السلام في اليمن رهن اتفاق هش مع دخول عمليات التحالف عامها الخامس

الإثنين 25 مارس - آذار 2019 الساعة 08 صباحاً / مأرب برس- وكالات
عدد القراءات 1761

  


يدخل النزاع في اليمن منذ تصاعده مع بداية عمليات التحالف بقيادة السعودية، عامه الخامس، من دون أفق حقيقي لحل قريب، رغم الاختراقات السياسية والعسكرية المهمّة التي شهدها في الأشهر الـ12 الماضية.

فبعد نحو أربع سنوات من الضربات الجوية والقتال على الارض، لا تزال قوات الحكومة المدعومة من قبل التحالف عاجزة عن الانتصار على المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، بينما تهدّد الأزمة الانسانية ملايين السكان بالمجاعة. وتوصّلت السلطة المعترف بها دوليا والمتمردون في السويد في كانون الاول/ديسمبر إلى اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية المطلة على البحر الاحمر، بعد أسابيع من نجاح قوات الحكومة في دخولها لأول مرة.
 
وأثار الاتفاق آمالا لدى اليمنيين بالتوصّل إلى اتفاق سلام شامل في وقت قصير، خصوصا في ظل الضغوط الاميركية والدولية التي تعرّضت لها السعودية على خلفية قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول وتفاقم الأزمة الانسانية في اليمن. لكن الطرفين لم يحترما اتفاق الهدنة في الحديدة حيث يقع ميناء حيوي يعتمد عليه ملايين السكان، ولم يتبادلا الاسرى، ورفضا الانسحاب من المدينة الساحليّة بعدما تبادلا الاتهامات بخرق التفاهمات.
 
وقالت المحلّلة في "مجموعة الأزمات الدولية" إليزابيث ديكنسون لوكالة فرانس برس "تحقّق اختراق في السويد، لكنه كان في الحقيقة معنويا". ورأت ان الاتفاق يواجه "تأجيلا وعقبات وتراجعا"، وتطبيقه على الأرض "لم يكن سهلا أو سريعا"، إلا انه لم يمت بعد ، وبموجب الاتفاق، أوقفت القوات الحكومية حملتها العسكرية للسيطرة على مدينة الحديدة بعدما دخلتها من جهتي الشرق والجنوب في تشرين الثاني/نوفمبر لأول مرة منذ سيطرة المتمردين عليها في 2014.
لكن توقّف هذه الحملة التي تقودها الامارات، الحليف الرئيسي في التحالف العسكري بقيادة السعودية، بدا رهنا بتنفيذ الاتفاق، وبالتالي انسحاب المتمردين من المدينة، ما يضع الحديدة أمام إمكانية عودة الحرب إلى شوارعها في أي وقت.
وفي 31 كانون الاول/يناير الماضي، هدّد التحالف بأنه سيستخدم "قوة أكبر" لدفع المتمردين اليمنيين لتنفيذ اتفاقات السويد.
من سوريا إلى اليمن
انعقدت محادثات السويد مع تزايد الضغوط على الدول الكبرى للتدخل لمنع حدوث مجاعة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، وفي خضم أزمة جريمة قتل خاشقجي التي أضرّت بصورة المملكة، ما دفع بخبراء في الشأن اليمني للقول ان هذه المحادثات هي أفصل فرصة لوضع اليمن على طريق السلام.  واثارت صور أطفال يمنيين يعانون من سوء التغذية بأجسادهم النحيلة للغاية والعاجزة عن الحركة استنكارا وغضبا في العالم، ما تسبب للسعودية خصوصا بإحراج، كونها أحد أبرز أطراف النزاع.
 
وفي واشنطن، صوّت مجلس الشيوخ الذي يُسيطر عليه الجمهوريّون في منتصف آذار/مارس لصالح نصّ يدعو إلى سحب القوّات التي تُقدّم الدعم للتحالف بقيادة السعوديّة في الحرب باليمن، إلّا في حال الحصول على إذن رسمي من الكونغرس. وجاء ذلك بعد أشهر قليلة من اعلان القوات الاميركية وقف تزويد طائرات التحالف بالوقود في الجو، وسط ضغوط تصاعدت في خضم قضية خاشقجي. ورغم هذه الضغوط، رأى الخبير في شؤون الدفاع والباحث في شؤون الأمن في جامعة سيدني ألكسندر ميترسكي ان "أطراف النزاع في اليمن، وبينهم التحالف بقيادة السعودية، لا يظهرون أي ضعف".
 
إلا أنه اعتبر ان الضغوط على التحالف يمكن ان تدفع نحو محاولة تحسين الوضع الانساني فقط. وأوضح "الضغوط الدولية المتصاعدة على التحالف بقيادة السعودية قد تفتح الباب أمام تدفّق مساعدات انسانية أكبر في اليمن. كما أن هذه الضغوط قد تتزايد في حال انتقال الاهتمام من سوريا إلى اليمن".
 تحدّيات وعقبات
والحرب في اليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربيّة، مستمرة منذ 2014.
وأوقعت الحرب حوالى 10 آلاف قتيل منذ بدء عمليات التحالف في 26 آذار/مارس 2015، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، في حين تقول منظمات حقوقية مستقلة إن عدد القتلى الفعلي قد يبلغ خمسة أضعاف ذلك.
وتسبب النزاع بأسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب الامم المتحدة، التي تقول ان نحو 22 مليون يمني (ثلاثة أرباع عدد السكان) في وضع صعب إذ يحتاجون إلى مساعدة غذائية، وبينهم حوالى 14 مليونا نصفهم من الأطفال يواجهون خطر المجاعة ، وقالت رئيسة مجلس حقوق الإنسان في الامم المتحدة ميشيل باشليه إن قتل وإصابة الأطفال في اليمن مستمر بوتيرة مقلقة رغم اتفاق الهدنة في الحديدة. وأوضحت "منذ اتفاق ستوكهولم في 13 كانون الأول/ديسمبر، لا يزال ثمانية أطفال يقتلون أو يصابون في اليمن يوميا".
وقتل 12 طفلا وعشر نساء في آذار/مارس الحالي في عمليات قصف أصابت منازل مواطنين في محافظة حجة الواقعة شمال غرب العاصمة صنعاء. واتّهم المتمردون طائرات التحالف بالوقوف خلف الهجوم. وبينما يستمر القتال، يبدو اتفاق السويد، رغم هشاشته، الامل الوحيد بامكانية التوصل إلى حل ولو على المدى البعيد.
وقالت ديكنسون "اتفاق السويد حي ما دام الطرفان يفضّلانه على المواجهة العسكرية في الحديدة"، مضيفة "العقبات والتحديات ضخمة"