الازمه الروسية البيلوروسية حول الغازوالنفط : نهاية منطقة "اوفشور" النفطية؟؟

الإثنين 15 يناير-كانون الثاني 2007 الساعة 11 صباحاً / مأرب برس - متابعات - د/ محمد النعماني
عدد القراءات 3382

ماهو حقيقه الازمه الروسية البيلوروسية حول أزمة النفط والغاز بين موسكو ومينسك سوال يثار ناقشات كثيرة في الاوساط السياسيه والمتابعين للشان الروسي البيلوروسي وقد تعددت وجهات النطر بين حقيقه الصراع الروسي البيلوروسي يبن اوساط التخبهالسياسيه في كل البلدين والي اين سوف تودي الازمه ؟؟

وقد ناقش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره البيلوروسي الكسندر لوكاشينكو عبر الهاتف كما أفاد المكتب الصحفي في الكرملين قضية ترانزيت النفط الروسي عبر بيلوروسيا.

وجاء في إفادة المكتب الصحفي أنه "نوقشت خلال الاتصال قضايا التعاون الاقتصادي بين روسيا وبيلوروسيا بما في ذلك في مجال الطاقة وقضية ترانزيت النفط الروسي عبر أراضي بيلوروسيا ضمنا".

وأشير إلى أن الاتصال جرى بمبادرة من الجانب البيلوروسي.

ولدى إعلانه عن الاتصال الهاتفي بين الكسندر لوكاشينكو وفلاديمير بوتين أفاد القسم الصحفي في مكتب الرئيس البيلوروسي أنه "تم التوصل نتيجة المكالمة إلى حل وسط يتيح تسوية الوضع المتأزم الذي نشأ بما في ذلك ما يتعلق بترانزيت النفط الروسي عبر بيلوروسيا إلى بلدان أوروبا".

وأشار القسم الصحفي في مكتب لوكاشينكو إلى أنه جرى علاوة على ذلك تكليف رئيسي وزراء روسيا وبيلوروسيا بالقيام حتى 12 يناير (كانون الثاني) بإعداد حلول للقضايا المستعصية التي تتعلق بترانزيت النفظ.

وجاء في بلاغ القسم الصحفي في مكتب الرئيس لوكاشينكو أن "الاتصال الهاتفي كان طويلا نوقشت خلاله المشاكل التي نشأت في علاقات البلدين الثنائية".

وكشفت الصحف الروسيه نوفييه ازفستيا" و"نيزافيسيمايا غازيتا الي ان التوتر بات يشوب العلاقات الروسية البيلوروسية إثر توقيع اتفاقيات خاصة بتزويد بيلوروسيا بالنفط الغاز ونقل النفط والغاز الروسيين إلى أوروبا عبر بيلوروسيا في نهاية العام الماضي. واعتبر بعض المراقبين أن تلك الاتفاقيات أوقفت مسيرة التكامل بين روسيا وبيلوروسيا.

ويشار إلى أن النظام الذي أنشأه الرئيس البيلوروسي الكسندر لوكاشينكو كان يستند إلى موارد الطاقة الروسية الرخيصة. والآن وبعدما تحولت روسيا لرفع أسعار بيع الغاز إلى بيلوروسيا، لا يجد لوكاشينكو مفرا من الاعتماد على الذات فقط، إذ لم يعد بإمكان يلوروسيا القيام بإعادة تصدير الغاز والنفط الروسيين.

ويرى الخبير اندريه اوكارا من مركز الدراسات الشرق أوروبية (موسكو) أن هذا لا يعني انسحاب لوكاشينكو من مسرح السياسة الأوروبي. فلقد أعلن لوكاشينكو عن نية تكوين اتحاد يجمع بين بلدان مطلة على البحر الأسود وبحر البلطيق من الممكن - نظريا – أن ينضم إليه ما يسمى ببلدان البلطيق - استونيا ولاتفيا وليتوانيا –وبيلوروسيا وأوكرانيا ومولدافيا. ولا شك، في رأيه، أن الغرب سيستفيد من إقامة منطقة عازلة كهذه

حول روسيا.

ويرى الخبير أن المستفيد من الخلاف بين روسيا وبيلوروسيا هو شركة الغاز الروسية "غاز بروم" وأيضا الولايات المتحدة الأمريكية التي ترى صالحها في تدهور العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا.

ومن جانبه يرى المحلل السياسي البيلوروسي لافون انتونوفيتش أن الأزمة الحالية لم ؤثر على طبيعة العلاقات الروسية البيلوروسية، إذ أن بيلوروسيا تبقى موالية لروسيا.

أما بالنسبة للاتحاد الروسي البيلوروسي فإن المحلل يرى أن هذا مجرد حلم.

ويظن المحلل أن قيام منطقة عازلة حول روسيا أمر مستحيل لأن بلدان البلطيق لن تقدم لى خطوة كهذه كونها أعضاء في الاتحاد الأوروبي. كما لن يقدم على ذلك رئيس الوزراء الأوكراني يانوكوفيتش.

وفي موسكو لا يزال نواب الحزب الشيوعي الروسي يصرون على ضرورة دعوة رئيس الحكومة لروسية إلى مجلس النواب ليقدم إيضاحات بشأن الأزمة الروسية البيلوروسية. ويرى نواب الحزب الشيوعي الروسي ضرورة أن يحصل المواطنون على "معلومات صادقة توضح من هو لكاسب أو الخاسر.. ولماذا يريدون وضعنا في مواجهة مع الشعب البيلوروسي الصديق".

حيت كتب المعلق الاقتصادي لوكالة نوفوستي فاسيلي زوبكوف غلق الجانب الروسي في الثلث الأول من هذا الشهر أحد أهم طرق نقل النفط إلى أوروبا،وهو أنبوب "الصداقة" المار عبر أراضي بيلوروسيا. ويعود سبب غلق هذا الأنبوب إلى مطلب مينسك الخاص باستحصال رسم جمركي على ترانزيت النفط الروسي. وجاءت هذه الخطوة ردا على قرار روسيا الخاص بفرض رسوم تصدير على النفط الروسي المصدر إلى بيلوروسيا بحجم 7ر180 دولار للطن الواحد. وقد استندت روسيا لدى اتخاذ هذا القرار إلى حجج نطقية حيث تخسر الميزانية الفيدرالية مليارات الدولارات سنويا في الوقت الذي ينمو فيه الاقتصاد البيلوروسي بوتائر عالية بفضل النفط الروسي الذي تستورده بيلوروسيا بأسعار مخفضة.

وربما يعتقد المواطن العادي في روسيا وبيلوروسيا أن الخلاف الحالي بين روسيا بيلوروسيا حول النفط قد نشأ في أوائل الشهر الحالي بمحض الصدفة، وبعد تسوية مشكلة الغاز مباشرة، ولكن الأمر مختلف تماما على أرض الواقع.

وذكر وزير الصناعة والطاقة الروسي فيكتور خريستينكو أن مسؤولين روس لدى توقيعهم قبل قائق من حلول عام 2007 على الاتفاقية الثنائية بين روسيا وبيلوروسيا في مجال الغاز لم يتوقعوا من مينسك فرض رسوم على ترانزيت النفط الروسي ابتداء من الأول من شهر ناير الحالي. وأضاف أن هذه الخطوة غير مسبوقة في التعاملات التجارية الدولية.

ويبدو من الأحداث التي وقعت في أوائل العام الحالي أن مينسك أعدت خطة العمل في هذا الاتجاه قبل وقت مناسب. كما قرر الجانب البيلوروسي الذي توقع رد القيادة الروسية على هذه الخطوة توفير احتياطي كبير من خلال الإسراع بالاستيلاء على نحو 80 ألف طن من النفط من أنبوب "الصداقة" الذي ينقل النفط الروسي إلى أوروبا. وقد وجدت روسيا نفسها بعد ذلك مضطرة لوقف تصدير النفط عبر هذا الأنبوب.

ومما لا شك فيه أن أحداث يناير تملك تاريخا طويلا. ويذكر أن روسيا تعهدت منذ ربيع عام 1995 تحت شعارات العمليات التكاملية في إطار دولة الاتحاد بتصدير النفط إلى بيلوروسيا بدون رسوم تصدير. وقد اتفق الطرفان على تحويل 85 بالمائة من رسوم تصدير المنتجات البيلوروسية المصنعة من النفط الخام الروسي إلى الميزانية الروسية. واعتقد الجانب الروسي في حينها أن النفط الرخيص ومشتقاته ستستخدم في السوق المحلية البيلوروسية، ولن تنافس المنتجات النفطية الروسية في أسواق بلدان أخرى، ولكن نشأ وضع مغاير تماما حيث أصبحت العائدات التي تحصل عليها بيلوروسيا من تصدير البنزين ووقود الديزل ومواد التشحيم أحد المصادر الرئيسية لإيرادات الميزانية البيلوروسية.

وقد تبدلت أولويات القيادة البيلوروسية أيضا.

وتجدر الإشارة إلى أن بيلوروسيا التي حرمت من النفط تحولت إلى أحد أكبر المصدرين مشتقات النفط في منطقة الاتحاد السوفيتي السابق. وظهرت نتيجة لذلك منطقة "افشور" فطية خاصة حيث أتاح النفط المستورد بأسعار مخفضة أفضلية واضحة للبنزين البيلوروسي ي أسواق أوروبا ومنطقة البلطيق وأوكرانيا. كما تزايد حجم التكرير وتصدير مشتقات لنفط والبتروكيميائيات في بيلوروسيا بشكل مستمر.

وصل حجم تكرير النفط في بيلوروسيا في عام 2005 إلى 8ر19 مليون طن. وأكدت نائبة وزير لاقتصاد البيلوروسية تاتيانا ستارتشينكو أن صادرات بيلوروسيا من مشتقات النفط ازدادت في الأشهر السبعة الأولى من عام 2006 بمقدار 6ر1 مرة مقارنة بنفس الفترة من عام 2005. كما تبلغ حصة مشتقات النفط في مجمل صادرات بيلوروسيا إلى الخارج 42 المائة. وقد أتاحت الموارد المالية التي حصلت عليها مينسك من تصدير مشتقات النفط تنمية الاقتصاد البيلوروسي المدعوم بوتائر عالية. وتشير وسائل الإعلام البيلوروسية

إلى نمو حجم الاستثمارات في رأس المال الأساسي بنسبة 9ر31 بالمائة في فترة عام احد!

كما تؤكد الصحف البيلوروسية أن "النهضة الاستثمارية تعتبر ظاهرة وطنية غير اعتيادية ينبغي الانطلاق منها في تقييم المستقبل". ومما لا شك فيه أن الجانب البيلوروسي لم يتحدث مطلقا عن التسهيلات والامتيازات التي تحصل عليها بيلوروسيا في مجال استيراد لغاز والنفط من روسيا. ويذكر أن بيلوروسيا أصبحت تأخذ كل شيء لنفسها بعد أن خالفت ي عام 2001 جميع الاتفاقات التي تم التوصل إليها سابقا حول تقسيم رسوم تصدير مشتقات النفط المستورد من روسيا. وتجاوزت خسائر روسيا بسبب ذلك 3 مليارات دولار سنويا.

ولا بد من القول إن روسيا ستظهر بإلغاء الإعفاءات الجمركية والتوقف عن بيع النفط بأسعار مخفضة الوجه الحقيقي لـ"لأعجوبة" الاقتصادية البيلوروسية. وذكر الخبير البيلوروسي ياروسلاف رومانتشوك أن إلغاء الإعفاءات المقدمة للجانب البيلوروسي في مجال النفط ستؤدي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي لبيلوروسيا بنسبة 8 بالمائة بالإضافة إلى 7 بالمائة بسبب الأسعار الجديدة للغاز.

وهناك سؤال يطرح نفسه بقوة في هذا المجال: ما هو تأثير مثل هذه الخلافات في مجال النفط والغاز على روسيا؟ إن الخلافات مع دول الجوار في هذا المجال والتي تؤثر على بلدان أخرى بدأت تلحق ضررا باقتصاد روسيا وسمعتها. ويرى وزير الصناعة والطاقة الروسي فيكتور خريستينكو أن الغرب يلقي اللوم على روسيا في جميع الخلافات مع شركائها في رابطة الدول المستقلة في مجال الطاقة. وأضاف: "إذا بعنا النفط والغاز بسعر منخفض يتهموننا بإغراق السوق، وإذا بعنا بسعر مرتفع يتهموننا بالضغط عليهم بواسطة رفع الأسعار". وأكد على ضرورة إيجاد طرق بديلة لتصدير النفط والغاز الروسيين".

كما تحدث عن ذلك أيضا الرئيس فلاديمير بوتين في لقائه مع أعضاء الحكومة، حيث قال إن من الضروري في هذا المجال مضاعفة طاقة شبكة أنابيب البلطيق لنقل النفط من 72 مليون طن سنويا حاليا إلى 105 ملايين في السنوات الثلاث القادمة، والتعجيل بأعمال مد أنبوب "شمال أوروبا" لنقل الغاز على قاع بحر البلطيق. وتستعد الشركات الغربية التي تستورد النفط الروسي لتقديم شكوى ضد الشركات الروسية بسبب التوقف الذي حصل في تصدير النفط. ويرى خريستينكو أن الوضع المتعلق بتوقف نقل النفط الروسي عبر أنبوب "الصداقة" بسبب تصرف السلطات البيلوروسية سيعتبر حالة طارئة. وستقر أية محكمة دولية بذلك.

وقد كتب أندريه سوزدالتسيف، المدرسة الاقتصادية العليا (موسكو) لوكالة "نوفوستي") مقالا ذكرت هيئة التحرير بانها غير مسؤولة عن وجهة نظر الكاتب وقد كشف الكاتب الي ان الكسندر لوكاشينكو اضطر بعد الخطوة المتشددة للغاية من جانب القيادة الروسية إلى إلغاء الرسم الذي فرض في نهاية عام 2006 على ترانزيت النفط الروسي. وقد سارع القسم الصحفي في مكتب لوكاشينكو إلى الإعلان أن المفاوضات في

روسيا في 12 يناير (كانون الثاني) ستختتم بنتيجة إيجابية لمينسك. وقد حمل رئيس الحكومة البيلوروسية معه إلى موسكو قائمة طويلة من القضايا التي تتطلب حسب رأي مينسك الحل فورا. ويتصدر هذه القائمة الرسم الجمركى على صادرات النفط الروسي إلى بيلوروسيا. وأن ثمن هذه القضية 6ر3 ـ 8ر3 مليار دولار سنويا. وستتحمل الميزانية الروسية هذا المبلغ بالذات في حالة تقديم القيادة الروسية تنازلات للجانب

البيلوروسي.

فإن بيلوروسيا تستورد من روسيا 21 مليون طن من النفط الخام في حين أن احتياجات السوق البيلوروسية الداخلية تتراوح بين 7 و5ر7 مليون طن من مشتقات النفط. وأما القسم الباقي من النفط الذي يجرى تكريره وتصينعه في المؤسسات البتروكيماوية البيلورسية فيباع إلى بلدان الاتحاد الأوروبي. بيد أن القطاع البتروكيماوي البيلوروسي لا يستطيع تكرير وتصنيع إلا ما لا يزيد على 18 مليون طن من النفط سنويا.

وتجرى إعادة بيع ما يقارب 3 ملايين طن من النفط إلى ليتوانيا وبولونيا خاما دون تكرير وبأسعار واطئة.

وإن الإيرادات التقريبية من تجارة النفط الروسي هذه تشكل ما لا يقل عن 550 مليون دولار. وتجدر إضافة ثمن بيع 11 مليون طن من مشتقات النفط التي تنتج من النفط الروسي بدون رسوم إلى هذا المبلغ. والحاصل يصل إلى ما يقارب 6 مليارات دولار. ويجدر هنا التذكير بأن مجمل إجمالي الناتج الوطني البيلوروسي يعادل 35 مليار دولار. كما أن لإعادة مينسك بيع النفط الخام الروسي تأثير سلبي على صادرات النفط الروسية إلى أوروبا من ناحية السعر.

وأن الغاز الطبيعي الروسي الذي تحصل عليه سلطات بيلوروسيا بأرخص الأسعار على مستوى أوروبا يتيح لها حتى الوقت الحاضر توفير أموال هائلة لخفض كلفة المنتجات الوطنية وكسب تعاطف الناخبين. وعلى سبيل المثال إن مبلغ الرواتب التقاعدية السنوي في بيلوروسيا يشكل 1ر2 مليار دولار. وأن التنازل الذي أقدمت عليه شركة "غازبروم" الروسية في سعر الغاز لبيلوروسيا في عام 2007 يعادل بالذات 1ر2 مليار دولار (مع رسم جمركي يزيد على 3 مليارات دولار). وان الغاز يؤمن للوكاشينكو بصورة أساسية التوفير.

فوفر النفط الروسي بدون رسم لمينسك مليارات الدولارات في الحسابات البيلوروسية في البنوك الغربية.

وأن هذه الأموال النفطية تجعل بيلوروسيا بهيئة البلد المزدهر. فبفضل هذه الأموال حصلت بيلوروسيا على سمعة جيدة في الخارج وجرى تمويل وسائل الإعلام والتنظيمات السياسية. وإن النفط الروسي الرخيص كان الأساس لبقاء لوكاشينكو في منصب الرئاسة فترة طويلة.

وأن القيادة الروسية باتخاذها في مايو (أيار) عام 2006 قرار نقل العلاقات الاقتصادية مع شريكها (بيلوروسيا) في دولة الاتحاد وفق ظروف السوق لم تراع أن العلاقات الاقتصادية مع روسيا بالنسبة للوكاشينكو تشكل أساس سلطته. وتبين أن موسكو لم تكن جاهزة للمشادة الضارية مع لوكاشينكو. وعرض الرئيس البيلوروسي أنه مستعد لاستخدام مختلف أساليب الصراع من أجل البقاء في الساحة السياسية.

ومع ذلك إن لوكاشينكو أخطأ أيضا. فلأول مرة في تاريخ العلاقات على مدى 12 سنة واجه هذه الضربة الجوابية المنسقة للغاية من جانب السلطة التنفيذية الروسية. فقد عبئ ضد الابتزاز البيلوروسي خلال ساعات معدودة كل جهاز الدولة الروسية الهائل. وتخلت السلطة التشريعية على الفور من الأوهام الإتحادية. ولم تتورط وسائل الإعلام على غرار مينسك فى حرب إعلامية واسعة الأبعاد. وفقد لوكاشينكو في النتيجة كافة دعائمه في موسكو. وبدل الطبقة السياسية الروسية المتنوعة المشغولة تقليديا بالمشاحنات وتشكيل كل منها ائتلافات معادية للأخرى واجه الرئيس البيلوروسي فجأة نخبة روسية متضامنة تماما.

وفي الحقيقة فقدت روسيا بعد 10 يناير (كانون الثاني) رسميا حليفا آخر. ولربما الأخير. ومع ذلك إن الخسارة ليست كبيرة لأن لوكاشينكو لم يكن على الإطلاق حليفا حقيقيا لروسيا. وتبين أن بيلوروسيا في ظل حكمه بعيدة عن روسيا أكثر مما إبان انهيار الاتحاد السوفيتي. وأن الكسندر لوكاشينكو بحصوله على امتيازات وتسهيلات اقتصادية من شريكه في دولة الاتحاد لم يستطع استثمارها بشكل فعال.

ولم يعد لدى مينسك الآن أي شيء تستطيع ابتزاز موسكو بواسطته وراء طاولة المفاوضات.

والقضية تتلخص في أن الجانب البيلوروسي أكسب المشاكل الاقتصادية بين موسكو ومينسك طابع أزمة دولية. وفى النتيجة اكتسبت قضية سلامة ترانزيت النفط صبغة سياسية وتطلبت التدخل على مستوى القمة.

وإن الكسندر لوكاشينكو بتورطه عن وعي في الطور النفطي من مرحلة الأزمة الروسية البيلوروسية المتعلقة بالطاقة أوعز ولربما دون رغبة ببدء العملية التي تهدم المشروع التكاملي الروسي البيلوروسي. ولدى السعي للصدام مع القيادة الروسية من أجل ثبات سلطته من المستبعد أنه حسب كافة النتائج.

وأعلن مصدر قريب إلى المفاوضات الروسية البيلوروسية أنه كان بوسع فرض بيلوروسيا الرسم على ترانزيت النفط أن يخلق سابقة دولية.

وبعد وصفه هذا الإجراء بأنه "غريب" أشار المصدر إلى أن إلغاء هذا الرسم كان أحد شروط روسيا الأساسية لبدء المفاوضات مع بيلوروسيا.

وقال المصدر إن روسيا بمطالبتها بإلغاء الرسم لم تحاول عرض قوتها أمام بيلوروسيا وإنما كانت تسعى إلى عدم السماح بنشوء سابقة دولية. وأضاف المصدر أن كافة شركاء روسيا التجاريين أيدوها في هذا.

وأكد أنه "لو خلقت بيلوروسيا مثل هذه السابقة فلن تتوفر لدينا عندئذ ضمانات من عدم فرض البلدان التي تقع على الشرايين التجارية الكبرى رسوما على الصادرات سعيا للكسب من هذا بالطبع".

وأنه من المقرر القيام خلال أسبوعين بتوقيع اتفاقية تتعهد بيلوروسيا بموجبها بإلغاء عشرات القيود التجارية بالنسبة للشركات الروسية.

فقال إنه سار في بيلوروسيا عدد هائل من القيود بشأن نشاطات الشركات الأجنبية. فهناك في ميدان النفط ومشتقاته 4 ضرائب إضافية تستحصل من شركات النفط وتكريره. كما توجد بالإضافة إلى ذلك حصص محددة لتجهيز البيرة ومنتجات التبغ والشكولاتة وسلع أخرى.

وقال إنه "وقعت بالأحرف الأولى يوم أمس اتفاقية تتعهد بيلوروسيا بموجبها بإلغاء هذه القيود".

وأشار المصدر إلى أن روسيا أخذت تبني نشاطاتها وفق قواعد منظمة التجارة العالمية وتم التوصل مع بيلوروسيا إلى اتفاق حول بناء العلاقات الثنائية بين الدولتين على هذا المبدأ.