة فسيجد ناحية اليمين مأتما عمره أطول من كل المآتم .. لأننا جميعا على علاقة به .. ولأننا لم نذهب جميعا لتأدية واجب العزاء فالمأتم مستمر حتى تكتمل مراسيمه .. أو يأتي من يثبت حياة المرحوم .

بدأت معاناة معاذ المسوري قبل عام .. في نهار رمضاني اكتشف معاذ أن اسمه قد أسقط دون حق من كشوفات المستحقات المالية التي يحصل عليها زملاؤه من المقربين إلى أحدهم .. ولأن معاذ موظف بدخل محدود فهو لا يتنازل عن حقه القانوني مقابل تنازل من فوقه عن الحق العام .. معاذ لم يكن يؤمن مثل الكثيرين أن المواطن حق عام مباح لكل ذي بدلة رسمية .

معاذ كما يقول بلا مصادر دخل خارج الحساب ولذلك فهو لم يقبل أن يسقط اسمه من كشوفات المكافآت .. اتصل بمديره الذي كان مزاجه الرمضاني غير متوافق مع اتصال مفاجئ من ضابط صغير .. يتجرأ على طلب حقه (من عين المدير) .

ليس من حقك أن تطلب حقك من عيون حمران العيون .. لأنك بهذا ستفتح على نفسك نيران عيونهم الحمراء .. وإن لم يكن لديك مقدار كاف من الصبر فستجد نفسك مجنونا في ميدان التحرير .. وستجد عارف الخيواني قد سبقك إلى هناك له حكاية تشبه حكايتك .

ومعاذ المسوري يغطي جدار بيته الصغير بأوراق كثيرة من صحف كثيرة بعضها محترمة وبعضها ساقطة .. بعضها ورقيه وبعضها الكترونية وبجانب قضيته يحمل قضايا آخرين يتعرضون لأنواع أخرى من الاضطهاد .. ربما يصبح هذا الجدار جدارا لقضايا المظلومين ذات يوم

هناك تجد معاذ المسوري الأسمر شاب فرضت عليه ظروفه أن يتحول من ضابط في إدارة مرور محافظة صنعاء إلى مناضل حقوقي .. علمته قضيته أن النضال من أجل الغير نضال من أجل النفس بالدرجة الأولى .. فتعلم الدرس وبدأ في إلقائه على الآخرين .. يقول لك بكثير من الجد : صحيح أنا تعبت لكن لو كل الناس يتعلموا كيف يطالبوا بحقوقهم .. ماحد يقدر ياخذ حق حد .. ويستطرد .. أنا في البداية واخترت طريق النضال السلمي وأعرف أنه طريق طويل .. لكن هو الصح .

بعد رمضان .. وجد معاذ نفسه مطلوبا للأمن قبل أن تنتهي فترة إجازته .. ثم وجد نفسه متهما بتزوير بيانات جمركية و شهادات جامعية بموجب شكوى تقدم بها مديره عبد الله الكبوس إلى وزير الداخلية .. يقول معاذ سجنوني لمدة عشرة أيام في حالة ماحد يرضاها لكلب .. كلبشوني وضربوني وبهذلوا بي .

ثم وجد نفسه معاذ أمام مجلس تأديبي .. أثبت عليه التهمة الأولى التي كانت بالنص (قيامه بالتلفظ على مسئوله العقيد/عبد الله الكبوس مدير مرور م/ صنعاء بكلام وغير لائق . ) ولم يثبت أو ينفي التهمة الثانية التي كانت قيامه بطبع منشورات تسيء إلى سمعة العقيد ونشرها في الشوارع وجهات رسمية في تظلمه من مسئوله بشأن مطالبته مستحقاته . وبرأه من التهمة الأخطر المتعلقة بتزوير بيانات جمركية وشهائد جامعية .. ثم لم يقرر المجلس التأديبي معاقبة من قام باتهامه بتهمة ثبت براءته منها .. ولكنه قرر إحالة المسوري إلى إدارة أخرى وإطلاق مرتباته .. لكن مرتباته لم تطلق .. ووظيفته لم تحول بحسب قرار المجلس التأديبي بل حولت إلى إدارة محافظة الضالع .. دون إبلاغه بذلك .

ولمعاذ قصة أخرى في المحكمة .. الروتين حباله طويلة .. والقضايا التي يخسرها الأقوياء تضيع ملفاتها في الطريق بين إدارتين ولا أحد يتحمل المسئولية .

هناك المئات أوالالاف من القضايا التي تشبه قضية معاذ في أغلب تفاصيلها غير أن معاذ هو الوحيد الذي رفع لافتة بيضاء على بيته طالب فيها الرئيس بإنصافه .. ولما يجد لم يجد تجاوبا من فخامة الرئيس علق لافتة أخرى قال فيها أن العدالة قد ماتت في هذه البلاد .. هذه اللافتة اعتبرت إهانة للقضاء أكرمكم الله .

يقول معاذ المسوري وعدني النائب العام بحل قضيتي .. وعلقت اعتصامي لمدة عشرة أيام وعندما يئست عدت مرة أخرى .. أنا أطلب بحقوقي وهذا من حقي ومن واجب كل الجهات الرسمية أن تمارس واجباتها لتسليم حقوق المواطنين . أنا معتصم هنا منذ أكثر من ستين يوما .. ويوم العيد كنت أنا وأطفالي في هذا المكان نستقبل التعازي بوفاة العدالة بدلا من استقبال التهاني بالعيد .

المسوري يقول أن عبد الله الكبوس يحقد عليه لأنه تجرأ على مطالبته بحقه ويمارس عليه الضغوط التي يسمح بها منصبه .. يقول لي عبده بورجي صديقه ولهذا فالصحف الرسمية كلها لم تنشر كلمة واحدة وكذلك الصحف التي تحصل على إعلانات عبر عبده بورجي أو التي تطمع في الحصول على إعلانات .. وجاره أيضا مدير مكتب وزير الداخلية الذي يقوم بجزء كبير من عمليات إهانة كرامة معاذ من أجل عيون الكبوس . بينما يقول الكبوس أنه لا علاقة له بما يحدث لمعاذ .. كل مافي الأمر أنه (كان عندنا قبل سنة وبعدين أخذوه المجلس التأديبي وحولوه إلى إدارة أمن صنعاء وبعدين مدري أين ودوه ) ثم يقول (معاذ مغرض ياأخي .. هم يشتوا ينقموا مني لأن انا جيت إلى الإدرة بدل خاله .. خاله كان المدير وبعدين حولوه إلى حضرموت ) وأيا كانت التفاصيل إلا أن معاذ شجاع يطالب بحقوقه بغض النظر عن موقع خاله من القضية فليس من حق المدير أن يحرم معاذ من حقوقه المالية لأن المدير السابق كان خاله .. وليس على معاذ أن يترك العمل الذي كان مناطا به بموجب قرار إداري لأن المدير السابق قد ذهب .. وعليه أن يترك المجال لمرافقي المدير الجديد .. التسكع في طواريد الإدارة بانتظار الفرائس والراتب الضئيل عمل غير مناسب . 

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن