عبدالله الأحمر.. من السجن إلى الثورة إلى بناء اليمن وترويض المؤسسة القبلية

الأحد 30 ديسمبر-كانون الأول 2007 الساعة 09 صباحاً / مأرب برس - صنعاء:- صادق السلمي – الوطن
عدد القراءات 7645

ترافقت وفاة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر مع توقعات شعبية عززها في الأشهر الثلاثة الأخيرة من حياته تضارب المعلومات حول حقيقة وضعه الصحي الذي أخذ في التدهور عقب تعرضه لمضاعفات مرضية سببها معاناته المزمنة مع مرض السكري الذي أصيب به في العقد الأخير من حياته وتعرضه لحادث مروري قبل أكثر من أربعة أعوام في السنغال ماتزال ملابساته غامضة حتى اليوم.

وتسببت ملابسات مصرع ابنته الصغرى المريع على يد زوجها، وهو أحد أبرز الوجاهات القبلية في الأردن في المزيد من التردي لصحة الشيخ الأحمر، اضطر على إثره الشيخ لبدء رحلة علاجية طويلة استغرقت ما يزيد عن خمس سنوات فضل قضاءها في جناح خاص بمستشفى الملك فيصل بن عبدالعزيز بالرياض تخللتها فترات عودة متقطعة إلى اليمن ليشهد العامان الأخيران من حياته غيابه القسري عن المشهد السياسي والاجتماعي في اليمن وانحسارا مضطردا لحضوره المؤثر كأحد أبرز المرجعيات السياسية والقبلية اليمنية، فيما عدا ظهورا إعلاميا متقطعا فرضته طبيعة الأحداث والمتغيرات العاصفة التي شهدتها اليمن خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.

وقد حرص الشيخ الأحمر على إبراز مواقفه من أحداث هامة شهدتها اليمن خلال السنوات الأخيرة مثل حرب صعدة التي اندلعت خريف العام 2004 والتي ماتزال محتدمة بين القوات الحكومية والحوثيين والانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أبدى فيها تأييده لإعادة انتخاب الرئيس علي عبدالله صالح لولاية رئاسية جديدة.

وعرف الشيخ عبدالله بمواقفه المتشددة من الوجود الأمريكي في المنطقة ووصفته مجلة " نيوزويك الأمريكية " في أحد إعدادها الصادرة صيف العام 2005 بأنه " زعيم قبلي متشدد حيال الوجود الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة ".

وينحدر الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي ولد في 1933 بحصن حبور بمنطقة ظليمة، معقل قبيلة حاشد، من أسرة عريقة بتاريخها القبلي والنضالي، حيث أعدم والده وشقيقه الأكبر وابن عمه قبيل قيام ثورة 26 سبتمبر من العام 1962 نتيجة إسهامهما بدور محوري في تحفيز رجالات القبائل اليمنية للانتفاضة ضد حكم الإمامين يحيى حميد الدين ونجله أحمد.

عرف الشيخ عبدالله الأحمر بكونه الشخصية الوطنية التي لعبت دورا رئيسيا في إقصاء العديد من الرؤساء اليمنيين من السلطة مثل أول رئيس للجمهورية المشير عبدالله السلال والقاضي عبدالرحمن الإرياني وإبراهيم الحمدي، وبمساندة آخرين في الوصول إلى السلطة أبرزهم الرئيس الحالي علي عبدالله صالح.

وفيما شهد الحضور السياسي والاجتماعي للشيخ الأحمر انحسارا كبيرا في عهد الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي الذي تبنى توجهات مدنية مناوئة لسطوة المؤسسة القبلية، اتسمت العقود الثلاثة الأخيرة من حياته بامتداد كبير لنفوذه القبلي والسياسي أكسبه حضورا فاعلا ومؤثرا على واجهة المشهد العام في اليمن نتيجة علاقاته المتميزة مع الرئيس صالح الذي ينحدر من ذات القبيلة التي يتزعمها الشيخ عبدالله، ليسهم التحالف الذي نشأ بين الرجلين على امتداد ما يزيد عن ثلاثة عقود في صناعة مفردات الحياة السياسية والاجتماعية في اليمن.

ونجح الشيخ الأحمر في ترويض المؤسسة القبلية اليمنية والحيلولة دون استشراء الصراع المزمن الذي طالما اتسمت به علاقة الدولة والقبيلة في التاريخ اليمني المعاصر، فيما حرص الرئيس صالح على دعم حضور الشيخ الأحمر في المؤسسة المدنية الحاكمة التي تقلد فيها منصب رئيس مجلس النواب، وهو ذات المنصب الذي استهل به حياته السياسية إبان نظام الشطرين في الشمال، قبل أن تشهد السنوات الأخيرة من العقد الجاري تذبذبا مضطردا في علاقة التحالف الاستراتيجي الذي ربط وعلى مدى ما يقدر بثلاثين عاما بين الشيخ الأحمر والرئيس علي عبدالله صالح.

وقد برزت في السنوات الخمس الأخيرة وبشكل لافت مشاهد التعارض والتباين بين الرجلين أو بالأصح بين الحزب الذي يتزعمه وهو تجمع الإصلاح وحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم الذي يتزعمه الرئيس علي عبدالله صالح وهو ما برز جليا في تعرض الشيخ الأحمر لهجوم غير مسبوق من الصحيفة الناطقة باسم حزب المؤتمر ليسهم الصعود اللافت والفاعل لأنشطة حزب التجمع اليمني للإصلاح المعارض خلال العامين الأخيرين واتجاه نجليه رجل الأعمال والبرلماني حميد الأحمر وشقيقه حسين الأحمر في تبني مواقف مناوئة ومعارضة للحزب الحاكم والرئيس صالح، وهي المواقف التي عبر عنها خوض الأول الحملة الانتخابية لمرشح أحزاب المعارضة الرئيسية" اللقاء المشترك " في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بصفته نائباً للرئيس المعارض في حال فوزه، وانسلاخ الثاني من حزب المؤتمر الشعبي الحاكم ومن ثم مبادرته بتشكيل مجلس وطني ذي طابع قبلي مناوئ للسلطة، الأمر الذي تسبب في المزيد من البرود في علاقة التحالف المميزة بين الشيخ الأحمر والرئيس علي عبدالله صالح، إلا أن هذا البرود غير المعلن لم يمنع كلا الرجلين من إظهار التأييد كل منهما للآخر.

وفي أكثر المواقف التي تقاطعت فيها توجهات حزبيهما اللذين لم يسهما منذ نشأتهما في لعب دور محوري في صناعة مفردات الحياة السياسية والاجتماعية في اليمن، كما أسهم مؤسساهما اللذان فضلا إسدال الستار على علاقة تحالفهما الطويل، تصافح الرجلان مصافحة عاطفية شهدها مؤخرا أحد مستشفيات مدينة لندن التي زارها الرئيس علي عبدالله صالح قبيل توجهه لبرلين لإجراء فحوصات علاجية ربما لإلقاء النظرة الأخيرة على رفيق دربه والشخصية التي لعبت الدور المحوري في دعم سنوات حكمة الممتدة منذ ثلاثين عاما هو عمر تحالفه مع الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن