صفارة إنذار اقتصادي تدوي في إسرائيل

الإثنين 20 نوفمبر-تشرين الثاني 2023 الساعة 09 صباحاً / مأرب برس_ وكالات
عدد القراءات 3116

 

تنطلق صفارة الإنذار في قاعة الإنتاج الواسعة، مما يعطي العمال لحظات قليلة لبلوغ الملجأ، في حدث بات روتينياً في هذا المصنع الواقع في جنوب إسرائيل ضمن مدى الصواريخ التي تطلقها فصائل فلسطينية من قطاع غزة.

مثل مجمل القطاعات الاقتصادية الاسرائيلية، تحاول مجموعة "راف – بريح" التكيف مع واقع فرضته حرب لا تحمل أي قواسم مشتركة مع سابقاتها بين إسرائيل والفلسطينيين.

حرائق في عديد المناطق في إحدى الغرف الآمنة، يقول المسؤول عن التطوير الدولي في المجموعة، رافيد بروش، "في الأسابيع الأولى من الحرب، كانت الإنذارات أكثر عدداً".

تم تجهيز الملجأ بمعدات مصممة في المصنع، إذ إن "راف-بريح" تعد شركة إسرائيلية رائدة في مجال الأبواب المصفحة والمقاومة للحريق وغيرها من التجهيزات التي توفرها للمساكن الخاصة والوزارات والسفارات في كافة أنحاء البلاد، غير أن وجود مقرها الرئيس ومصنعها في مدينة عسقلان الساحلية التي يبلغ عدد سكانها حوالى 150 ألف نسمة، يجعلها على بعد أقل من 10 كيلومترات عن قطاع غزة.

ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و"حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تطلق الحركة وفصائل فلسطينية أخرى بانتظام صواريخ باتجاه جنوب إسرائيل، وحتى بحال اعتراضها من قبل نظام "القبة الحديدية"، قد يتسبب حطامها بأضرار وفي بعض الأحيان تسفر عنه إصابات.

سقط أحد هذه الصواريخ في الـ10 من أكتوبر الماضي، على ممر مطل على ورش الإنتاج، بعدما اخترق السقف، ويقول المدير التنفيذي للشركة، إيدان زو-اريتز، إن ذلك "بعض من واقعنا".

ولكن على المستوى اليومي، يؤثر نقص اليد العاملة قبل أي شيء آخر على نشاط الشركة منذ بداية الحرب التي أعقبت هجوم "حماس" غير المسبوق على جنوب إسرائيل.

ويقدر إيدان زو-اريتز بأن المصنع يشغل حالياً يتراوح ما بين 60 و65 في المئة من قوته العاملة التي يصل عديدها في الأيام العادية إلى 600 موظف. ويقول "نحن نفتقر إلى الأيدي العاملة.

تم تجنيد بعض الموظفين في الجيش، بينما نُقل آخرون إلى مناطق أخرى لأسباب أمنية".

مغادرة المنازل إضافة إلى أكثر من 360 ألف جندي احتياط تمت تعبئتهم، اضطر ما لا يقل عن 125 ألف إسرائيلي إلى مغادرة منازلهم في جنوب إسرائيل أو في مناطق الشمال الحدودية مع لبنان، التي تشهد بشكل يومي تبادلاً لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" اللبناني.

ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة حيفا، بنيامين بنتال إنه على رغم أن المجتمع والاقتصاد الإسرائيلي معتادان على الأزمات، فإن "كل النزاعات الإسرائيلية الفلسطينية في السنوات الأخيرة كانت محدودة نسبياً مقارنة بالنزاع الحالي". غير أن بنتال، يؤكد أن بعض القطاعات تعاني أكثر من غيرها، مشيراً إلى أن "قطاع البناء متوقف"، ويوضح أن كثيراً من العمال الفلسطينيين كانوا يعملون فيه ألغيت تصاريح عملهم بسبب الحرب، إضافة إلى أن المواطنين العرب "لم يعد مرحباً بهم في ورش البناء في إسرائيل".

كذلك، يتأثر قطاع الفنادق والمطاعم بانخفاض ثقة المستهلكين، وفي مؤشر على القلق المحيط بالأجواء، انخفض حجم التعاملات عبر بطاقات الائتمان بنسبة 10 في المئة في البلاد بعيد وقوع هجوم "حماس" واندلاع الحرب، وبـ20 في المئة بعد بدء العمليات العسكرية البرية في غزة في 27 أكتوبر الماضي.

يبقى أداء قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي القوي الذي يمثل 18 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي أمراً حاسماً.

وفي استطلاع أُجري في نهاية أكتوبر الماضي بين 500 شركة في القطاع، أفاد 70 في المئة منها بأنه تم إلغاء أو تأجيل طلبيات ومشاريع مهمة منذ بداية الحرب.

وبينما خفض عديد من المعاهد الاقتصادية توقعات النمو للعامين 2023 و2024، يظهر بنك إسرائيل تفاؤلاً نسبياً، متوقعاً نمو الناتج المحلي الإجمالي 2.8 في المئة العام المقبل.

غير أن بنتال يشير إلى أن "السيناريوهات مرتبطة بعديد من الشروط، إذ إن تمدد الصراع في الشمال من شأنه أن يغير الوضع تماماً".

وبينما ستؤدي الحرب إلى إنفاق مليارات الدولارات الإضافية من ميزانية الدولة، وجه 300 محلل اقتصادي إسرائيلي رسالة مفتوحة إلى حكومة بنيامين نتنياهو في نهاية أكتوبر الماضي، وطالبوه باتخاذ تدابير عاجلة، متهمين إياه بأنه "لا يفهم حجم الأزمة الاقتصادية التي قد يواجهها الاقتصاد الإسرائيلي".

كان تقرير حديث صدر قبل أيام، من مؤسسة التصنيف الائتماني العالمية "ستاندرد أند بورز"، أشار إلى تزايد الأخطار الاقتصادية على إسرائيل ودول الجوار المباشر وربما المنطقة والعالم.

 أوقفت تراخيص العمال حتى جف قطاع البناء من اليد العاملة الفلسطينية بالكامل، في حين عاد كثير من العمال الأجانب إلى بلادهم خوفاً من الحرب، مما أخلى بدوره قطاع الزراعة من العمالة، الأمر الذي فرض على تل أبيب المسارعة للبحث عن بدائل، ومع استدعائها 360 ألفاً من مواطنيها لجيش الاحتياط، وإخلاء قطاعات كبيرة من جزء مهم من اليد العاملة وجدت إسرائيل نفسها في أزمة مستعصية ونقص غير مسبوق في الأيدي العاملة.

عمالة فلسطينية واسعة وفي إحصاء لمنظمة العمل الدولية، يظهر عمل نحو 200 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية وغزة في قطاعات الاقتصاد الإسرائيلي والمستوطنات، بزيادة الثلث عما كان عليه الوضع قبل عام، وهو ما يشير إلى نقص في العمالة بسبب الحرب الحالية.

ووفق بيانات المنظمة الدولية، يشكل العمال الفلسطينيون 57 في المئة من مكون العمال في قطاع البناء الإسرائيلي و13.5 في المئة من قطاع التجارة والمطاعم الفنادق، و12.9 في المئة بمجال التصنيع والخدمات و8.4 في المئة من قطاع الزراعة والصيد، و5.3 في المئة من قطاع الخدمات و2.4 في المئة من قطاع النقل والتخزين والاتصالات، في حين يعمل 40 ألف عامل آخرين بشكل غير رسمي داخل إسرائيل