خرز: حيث تستمر معاناة اللاجئين الصومال في اليمن

الإثنين 05 يوليو-تموز 2010 الساعة 06 مساءً / مأرب برس- متابعة خاصة:
عدد القراءات 10994

تتعدد صنوف المتاعب والويلات التي يواجهها اللاجئين الصومال في اليمن منذ انطلاق رحلتهم بحرا من الصومال فرارا من جحيم الحروب المستعرة هناك ومرورا بمايلاقونه من ويلات ومخاطر البحر وتهديدات بالموت من قبل مهربيهم الذين يجبرونهم على عدم التحرك او الرؤية إلى الأمام حتى لايفقد القارب توازنه فيغرقون جميعا، ووصولاً إلى الخطر الذي يواجههم عند قذفهم في المياه من على قوارب المهربين الصغيرة التي كثيرا ماتقذفهم بقوة السلاح قبالة الشواطئ اليمنية حيث يدخلون بعدها في اشتباكات دامية مع جنود حراسة المنافذ البحرية الذين يقومون بجمعهم وترحيلهم إلى مخيمات اللاجئين بالقوة .

وحسب مصادر أمنية فقد أوقعت تلك الاشتباكات الدامية التي كثيرا ما اندلعت بينم جنود الامن والصومال الواصلين عبر المنافذ البحرية- التي يدخلون منها - عددا من القتلى والجرحى بين صفوفهم. 

وتأتي تلك الإشتباكات على إثر رفض الصومال التوجه إلى مخيمات اللاجئين الموزعة في أبين وعدن ولحج التي تحتضن مخيم خرز حيث العدد الكبير من اللاجئين في اليمن..

ونقل موقع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عن اللاجئة الصومالية في المخيم منى عثمان أحمد قولها في وصف حياتها في اليمن:

 "يتم أحياناً دفعي إلى الخلف في طابور توزيع المساعدات الغذائية الخاصة ببرنامج الأغذية العالمي. كما يقوم الناس في بعض الأحيان بقذف منزلنا بالحجارة في منتصف الليل مما يبث الرعب في أنفسنا،" بهذه الكلمات بدأت فبعد ثمانية عشر عاماً من مغادرتها الصومال فراراً من ويلات الحرب، لم تعثر أسرة منى على السلام بعد في مخيم خرز الواقع في نطاق مديرية طورالباحة بمحافظة لحج وعلى بعد حوالي 150 كيلومتراً غرب محافظة عدن.

وأضافت قائلة: "لا نحظى بأي احترام هنا لأننا الوحيدون من قبيلتنا. لا نستطيع أن ندخل في خلاف مع أحد أو أن ندافع عن أنفسنا إذا ما تعرضنا للغش أو الخداع. وإذا فعلنا، فإن الجميع يتحد ضدنا".

وأفراد أسرة منى هم الوحيدون بين سكان المخيم البالغ عددهم 16,800 نسمة الذين ينحدرون من قبيلة برعاوي القادمة من بلدة صغيرة تحمل الاسم نفسه تقع على ساحل جنوب شرقي الصومال على بعد 100 كيلومتر جنوب غرب العاصمة مقديشو. ويبدو أن المشاكل التي كانت تواجهها الأسرة هناك تطاردها حتى في اليمن.

وتحكي منى عن أوضاعها في الصومال قائلة: "كان زوجي صائغاً غنياً بالقرب من مقديشو، ولكنه تعرض لهجوم على يد رجال من قبيلة هابا غدير أسفر عن مقتل خمسة من إخوته ونهب كل الذهب الذي كان يملكه". وبعد تعرض ثلاثة من إخوتها أيضاً للقتل وشقيقتها للاغتصاب أمام عينيها، قررت منى وزوجها اصطحاب أطفالهما والفرار من الصومال.

ولكن حتى في مخيم خرز للاجئين في اليمن لا تزال المشاكل القبلية قائمة بين السكان الذين يشكل الصوماليون غالبيتهم. وفي محاولة منها لحل هذه المشكلة، تدخلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لدعم انتخابات حرة وديمقراطية لتحديد قادة المجتمع.

إدارة المخيم

وقال عبد الرحمن فدعق، موظف خدمات المجتمع بمكتب المفوضية باليمن أن "المفوضية استجابت لمطالب اللاجئين بتمثيل حقيقي من قبل قادة يختارهم المجتمع بطريقة شفافة".

وفي شهر نوفمبر 2008، بدأت المفوضية وشركاؤها من المنظمات غير الحكومية العمل بالتعاون مع سكان المخيم على إضفاء الطابع الديمقراطي على قيادة المخيم. ولكن يبدو أن ذلك لم يكن مجدياً بالقدر الذي أريد له، حيث قال فدعق: "بدأنا نقلص تعاملنا مع زعماء القبائل بعد أن وصلتنا عدة شكاوى من سكان المخيم يقولون فيها أن القادة لا يمثلونهم فعلاً".

ويتكون المخيم من 59 مجموعة سكنية من الخرسانة و20 مجموعة من الخيام تتكون كل مجموعة منها من 25 ملجئاً. وتقوم كل مجموعة بانتخاب قائد وقائدة لها. ومن هؤلاء المنتخبين، يتم ترشيح 10 قادة (خمس نساء وخمسة رجال) للمجلس الأعلى الذي يمثل سكان المخيم أمام المنظمات الإنسانية والحكومة.

كما يقوم قادة المجموعات بانتخاب خمس لجان فرعية هي اللجنة الفرعية للتعليم التي تعمل بالتنسيق مع منظمة إنقاذ الطفولة غير الحكومية الدولية، واللجنة الفرعية للصحة التي تعمل بالتنسيق مع الجمعية الخيرية للرعاية الاجتماعية، واللجنة الفرعية للمياه والصرف الصحي التي تعمل بالتنسيق مع جمعية التضامن الإنساني واللجنة الفرعية المعنية بالرعاية الاجتماعية التي تعمل بالتنسيق مع منظمة الأدفنتست للتنمية والإغاثة (أدرا) واللجنة الفرعية للمواد الغذائية التي تعمل بالتنسيق مع برنامج الأغذية العالمي وجمعية التضامن الإنساني.

ويجتمع المجلس الأعلى مع اللجان الفرعية مرة واحدة في الشهر لمناقشة أية مشاكل. وأوضح فدعق أن "شركاء المفوضية جزء من هذه اللجان من أجل تعزيز الحوار بين المستفيدين ومقدمي المساعدات".

ويعرض قادة المجموعات قضاياهم أمام المجلس الأعلى أو إلى اللجان الفرعية وكذلك من خلال اجتماعات تنسيقية شهرية مع جميع الوكالات الشريكة العاملة في المخيم. وفي حالة أي تأخر تتدخل المفوضية.

يتأمل عثمان حاجي عبد الله، رئيس المجلس الأعلى، الطابور خارج مأوى الخرسانة الذي يسكنه، قائلاً: "اعتدت أن أكون رجلاً حراً، أما الآن فأنا أستقبل باستمرار الناس الذين يعانون من مشاكل بخصوص بطاقاتهم التموينية أو من أمراض ويشكون من المعاملة التي يتلقونها من المستشفى. إنه عمل شاق وأنا لا أحصل على ما يكفي من النوم".

مع ذلك، أصر عبد الله على إلقاء الضوء على التقدم الذي تم في ظل نظام التسيير الجديد للمخيم، مشيراً إلى أن "المرضى كانوا مجبرين على الاصطفاف في طابور لانتظار الكشف منذ الساعة الثالثة صباحاً. ولكننا غيرنا ذلك بحيث أصبح بإمكانهم تسجيل أسمائهم للحصول على موعد في السابعة والعودة عندما يكون الطبيب مستعداً للكشف عليهم". وأضاف أن توزيع المواد الغذائية لبرنامج الأغذية العالمي يتم الآن عبر مجموعات لتفادي الوقوف الطويل في الطوابير تحت أشعة الشمس الساطعة.

وأشار عبد الله إلى أن "الكثير من الناس جاؤوا إلى هنا بسبب المشاكل القبلية والتمييز في الوطن. نحن نعيش الآن في ديمقراطية مثل الإخوة ونادراً ما تحصل أية مشاكل".

وأوضح فدعقأن انتخاب المجلس الأعلى حسن تمثيل اللاجئين وحد من سلطة الزعماء الذين نصبوا أنفسهم بأنفسهم والذين كثيراً ما كانت المفوضية تستقبل شكاوى عن فسادهم. واقر أن "التدخلات القبلية لا تزال تشكل خطراً على جميع الأنشطة الجارية في المخيم" ولكنه عبّر عن أمله في أن تنجح انتخابات نوفمبر 2010 في إنشاء بنية تمثيلية "مع الحد من المنافسة على السلطة بين زعماء مجموعات اللاجئين وقادة القبائل".

ولكن لا يبدو الجميع متفائلين مثل فدعق حيث قالت منى: "لا اعتقد أن قادة المجموعات يستمعون لنا. فالمشكلة تكمن في كوننا أقلية ولا أحد يحترمنا. ولذلك نفضل البقاء بعيدين عن الآخرين".

 
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن