تفاصيل الخطة الخليجية الإسرائيلية لإعادة تأهيل بشار الأسد

الأربعاء 09 يناير-كانون الثاني 2019 الساعة 08 مساءً / مأرب برس -عربي 21
عدد القراءات 4371

 

كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تفاصيل مرعبة عما قال إنها "خطة خليجية إسرائيلية مشتركة لإعادة تأهيل الرئيس السوري بشار الأسد" وإعادته إلى جامعة الدول العربية وذلك بهدف تهميش النفوذ الإقليمي لتركيا وإيران.

وبحسب التقرير الذي أعده الصحفي البريطاني المتخصص بشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيرست، " فإن السعودية والإمارات ومصر أعدوا خطة بالتعاون مع إسرائيل للترحيب بعودة الرئيس السوري بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية وذلك بهدف تهميش النفوذ الإقليمي لتركيا وإيران.

ونقل الموقع عن مصادر خاصة قولها إن "رئيس الموساد الاسرائيلي يوسي كوهين التقى الشهر الماضي بمسؤولين سعوديين وإماراتيين ومصريين لمناقشة سبل مواجهة النفوذ التركي في المنطقة، وانتهوا إلى خطة إعادة الأسد إلى الجامعة العربية".

وفي ما يلي النص الكامل للتقرير كما نشره موقع "ميدل إيست آي"، وترجمته "عربي21":

بإمكان "ميدل إيست آي" أن تكشف بناء على معلومات حصرية أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر أعدت خطة بالتعاون مع إسرائيل للترحيب بعودة الرئيس السوري بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية وذلك بهدف تهميش النفوذ الإقليمي لتركيا وإيران.

تم الاتفاق على المبادرة الدبلوماسية في اجتماع سري عقد في إحدى عواصم الخليج الشهر الماضي، شارك فيه كبار المسؤولين في أجهزة المخابرات من أربعة بلدان، بما في ذلك يوسي كوهين، مدير الموساد، بحسب ما صرحت به لصحيفة ميدل إيست آي مصادر خليجية على اطلاع بتفاصيل اللقاء.

كما يأتي انعقاد اللقاء رداً على "البرود" الملموس في العلاقات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرياض منذ جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر / تشرين الأول.

وقف ترامب في العلن إلى جانب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والذي تقول وكالة المخابرات الأمريكية (السي آي إيه) وأعضاء في الكونغرس الأمريكي إنه يتحمل المسؤولية عن قتل خاشقجي.

إلا أن مسؤولاً على معرفة باللقاء قال إن مسؤولي المخابرات قيل لهم إن "ترامب فعل ما يستطيع وإنه لن يفعل أكثر".

كما اتفق المسؤولون في اللقاء على أنهم يعتبرون تركيا، وليس إيران، هي الخصم العسكري الرئيسي في المنطقة، وناقشوا خططاً الهدف منها مواجهة النفوذ التركي.

وقال الإسرائيليون في اللقاء إن إيران بالإمكان احتواؤها عسكرياً، أما تركيا فلديها قدرات أكبر بكثير. ونقل عن كوهين قوله أثناء الاجتماع: "إن القوة الإيرانية هشة. أما مصدر التهديد الحقيقي فيأتي من تركيا".

وفي سبيل التعامل مع هذه المسائل، اتفق المشاركون في اللقاء على أربعة إجراءات.

المحادثات مع الطالبان

أما الإجراء الأول فهو مساعدة ترامب في مساعيه لسحب قوات الولايات المتحدة من أفغانستان حيث مايزال ما يقرب من أربعة عشر ألف جندي أمريكي منتشرين هناك لدعم قوات الحكومة الأفغانية التي تقاتل الطالبان والجماعات المتشددة الأخرى.

وكان اجتماع قد عقد في أبو ظبي الأسبوع التالي حضره مسؤولون من الولايات المتحدة ومسؤولون من الطالبان لإجراء محادثات بوجود مسؤولين من كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والباكستان.

وأما الإجراء الثاني فكان بهدف "التحكم بالورقة السنية" في العراق، والذي يقصد منه الجهود التي تبذل لتقليص نفوذ تركيا داخل تحالف المحور الوطني، أكبر كتلة برلمانية من النواب السنة في البرلمان العراقي.

ما لبثت الضغوط أن مورست جراء ذلك على محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان العراقي، في أول زيارة رسمية يقوم بها إلى الرياض في السابع عشر من ديسمبر / كانون الأول.

خلال زيارته، التقى الحلبوسي بثامر السبهان، السفير السعودي السابق في العراق، حيث ضغط السبهان على الحلبوسي مخيراً إياه بين أن يعمد إلى تقليص نفوذ تركيا على تحالف المحور الوطني أو أن ينسحب منه تماماً.

ونتيجة لذلك دب الذعر داخل الكتلة بعد أن عارض الحلبوسي ترشيح صباح الطائي لمنصب وزير التربية في خضم مفاوضات تجري لتشكيل الحكومة الجديدة في البلاد.

ثم ما لبث أن رشح عضو آخر في تحالف المحور الوطني، صلاح الجبوري، لذلك المنصب يوم الثلاثاء.

طريق عودة الأسد إلى جامعة الدول العربية

والإجراء الثالث الذي تمت مناقشته كان المبادرة الدبلوماسية لإعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين الدول العربية الثلاث والرئيس السوري بشار الأسد.

وناقش رؤساء أجهزة المخابرات في اجتماعهم الرسالة التي أرادوا إيصالها إلى الأسد، الذي اعتمد بكثافة على الدعم العسكري الإيراني وعلى مقاتلي حزب الله المدعوم من قبل إيران خلال الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد.

قال مسؤول خليجي أحيط علماً بتفاصيل المباحثات: "لم يتوقعوا من بشار قطع العلاقات مع إيران، ولكنهم أرادوا من بشار استخدام الإيرانيين بدلاً من أن يكون هو المستخدم من قبلهم. كانت الرسالة على النحو التالي: عد إلى الكيفية التي كان والدك يتعامل من خلالها مع الإيرانيين، على الأقل كند يجلس إلى الطاولة، بدلاً من أن تكون صاغراً للإيرانيين وخادماً لمصالحهم".

تتابعت الزيارات بعد اللقاء الاستخباراتي. وكان منها وصول الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق في السادس عشر من ديسمبر / كانون الأول في أول زيارة رسمية يقوم بها زعيم عربي منذ عام 2011 وفي تحرك ما كان له أن يحصل لولا علم وموافقة الرياض كما يقول المحلل المختص بالشؤون السورية كمال علم، الذي يكتب في "ميدل إيست آي".

كما قام علي الشامسي، نائب رئيس المخابرات الإماراتية، بزيارة إلى دمشق استغرقت أسبوعاً، وفي السابع والعشرين من ديسمبر / كانون الأول أعلن الإماراتيون إعادة فتح سفارتهم بعد ثمانية أعوام.

في نفس اليوم، أعلنت البحرين، والتي تنسجم مواقفها مع مواقف كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أنها ستعيد بعثتها الدبلوماسية إلى دمشق.

وقبل ذلك بثلاثة أيام، قام علي مملوك، المستشار الأمني الخاص للأسد، بزيارة علنية نادرة إلى القاهرة، وقد علمت صحيفة ميدل إيست آي من مصادرها أنه يتوقع قريباً الإعلان عن التطبيع الكامل للعلاقات بين البلدين.

تريد مصر من الحكومة السورية أن تعلن أن أعداءها الرئيسيين هم تركيا وقطر والإخوان المسلمين، بحسب ما صرحت به المصادر.

 

تتضمن المبادرات تجاه الأسد تحديد مسار عودة نظامه إلى جامعة الدول العربية ودعم الدول العربية لدمشق في معارضة الوجود العسكري التركي في شمال سوريا، حيث تم نشر القوات التركية في مواجهة مقاتلي وحدات حماية الشعب التي يقودها الأكراد.

ويقال إن الجزائر أبدت رغبة في دعوة الأسد للمشاركة في القمة القادمة لجامعة الدول العربية في تونس في شهر مارس / آذار، وذلك بعد مرور سبعة أعوام على تعليق عضوية سوريا في الجامعة.

دعم الأكراد ضد تركيا

وأما الإجراء الرابع الذي تم الاتفاق عليه في اللقاء فكان دعم أكراد سوريا ضد المساعي التركية لطرد وحدات حماية الشعب ونظيرها السياسي حزب الوحدة الديمقراطي من الحدود التركية بعيداً وصولاً إلى الحدود العراقية.

كما وافق رؤساء أجهزة المخابرات على تعزيز العلاقات مع حكومة إقليم كردستان العراق والحيلولة دون أي مصالحة مع أنقرة منذ إخفاق استفتاء الإقليم، الذي يتمتع بما يشبه الحكم الذاتي، على الاستقلال عام 2017.

وحسبما ما صرح به المسؤول الخليجي فإن "السعوديين لا يرغبون في أن يكونوا في طليعة الجهد الدبلوماسي الذي يستهدف الأسد بالتودد، ولكنهم وافقوا على السياسة التي تقضي بالسعي إلى تمكين الأسد بهدف إضعاف تركيا".

لا يوجد لدى إسرائيل تواصل مباشر مع الأسد، ولكنها تستخدم رجال أعمال سوريين، نصارى وعلويين، كوسطاء.

وهي نفس المجموعة التي لعبت دوراً في إعادة العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة ودمشق. وفي سبيل إيصال رسالتها إلى الأسد، ومفادها أن عليه أن يستقل عن إيران، شنت إسرائيل سلسلة من الهجمات الجوية على ما يزعم أنها إمدادات أسلحة إيرانية إلى حزب الله في نفس ذلك اليوم الموافق للسابع والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر الذي أعلنت فيه الإمارات العربية المتحدة عن قرارها إعادة فتح سفارتها في العاصمة السورية.

  

وكان الاجتماع أيضاً رداً على الأزمة التي تشهدها العلاقات الأمريكية السعودية بسبب قضية اغتيال خاشقجي.

سعى الإماراتيون لترتيب لقاءات مع السي آي إيه

يذكر أن محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، والذي يوصف بأنه أشبه ما يكون بالمربي لنظيره السعودي الذي يصغره سناً، يتصدر الجهود التي تبذل لإصلاح العلاقات المضطربة بين البيت الأبيض والديوان الملكي في الرياض. 

في البداية تدخل محمد بن زايد لإصلاح العلاقات بين الملك سلمان وابنه محمد بن سلمان. فقد غضب الملك غضباً شديداً عندما سمع بالدور الذي لعبه ابنه في جريمة قتل جمال خاشقجي. وقد لوحظ غياب محمد بن سلمان من اللقاء الذي جمع ما بين الملك ومحمد بن زايد في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر.

ثم، بعد العرض الذي قدمته مديرة السي آي إيه جينا هاسبيل لعدد مختار من أعضاء الكونغرس الأمريكي وحملت فيه محمد بن سلمان المسؤولية عن جريمة قتل خاشقجي، أوعز محمد بن زايد إلى شقيقه ومستشاره للأمن القومي طحنون بن زايد طلب لقاء مع هاسبيل.

وعلم موقع "ميدل إيست آي" أن طلبه قوبل بالرفض. وعلى إثر فشل تلك المحاولة، أرسل محمد بن زايد ابنه خالد إلى واشنطن، حيث تم الاتفاق على يوم للقاء هاسبيل، إلا أن اللقاء لم يتم، كما علمت ميدل آيست آي من مصادرها.

 

تواصلت "ميدل إيست آي" مع السي آي إيه ومع السفارة الإماراتية في واشنطن للحصول على تعليق منهما.

قبل شهر من ذلك، رأي جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي، محمد بن زايد، إلا أن اللقاء بين الرجلين أخفق في التوصل إلى مخرج من المأزق.

وكانت "ميدل إيست آي" قد ذكرت في تقرير سابق لها كيف أن المسؤولين السعوديين سعوا إلى الحصول على دعم ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنجامين نتنياهو لسلسلة من المبادرات التي تستهدف تقليل الخسائر الناجمة عن تحول مسألة تورط محمد بن سلمان في جريمة قتل خاشقجي إلى قضية دولية استحوذت على اهتمام وسائل الإعلام عبر العالم.

ومن بين المبادرات المقترحة مصافحة على نمط كامب دافيد بين نتنياهو وولي العهد السعودي.

إلا أنه نما إلى علم ميدل إيست أي أن تلك الجهود أخفقت بسبب إدراك البيت الأبيض أن النهوض لنجدة ولي العهد الذي باتت سمعته ملطخة قد يجلب المزيد من المتاعب، ولذا فهو لا يستحق العناء.

يبدو أن المسؤولين الأمريكيين بدأ صبرهم ينفذ إزاء تعامل الرياض مع التحقيق السعودي في مقتل خاشقجي، وقد نقل عن مسؤول كبير آثر عدم الإفصاح عن هويته القول يوم الجمعة إن التحقيق السعودي يفتقد المصداقية ولا يخضع للمساءلة.

تصادفت هذه التعليقات مع إعلان وزارة الخارجية الأمريكية أن وزير الخارجية مايك بومبيو سيزور الرياض في وقت لاحق من هذا الشهر، وستكون هذه هي الزيارة الثانية له إلى العاصمة السعودية منذ وفاة خاشقجي.

وكان بومبيو نفسه قد قال مراراً وتكراراً إنه لا يوجد دليل مباشر على وجود رابط بين محمد بن سلمان وجريمة القتل.

بعد زيارة بومبيو الأولى في أكتوبر / تشرين الأول، نشرت صحيفة ميدل إيست آي تقريراً جاء فيه أنه جلب معه خارطة طريق تهدف إلى وقاية ولي العهد من تداعيات الجريمة.

في نفس ذلك اليوم الذي حصلت فيه الزيارة دفع السعوديون للأمريكان مائة مليون دولار، إلا أن مسؤولاً أمريكياً قال في تصريح لصحيفة نيويورك تايمز إن ذلك كان محض مصادفة.

تواصلت "ميدل إيست آي" مع الحكومة الإسرائيلية للحصول على تعليق منها كما تواصلت مع السفارتين السعودية والمصرية في لندن، ولكن لم يصلها رد من أي من هذه الأطراف حتى لحظة نشر هذا التقرير.