الزنقة تضيق على القذافي

الأحد 03 إبريل-نيسان 2011 الساعة 04 مساءً / مأرب برس- الجزيرة نت:
عدد القراءات 8803

لم تعد الزنقة التي توعد بها العقيد معمر القذافي شعبه في أول خطاباته بعد اندلاع ثورة 17 فبراير واسعة مثل السابق، فالزنقة التي يقبع فيها القذافي اليوم ليست "زنقة الأحباب" التي جاءت في أهازيج أهل طرابلس الشعبية.

ففي آخر التطورات انشق أمين (وزير) الخارجية موسى كوسا الذي يعد صندوق نظام القذافي الأسود، وهو رجل الخفاء لعدة سنوات في ملفات الأمن الخارجي والمخابرات وقضايا الإرهاب والتصفيات الجسدية.

وإلى جانب ضربة انشقاق كوسا، اختفت شخصيات كثيرة من شاشات الفضائيات كانت تدافع عن الزعيم الليبي، أبرزهم ابنه الثاني سيف الإسلام، والقيادي في اللجان الثورية صالح إبراهيم، ورئيس تحرير صحيفة قورينا رمضان البريكي، وشخصيات لا مجال لحصرها يبدو أنها لا تجد جدوى في الدفاع عن قائد لا يعرف "حتى مكان إقامته".

شواهد العزلة

ويضاف إلى شواهد عزلة القذافي تعيين موسى إبراهيم ناطقا باسم الحكومة الليبية، وكان يدير سابقا مركزا متخصصا تابعا للجان الثورية مسؤولا عن تخريب المواقع الإلكترونية الليبية المعارضة، وتشويه صورة الصحفيين ونشطاء الإنترنت، لكن عنوان المركز العريض في العلن كان تحسين صورة الإعلام الجماهيري في الداخل والخارج.

زد على ذلك غياب أخبار استقبال القذافي لزعماء الدول والحكومات عن نشرة التلفزيون الليبي الرسمي، والتي حلت محلها برامج التهديد والوعيد والقتال إلى آخر قطرة دم.

ومما يؤكد عزلة القذافي وانفراط أتباعه تعيين وزير خارجية نيكاراغوا السابق ميغيل بروكمان مندوبا لليبيا في الأمم المتحدة، والذي عده ممثل المجلس الوطني الانتقالي المؤقت في الهيئة الأممية عبدالرحمن شلقم تزويرا.

إنجازات الثورة

مقابل وضع القذافي الذي لا يحسد عليه الآن تحقق ثورة 17 فبراير إنجازات سياسية ويقول أحد أعضائها، وهو الناشط الحقوقي مصطفى المانع إنها لم تصل إلى مرحلة التضييق الكامل على القذافي.

واعتبر المانع في تصريح للجزيرة نت مختلف الخطوات على الصعيدين السياسي والعسكري جبارة مقارنة بالوضع الليبي الراهن.

ففي ليبيا على مدى العقود الأربعة الماضية منع القذافي تأسيس الأحزاب والجمعيات السياسية، وتحولت البلاد إلى صوت واحد ولون واحد هو لون القذافي الأخضر.

وتصدر في مدينة بنغازي وحدها حاليا 10 صحف سياسية منذ اندلاع ثورة 17 فبراير تعكس تباين الأفكار والتوجهات السياسية الإسلامية والليبرالية والمستقلة التي غابت في عهد العقيد عن الساحة، وخرجت إلى العالم أصوات جديدة -حتى في المنظومة العسكرية- لا تحمل نياشين وأفكار وطموحات الزعيم.

ويضيف المانع أن الثورة التي عجز القذافي بكتائبه الأمنية المدججة بقوة السلاح والمرتزقة عن إخمادها، فإن رسالتها الأولى إلى المجتمع الدولي بأسره "نظام القذافي المعادي للإنسانية ليس بمقدوره الانتظام في سلك المنظومة الدولية".

وأكد الناشط الحقوقي أن هذا العالم الذي ارتبط مع طرابلس بمعاهدات "ليس من الصعب عليه استيعاب ليبيا الجديدة" الخالية من مركب القذافي، وأضاف أن ليبيا اليوم هي المؤسسات الديمقراطية الحرة واحترام آدمية الإنسان في جميع أصقاع الأرض والتعددية والدستور والحريات، مؤكدا في ختام حديثه أن رسالته إلى الداخل "ليس هذا حد المنى".

غياب الخطابات

ولاحظ المدون والناشط السياسي يوسف الترهوني غياب القذافي وابنه سيف الإسلام عن توجيه خطابات " تهديد" لأبناء شعبهم في الأيام الأخيرة.

وقال الترهوني في حديثه للجزيرة نت إن القذافي الأب ظهر لدقائق معدودة في باب العزيزية قبل أيام، أما سيف الإسلام فلم يخرج صوته "حتى عبر الهاتف".

وأشار إلى أن القذافي لن يتنحى بسهولة، أما إذا تمكنت قوات الثوار من اقتحام سرت فحينها سوف تنضم قبائل كبيرة مثل ورفلة وترهونة والفرجان إلى الثورة، ومن ثم لن نجد أي دائرة حول القذافي.

التطورات المتسارعة في جبهات القتال والسياسة تتجه إلى فرض مزيد من العزلة الدولية والإقليمية على رجل وصف نفسه بأنه الأول في القتال والسياسة والفكر والثقافة والرياضة، لكنه لم يجد غضاضة في إخراج مذيع على الهواء يحمل بندقية كلاشنكوف يتوعد بها شعبا ينشد الحرية.