مارب برس تنشر سلسة حلقات من مذكرات الشيخ عبد الله الأحمرشيخ مشايخ حاشد النشأة والمؤثرات وصراعات الأسرة مع الملكية

الجمعة 09 نوفمبر-تشرين الثاني 2007 الساعة 06 صباحاً / مارب برس – القدس العربي
عدد القراءات 8108

الشيخ عبدالله الاحمر احد فصول تاريخ اليمن الحديث. فليس بالامكان تقليب صفحات هذا التاريخ دون التوقف عند شخصه، واسرته، وقبيلته، في عهد الإمامة كما في الجمهورية. انه فاعل ية سياسية واجتماعية كبيرة في العهدين.

شيخ مشايخ قبائل حاشد، رئيس مجلس النواب ورئيس حزب التجمع اليمني للاصلاح المعارض، عبدالله بن حسين الاحمر، بلغ الرابعة والسبعين. ورغم تقدم السن، والمرض، فان الشيخ الذي تبندق في الخامسة عشرة، يرفض نزع السلاح ، ويخوض معركة جديدة، لكن هذه المرة مع التاريخ، من خلال مذكراته هذه التي خص القدس العربي بحقوق نشرها.

وهذه المذكرات سيرة رجل، بقدر ما هي سيرة بلد، تعكس شاشتها مرحلة انتقال اليمن من طور خالص الانتماء الي القرون الوسطي، الي طور هجين تتصارع فيه الأزمنة التقليدية والحديثة. وهي بذاتها علامة تحول او تغير: فمذكرات أسلافه كانت روايات شفاهية في الدواوين، بينما تميز عنهم بنقلها الي عصر التدوين .

انها ذكريات غنية بالتاريخ لرجل ينتمي الي أحد أثري البلدان العربية تاريخاً.

النشأة الأولي

ولدت في حصن (حبور) من بلاد (ظليمة) حاشد وهي ناحية من نواحي لواء حجة وتتبع الآن محافظة عمران التي أنشئت مؤخراً، وكان ميلادي في الأول من شهر كانون الثاني (يناير) سنة ألف وتسعمئة وثلاثة وثلاثين ميلادية (1933م)، ولم يكن في تلك الأيام سجلات للمواليد، وكان البعض يسجل ميلاد أولاده في غلاف المصحف الشريف.

في هذه المنطقة كانت نشأتي الأولي في بيئة نظيفة نقية فيها الطهر والوداعة والتواضع، وفي معظم سنوات العمر الأولي كان والدي وعمي غالب يقضون معظم أوقاتهما في صنعاء عند الإمام يحيي للمراجعة في مشكلات اختلقتها لهم الدولة أو الإمام، ونحن في البيت الأطفال الصغار، أنا وأمثالي من أولاد العم يرعانا وكيل كان مع الوالد اسمه حمود بن أحمد اليتيم، رافق جدي ناصر ثم رافق الوالد وكان موضع ثقته وكان اعتماد الوالد عليه اعتماداً كلياً، فكان المسؤول عن رعايتنا، وعن إدارة البيت والأموال والمزارع.

وكانت بيئتنا بيئة مزارعين ولدينا أراضٍ زراعية كثيرة، وأذكر كيف كان بيتنا وهو بيت كبير أحواشه واسعة مليء بالعمال والرعاة والمواشي من كل أنواعها؛ الخيول والحمير والجمال والبقر والغنم، وكنا محتاجين لكل نوع من أنواع الحيوانات؛ فالحمير والجمال لنقل الحبوب وغيرها من المنتوجات الزراعية ونقل ما نحتاج إليه في الزراعة، والثيران لحراثة الأرض، والبقر والغنم للحليب والسمن والأكل، ولا زلت أذكر ذلك وكيف كنا سعداء.

وعندما بلغت سن السابعة أو الثامنة جاؤوا لنا بمدرس يعلمنا القراءة والكتابة والقرآن في البيت، وبدأنا بتعلم القراءة والكتابة أنا ومن هم في سني من أولاد العم، أما أخي حميد الذي يكبرني بسنتين ونصف، وهو الأخ الوحيد لي في تلك الفترة حيث لم يولد أخي الأخير يحيي إلا بعد ذلك (في شهر كانون الثاني ـ يناير سنة 1948م)، فقد كان ـ أي حميد ـ رهينة هو وعلي غالب الأحمر ـ وهو الابن الكبير لعمي غالب ـ لدي الإمام في حجة، وما بدأ قراءته الأولي إلا وهو رهينة.

ولا زلت أتذكر أول مدرس لنا واسمه السيد حسين الفخري، ولم يستمر معنا إلا أياماً قليلة فقط وهرب لأنه حاول أن يضربني فأخذت اللوح الخشبي الذي كنا نكتب به وضربته في رأسه وهربت، فترك تدريسنا بعد هذه الحادثة. وجاؤوا لنا بمدرس آخر بديلاً عنه وهو فقيه قبيلي اسمه محسن الصوتي من نفس المنطقة جوار حصن حبور الذي كنا فيه حيث لم يكن أحد منا صغيراً أو كبيراً ينزل المدينة أو يدخل السوق أبداً، وكان معنا مسجد في الحصن وقد نفعتني الصلاة في هذا المسجد الذي كنا نتعلم بجواره، وإذا كان الوالد متواجداً تقام الجمعة فيه وإلا فإن الجمعة تقام في المدينة التي كانت فيها مدرسة للتعليم كما هو حال التعليم في المدن.

ولا زلت أذكر عندما كان بعض طلبة المدينة يختمون قراءة القرآن حيث يطلعون إلينا مع أساتذتهم وقد لبسوا ملابس خاصة تدل علي أنهم قد أتموا حفظ القرآن مرددين الأناشيد حتي يصلوا إلي أبواب حوش البيت فنفتح لهم فيدخلوا لينشدوا أناشيدهم مثل (بلاد العرب أوطاني) من أجل أن نعطيهم بعض الريالات التي كان يعطيهم إياها الوكيل أو أي شخص كبير يكون متواجداً في البيت.

وأذكر كيف كان اهتمام الناس ـ المجتمع بأكمله ـ بالعبادات، كنا نصلي الفجر جميعاً الصغار والكبار، وبعدها لا ينام أحد حيث نجلس جميعاً نقرأ القرآن ـ الصغار والكبار والنساء اللاتي يحفظن القرآن ـ كل الناس تقرأ القرآن من بعد صلاة الفجر حتي شروق الشمس، ثم نتناول طعام الإفطار لتبدأ بعده الحركة والعمل في وقت مبكر، وكان النوم مبكراً أيضاً حيث لم تكن هناك سهرات طويلة في الليل وهذا ما كان عليه اليمنيون كلهم في ذلك الوقت.

بقينا في التعليم فترة بسيطة حيث يتوقف التعليم في ذلك الزمان عندما يتم الشخص قراءة القرآن، وبعد ختم القرآن يتعلم القراءة والكتابة وقليلا من العلوم الدينية والحساب لحاجات بسيطة جدًاً، وكان البعض بعد هذه الدراسة ينتقل إلي المدرسة العلمية وهم محصورون في بعض الأسر في المدن، وما بلغت الثانية عشرة أو الثالثة عشرة من عمري إلا وقد أصبحت مسؤولاً عن البيت والأموال حيث كان الفرد في ذلك الوقت يشعر بالمسؤولية مبكرًا. فقد يتحمل المسؤولية ويواجه مشاكل القبائل، وهو في سن الثالثة عشرة وبعضهم أقل وذلك بخلاف ابن المدينة.

وبالنسبة لي شخصياً فقد كان لدي شعور بالمسؤولية، وجدية كبيرة خاصة أن والدي كان غائباً عن البيت في معظم الأوقات، وكذلك عمي غالب وكان البيت، كما قلت مليئا بالمواشي، وأصبح لدي في ذلك الوقت مواش خاصة بي من البقر والغنم، فأصبحت مسؤولاً عن الأموال وتنقلت من حبور إلي منطقة الخمري بالعصيمات في حوث وإلي البطنة والعشة ودنَّان، وكنت أتنقل إلي قضاء حجة أو المناطق والنواحي التي لنا أملاك فيها من أجل التحصيل بعد موسم علاَّن إلي أن قامت ثورة 1948م وأنا في سن الخامسة عشرة.

تأثير الأب

توفي جدي ناصر بن مبخوت في سنة 1340هـ قبل مولدي بإحدي عشرة سنة وكان والدي عندما توفي أبوه في الثانية والعشرين من عمره.

كان الوالد ـ رحمه الله ـ يتسم بالحزم في تربية أولاده ومع عائلته ومع الناس، حيث كان شديداً جداً في التربية وفي كل الأمور التي يلزم فيها الشدة وكنا نهابه برغم أنه لا يتواجد في البيت إلا نادراً ومعظم أوقاته في صنعاء.

وعلي الرغم من أن اهتمامي لم يتجاوز محيط البيت والشؤون الخاصة إلا بعد 1948م، إلا أنني اكتسبت بعض الخبرة من الاختلاط بالناس الذين كانوا يتوافدون علي الوالد عندما يكون متواجداً في البيت من أجل قضايا صغيرة أو كبيرة واكتسبت معرفة بالقبائل وخاصة قبائلنا العصيمات وعذر وتوسعت هذه المعرفة أكثر فأكثر بعد 1948م، وتوسعت مسؤوليتي ولم تعد محصورة بشؤوننا فقط بل أصبحتُ مسؤولاً علي قبائلنا بالأخص العصيمات لأن الوالد سجن بعد 1948م وأيضاً الأخ حميد.

ومن الأشخاص الذين كان لهم أيضاٌ أثر في حياتي وعمري لا يتجاوز ثلاث عشرة سنة النقيب محمد علي بدوي فارع الذي قدم سنة 45 م أو 46م من عدن مشياً علي الأقدام متنكرًا ومتخفياً، مرسلاً إلي الوالد من الأستاذ أحمد نعمان والشهيد محمد محمود الزبيري وجماعتهم الوطنيين. وكان الوالد في منطقة أخري من مناطقنا فبقي هذا الرجل عندنا في الحصن في غرفة خاصة متخفياً حتي عاد الوالد، وقد اعتبرت وصول هذا الرجل وانفرادي به وسماعي إليه وإلي الكثير من قصصه قبل عودة الوالد في غيبته غزواً سياسياً مبكرا بالنسبة لي أتاني من عدن.

والنقيب محمد بدوي من أبرز الأسر في العصيمات، وكان في جيش الإمام في تعز، وقد فر إلي عدن بعد فرار الأستاذين الكبيرين النعمان والزبيري ودخل في حزبهما وعمل تحت قيادتهما، وقد استمر في عدن مع الأحرار حتي قيام ثورة الدستور سنة 48م وخرج مع الأستاذ النعمان والمجموعة التي معه حين ألقي القبض عليهم في محافظة ذمار وسِيقوا جميعا مكبلين بالسلاسل إلي سجن نافع في محافظة حجة، وظل النقيب محمد علي بدوي في السجن سبع سنوات ثم أطلق سراحه مع غيره، وبقي في مقام الإمام أحمد في تعز تحت الإقامة الجبرية حتي قيام ثورة سبتمبر، وغادر تعز بعد ذلك واتجه إليّ في الشهر الأول من الثورة وأنا في القفلة وشارك في القتال وأصيب بإصابات بالغة في جبل عزًان فوق منطقة القفلة، وبعد أن عاد من رحلة العلاج من مصر واصل معنا القتال دفاعا عن الثورة التي ساهم في خلقها حتي توفاه الله جندياً مجهولا فقيراً وأولاده من بعده فقراء غير معروفين، وعندي اثنان من أحفاده، فهذا الشخص المجهول هو الذي زرع في شخصيتي الحسّ السياسي والوطني من وقت مبكر.

آل الأحمر والأئمة: الصراع والوفاق

زعامة أجدادي بيت الأحمر علي حاشد قديمة ولكن ليس لدي مسلسل تاريخي إنما محطات متفرقة عن ذلك، والذي أعرف عنه هو زعامة الشيخ علي بن قاسم الأحمر الجد التاسع للأسرة في المائة بعد الألف من الهجرة (1100هـ). كان لجدي علي بن قاسم نفوذ كبير وشخصية قوية جداً والتفاف حاشد حوله كان قوياً وكان له أتباع من قبائل بكيل ولدينا تهجير حتي من قبائل أرحب ونهم ما بالك من قبائل ذومحمد وذوحسين وسفيان والقريبين منا. أما نفوذه فكان علي مناطق لواء حجة أكثر لأن جميع قبائلها من حاشد نسباً، وإذا برز شخص كبير من آل الأحمر فكان يمتد نفوذه إلي مناطق لواء حجة التي تسمي حاشد الغرب الذين هم من أولاد غريب بن جشم بن حاشد الأكبر، ومنهم الشرفين وبلاد أسلم وكعيدنة وحجور الشام والأهنوم وكل قبائل قضاء حجة التي منها بني قيس وكُحلان وشرس وبني العوام ومبين والظفير وغيرها. أما حاشد المشرق فهم العصيمات وبني صريم وخارف وعذر وبني جديلة وظليمة وعمران وهمدان وسنحان وبلاد الروس وغيرهم ممن ينتسبون إلي قبائل حاشد وهم أولاد مالك بن جشم بن حاشد.

والجد الأكبر علي بن قاسم هو الذي كسب أموالاً في مناطق لواء حجة، وما كان كسب جدي ناصر إلا تكملة لما كسبه علي بن قاسم الأحمر، وقد انقرضت تلك الأموال وقد أمتلك بعض حصونها مثل حصن القاهرة في المحابشة، وحصن قلعة سَنجر في حجة، وحصن شيعان في كحلان، وحصن الغطريف في بني العوام وغيرها.

وكان له ـ كما قلنا ـ نفوذ قوي وعندما اختلف مع الإمام المنصور حسين ابن الإمام القاسم دعا حاشدا وبكيلا ضد الإمام بعد محاولات كثيرة لإصلاح ما كانوا ينشدون إصلاحه من الفساد من جانب الإمام ولكنه لم يستجب، وهنا بدأ الصراع حيث قام رجال حاشد وبكيل بقيادة علي بن قاسم الأحمر وزعماء من مشائخ بكيل بمحاصرة صنعاء وأحاطوا بها إحاطة جيوش، لكن الإمام استطاع أن يخترق بعض قبائل بكيل فانسحبوا وهذا مذكور في كتاب (نشر العرف) لزبارة.

وبعد ذلك استمر علي بن قاسم الأحمر في الحصار ورأي أن الأمور مهيأة ليتصالح معه فكلف الإمام وساطة ظلت تتردد عليه إلي أن وصلوا إلي نقاط حلول لم يأت بعدها إلا الندم واتفقوا علي عقد اجتماع مع الإمام في بير الشائف خارج سور صنعاء، وقد دبر الإمام الخدعة حيث جاؤوا إلي الخيمة التي نصبها الإمام ليلتقي معهم بعد أن اتفقوا علي أن يأتي جدي بمجموعة قليلة والإمام يخرج من صنعاء، وعندما دنا موعد الاجتماع بين الإمام وجدي علي بن قاسم الذي كان منتظراً في الخيمة التي نصبت لهم وتقرر الاجتماع فيها، وصل الإمام بحصانه إلي خارج الخيمة بغتة، وأدخل رجاله إلي الخيمة فقتلوا جدي داخل الخيمة وهرب الإمام هو ومن معه من مكان اللقاء ودخلوا صنعاء.

هذه حلقة من حلقات الصراع بين آل الأحمر وبعض الأئمة، أما الوضع العام أو الدائم تقريباً فقد كان الولاء للأئمة لا سيما عندما يكون هناك غازٍ أجنبي سواء الأتراك أو من سبق الأتراك من الملوك الذين تواجدوا في بعض مناطق اليمن.

وبعد علي بن قاسم الأحمر لم تظهر شخصية كبيرة لعدة أجيال، إلي أن جاء ناصر بن مبخوت في أيام الإمام المنصور فاستعاد المكانة التي كانت لعلي بن قاسم أو بعضها، وفي عهده جاءت غزوات الأتراك فتبنَّي مع قبائل حاشد مناصرة الإمام ومطاردة الأتراك، وقد حاول الأتراك من خلال الرسائل تحييد جدي ناصر بالإغراءات المالية وطلب وصوله إليهم للتفاهم ومنحه الأمان إلا أن شكوكه بالأتراك ظلت قائمة رغم المراسلات المتبادلة والأيمان المغلظة منهم ألاَّ يمسه سوء.

ولمَّا تم الصلح بين الإمام والأتراك المسمي صلح دعان 1326هــ 1911م بدأ الخلاف بين الإمام يحيي وجدي ناصر بن مبخوت ومن معه من حاشد وغير حاشد. 

الخلاف بين جدي والإمام يحيي 

الخلاف كان بعد اتفاقية دعان؛ بين الأتراك العثمانيين، وبين الإمام يحيي بن محمد حميد الدين، لأن جدي ناصر بن مبخوت كان له الدور الكبير في مطاردة الترك وفي الدفاع عن الإمام و دولة الإمام، وقد اعتبر جدي ناصر ومشائخ من حاشد وبكيل الاتفاقية التي تمت مع الأتراك طعنة بالنسبة لهم ونكثا بالعهد أو النهج الذي كانوا يناصرون الإمام علي أساسه، وهو أنهم يدافعون عن الدين وعن الخلافة الإسلامية المتمثلة في الإمام والإمامة.

والذي استثارهم أن الإمام كان يحرضهم ضد الأتراك ويدعوهم إلي قتالهم لأنهم كما كان يقول: بغاة وكفار وأعداء الله، إلي حد أنه كان يقول للناس وبعض أبواقه إن من قتل تركياً دخل الجنة، وهناك رسائل بين الإمام يحيي وجدي ناصر يصف فيها الإمام الأتراكَ بأعداء الله والمقاتلين لهم من حاشد بالمجاهدين. وفي ليلة وضحاها بعد أن أبرم الصلح مع الأتراك دون أخذ رأيهم أو استشارتهم، أصبح يعلن للناس أن هؤلاء إخواننا المسلمون والناس لا يعلمون ما يجري في تركيا وما هو جار من عدوان علي الخلافة التي مركزها إسطنبول، حيث لم تكن هناك وسائل إعلام أو نحوه ليعرف الناس ما يجري في العالم.

من هنا بدأ الخلاف حادًا مما دفع جدي ومشائخ حاشد وبعض مشائخ بكيل من أرحب وذو حسين وبيت الشايف، وبني ردمان، وسفيان إلي التوجه لمناصرة الإمام الإدريسي ضد الأتراك الذي ظل يحاربهم في تهامة السواحل ولم يتصالح معهم، واستمر البعض في مناصرة الإدريسي حتي بعد خروج الأتراك، ضد الإمام يحيي في بعض المناطق لفترة قصيرة حتي انتهت دولة الإدريسي، وعندما أصبحت الحرب بين الإمام يحيي والإمام الإدريسي كان موقفهم لا يزال مع الإدريسي. أما جدي ومن معه من المشائخ فإنهم لم يقطعوا صلتهم بالإمام أو يوجهوا ضده أي حرب أبداً، وكانوا يقولون: إمامنا الذي ولاه ربنا لكنه خان وإذا كان هذا إمام الزيدية فذاك إمام الشافعية هذا إمام وذاك إمام والكل ساده من آل الرسول، هكذا كان رأيهم لكن ولاءهم في مناطقهم ظلَّ مع الإمام وفي ساحة القتال مع الإدريسي حتي تقهقرت دولة الإدريسي وانهارت وتمكن الإمام من بسط نفوذه علي بعض المناطق التي كان يحكمها الإدريسي والجزء الشمالي من تهامة اليمن، أما مناطق مخلاف السليماني وما إليه، فقد أصبحت الآن جزءاً من المملكة العربية السعودية.

عهد الإمام يحيي   

بعد خروج الأتراك ودخول الإمام يحيي صنعاء ظل الإمام يجامل جدي ناصر بن مبخوت ويحترمه ويتجنب أي إساءة إليه أو إلي حاشد، وهناك العديد من الرسائل الموجهة إليه توضح ذلك، إلي أن توفي جدي وحاشد علي ما كانوا عليه أنصارا لا رعايا، وهذا هو الفرق، فالولاء للإمام موجود ـ ولكن هناك فرقاً بين أن يكونوا أنصارا أو رعية وقد كانت حاشد وبعض قبائل بكيل أنصاراً لا سيما حاشد فهم الذين آووا ونصروا الإمام يحيي والإمام المنصور ومن قبلهما من الأئمة، فحاشد كانت معقل الأئمة ومناطق انطلاقتهم وحاشد هم من عملوا علي حماية الأئمة من كل غازٍ حتي عندما حاول الأتراك أن يقتحموا شهارة كان اعتماد الإمام علي حاشد، ورغم أن قبائل أخري من بكيل كانت تأتي لمناصرة الإمام إلا أن الاعتماد الرئيسي كان علي حاشد.

وعندما توفي الإمام المنصور سنة 1322هـ اجتمع العلماء في القفلة، وهي منطقة في حاشد، لاختيار إمام جديد، وكان هناك أكثر من عالم يرشح نفسه للإمامة وينافس الإمام يحيي وبدأ العلماء يناظرون ويوازنون بين الإمام يحيي ومنافسيه؛ فقالوا: الإمام يحيي مستوفٍ شروط الإمامة عدا شرط واحد، فكان الدور الحاسم لجدي ناصر بقوله: هذا هو الشرط الناقص، وأشار بيده إلي عصاه، فتمت مبايعة الإمام يحيي، وهكذا فقد كان جدي ناصر هو المرجح لعملية اختيار الإمام يحيي ولعب دوراً كبيراً في ترجيح كفته، وظل الإمام يحيي يحترم جدي ناصر ويراعي هيبته ومكانته وماضيه وأدواره، ولهذا ترك حاشد علي ما هم عليه أنصارًا إلي أن توفي جدي ناصر سنة 1340هـ، وبعد وفاته بدأ الإمام يحيي يرسل جيوشه علي حاشد وأول ما بدأ به عقب وفاة جدي مباشرة بتقليص نفوذ أولاد ناصر بن مبخوت في قضاء حجة في المناطق التي كان لهم فيها نفوذ والتي كانت مصدر إمكانياتهم وتموينهم، فقد كانت كثير من أسواق مناطق قضاء حجة ملكهم، وكانت بعض هذه المناطق تدفع الزكاة إليهم إضافة إلي امتلاكهم لحصون كان فيها مجاميع من عساكر الوالد وأعمامي والذين كان أكبرهم عمي ناصر بن ناصر.

وبدأت المضايقات ومحاربة أولاد ناصر بن مبخوت في لواء حجة بقيادة سيف الإسلام أحمد الذي كان والياً للواء حجة وهي منطقة نفوذه، وحصلت معارك كثيرة ومتكررة كبيرة وصغيرة وفي مواقع متعددة: في سوق الأمان، في نجرة، في قلعة سنجر في بني موهب في حجة. وبعدها جاءت حركة شيبان، وشيبان هذا كان مسؤولاً للإمام في حجة، وكان له اتصالات بالإدريسي الذي كان بالقرب من حجة سنة 1339هـ تقريباً، فاستدعاه الإمام يحيي وحبسه فقام أخوه السيد محسن شيبان ومعه الوالد قبل وفاة جدي بالهجوم علي حجة واحتلوا قاهرة حجة. وأعتقد أن سيف الإسلام أحمد كان خارج حجة أو في صنعاء لكن كان علي حصون حجة عساكر من حاشد من خارف ومنهم الشيخ يحيي بن سرحان المحجاني في حصن نعمان والشيخ محمد غالب القديمي في حصن آخر.

ابتدأ الهجوم من الوالد والسيد محسن شيبان ومن معهم من العصيمات علي القاهرة حتي احتلوها، واستمرت الحرب بالمدافع ما بين حصن نعمان الذي فيه المحجاني ومن معه من خارف وبين شيبان والوالد الذين سيطروا علي قاهرة حجة، وتحرك سيف الإسلام أحمد من صنعاء إلي حجة وأرسل الإمام يحيي وساطة لا أدري قبل أو بعد وصول أحمد، وانسحب الوالد وشيبان ومن معهما من القاهرة بسلام بموجب الواسطة واتجهوا إلي بلاد العصيمات.

وبعدها بفترة حصل بين عمي ناصر بن ناصر وبين سيف الإسلام أحمد حوادث كثيرة، حيث خرب حصوننا، فنكف (= دق طبول الحرب لطلب النصرة والمساعدة) الوالد وعمي ناصر بين حاشد وأرحب، ونزلوا بجيش لاحتلال حجة حتي وصلوا منطقة نيسة، وهم في طريقهم إلي حجة التي هي الهدف من النكف، فاعترضهم بعض عساكر الإمام بقيادة عامل منطقة نيسة فاحتربوا معهم وكان ذلك بإيعاز من الإمام يحيي بهدف عرقلة عمي ناصر ومن معه حتي يرتب سيف الإسلام أحمد أموره في حجة، وكان أحمد غير مستقر في حجة إذ كان يتردد كثيراً بين صنعاء وحجة.

المهم أن هذه الحادثة استنفدت شيئاً من قوة الوالد وعمي ناصر، لكنهم تمكنوا من احتلال حصن نيسة وقتلوا العامل واستولوا علي ما فيه من الحبوب وكانت كل مراكز الإمام مملوءة بالحبوب، التي كانت تعتبر أكبر غنيمة للناس في ذلك الوقت. المهم التهي الجيش، والإمام يحيي كما هي عادته، كان يرسل وساطات بينه وبين عمي ناصر أو الوالد، وكانت الوساطة التي أرسلها هذه المرة من العلماء الكبار والمشائخ الذين كانوا أنصار الإمام ثم استغني عنهم وأهملهم وهم سيوف الإسلام: محمد بن محسن المتوكل والسيد أحمد بن قاسم حميد الدين وسيف الإسلام أبو نيب ابن الإمام شرف الدين الهادي، والشيخ حزام بن عبدالله الصعر والشيخ راجح بن سعد وغيرهم، وقد وصل هؤلاء للصلح بين عمي ناصر وسيف الإسلام أحمد وذبحوا العقائر أمام عمي ناصر والذين معه في رفع المطرح أي من أجل رفع الجيوش وعلي شرط أن الإمام يتوقف عن الاعتداء علي مناطق وحصون آل الأحمر، فارتفعت الجيوش ووافق عمي علي هذا الأساس.

بعدها لا أدري ما الذي حصل بين عمي الذي كان كبير الأسرة، وكان حاد الطبع، وبين الإمام، مما أدي إلي خروج جيش كبير علي حصن حبور في ظليمة والذي كان المعقل الرئيسي لجدي ناصر وأولاده وحاصروا الحصن وضربوه بالمدافع وكان الحصن قد أخلي من العائلات وأخذوها إلي العصيمات، واستمر الحصار فترة وقد كان المبرر في خروج الجيش علي حصن حبور وعلي حجة أن أهل هذه المناطق هم رعية الإمام فلماذا تظل السيطرة لأولاد الشيخ ناصر بن مبخوت فيها، وكل ما كان يحصل من نزاع بين الإمام وعمي ناصر وإخوانه في مناطق قضاء حجة هو تحت هذا المبرر كما حصل من قبل في نجرة من حرب وخراب قلعة سنجر التي كانت أحد معاقل آل الأحمر.

وفي هذه الفترة أو بعدها خرج الجيش أيضاً علي حاشد العلو وبالذات علي بني صريم وخارف والعصيمات ـ أعتقد سنة 1343هــ من أجل سبب بسيط كان يمكن تلافيه، لكن مشائخ حاشد تعنتوا، والإمام يحيي وجدها فرصة ليخرج الجيش عليهم، وكانت البداية قريتين من عيال سريح والقريتان مجاورتان لحاشد، اختلفوا مع الشيخ راجح بن سعد الذي كان الإمام يدعمه والقريتان هما قرية المَطْرَد التي آخت بني صريم وقرية صُرَبَات التي آخت خارفاً، فاحترب عيال سريح وبني صريم وخارف من أجل القريتين، وكان الإمام يدعم عيال سريح، وقد حاول الشيخ راجح بن سعد أن يتوسط في هذه القضية لكن حاشد رفضوا وساطته، فخرج الجيش علي حاشد بالمدافع ودارت معارك وبدأ الجيش بضرب قري الظاهر الأعلي وهي: يشيع والعقيلي وبيت العرمزة والعذرات وغيرها، وكان تركيز الإمام علي بني صريم قبل غيرها، لأن فيها مدينة خمر التي تعتبر عاصمة حاشد وهَجَرْها (= محل الاحترام الذي لا يجوز الاقتتال فيه)، وبسقوطها يسهل علي الإمام السيطرة علي بقية قبائل حاشد، واستمرت المعركة، ولم يحتلّ الإمام أي قرية من القري إلا بعد قتال وضرب بالمدافع، والوالد وعمي غالب هم قادة المعارك، أما عمي ناصر فقد كان مشغولاً بمراكز نفوذنا في قضاء حجة وكان هذا بداية 1344هـ. واستمر الإمام بعدها يوجه الجيش بعد الجيش ويُهزمون مرة تلو الأخري، فكان أول جيش بقيادة الشريف عبدالله الضُمين وآخرها بقيادة عبدالله الوزير حتي احتلوا مدينة خمر وبعدها دارت معارك حول خمر وعلي أبواب خمر بيت المشرقي وغيره، وعمي غالب كان هناك، وكان معنا مدفع واحد قاوموا به إلي أن وصل جيش الإمام إلي الجراف بعد خمر، والوالد وعمي ومن معهما انسحبوا من بني صريم ونزلوا العصيمات، فأمر الإمام يحيي قادة الجيش بالتوقف وأخذ الرهائن من بني صريم وخارف ودخلوا تحت الطاعة.

واستمر الوضع ثلاث سنوات تقريباً، وفي شهر ذي القعدة أو ذي الحجة من سنة 1346هـ تقدم سيف الإسلام أحمد من حجة حيث بدأ بعِذَرْ، وبعدها العصيمات السفلي، وتوجه للعصيمات العليا التي بيوتنا فيها، حاول الصعود إليها من حوث لكنه ما استطاع فاتجه علي وادعة، وابتدأ الحرب من اتجاه وادعة علي حوث وحول حوث، واستمر المد والجزر عدة أشهر إلي شهر محرم أو صفر من سنة 1347هـ، حتي أرسل الإمام يحيي وساطة للصلح مع أبناء ناصر مبخوت وأبي معهم، نفس الشخصيات التي أرسلها في المرة السابقة لأن لهم لدي حاشد مكانة وقبولاً.

وتوصلت الوساطة إلي إنهاء الصراع علي شرط أن لا تدخل الجيوش بلاد العصيمات العليا نهائياً وأن الوالد وإخوانه يعلنون ولاءهم للإمام ويسلمون ويأتون بالرهائن.

وبعد أن حصحص الحق وأصحابنا استسلموا، قال لهم كبيرهم عمي ناصر بن ناصر : قدو الصدق يا أصحابنا ؟ أي: هذه إمكاناتكم وقدرتكم؟ قالوا: نعم، قال: أما أنا يحرم عليَّ مواجهة سيف الإسلام أحمد أو أبيه وتحرم عليَّ البلاد بكلها. وخرج إلي السعودية.

كان مع عمي والوالد جيش من برط من ذو محمد وذو حسين، ظلوا معهما وقاتلوا حول حوث بقيادة الشيخ علي حسين بن مهفل وناجي بن أحمد الشائف ومعهم مئات من أصحابهم، قاتلوا حتي تمت المصالحة بين الإمام وأولاد ناصر بن مبخوت، وكانت الذخائر والحبوب والفلوس وكل المتطلبات من الوالد وإخوته للمقاتلين، إلي أن انتهي كل شيء حتي ان الشيخ علي بن يحيي بن سيله وكان ممن ذهب مع الوالد إلي وادعة، عندما وصل مع الوالد وعمي غالب ومشائخ العصيمات العلو إلي سيف الإسلام أحمد في وادعة، وكان سيف الإسلام يعرفهم جميعاً، فقال سيف الإسلام أحمد: زدنا عليكم ياشيخ علي، قال الشيخ علي بن يحيي وهو يضحك: والله ما زدت علينا ولو كان في امريش حب ما رأيت من هذه الوجوه وجهاً لكن غلبنا الجوع، وكان هناك مدفن كبير للحبوب اسمه أمريش.

بعدها ارتفعت الجيوش وبقي الوالد مع سيف الإسلام أحمد، ثم دخلوا صنعاء وسلموا رهينتين للإمام علي الوالد وعمي وهما عمي الصغير عسكر بن ناصر وابن عمي حمود ناصر بن ناصر، أما بقية العصيمات فقد أخذ من كل فخذ رهينة، وظلوا معظم أوقاتهم في صنعاء حيث كان الإمام يحيي يختلق لهم قضايا ومشاكل كثيرة مثل: أخذتم من حق الدولة الزكاة، أو عند ناصر بن مبخوت فلوس، أو عندكم ميراث لبيت صوفان، أو عندكم ميراث لبيت شويل، وهم أنساب جدي، حتي انتقل كوكيل للعمات يطالب لهن بالورث. وما كانت تنتهي مشكلة إلا وابتدأ بمشكلة أخري، وآخرها أدخلنا في مشاكل علي مال مع ناس لم يكن لهم أي حق.

ورغم أنه لم تعد هناك أي مقاومة من قبلنا بعد أن وضعت الحرب أوزارها وانتهي كل شيء سنة 1347هـ، إلا أن العداء والإيذاء والتغريم من قبل الإمام وأولاده ظل مستمراً، وظل والدي وعمي في صنعاء بما يقتضي ذلك من مصروفات لهم ولمن معهم في الشريعة بشأن القضايا التي كان يختلقها لهم الإمام، إضافة إلي مصاريف الرهائن، وهذا أدي إلي خسائر كبيرة تكبدها الوالد وعمي غالب.

ثورة 1948م

عندما قامت ثورة 1948 وقُتل الإمام يحيي، كان عمي غالب في الحج، أما الوالد فكان في البلاد، وسيف الإسلام الحسن كان هناك، حيث كان معه مشاكل في القفلة، وقد ألزم سيف الإسلام الحسن الوالد أن يحرك القبائل لمناصرة ولي العهد أحمد، وهو توجه إلي حوث وانتقل منها إلي خمر ثم إلي ريدة ومن ريدة إلي عمران التي استقر فيها يحرض الناس ويجمع الجيوش إلي صنعاء من حاشد وغير حاشد.

أما الإمام أحمد فقد قبض علي أخي حميد حيث أخذوه من سوق الأمان رهينة في حجة، وأرسل رسالة للوالد مفادها أن ابنك عندنا والمطلوب منك تحشد الحشود ضد الثورة، والوالد تباطأ في جمع الناس، ولم يكن مقتنعاً بالبديل حتي ان أحد الذين كانوا ملازمين للوالد وهو الشيخ عبدالله بن حسين فيشي قال لي: عندما وصل الخبر للوالد عن طريق عسكري من صنعاء برسالة من القائمين بالثورة فتح الوالد الرسالة وإذا الخبر أن من قام بالخلافة بدلاً عن الإمام يحيي هو السيد عبدالله أحمد الوزير، وبحسب كلام الشيخ فيشي أن الوالد لما قرأ الرسالة قال : والله إنهم أسوأ من بيت حميد الدين وبيت حميد الدين أشرف من هؤلاء فلا حول ولا قوة إلا بالله، كنا ننتظر الفرج فإذا بها تأتي بما هو أسوأ.

ولهذا ما كان مقتنعاً بما تم، ولا متحمساً أيضاً لإجهاض ما هو حاصل، فانتقل ببطء من القفلة إلي العشة في يوم، ومن العشة إلي حوث يومًا أو أكثر، ومن حوث إلي خمر في يومين أو ثلاثة أيام، ومن خمر إلي ريدة، ومن ريدة إلي عمران والحسن يستعجله وكان الحسن قد تمكن من حشد الناس حتي من حاشد ودفعهم إلي صنعاء مع غيرهم من القبائل.

وما وصل الوالد عمران إلا والثورة قد سقطت، وعندما دخل صنعاء لم يعد معه إلا العصيمات، هكذا كان موقف الوالد متباطئاً حتي يتبين له كيف ستصبح الأمور، لكن الإمام أحمد الذي كان في حجة كما ذكرنا أخذها نقطة علي الوالد أضيفت إلي ما سبق من الضغائن السابقة ضده.

وعندما قامت ثورة 1948م كنت في الخامسة عشرة من عمري وقد تبندقت ـ أي سلم لي الوالد بندقية، وعادة القبائل يقولون لمن يحمل البندقية (تبندق) ـ وحاولت أن أدخل مع القبائل الذين دخلوا صنعاء وكان لدينا الصغار ما بالك بالكبار شيء من النشوة والفرح بالثورة ضد الإمام لما كنا نعاني مما كان الإمام يمارسه من الظلم والضغط علي الوالد والعم والأسرة بأكملها، كنا فرحين جداً وأذكر أنه كان عندنا بعض كبار السن من العسكر ومنهم وكيلنا واسمه علي زايد الدقيمي كانوا في حزن شديد علي الإمام، ومنهم من كان يبكي عليه ونحن الصغار في فرح ونشوة وكنا ندخل معهم في جدل.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن