تحقيق صحفي لـ(مأرب برس) يكشف وفاة المئات سنوياً في حوادث المرور بطريق تعز عدن.. (إضافة صور)

الجمعة 17 سبتمبر-أيلول 2010 الساعة 06 مساءً / مأرب برس- تحقيق أنيس منصور
عدد القراءات 20742

أنَّات وآلام وفواجع ومواجع تحكي عن قصص آباء وأبناء ونساء وأطفال وقف لهم الموت بالمرصاد في حوادث مرورية بشعة يخطفهم فيها دون مقدمات وبصورة مفاجئة، سيما مع المناسبات التي كثيرا ما يصل فيها رجال المرور وسيارات الإسعاف على مشاهد وصور شنيعة فما بين أموات وضحايا تفحمت أجسامهم وأنات خافتة وحالات الإغماء وسيول من الدم الذي توزع أثره على المقاعد والأبواب والتراب وتزداد نسبة المفاجأة والذهول عندما ترى جثثاً بشرية ممزقة اختلطت فيها الأعضاء وتفرقت الأشلاء ناهيك عن عويل وصياح مع وصايا المحتضرين خصوصاً عندما يكون ضحايا الحادث من العوائل فيموت الأب أو الأم ويحيا ويسلم أولادهم أو العكس كذلك، بعد تعرضهم لمثل تلك الحوادث المرورية التي غالبا ما تقع الكثير منها وبصورة سنوية متكررة على خط عدن - تعز، وفي جولات ومنعطفات محددة خصوصا مع أيام المناسبات والأعياد حيث يتحول الفرح إلى أحزان ومصائب ونواح وبكاء وعويل.

في هذا التحقيق يسلط (مأرب برس) الضوء على الحوادث المرورية على خط عدن – تعز،أملا في التوصل إلى معرفة أسبابها، وأماكنها، والإجراءات الأمنية المتخذة لتفاديها وإنقاذ المتضررين منها، ومعرفة كيفية التعامل معها، العوائق والحلول اللازمة لتفاديها فإلى التفاصيل:

غالبا ما يكون التهور واللامبالاة بقيمة الإنسان وعدم الشعور بحياة البشر سببا في وقوع الحوادث نتيجة للسرعة الزائدة، حيث يعمد السائقون لقيادة سيارتهم بسرعة جنونية لتنتقل بعد ذلك السرعة إلى مواقع الأخبار الالكترونية والعنوانين الرسمية للصحف في تفاصيل خبر الحادث المروري «الأليم» الذي راح ضحيته عدد كبير من الركاب، وإصابات بعضها خطيرة مع تضارب في عدد الوفيات وعدم التعرف على هوية معظمهم نظراً لبشاعة الحادث.

حيث تحدث النقيب العمري- مدير مرور الراهدة بمحافظة تعز، بأسف وأسى عن حوادث المرور قائلاً: «لقد بلغت الحوادث المرورية التي حدثت في العام الماضي والشهور الماضية أكثر من مئة وثلاثون حادثاً كانت النتيجة هي وفيات بالعشرات و مصابين بالمئات و إصابات بعضهم خطيرة وتحولت إلى عاهات وإعاقات مستديمة»

وأوضح المعمري لـ(مأرب برس) «أن نطاق اختصاص مرور الراهدة (55) كيلومترا يبدأ من نقيل الإبل وينتهي في الضلعة الواقعة بين الشريجة والراهدة» مشيرا إلى:«إن من أهم أسباب الحوادث هي عدم وجود الإشارات الضوئية والخط الأبيض الذي يفصل بين الجهتين، والخطوط الصفراء التي تقع في محاذاة خط الإسفلت»، متسائلاً:«إلى متى سيظل الوضع بهذه الحالة المخيفة؟ ومن الأسباب السرعة الزائدة وعدم صيانة السيارات في الجانب الفني مثل الإطارات والتجاوز في الأماكن الخطيرة والمنعطفات».

وأشار احد رجال مرور الراهدة إلى حودث الدوس التي يكون ضحيتها الأطفال والنساء والأغنام والأبقار وحوادث الدراجات النارية وحوادث الانقلابات في الطرق الفرعية، وعن الاماكن التي تكثر فيها حوادث المرور.

و قال لمأرب برس: «هي منطقة ورزان وعقبة رحبات القريبة من نقيل الإبل وأجلة ورون منعطف بيردت ونقيل الزربي حيفان»، بهذه الأرقام المخيفة والأسباب الفنية والحقائق المرة تلفظ رجال من مرور الراهدة عجباً كيف كانت الكارثة ومن المسؤول عنها؟!.

وأضاف:"إن استنزاف أرواح البشر طريقة سهلة غفلت عنها جهات الاختصاص، هل عجزت وزارتا الداخلية والأشغال عن توفير الطلاء الأبيض والأصفر والإشارات المرورية؟ هل تعلم حكومتنا التي أزعجتنا بمنجزات هلامية أن الطريق من تعز إلى مدخل الشريجة سببت فواجع وإعاقات وتفككا أسريا وعائلات بلا سند وأطفالا يتامى ونساء ثكالى، خسائر ذات أثر اقتصادي واجتماعي وصحي يموت كلب أو قط في بلاد الغرب فتقوم الدنيا ولا تقعد ويعلن أصحابها عن وقفة حداد وخطابات العزاء، وفي طريق تعز اليمنية يكون ابن آدم رخيصاً جداً فيا أسفاه ولكن لا حياة لمن تنادى".

وأوضح من جانبه النقيب عبدربه العقبي لمأرب برس إلى أن إسعاف الضحايا دائماً يقوم به الناس القريبون للحادث مباشرة «وبعد أن نعلم بالحادث إذا كان بعيداً نقوم بالاجراءات اللازمة التي تتمثل في تخطيط مكان الحادث والتحفظ على السيارات في حوش المرور والتواصل مع بعض أهالي ضحايا الحوادث في حالة وجود أرقام تلفونات أو أي وثائق تدل على الهوية».

وما يلفت الناظر والسائر على خط عدن - تعز أيضاً هي نقاط النجدة وانتشار جنود الأمن الذين لا يمكن لأحد أن ينكر جهودهم، وكذلك اليقظة المرورية الموجودة على الخط وبالذات منطقتي الشريجة وجول مدرم. وقال رجلي المرور جمال الجعوف ولطفي الصبيحي اللذان يقفان يومياً مرابطين وسط منطقة كرش ومطبات الشريجه، "إنهما بذلا جهودا مضنية في التوعية المرورية وتوزيع ملصقات وتحذيرات للسائقين خلال فترة عطلة العيد ، حيث قال جمال الجعوف لـ مارب برس قال فيه:«إن الاهمال والتهور والوقوف المفاجئ في المنعطفات وانشغال سائقي المركبات بالتلفون والمسجل هي من أسباب وقوع حوادث المرور» وأوضح علجة أن أهم سبب هو ضيق عرض خط السير من وإلى عدن حيث غدا لا يناسب الأعداد المتزايدة لوسائل النقل خصوصاً أيام الأعياد والمناسبات في ضل تحويل مسار السيارات عبر طريق الضالع الى كرش تعز ، فيما أشار فاروق محمد هزاع القباطي الى الإجرءات اللازمة عقب الحوادث منها تخطيط المكان ونقل السيارات والاحتفاظ بممتلكات الضحايا وإبلاغ جهات الاختصاص والتحقيق في ملابسات الحادث مع إحالة الملف إلى النيابة وتسهيل الاجراءات. فمن خلال حديث رجال المرور نستشعر عظمة دور رجال المرور والتضحية الإنسانية التي يبذولونها لكي ينعم غيرهم، يكدحون ويتعبون بين لهيب الشمس وصقيع البرد القارس ليتمتع السائقون والركاب والأسر بحياة هادئة مستقرة دون أحزان ومآس، إضافة إلى الدور العظيم والنشاط الملموس الذي تقوم به سيارتا الاسعاف والطوارئ على نفس الخط والتي ترابط إحداهما في محطة البركاني كرش والثانية في نقطة العند.

وقال محمد سعيد جازم القاضي إن هذا واجبهم المحتم عليهم، فيما انهال محمد سعيد بقصص وحكايات مؤلمة تكتنفها الحسرة والالم عن مشاهد لمن يتم إسعافهم بعد الحادث وهم "بين حالات تتوفى مباشرة وبعضها في الطريق وأحيانا صياح وتألم بل يتحول مقعد الباص الخلفي إلى بركة من الدم ناهيك عن مناظر مرعبة تدمي القلوب، وتجعلك تكره كل شيء"-حسب وقله

. وأضاف محمد سعيد:«الحقيقة أن قيادة سيارة الإسعاف تحتاج قوة قلب وعزيمة السائق».

 فيما اعترض المواطن محمد صالح الزغير للحديث عن الموضوع من دون مقدمات حيث قال:«هناك تنبيه مهم وعتاب لبعض أفرد المرور الذين يقومون بابتزاز السائقين على ذات الخط والتعنت عليهم يترقبون بعض المخالفات الصغيرة والهدف هو أن يتصالح السائق بدفع مبالغ مالية تذهب لجيوبهم تحول المرور إلى محصلين ماليين وهات ياخمسين وهات مائتين إما ان يدفع السائق او يتم تهديده بالذهاب الى ادارة المرور».وفق تعبيره

وأضاف:«هناك الكثير من طرق الابتزاز لاتعلمون بها كصحفيين لابد من التركيز عليها". وفي حديث سابق لضابط حوادث مرور كرش فاروق القباطي اختصر كلامه لمارب برس بعدة نقاط مهمة أولها أماكن ذات خطورة تتكرر فيها مآسي الحوادث مثل منعطف الصريح الشريجة ومنعطف الحويمي كرش ومدرسة قميح وجسر محصوص.

مشيرا الى خطر الانهيارات الصخرية في موسم الامطار التي تسقط من النفق الجبلي الواقع بالمحمولة بين كرش والشريجة. وأفاد ضابط المرور بأن حوادث الدعس للدواب واحيانا للاطفال تقع في الخط «لكن المصيبة ان بعض السائقين يعمد إلى الهروب » وأعطانا مواطنون وشهود عيان احصائية لنطاق اختصاصه مخيفة على نفس الخط في عدد الحوادث خلال الاشهر الماضية أدت الى وفيات واصابات جسيمة تقدر الخسائر بمبلغ تسعة عشر مليون ريال تقريباً.

وبدورهما أوضح سائقي "البيجو" سالم ناجي الصبري، ومنصور الزيلعي أنهما دائما ما يمران في طريق عدن - تعز وان الشيء المزعج فيها هو كثرة المطبات و الحوادث وبالذات في موقع كود العبادل وجسر الحسيني ومثلث العند ومنحنيات تقع بين الشريجة وعقان، وكذا تصدعات وحفر في الاسفلت المحاذي لمدينة الراهده على هذا المنوال صارت الحوادث على هذا الخط تشكل خطرا حقيقا وغولا مرعبا يخطف أرواح اليمنيين بشكل مفاجئ وأصبح عدد قتلى الحوادث المرورية في خط عدن - تعز في تزايد مستمر ومع كل ذلك لم تقف الجهات المعنية في المحافظتين وقفة جادة أمام هذه الأرقام ومعالجة الأسباب لوقف شلالات الدم.

ويشكوا السائقين من السيول الجارفة التي يصفونها بالطامات التي تهدد حياتهم في الخط الاسفلتي و التي جرفت اتجاهات الخط حتى اصبح على شفا حافة الانهيار والسقوط بفعل محافر النيس وعدم وجود دفوعات للخط في وادي نتيد وركب ثبرة.

وطالب عددا من سائقي سيارة الهيس في أحاديث متفرقة لمأرب برس بضرورة صيانة الخط من تصدعات الاسفلت التي ظهرت بعد شهرين من الانتهاء من رصفه بالاسفلت حيث قالوا ان العمل بنى على غش بدون رقابة ومتابعة،فيما قاوا ان الاسفلت السابق كان صامدا منذ عشرات السنين.

وتلقى مراسل مارب رس بلحج اتصالات وشكاوي عديدة من سكان قرى الحويمي الذين تأثرت منازلهم بفعل التفجيرات بمادة الدينمت من قبل الشركة التي تعمل لازحة جبل الحويمي وتوسعة نطاق منعطف الحويمي وقد رصدت لهم تعويضات لكنها خضعت للاحتيال وتدخلات نافذين- حسب قولهم، مؤكدين ان المشكلة ما تزال قائمة إضافة إلى ما تتعرض له "مواشيهم" حيواناتهم في الطريق والخسائر التي تلحق بهم من فعل توسعة الطريق

تساؤلات لابد منها!!

مع ختام هذا التحقيق نتساءل عن دور السلطة وأجهزة الأمن والسلطة المحلية في مسح دموع عشرات الأسر ممن كانت نهاية أهاليهم وذويهم بسبب حوادث مرورية (انقلابات ودهس واصطدام) وغيرها من الأحداث التي كان الموت ينتظرهم فيها بين الفينة والأخرى، لأكثر من سبب متداخل تتوزع مابين غياب الإرشادات المروية وضيق الطريق وكثرة وجود المنعطفات والجولات الضيقة، إضافة إلى المطبات والحفر وسوء سفلتة الطريق وكذا قلة التوعية المرورية في وقف جنون وتهور السائقين ورغم انها أقدار الله المكتوبة التي لا يمكن اعتراضها لكن للأقدار أسباب ومسببات ولكن من الاهمية بمكان وجود كل ماسبق ذكره كوسائل لتقليل من مستوى نسب الحوادث التي ينبغي تكاتف الجهود لوقف تزايدها عاما بعد عاما؟.

وتساؤل آخر نضعه أمام المختصين والرأي العام:إلى متى سنظل نذرف الدموع على المتوفين والمصابين، دون ان نقوم بالواجب الأمني والتوعوي والارشادي للتخفيف من تزايد الحوادث التي تصل الى صورة يومية مخيفة مع ايام الاعياد والمناسبات. كون ما يحدث ينذر بكارثة استنزاف بشري من جسد الأمة والحاجة ملحة لوقفه إذا ماعلمنا انه في كل ست ساعات يقتل شخص في حادث مروري وأعظم من ذلك إصابات وعاهات حسب التقرير السنوي الصادر من وزارة الداخلية.

كشف الحادث المروري الذي تعرض له موكب نائب رئيس الجمهورية حقيقة وضعية الخط الإسفلتي والدماء والجثث التي تسقط بشكل شبه يومي خصوصا في الأعياد والمناسبات والحقيقة المؤلمة التي تطرح نفسها بقوة تقول ان عدد من يموتون في الحروب ومن يموتون بالحوادث سنجد ان الموت بسبب حوادث المرور أكثر من وفيات وقتلى الحروب ووقفة اخيرة لابد منها لقد سهلت الطرق إلى منازل كبار مسئولي الدولة تم سفلتتها بأرقى الإسفلت وأحدث وسائل الرصف لكن شيئاً من ذلك لم يحدث على خط عدن - تعز المليئ بالجولات والمنعطفات الضيقة والطرق المفتقرة للإشارات الضوئية والعاكسة؟

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن