الفنان السعدي لمأرب برس: على الحكومة أن تهتم بالفنانين والمبدعين اليمنيين لأنهم وجه اليمن الحقيقي

الإثنين 16 فبراير-شباط 2009 الساعة 04 مساءً / ماجد الداعري - مأرب برس : خاص
عدد القراءات 7046

خالد السعدي فنان عربي الهوية, عدني المولد والنشأة, يميني العشق والهوى. ومبدع عشق الفن طفلا, وأدمنه شابا, واعتنقه كرسالة مقدسة هي الغذاء الحقيقي للروح بالنسبة له ـ كما يقول.

ولد الفنان اليمني خالد السعدي في عدن, ونشأ وترعرع في أسرة فنية, وفي مرحلة ذهبية للغناء اليمني والعربي بشكل عام, وعايش وتعايش منذ بدايته الفنية الأولى مع عمالقة الأغنية اليمنية, ورموز عصرها الذهبي, في منتصف ستينيات وسبعينيات القرن المنصرم, ليقتحم بعدها, عالم الفن الذي طالما راوده ذلك كحلم كبير منذ نعومة اضافره ـ من أوسع أبوابه, بعد خوضه غمار تجارب الفن, عبر تلك الأعمال الفنية المشتركة, و \"الكورسات\" الفنية التي جمعته مع كبار نجوم الأغنية العدنية واليمنية حينها أمثال صباح منصر, وأحمد ابن احمد قاسم, وأحمد السنيدار, ومحمد محسن عطروش, والمرشدي, ومحمد سعد عبدالله , ومحمد حمود الحارثي,علي السمة الذي جمعتهما صداقة حميمة وكان فيها السمى اعز أصدقاءه ـ كما يقول الفنان السعدي في حوار فني خالص لـ(مارب برس).

ولد ودرس الفنان اليمني/ خالد السعدي مراحله الدراسية الأولى في عدن, قبل أن تقحمه ظروف الحياة, وتداعياتها في معترك البحث عن الذات الفنية والمادية التي يحلم بالوصول اليها, فضل يتنقل بين أكثر من بلد عربي, عازما على الوصول إلى طموحه الفني, واقتحام مهرجانات الفن العربي, بعد تمكنه من كسب صداقات حميمة واسعة مع عددا كبيرا من نجوم الفن والمسرح والسينما والشعر والأدب, في ربوع الوطن العربي الكبير, مكنته كما يقول ـ من خوض أكثر من تجربة فنية في الحضور والمشاركة في أكثر من بلد ومهرجان عربي ودولي, متغنيا بأعمال كبار الفنانين اليمنيين والعرب, ومشاركا العمالقة في عددا كبيرا من أعمالهم الفنيةـ كما يعلل سر نجاحه الفني, وما مكنه من المشاركة في أكثر من مهرجان عربي ودولي, وحصوله على أكثر من جائزة عربية ودولية في الغناء,.وعلى عكس الكثير من زملاءه الفنانين في اليمن, المقتنعين بتخزينهم للقات, ودندنتهم للعود, وما يلاقونه من تصفيقات 4 ـ10 من مرتادي مخادرهم, وحفلات الأعراس التي يكتنفون بإحيائهم لها, وما يحققوه من مردود مشاركاتهم فيها ـ كما يشخص علة الفنان اليمني, وسبب تأخره عن الوصول إلى مطاف العربية والعالمية ـ كما ينبغي على كل فنان حقيقي يهوى الفن حقيقة ويدرك ما لرسالته من قدسية ـ كما يقول الفنان السعدي, منتقدا بشدة محدودية الطموح لدى غالبية الفنانين اليمنيين, واقتصاره على الوصول إلى محيط البلد أو المحافظة والمدينة التي يقيم فيها الفنان اليمني. مطالبا في الوقت نفسه ـ الحكومة اليمنية, ووزارة الثقافة الاهتمام بالفنانين والمبدعين اليمنين, باعتبارهم وجه اليمن الحقيقي, وممثلي اليمن ثقافيا وحضاريا.

قبل أن يتنقل بنا في أجواء حواره الفني الهادف الى أكثر من بلد ومهرجان عربي ودولي شارك فيه, وتغنى على خشبة مسارحه وصالته الفنية بأروع الأغاني اليمنية والعربية, ممثلا فيها اليمن والفن اليمني والعربي خير تمثيل ـ سيما بعد أن غنى وتغنى بالحان كبار عمالقة الألحان والغناء العربي كالياس الرحباني من لبنان, وبليغ حمدي من مصر,وجميل العاص من الأردن, وأمل عرفة من سوريا, وغيرهم , وفي أكثر من بلد ولهجة عربية, وبشهادة واعتراف من أبناء كل بلد غنى فيه بلهجته والحان وكلمات فنانيه وشعرائه, وفي واحدة من أكثر الدلائل الفنية على نبوغه وإبداعه وأحادية قدراته الفنية التي ميزته عن غيره من الفنانين, وجعلته يلغي كل معاني الهوية الجغرافية العربية, ويكفر بالحدود, وتذاكر السفر العربية ـ معتبرا الوطن العربي بلد واحد, تجمع أبنائه وحدة الدين الإسلامي والهوية العربية, واللغة الواحدة, كما يقول في تعريفه لنفسه, ورفضه لفكرة الانتماء إلى بلد معين, كون كل الوطن العربي الذي عاش وغنى وتنقل فيه ـ بلده وموطنه الأول والأخير, ولذلك فانا فنان عربي ت يقول الفنان السعدي في تعريفه المتواضع بشخصه الكريم.

قبل أكثر من 30 عاما على مغادرته لعدن ـ المدينة التي احتضنته طفلا, وتلمذته فنا وتعليما وإبداعا ـ كما يقول عنهاـ استقر الفنان العربي خالد السعدي في الإمارات العربية المتحدة \"ابوظبي\" هو وولده وزوجته اليمنية \"أم لؤي\" الذي يعمل مخرجا إذاعيا في إذاعة \"ابوظبي\", بعد حصوله ووالده وأمه وأخيه الوحيد صقرـ 32عام الذي يعمل هو الآخر ظابطا في شرطة مدينة \"أبوظبي\" على الجنسية الإماراتية منذ أن استقر الفنان خالد السعدي في الإمارات , والتحاقه بوظيفة محترمة في بنك \"أبوظبي\" ينتظر العام القادم إجازته التقاعدية منهاـ حسب قوله ـ وليتمكن بعدها ـ وبفضل مايحصل عليه من مرتب شخصي من حضور المهرجانات العربية, والتعرف على نجوم الفن والإبداع العربي في مختلف الدول العربية, والتقرب من عمالقة الغناء العربي وجيل الأصالة الفنية الذي سار على نهجهم الفني وأصالتهم الحقيقيةـ حاصدا بذلك أكثر من جائزة عربية ودولية, عل أبرزها جائزة الأغنية العربية في مهرجان القاهرة الدولي للأغنية العربية والدولية, الذي أقيم مؤخرا في مصر العربية. وقبل عودته المفاجأة إلى اليمن ـ العام قبل الماضي ـ لاطمئنان وزيارة الفنان اليمني/ يوسف احمد سالم ,صديقه العزيز, واحد كبار نجوم الأغنية العدنية واليمنية سابقا ـ وقبل تفاجؤه برؤيته مقعدا داخل منزله بعدن, يواجه موت بطيء على فراش المرض والإهمال في بلده اليمن, التي غنى وتغنى بأمجادها وتراثها الفني والحضاري العريق ـ حسب وصفه ـ بعد عجزه وأسرته عن دفع تكاليف ترحيله للعلاج في الخارج, ليتولى ترحيله وقطع تذاكر سفر لنقله إلى الإمارات العربية المتحدة لتلقي العلاج في إحدى مستشفيات \"ابوظبي\" على نفقته الخاصة,ومن مرتبه الوظيفي ـ وحتى فارق الحياة في منزله هناك بعد ثلاثة أشهر من العلاج والرعاية, والصراع مع الأمراض التي تكالبت عليه, نتيجة الإهمال والتسيب وتقدم السن ـ ليقرر السعدي من حينها عازما ـ متابعة أحوال وظروف زملاءه الفنانين والمبدعين في اليمن, وتلمس أحوالهم وهمومهم ومعاناتهم, عبر تقديمه شخصيا مساعدات مالية وعينية لهم, وتوليه رعاية مهرجان تكريم سنوي للفنانين والمبدعين اليمنيين ـ على نفقته أيضا, وتعريفهم بنخبة من نجوم الفن العربي لتعميق الصداقة والتعارف والاستفادة من تجارب وقدرات كل منهم ـ وكما كان عليه الحال الأسبوع قبل الماضي, حينما تولى تكريم كل من الفنانين والشعراء اليمنيين على صالة فندق \"ميركيور\" السبت قبل الماضي بعدن ـ بمبالغ مالية لم يحدد قدرها .من الفنانين : ابوبكر سكاريب, والراحل يوسف احمد سالم, ومحمد محسن احمد, إضافة إلى الشعراء: عبدالله عبدالكريم, ومحمود الحاج, من صنعاء, وعبد الرحمن إبراهيم, ومحمد ناصر الشراء, ومختار المقطري, وغالب الحكيمي, وبحضور نخبة من نجوم الفن المصري ـ تولى شخصيا اصطحابهم إلى اليمن والتكفل بنقلهم ومصاريف إقامتهم وعودتهم إلى مصرـ بعد مشاركتهم ـ كضيوف شرف لحفل التكريم هذا العام, وفي الذكرى الثانية لمهرجان تكريم الفنانين والمبدعين اليمنيين الذي يتولى رعايته, بمفرده, ودونما مشاركة أو تفاعل من وزارة الثقافة اليمنيةـ كما يقول معرفا بطبيعة زيارته والوفد الفني المصري المرافق له, بقيادة الفنانة المصرية/ فاطمة عيد, وزوجها العميد والفنان/ شفيق الشائب ـ والد الفنانة المصرية شيماء الشائب, إضافة الى الفنانة المصرية / لمياء نصر, والراقصة/ نجوى فؤاد. متمنيا من وزارة الثقافة والقائمين عليها, والجهات المختلفة في عدن وغيرها من المحافظات الاخري ـ إلى التفاعل معه ودعم فكرته التي تصب في صالح الفن والإبداع اليمني, و خدمة الأغنية اليمنية وروادها. وباعتبار اليمن هي المستفيد الحقيقي من هذا التشجيع والإلتفاته الكريمة إلى مبدعيها وفنانيها وروادها.

مشيرا إلى أن الكحلاني ـ محافظ عدن السابق قد أبدأ تفاعله مع فكرته, واعطاه وعدا بتقديم دعما للمكرمين في هذا العام , والعام الماضي ـ إلا انه ـ كما يقول ـ قد تغير قبل أن يوفي بوعده له, مما جعله اليوم يفكر بالوصول إلى المحافظ الحالي لعدن د/ عدنان الجفري لطرح فكرة المساهمة في نفقات التكريم والدعم المادي الذي يقدمه من راتبه الشخصي لمن سيتم الإقرار بتكريمهم الأعوام القادمة ـ وفقا لضر وفهم الصحية وإمكانياتهم المادية ـ حسب قوله.

رغم غربته التي طالت إلى أكثر من 30 عاما, وتجاوزه للعقد الخامس من العمرـ إلا أن الفنان خالد السعدي ـ لم يتأثر بعد بتجاعيد الغربة, وديموجرافيا الأمكنة أو العمر والنسيان, التي تداهم الإنسان اليمني منذ وقت مبكرـ ولعل لمقاطعته المبكرة \"للقات\" سببا في ذلك, وعلاقة كبيرة في احتفاظه بصوته وقدراته الفنية الفريدة التي تمكنه من التغني وإجادة لهجة والحان وكلمات كل بلد عربي. إضافة إلى احتفاظه بقدراته على تذكر تفاصيل الأمكنة, والسنين, والذكريات الحميمة التي جمعته بعمالقة الغناء العربي محليا وعربيا ـ أمثال / محمد عبدالوهاب وفريد الاطرش وعبدالحليم حافظ,والسيد درويش, والياس رحباني وبليغ حمدي وغيرهم من نجوم الفن والغناء العربي الأصيل, والذي يغني فيه الفنان بحس صادق وشعور فني تجعله يدرك ويحس بحرارة ونبض كل كلمة وحرف ونغم يخرجه من قلبه الصادق لكي يطرب جمهوره بسحر كلماته وألحانه الرائعة, وليس لكي يكسب أكثر, أو ينقاد خلف شركات الإنتاج والتسجيل التي تسعى إلى الهدف الربحي لا أكثر, من خلال محاولتها إظهار السفور والتعري والابتذال على حساب الكلمة الرائعة, وأصالة اللحن والفن ورسالة الفن المقدسة ولكي تغري الفنان بمردود فني أكثر مقابل ذلك ـ كما يقول في رؤيته لاغاني الفيديو كليب, وأسباب انجرار كثيرا من الفنانين إليها, و بمن فيهم كثيرا من الأصوات الفنية الناجحة أيضا. وبالرغم من حصول الفنان العربي اليوم على مردود مادي أكثر مما كان يتقاضاه فنانو الأمس, بعد مشاركتهم في تمثيل أفلام ومسلسلات وإحيائهم لحفلات فنيةـ مقابل مبلغ زهيد جداـ كما يقول السعدي في تقييمه لواقع الفنان اليمني والعربي أيضا .

يتذكر الفنان السعدي أن أول عمل فني مشترك جمعه في تجربة غناء (الديوتو) كانت مع الفنانة المصرية فاطمة عيد, حينما غنى بالتعاون معها أغنية (صدفة التقينا) للفنان اليمني احمد ابن احمد قاسم, وقدمها والفنانة المصرية فاطمة عيد باللهجة اليمنية, فنالت نجاحا كبيرا, قبل أن تتكرر التجربة مرة أخرى بتعاونها معها في تقديم أغنية (علي لوز) المصرية وباللهجة المصرية أيضا.

وعن أعماله المستقبلية يكشف الفنان السعدي لـ(مارب برس) عن مشروع عمل (ديوتو) فني مشترك يجمعه بالفنانة المصرية الشابة/ شيماء الشائب, وأمها الفنانة فاطمة عيد, وأبيها العميد/ شفيق الشائب. في أغنية اجتماعية مشتركة, تتولى فيها الشابة شيماء دور الطفلة المدللة من قبل والديها, ثم يتولى هوـ عمها في كلمات الأغنية ـ دور الناصح والمرشد لوالدها.

معتبرا أن وضع الفنان اليمني اليوم ـ كوضع غيره من الفنانين العرب, باستثناء محدودية الطموح للفنان اليمني مقارنة بغيره من الفنانين العرب, إضافة إلا أن حال الأغنية اليمنية أيضا ـ كشأن الأغنية العربية بشكل عام, تأثرت وتغيرت بماحولها من تغيرات وتأثرت طرأت مؤخرا على واقع الفن والأغنية العربية عموما. سلبا وإيجابا.

في دور رابع من إحدى عمارات شارع المعلا الرئيسي ـ حيث شقة إحدى شقيقاته كان لقاءنا بالفنان السعدي, بعد انتظار ومواعدة طالت إلى أكثر من يوم. الحادية عشر من صبيحة السبت الماضي كان موعدا مع حوار فني معه. وكان لزاما علينا أن نصعد سلالم عمارة قرنية العمر,بدأت عوامل التعرية والملوحة تكشف للداخل تشققات في جوانب العمارة ودرجات سلالمها المتفرعة, قبل أن نتوه في عتمة تفرعاتها, ومسالكها المخيفة. قبل أن تستقبلنا أصداء صوته القادمة من أعلى درجات سلم الدور الرابع حيث كان لقاءنا به في مدة تزيد على ساعة لم يدعنا فيها هاتفه الخلوي لحظة للتنقل بين اسالتنا كما كنا نريدـ لكن لخفة دمه, وبساطته في التعامل, دفعته أكثر من مرة إلى التعبير عن إعجابه بكل الأسئلة والاستفسارات الفنية التي طرحت عليه في لقاءنا به ـ ودونما تبرم اواستعجال منه كما كان توقعنا المسبق,وباعتبارنا شباب, نعد صغارا على تاريخه الفني, وما قدمه للأغنية العربية و اليمنية وفنانيها من خدمة و ادوارـ حري بوزارة الثقافة والجهات المسؤولة في اليمن ـ أن تعيد النظر مرة أخرى في إقامة حفل تكريمي يرقى إلا مستوى ماقدمه لفنانين اليمن والأغنية اليمنية والعربية بشكل عام

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن