معركة مأرب.. عندما يقاتلك العدو ويتآمر عليك الحليف..؟

الأحد 07 يوليو-تموز 2019 الساعة 11 صباحاً / مأرب برس-اخبار اليوم
عدد القراءات 8391


يبدو أن الركود السياسي والعسكري الذي أصاب الملف اليمني، عقب اتفاق السويد، بدأ يتدفق من جديد وأخذ منحنى تصاعدياً في الأحداث الداخلية في البلاد. 
يتزامن صعود مؤشر الأحداث في اليمن مع الحراك الدبلوماسي الذي يقوده المبعوث الأممي "مارتن غريفيث" لـ«تبييض» صفحته لدى الحكومة الشرعية في اليمن، بعد أن أعلنت الأخيرة القطيعة معه واتهامه بعدم «النزاهة» في تنفيذ اتفاق السويد وإعادة الانتشار بالحديدة وموانئها، والمتزامن- أيضاً- مع الانسحاب الإماراتي الجزئي المزعوم من قاعدة "صرواح" بمأرب في 1 / يوليو / 2019. 
مأرب.. شرقي اليمن، كانت مسرح الأحداث هذه المرة، فقد شهدت المحافظة محاولة لبعض العناصر الخارجة عن القانون لزعزعة الأمن في المدينة الغنية بالنفط. 
فبحسب مصادر أمنية في محافظة مأرب، فإن مسلحين خارجين عن القانون على متن سيارة شاص، أقدموا على إطلاق النار على أفراد النقطة بعد مشادة لمحاولة تفتيشهم والتأكد من شخصياتهم، في المدخل الجنوبي لمدينة مأرب. 
وأسفر هذا الهجوم عن مقتل جندي من أفراد قوات الأمن الخاصة وإصابة آخر يوم الاثنين الماضي الموفق 1 / يوليو / 2019، إثر إطلاق المسلحين النار على نقطة تفتيش أمنية. 
عقب هذه الحادثة أصدرت النيابة العامة، أوامر للأجهزة الأمنية بالمحافظة بإلقاء القبض على كلٍّ من المدعو حسين صالح الباروت الأمير، وناجي صالح الباروت الأمير، وسعيد حمد الباروت الأمير وآخرين. 
والمتهمون قاموا بأعمال تخريبية وإقلاق الأمن والسكينة العامة والتقطعات والقتل للمواطنين وآخرها الاعتداء- يوم الاثنين الماضي- على دوريات للشرطة في مفرق السد، مما أسفر عن مقتل اثنين من أفراد الشرطة وجرح اثنين آخرين. 
وزارة الداخلية من جانبها أطلقت يوم الثلاثاء 2/ يوليو / 2019، حملة أمنية مشتركة من قوات الأمن وقوات المنطقة العسكرية الثالثة، لضبط العناصر الخارجة عن القانون التي صدرت بحقها الأوامر القضائية، وفرض الأمن وبسط نفوذ الدولة في جميع المناطق جنوب مدينة مأرب. 
وأسفرت هذه الحملة لملاحقة العناصر الخارجة عن القانون عن مقتل نائب مدير أمن مأرب العقيد "مجاهد مبخوت الشريف" الثلاثاء في اشتباكات مع العناصر التخريبية، بالإضافة إلى إصابة ثلاثة آخرين من أفراد الشرطة. 
في خضم هذه التطورات في محافظة مأرب، تمكنت الحملة الأمنية من تطويق المنطقة التي تؤوي هذه العناصر المطلوبة أمنياً، لكن وساطات قبلية حالت من اقتحام القوات الأمنية للمنطقة. 
صباح الأربعاء الماضي تفاجأت الحملة الأمنية والعسكرية بقيام العشرات من قبيلة المطلوبين أمنيا بتفجير الوضع عسكرياً وإطلاق النار من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، على القوات الأمنية والعسكرية، ما تسبب في توسع الاشتباكات. 
في صباح يوم الجمعة الموافق ٥/ يوليو/ ٢٠١٩ تمكنت الحملة الأمنية بمحافظة مأرب من السيطرة على منطقة المنين وكر العناصر الخارجة عن القانون" بشكل كامل، بحسب ما أعلنه موقع وزارة الداخلية 
ونقل موقع الوزارة عن مصدر أمني بالحملة الأمنية المشتركة بمأرب، قوله إن الحملة الأمنية تمكنت، صباح الجمعة، من السيطرة بشكل كامل على منطقة المنين. 
وأضاف المصدر، أن الحملة المشتركة ضبطت عددا من العناصر الخارجة عن القانون من المطلوبين قضائيا وأنه سيتم إحالتهم للجهات القضائية. 
وتابع إن قوات الحملة المشتركة تواصل عمليتها لفرض الأمن وبسط نفوذ الدولة في جميع المناطق جنوب مدينة مأرب، مؤكدا ‏أن الحملة الأمنية المشتركة لن تتهاون مع أية عناصر خارجة عن النظام والقانون وستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه زعزعة الأمن والاستقرار والسكينة العامة وتقويض السلم الاجتماعي. 
* استهداف " العرادة"

عقب هذه الأحداث الدامية في محافظة مأرب، حاولت جماعة الحوثي الانقلابية الاستفادة من حالة الفوضى الأمنية، والتي يتهمها مراقبون بتمويلها ودعمها عبر الهجوم الباليستي الذي استهدف منزل محافظ مأرب اللواء "سلطان العرادة" يوم الخميس الماضي ما أدى إلى وقوع أضرار كبيرة في المنزل في مديرية الوادي جنوب شرق المحافظة، فجر الخميس. 
التقارير الأمنية تحدثت عن انطلاق الصاروخ الحوثي من منطقة "الكفي" الواقعة في مديرية صرواح، في الأطراف الغربية من مدينة مأرب، واستهدف منزل محافظ مأرب الشيخ سلطان العرادة. 
وبحسب التقارير فإن الصاروخ أطلق من على بعد 45 كلم، وتحديداً من منطقة حباب- التي يتمركز فيها الحوثيون، غربي مأرب- وأوقع دمارا كبيرا في منزل الشيخ العرادة، دون أن يسفر عن خسائر بشرية. 
وتداول ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً لمنزل محافظ مأرب، بعد تعرضه لقصف صاروخي من قبل الحوثيين. 
وتعد هذه العملية الأولى من نوعها التي يشنها المتردين الحوثيون على محافظة مأرب، بعد الأنباء التي تحدثت عن بدء سحب الإمارات قواتها وعتادها من اليمن، بما فيها منظومة باتريوت من المحافظة الغنية بالنفط. 
* سيناريوهات الهجوم الحوثي 
يرى نشطاء يمنيون أن الهجوم الحوثي الأخير الذي استهدف منزل الشيخ العرادة، كانت محاولة تسعى لها الحملة الأمنية عن هدفها وحرف مسارها، لتخفيف الضغط الأمني على العناصر الخارجة عن القانون، المتهمين بتلقي تمويل مالي من جماعة الحوثي الانقلابية. 
رأي آخر للناشطين اليمنيين يرى بأن كل تلك الاضطرابات الأمنية التي افتعلتها بعض العناصر الخارجة عن القانون والمقربة من دوائر السلطات الانقلابية كانت تسعى إلى لفت انتباه السلطات الأمنية والحكومة نحو القضاء على هذا التمرد الدخيل على السلطات في مأرب، في الوقت الذي يوفر القدرة الكافية لاستهداف أحد أهم ركائز الحكومة الشرعية في مأرب ممثلة في محافظها الشيخ سلطان العرادة. 
فريق ثالث يتطرق إلى اتهام دولة الإمارات الشريك الثاني في التحالف العربي، بتمويلها وإشرافها على زعزعة الأمن في مأرب، من خلال عدة سيناريوهات تكمن في الآتي: 
1-زعزعة الأمن في المحافظات الخارجة عن نفوذ أبوظبي، ونقل تجربة محافظة تعز التي تحاول الإمارات التوغل فيها من خلال جماعة أبو العباس المصنف في قوائم الإرهاب، إلى محافظة مأرب عبر دعم بعض القبائل التي كانت تدين بالولاء لحليفها السابق علي عبدالله صالح. 
سياسة تسعى إلى خلق صراع قبلي جديد في محافظة مأرب يمكنها من وضع قدم لها هناك، ويسهل عليها السيطرة التامة على الحوض النفطي الممتد من مأرب إلى شبوة. 
2- إشغال الحكومة الشرعية في معارك أمنية داخلية في أهم معاقلها (مأرب) وإلهائها عن معركة شبوة التي تدفع بكل ثقلها للسيطرة عليها. 
3- قياس نبض الحس الأمني والعسكري للحكومة الشرعية في محافظة مأرب ومدى تأثيرها على معركتها القادمة في شبوة من جهة، ومدى القبول المجتمعي لفكرة الدولة والحكومة الشرعية من جهة أخرى. 
كل ذلك ليس في منأى عن التقارب الإماراتي مع جماعة الحوثي الانقلابية اللذين يسعيان لتوجيه أقوى ضربة للحكومة الشرعية باستهداف الرجل الأول في مأرب الشيخ "سلطان العرادة"، والرافض لتوجد الطرفين في المحافظة. 
* الخلاصة 
أثبت محافظة مأرب- خلال رحى الحرب- أنها تجربة فريدة في إيمانها بالدولة اليمنية، وأن المدينة الوحيدة التي تتمرد ضد كل متمرد على فكرة وجود الدولة التي تحتضنها. 
فالعوامل اختلفت والانتصارات المدفوعة مسبقاً التي يروج لها الرافضون للدولة والحكومة الشرعية قد تجاوزتها محافظة مأرب، نتيجة الوعي المجتمعي والقبلي، الرافض لمشروع المليشيات الخارجة عن إطار المؤسسة العسكرية والأمنية، والجامع على التمسك بمشروع الدولة اليمنية الوحدة

marebpress