وكالة التنمية الدولية الأميركية: واشنطن تعد خططا لمواجهة «كارثة إنسانية» في اليمن في ظل غياب حل سياسي

الخميس 12 مايو 2011 الساعة 05 مساءً / مأرب برس- متابعات
عدد القراءات 7003

قالت وكالة التنمية الدولية الأميركية (يو إس أيد) انها تعد لمواجهة ـ«كارثة إنسانية» في اليمن حال فشلت الجهود الحالية في التوصل إلى حل سياسي.

وشرح نائب مدير الوكالة دون ستاينبرغ: «إننا نأمل أن المفاوضات الحالية ستؤدي إلى انتقال سلمي (في السلطة) وأملنا أنه في حال تمت الاتفاقية التي يتوسط بها مجلس التعاون الخليجي سيمنع ذلك كارثة إنسانية».

وأضاف في حوار لصحيفة «الشرق الأوسط»: «هناك عوامل اجتماعية واقتصادية تساعد في خلق ظروف صعبة جدا»، لافتا إلى أن «احتياطات النقد الخارجي تستنزف بسرعة والنشاط الاقتصادي توقف في مناطق كثيرة بسبب المظاهرات». وتابع: «في حال استمرت الأزمة السياسية في زعزعة الوضع سيكون علينا تقديم إغاثة إنسانية كبيرة».

وبينما تمتنع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما عن التنديد مباشرة بحكومة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح مباشرة، إلا أن هناك أصواتا أميركية متزايدة تطالب بالإسراع بتنحيه وبدء عملية سلمية لانتقال السلطة في البلاد. وفي الوقت نفسه، هناك مخاوف أميركية من تبعات الأزمة الاقتصادية على البلاد، التي لها أبعاد إنسانية و أمنية.

ولم يخف ستاينبرغ مخاوف واشنطن من تواصل الأزمة السياسية، من الجهتين الإنسانية والسياسية. وقال إن «منذ نحو شهر، بدأنا نقلق من أن الوضع السياسي الحالي بالإضافة إلى تراجع الاحتياطات الأجنبية والتفكك الاقتصادي العام كل ذلك سينتج مخاوف إنسانية أكبر». وأضاف أن هذه المخاوف أدت إلى اتخاذ إجراءات عدة، منها تخزين المواد الغذائية وغيرها من مواد ضرورية «في حال كانت هناك حاجة لها». وبينما تعتبر «يو إس أيد» أن المظاهرات لم تؤد بعد إلى ترحيل أعداد كبيرة من اليمنيين داخل البلاد، إلا أنها حذرت من أن «صدمات سياسية أو اقتصادية» قد تؤدي إلى كوارث إنسانية.

 و قدمت الوكالة الأميركية للتنمية حتى الآن مساعدات طبية في مناطق عدة من اليمن على أثر المواجهات بين المتظاهرين والسلطات الأمنية، منها تزويد المساعدات الطبية لمستشفيات عدة مثل «مستشفى العلوم والتكنولوجيا» ومستوصفات طبية في صنعاء تعالج المتظاهرين. وتوقع ستاينبرغ أن قيمة المساعدات الطارئة قد تصل إلى 100 مليون دولار لهذا العام، قائلا: «نريد أن نكون إلى جوار الشعب اليمني وهو يواجه تحديا صعبا خلال الانتقال السياسي المقبل». وهذا المبلغ لا يشمل «مساعدات مكافحة الإرهاب» التي تقدمها واشنطن لصنعاء. وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قد ادعت أن الإدارة الأميركية أجلت مشروع تزويد اليمن بنحو مليار دولار من الدعم بسبب الاضطرابات الداخلية، إلا أن ستاينبرغ امتنع عن التعليق على هذا التقرير.

ومنذ فترة، تقدم «يو إس أيد» مساعدات لنحو 400 ألف نازح في شمال اليمن، بالإضافة إلى دعم مشاريع لتوليد فرص العمل وتزويد خدمات طبية وغذائية حول البلاد. وأوضح ستاينبرغ أن من بين مهام «يو إس أيد» هو في مجال «الحوكمة»، قائلا: «نحن ندعم السلطات المحلية في مناطق مختلفة في اليمن لتقديم الخدمات الأساسية وتقديم تمثيل جيد لشعوب تلك المنطقة».

وهناك مخاوف حقيقية على الاقتصاد اليمني، خاصة مع التقارير التي أفادت بأن اليمن أوقف إنتاج النفط يوم أمس بسبب الاضطرابات وعمليات تخريب. وبما أن إيرادات النفط تشكل نحو 75% من ميزانية الحكومة اليمنية، فمن المتوقع تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد. وقال ستاينبرغ: «هذه مسألة سياسية، ولكن تؤثر بشكل كبير على الحياة الاقتصادية في البلاد، وتعرقل الاستثمار وتزيد من الحاجة للمساعدات من دول أخرى»، مضيفا: «هذه التطورات تأتي في ظروف صعبة أصلا، مع نزوح الآلاف وتبعات اقتصادية من الأزمة الاقتصادية والمشكلات في مصادر أساسية مثل المياه». وأضاف: «نأمل أن يتم نقل السلطة وأن تكون هناك حكومة تمثل الشعب ومختارة بطريقة ديمقراطية قادرة على القرارات الصعبة الضرورية لإصلاح الاقتصاد».

وبدأت «يو إس أيد» ببرامج عدة قال ستاينبرغ إن من شأنها مساعدة «الانتقال» في السلطة، معددا برامج مثل محو الأمية وتزويد الدعم لتدريب عناصر من منظمات المجتمع المدني. وأوضح: «نحن نصع الخطوات الأساسية من الآن لمراقبة الانتخابات ووضع آليات لإجراء الانتخابات، كما أننا نشجع الحوار بين الأحزاب السياسية الحالية بالإضافة إلى تنظيم منظمات المجتمع المدني للتوصل إلى إجماع دولي حول نقل السلطة المتوقع». وأضاف: «سنكون هناك أيضا لدعم الحكم الرشيد حول البلاد، هناك حاجة كبيرة لتدريب موظفي الحكومة وإصلاح المؤسسات المالية، ونحن نقوم ببعض هذه الخطوات منذ فترة في اليمن».

وشدد ستاينبرغ على وجود «حالة مجهولة» تشكلها عملية الانتقال السياسي في اليمن، ولكنه شدد على أن الولايات المتحدة ستكون فعالة في اليمن خلال تلك الفترة. وفي الوقت الراهن، تعتمد «يو إس أيد» والحكومة الأميركية على المقاولين الأميركيين للقيام بهذه المشاريع، مما يضاعف تكلفتها، لكن في حال تم تغيير الحكومة تتطلع واشنطن إلى دعم المؤسسات اليمنية مباشرة. وأضاف ستاينبرغ: «أملنا هو مع تحسن الوضع في اليمن، يمكننا الانتقال من تزويد المساعدات الإنسانية المكلفة كثيرا إلى المساعدات المحددة لتوليد فرص العمل والعمل على مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد». وتدرس واشنطن خططا طويلة الأمد لاستقرار اليمن. وشدد ستاينبرغ على ضرورة أن تقدم الحكومة اليمنية المقبلة خدمات محسنة ملموسة للشعب اليمني، قائلا: «هناك احتمال تفاقم الأزمة الإنسانية إذا كان الانتقال السياسي لا يعكس تحسنا في احتياجات الشعب اليمني». ولفت إلى أن «هناك توقعات بأن يجلب التغيير السياسي تحسنا اقتصاديا واجتماعيا، وإذا لم يحدث ذلك ستواجه الحكومة الجديدة صعوبات سياسية».