عملة بريكس وتأثيرها على هيمنة الدولار

الجمعة 21 أكتوبر-تشرين الأول 2022 الساعة 10 مساءً / مأرب برس - وكالات
عدد القراءات 6144

 

تقود روسيا والصين مبادرات فك الدولرة بسبب تنافسهما الجيوسياسي مع أمريكا، وتُعد منظمة بريكس أفضل فرصة لتحقيق تلك الآمال، لاسيما مع انضمام الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا.

كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد صرح في خطابه أمام منتدى أعمال البريكس بأن الدول الأعضاء تعمل على تطوير عملة احتياط عالمية جديدة، ومن المفترض أن تكون تلك العملة بديلًا للإفلات من العقوبات الغربية لاسيما أن موسكو تعرضت لعقوبات غير مسبوقة بسبب الوضع الأوكراني.

وبهذا التصريح، يؤكد بوتين على أهمية الاعتراف بالدوافع غير المتجانسة لدول البريكس ليس فقط لتسهيل التجارة البينية في العملات المحلية، ولكن أيضًا باعتبارها جدار الحماية من العقوبات الغربية.
أهمية البرازيل لمنظمة بريكس

الصين هي الشريك التجاري الأكبر للبرازيل ومن المفيد لكلا البلدين استخدام العملات المحلية في التسويات الثنائية بينهما، ومع ذلك، فإن اعتماد البرازيل على الدولار واضح تمامًا؛ لأن ما يقرب من 90% من صادرتها مقومة بالدولار، علمًا بأن أمريكا تمثل 17% فقط من إجمالي صادرات البرازيل.

يمكن أن يدفع هذا الخلل صانعي السياسة البرازيليين إلى دعم تشكيل عملة احتياطية لدول البريكس، وكان الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا قد أعرب عن قلقه من هيمنة الدولار على التجارة البرازيلية وشجع فكرة استخدام دول البريكس كائتلاف لإزالة الدولرة.

ومع ذلك، فقد ضعف موقف البرازيل بشأن إزالة الدولرة بشكل كبير بعد أزمتها الاقتصادية الحادة في عام 2014، وصعود إدارة بولسونارو، فحينها اقتربت حكومته من القوى الغربية ولم تكن متسقة في دعم عملة احتياطي البريكس.

وتشير علاقة البرازيل الاقتصادية الوثيقة مع الصين وفي الوقت نفسه اعتمادها على الدولار الأمريكي إلى أن البرازيل لن تكون على الأرجح في طليعة خطط بريكس لإزالة الدولرة، لكنها قد تستفيد من مثل هذه المبادرات لأنها تبسط العلاقات التجارية مع الصين والاقتصادات الكبيرة الأخرى مثل الهند وروسيا.

مصالح روسيا

نظرًا لمصالحها الجيوسياسية، أرادت روسيا دائمًا الاستفادة من مجموعة البريكس لدفع فكرة إزالة الدولرة، وقد أدى الوضع الأوكراني الحالي إلى تعزيز مفهوم النظام المالي البديل الخالي من الهيمنة الغربية.

ودعمت إدارة بوتين خطة إزالة الدولرة لتقليل اعتماد روسيا على الدولار الأمريكي من خلال الحد من التسويات الدولية وإجراء الأعمال التجارية باستخدام عملات بديلة منذ أواخر عام 2018، ومنذ ذلك الحين، شدد الرئيس بوتين مرارًا وتكرارًا على الحاجة إلى مزيد من إزالة الدولار وحماية السيادة الاقتصادية لروسيا.

كما سلط نائب وزير الخارجية الروسي السابق، سيرجي ريابكوف، الضوء على مخاوف بلاده من استخدام الدولار في البنوك والتسويات الدولية، مؤكدًا أنه من الضروري التقليل من الاعتماد عليه.

بالإضافة إلى ذلك، تم الكشف عن أن أعضاء بريكس على استعداد للتعاون لتعزيز إصلاحات اللوائح المالية الدولية والتغلب على الهيمنة المفرطة لعدد محدود من العملات الاحتياطية.

الهند

في أغلب الأوقات، لا تعد الهند حليفة لا لروسيا أو الصين؛ ومن هنا تعتبرها الولايات المتحدة حليفًا قيمًا وشريكًا إستراتيجيًّا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وتعتبر الحكومة الهندية جهود روسيا والصين لتقليل استخدام الدولار أيديولوجية أكثر منها عملية ولا تدعم صراحة حشد دول البريكس لتحدي هيمنة الدولار، علاوة على ذلك، فإن المواجهات العسكرية الأخيرة بين الهند والصين تمنع الهند أكثر من دعم خطط الصين للتخلص من الدولار.

وفي الوقت نفسه، فإن هذا لا يعكس بشكل كامل موقف الهند من هيمنة الدولار الأمريكي، حيث استكشفت الدولة خططًا لتقليل اعتمادها على الدولار في الماضي، على سبيل المثال، في عام 2012، جمعت وزارة التجارة والصناعة الهندية فريق عمل لتحليل فكرة استخدام الروبية الهندية في التجارة الثنائية للهند ولاسيما في التجارة مع الدول المصدرة للنفط، كما أنشأت الحكومة الهندية فريق عمل متعدد الوكالات يضم ممثلين من وكالات صنع السياسات الاقتصادية الهندية لتجميع قائمة بالدول التي يمكن للهند أن تتاجر فيها بالروبية.

ويُذكر أن الهند واحدة من أكثر البلدان التي تعتمد على الدولار في الفواتير التجارية، لذلك فإن الزيادة في تقلبات العملات العالمية تحفزها على التخلص من الدولار.

ومن غير المرجح أن تلعب الهند دورًا واضحًا في أي خطة لمجموعة بريكس للحد من تأثير الدولار الأمريكي، ومع ذلك، يمكن أن تساعد في تقليل الاعتماد على الدولار من خلال دعم المبادرات التي تعزز استخدام العملات المحلية في التجارة والتمويل.

الصين

لطالما انتقدت الصين باستمرار هيمنة الدولار، ومع ذلك، فشل صانعو السياسة الصينيون في إعداد خطة دقيقة لزعزعة استقرار وضع عملتها الاحتياطية العالمية. وسلط تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والصين الضوء على قوة الدولار الأمريكي وقدرته على خلق حواجز أمام التجارة والتكنولوجيا الصينية، لكن في الوقت نفسه، فإن هذه الحواجز شجعت بكين على الابتعاد عن النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة وربما بناء مجال نفوذ مع دول البريكس.

وتعد الصين أكبر شريك تجاري في العالم وتتمتع بمكانة فريدة يمكنها من المساعدة في التخلص من الدولرة على الصعيدين الإقليمي والدولي، كما تلعب دورًا كبيرًا في تمويل التنمية في العديد من الدول الآسيوية والإفريقية.

جنوب إفريقيا

اتبعت جنوب إفريقيا خطط روسيا والصين لإزالة الدولرة، لكنها لم تروج بشكل مباشر أو تصوغ أي خطط خاصة بها، وقد تحسنت العلاقة بين الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا بشكل كبير منذ رفع العقوبات الأمريكية في عام 1991 بعد انتهاء الفصل العنصري.

وقد لا يكون لدى جنوب إفريقيا خطة شاملة لإزالة الدولار، لكنها تدرك تقلبات العملة الدولية، وخاصة الدولار الأمريكي.

وخلال قمة بريكس 2011، أعرب وزير التجارة والصناعة في جنوب إفريقيا، روب ديفيز، عن مخاوفه بشأن تقلبات أسعار الصرف والاعتماد على العملات الدولية غير المستقرة.

وفي قمة البريكس 2013، كرر الحاجة إلى تطوير بروتوكولات لتسوية التجارة في العملات المحلية، وأظهر أن تقلب العملات في البلدان النامية يتأثر بشكل مباشر بالديناميات الاقتصادية العالمية، مما يعرض عملتها للمخاطر.

وحفزت المعاملات والمخاطر المالية الناشئة عن هيمنة الدولار الأمريكي جنوب إفريقيا على المضي قدمًا في خطط بريكس لتعزيز استخدام العملات المحلية في التجارة.

خطط بريكس لتغيير النظام المالي

وقالت منظمة ORF: إن دول البريكس أظهرت تعاونًا متزايدًا وتعتزم تغيير النظام المالي الذي يهيمن عليه الدولار، وداخل المنظمة تقود روسيا والصين مبادرات إزالة الدولرة لحماية مصالحهما الناشئة عن تنافسهما الجيوسياسي مع الولايات المتحدة.

ودعمت الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا تغيير النظام المالي العالمي وخلق المزيد من الفرص لتعزيز استخدام العملات المحلية في التجارة الدولية، اتخذ جميع أعضاء بريكس خطوات لإزالة الدولار وتحسين استقلاليتهم في النظام المالي العالمي.

واختتم تقرير المنظمة قائلًا: السبب الأساسي لتطوير عملة أخرى هو معالجة هيمنة الدولار الأمريكي وبناء مجال نفوذ آخر، ويبدو هذا الأمر على أنه مصلحة وأولوية مشتركة لجميع دول التكتل لتنويع وتقليل مخاطر الصدمات الخارجية وصدمات العملة التي يسببها الدولار الأمريكي، وبالفعل، فإن الإفراط في الاعتماد على الدولار يفرض تحديات قد تجعل هذه الفكرة أمرًا ملحًّا لكنه أيضًا صعب المنال.