البروفيسور الشامي: اليمن من الدول التي تكاد كليات الزراعة فيها تقفل

السبت 28 فبراير-شباط 2009 الساعة 09 مساءً / مأرب برس - خاص
عدد القراءات 7583

طالب البروفيسور محمد الشامي بتغليب المصالح ألاقتصاديه العربية ألمشتركه على الإشكاليات السياسية وقال انه اذا وجدت الإرادة السياسية فسيتم حل مشكلة الغذا في الوطن العربي ,واضاف " علينا التفريق بين الاكتفاء الذاتي من الغذاء والأمن الغذائي فمن الصعب على بعض الدول العربية تحقيق الا كتفاء الذاتي من الغذاء، فلو نظرنا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة فلديها نسبة جيدة من الحليب والتمور والأسماك تصل إلى 90% من احتياجاتها من هذه المواد ونسبة 40% من البيض والخضار ولكنها بحاجة إلى الفاكهة والأرز واللحوم الحمراء، فلاكتفاء الذاتي يصعب تحقيقه في ظل زيادة الحاجيات وشح الموارد في بعض الحالات.

جاء ذلك في ندوة الأمن الغذائي العربي. . واقعه وسبل تحقيقه، والتي عقدت في دبي بالإمارات العربية المتحدة وتحدث فيها البروفيسور محمد الشامي لأهمية الموضع مأرب برس تنشر أهم ما تطرق إلية البروفيسور .

" اعتقد أن مشكلة الغذاء في الوطن العربي هي إحدى مشاكل التنمية التي تعاني منها بلداننا العربية والكل مجمع على وجود هذه المشكلة وتفاقمها، فبعد أن كان حجم الفجوة الغذائي في السبعينات نحو 10 مليارات دولار فإننا نتحدث اليوم عن 20 مليار دولار ولكن علينا أن نأخذ في الاعتبار أن هذا ما هو إلا انعكاس لعوامل التجزئة القائمة بين البلدان العربية وعلينا التفريق بين مفهوم الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، فالأمر يختلف إذا تحدثنا عن الأمن الغذائي لكل دولة عربية على حدة وعن الأمن الغذائي العربي المشترك، فالدول العربية تعاني منذ الأربعينات من عدم وصولها إلى تحقيق السوق الاقتصادية المشتركة.

وقد واجهت دول مثل الهند والصين مشكلة الغذاء وتخلصتا منها، بمعنى انه إذا وجدت الإرادة السياسية فسوف يتم انجاز الكثير ويكون هناك نتائج مثمرة، وإذا أردنا تشخيص المشكلة في الوطن العربي فإننا نعاني من مشكلة في المياه والموارد ومدى الاستغلال الأمثل لهذه الموارد. والأمن الغذائي هو قدرة الدولة أو مجموعة الدول على توفير الغذاء واستمراريته وتوفير القدرة الشرائية للغذاء أمام السكان، ويدخل فيها الجوانب الصحية للغذاء والجودة.

وبالنسبة لقدرة الدولة على شراء الغذاء فكما ذكر زميلي فقد تتوفر لدى الدولة القدرة المادية على شراء الغذاء ولكن قد لا تجد المصدر لشراء هذه المادة الغذائية، وبالتالي فكيف سيكون وضع الدولة التي ليس لديها مساحات زراعية كافية؟ فمشكلة الدول العربية في هذا الجانب لا يمكن أن تحل إلا بالتكامل والتعاون فيما بينها خصوصاً وأن 80% من مساحة الدول العربية هي أراض جافة أو شبه جافة ولا يملك سوى 05% من المساحات المائية السطحية على مستوى العالم مع أن مساحته تشكل 10% من مساحة العالم، وكما نعلم فإن المشكلة أيضاً هي مشكلة مياه فمتوسط حصة الفرد العربي من المياه حوالي 1000 متر مكعب سنوياً مقابل 7000 متر مكعب هي نسبة الفرد عالمياً.

وعندما نتكلم عن قضية التكامل العربي فلان 5,38%من المياه السطحية موجودة في الإقليم الأوسط وتشمل مصر والسودان وجيبوتي بينما نسبة 37% من المياه في شرق الوطن العربي مثل العراق وسوريا والأردن وفلسطين ولبنان ودول المغرب العربي حوالي 9% فقط والنسبة تتدنى إلى 4% في الجزيرة العربية، وهنا فان الموارد المائية هي متوفرة في بلدان معينة من الوطن العربي وهناك بلدان أخرى أكثر فقرا وهذا يؤكد أهمية المشاريع المشتركة والتكامل العربي.

وبالنسبة للفجوة الغذائية فبالإضافة لمبلغ الـ 20 مليار دولار التي تحدث عنها الزملاء فهناك أيضا 20 مليار دولار أخرى هي قيمة المدخلات الإنتاجية للصناعات الغذائية في البلدان العربية، ومعنى هذا أن هذه المبالغ الطائلة إذا أنفقت على هذا الجانب، فماذا عن بقية جوانب التنمية الأخرى؟ وبالنسبة للدول العربية الفقيرة فإن هذا سيشكل عبئاً ثقيلاً عليها وهنا تبرز أهمية الإشارة إلى موضوع التبعية للعالم الخارجي في موضوع الغذاء.

من ناحية أخرى فإن قطاع الزراعة في بعض البلدان العربية مثل الصومال والسودان يشكل مصدراً أساسياً من دخلها القومي بينما هناك دول أخرى يشكل قطاع الزراعة مصدراً اقل في دخلها القومي، وهنا فإن قضية التناسب بين القطاع الزراعي من الناتج المحلي في ظل وجود الموارد لها أهمية بالغة، وهذا يؤكد مرة أخرى أهمية التكامل العربي، فلو نظرنا إلى البلدان الكبيرة مثل كندا والهند والصين وأميركا فإن المساحات الشاسعة والتضاريس المختلفة.

بالإضافة إلى الإرادة القوية هي التي ساعدتها على حل مشاكلها في قضية الغذاء فمثلاً في الولايات المتحدة هناك ولايات لا يمكن أن تنتج كفايتها من المواد الغذائية ولكنها تعتمد على ولايات أخرى وكذلك الأمر في الهند والصين وكندا، وهنا تبرز ميزة الوطن العربي في مساحته الشاسعة وتنوع تضاريسه ولكن هل هناك استخدام أمثل للموارد؟

فالأراضي الصالحة للزراعة في الوطن العربي تقدر بنحو مليوني كيلو متر مربع لكن المستغل منها لا يزيد على 5% فقط، فقضية الاستغلال هذه مربوطة بقضايا تنموية أخرى مثل العلم واستغلال التكنولوجيا، فللأسف عندنا في بعض البلدان العربية كاليمن مثلاً تكاد كليات الزراعة فيها تقفل وبدأ الطلاب يبتعدون عنها مما يعني حصول تناقص في عدد الخبراء الزراعيين ولكن رغم ذلك إذا وجدت الإرادة السياسية مع إدراك حجم المشكلة فسوف يتم حل المشكلة من خلال التكامل العربي لأن أي دولة عربية غير قادرة على المشكلة لوحدها

* واضاف البروفيسورمحمد الشامي:علينا أن نطرح سؤالا حول مدى الاستفادة مما تم من مشاريع سابقة؟ وهل تمت الاستفادة الكاملة في بلداننا العربية المختلفة من مشاركاتها في المؤتمرات الدولية ؟ فأول مؤتمر عالمي للغذاء عقد في روما عام 1974 ثم تم إنشاء مجلس الغذاء العالمي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية بالإضافة لمنظمة الأغذية والزراعة الدولية والمجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية، وعند الحديث عن المشاريع الزراعية فقد تكون متواضعة في بعض البلدان بينما هناك مشاريع ذات طموحات كبيرة بين البلدان العربية ولكنها لم تصل إلى الحد المطلوب وما زالت المحاولات دائمة للنهوض بالزراعة والإنتاج الزراعي من خلال مجلس الوحدة الاقتصادية العربية والمؤسسات المنبثقة عن الاتفاقيات الثنائية بين الدول العربية والتي رغم أن عددها بالعشرات إلا أنها بحاجة للتفعيل.

وهنا يجب إعادة النظر في المشاريع القائمة وتلك المخطط لها حتى يتم الاستفادة القصوى منها، فتحقيق الأمن الغذائي مرتبط بالأوضاع الاقتصادية الأخرى مثل القطاعات الصناعية والتجارية والتكنولوجية، ومثلا عندما نقول إن إحدى دولنا العربية لديها ثروة حيوانية هائلة فعلينا أن نعود ونبحث عن مدى الاستخدام الحديث والميكنة سواء في تربية المواشي والزراعة وصيد الأسماك فالبلدان العربية لديها شواطئ واسعة ولكنها ما زالت تعتمد على الوسائل التقليدية في الصيد وهنا تكمن أهمية الاستثمار في إدخال التكنولوجيا إلى كل هذه المجالات.

حسن الإدارة

اقتصاديا نعرف أن الكثيرين يبتعدون عن الاستثمار في القطاع الزراعي لان المخاطرة فيه مرتفعة نظرا للتقلبات المناخية بالنسبة للزراعة واحتمال الإصابة بالأمراض بالنسبة للماشية وقضايا البيئة في عمليات صيد الأسماك، وبسبب أن العائدات من هذه القطاعات تأخذ وقتا أطول من القطاعات الأخرى سريعة العوائد مثل قطاعات العقارات والأسهم، وهنا يجب أن نعود إلى أهمية قضية تدخل الحكومات وتشجيعها للاستثمار في قطاعات الغذاء واعتقد أن الصناديق المالية لديها القدرة الكبيرة على المساهمة في هذا الجانب كما أن لدى أصحاب رؤوس الأموال الرغبة في الاستثمار في هذه المجالات.

ونحن عندما نتحدث عن القدرة على توفير الغذاء فان الدول ضعيفة القدرات الاقتصادية يصعب عليها توفير الغذاء لشعوبها فتحقيق الأمن الغذائي يعني القدرة على توفير السلع الغذائية والاستمرار في توفيرها بأسعار مناسبة لان الاستمرارية مهمة جدا لإبعاد جوانب القلق لدى المواطنين البسطاء ذوي الدخل المتواضع بالإضافة لضمان الجودة في السلع الغذائية وما يشمله ما نسميه الأمان الغذائي، فبعض الدول العربية للأسف ما زالت تستخدم الكيماويات والمخصبات لزيادة إنتاج الغذاء، كما يرتبط بكل هذه الأمور الجوانب التسويقية فالكثير من منتجاتنا العربية لم تصل إلى المستوى العالمي من التقنية والتخزين والتغليف وهذه المسائل يجب التركيز عليها في مشاريعنا المختلفة.

وعند الحديث عن مختلف المشتقات الغذائية وزيادتها علينا الاهتمام بعنصر الإنتاج، فلماذا عندنا تنخفض إنتاجية الهكتار عنه في الهند أو هولندا مثلا؟ فزيادة إنتاجية وحدة المساحة نفسها يجب أن نوليها اهتماما خاصا وهذا يتأتى بالبحث العلمي الزراعي وعند صرف أموال طائلة في منتجات زراعية اقل قيمة.

أما موضوع تنمية القطاع الزراعي من خلال المشاريع الكبيرة ودعم الناتج القومي المحلي فانا اتفق مع الأستاذ رضوان بأنه لم يعد الناتج المحلي هو المعيار الأساسي في هذا المجال فقد تكون التكاليف كبيرة في مجال تدمير البيئة وفي مجال الصيد الجائر للأسماك وتدمير المساحات الخضراء وانتشار التصحر واستنزاف المياه لإنتاج محاصيل زراعية يمكننا استيرادها بتكاليف اقل من إنتاجها، وهذا كله يمكن التوصل إليه من خلال الإدارة الجيدة لعناصر الإنتاج واستخدام القرار الصحيح.

ولو نظرنا إلى الكثير من المشاريع التي أقيمت في بعض البلدان العربية سواء كانت مشاريع محلية أو مشتركة فقد فشل بعضها فيما حقق الآخر النجاح وكانت أسباب الفشل عديدة وعلينا هنا تقييم أسباب الفشل لكي نستفيد مستقبلا من الأخطاء، وبعض هذه المشاريع كانت انعكاسا لأنظمة سياسية معينة واتخذت الطابع الشمولي الاشتراكي في قضاياه الإدارة وغيرها وقد كان لسوء الإدارة وخاصة في المشاريع الحكومية هو السبب الرئيسي لعدم نجاحها، كما اتخذت مشاريع أخرى طابعا رأسماليا ليبراليا ولكنها لم تكن مدروسة من مختلف جوانبها وكانت ارتجالية وعبارة عن ردود فعل ولذلك كانت النتائج سيئة.

كما أن ضعف البنية التحتية في الدول التي أقيمت فيها هذه المشاريع سواء في مجال وسائل النقل والتخزين والتصنيع وعدم الاهتمام بالمعايير ومواصفات الجودة أدى إلى ضعف القوة التنافسية لهذه السلع أمام السلع الأجنبية الأخرى المشابهة لها ،فلو دخلنا احد المحلات التجارية لوجدنا السلع الغذائية كالخضار والفواكه موجودة فيها من أقصى بقاع الأرض بسبب قدرتها التنافسية.

وتعاني دول الوطن العربي من الضعف في الكفاءة الاقتصادية في تطبيق السياسات الزراعية المختلفة مثل سوء إدارة القطاع الزراعي والإعلان عن مشاريع زراعية غير مدروسة بالإضافة إلى عدم كفاءة المتخصصين في هذه المجالات وتهرب الطلبة من دراسة التخصصات المتعلقة بالطب البيطري والزراعة، والقضية كلها مرتبطة بشمولية التنمية فلا يمكن أن نتحدث عن قطاع الزراعة بمعزل عن قطاع التعليم والإدارة والصناعة فكلها متداخلة مع بعضها بعضا.

وعلينا إقناع أنفسنا بالمصالح الاقتصادية بين دولنا العربية بغض النظر عن بعض الإشكاليات السياسية فليس من العقلانية الانتظار حتى تتم التوافقات السياسية وهنا يجب إعادة النظر في المصالح العربية المشتركة وتنفيذ المشاريع الثنائية المتفق عليها والاهتمام بزيادة الإنتاج كما وكيفا لمواجهة الزيادة المتوقعة في عدد سكان الوطن العربي الذي سيصل إلى 450 مليون نسمة عام 2030 ويمكن الاستفادة من تجارب الدول الأوروبية والآسيوية في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين القطاع الزراعي عن طريق الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة وتطوير التقنيات والاهتمام بالبحث العلمي وتطوير الصناعات المرتبطة بالإنتاج الزراعي

* عميد كلية الاداره والاعمال ، شبكة جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا

مدير اعمال تكنوسفير دبي للتميز