لماذا انقلبت «واشنطن »على التزاماتها المالية تجاه وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين

الثلاثاء 04 سبتمبر-أيلول 2018 الساعة 10 مساءً / مأرب برس-وكالات
عدد القراءات 2370

 

توالت على مدى نهاية الأسبوع بيانات التنديد والاستنكار العربية والدولية بقرار واشنطن التوقف نهائيا عن تسديد حصتها - البالغة حوالي 30% - من مجموع ميزانية تمويل عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

وتعود بداية تنفيذ القرار الأمريكي إلى مطلع العام الجاري عندما حجب الرئيس دونالد ترامب 300 مليون من أصل 360 مليون دولار من حصة المساهمة الأمريكية في تمويل وكالة "الأونروا" للضغط على الوكالة بهدف إدخال "إصلاحات" على عملياتها في مساعدة الفلسطينيين من جهة، وإجبار القيادة الفلسطينية على العودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل.

وتتهم الإدارة الأمريكية الوكالة الدولية بالاستمرار في تضخيم أعداد الفلسطينيين المستفيدين من المساعدات التي تقدمها. ففيما تقول الوكالة إنها توفر خدمات ومساعدات عالية الجودة لأكثر من 5,4 مليون لاجئ فلسطيني، موزعين بين الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة والأردن ولبنان وسوريا، ترى الإدارة الأمريكية ومعها إسرائيل أن العدد الحقيقي للاجئين أقل بكثير.

وبررت واشنطن قرارها بأنها ظلت تمول نسبة كبيرة من ميزانية الوكالة وأن الوقت حان لتتحمل الدول الأخرى الجزء الأكبر من عبء تمويل "الأونروا". علاوة على ذلك بدا القرار الأمريكي وكأنه انتقام من القيادة الفلسطينية التي انتقدت بشدة قرار الرئيس ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس ورفضت العودة إلى المفاوضات مع إسرائيل ما لم تتوقف عملية الاستيطان في الأراضي المحتلة.

وكانت المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة قد أشارت إلى التصريحات الفلسطينية المنددة بالقرار الامريكي بشأن القدس. وقالت إن سيل انتقادات السلطة الفلسطينية لأمريكا لا يتوقف.

وبمجرد صدور القرار الأمريكي رسميا تسارعت الردود العربية والدولية عليه. ففي رام الله توقع رياض المالكي وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني أن يؤدي القرار " إلى ردود فعل قوية من دول عدة لا تقبل سياسة البلطجة الأميركية حيال ملف اللاجئين الفلسطينيين ووكالة "الأونروا" وأضاف "أن المجتمع الدولي سينبري من جديد لمواجهة السياسة الحمقاء للإدارة الأميركية التي تظهر الجهل مع الحقد تجاه القضية الفلسطينية وفي مقدمتها ملف اللاجئين."

وفي غزة أصدر حسام بدران عضو المكتب السياسي لحركة حماس بيانا جاء فيه "لقد أقدمت الولايات المتحدة على خطوة خطيرة لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين التي تشهد على مأساتهم منذ طردهم من قراهم ومدنهم على يد العصابات الصهيونية عام 1948." ودعا بدران "الأحرار في العالم والمجتمع الدولي ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان إلى التصدي للسياسة الأمريكية تجاه الفلسطينيين والتي تنتهك القانون والمعاهدات الدولي وتنحاز لإسرائيل."

وفي القاهرة عبر السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية عن قلق بلاده البالغ إزاء الأوضاع الإنسانية للاجئين الفلسطينيين، لاسيما مع تزايد التضييق على وكالة الأونروا وعدم تمكينها من الاضطلاع بدورها الهام في رعاية الشئون الحياتية والضرورية للاجئين. وتابع قائلا: "نطلب من دول العالم رفض هذا القرار، وتوفير كل الدعم لوكالة (الأونروا) احتراما لقرار الأمم المتحدة المنشئ لها."

وفي إسرائيل رحب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالقرار الأمريكي واعتبر "الأونروا" مؤسسة خاصة أقامها الفلسطينيون قبل 70 عاما "ليس بهدف استيعاب اللاجئين بل بهدف تخليد كونهم لاجئين". وأضاف: "يجب إلغاء مؤسسة اللجوء الفلسطيني وتحويل أموالها لإعادة تأهيل اللاجئين. فعددهم الحقيقي جزء قليل جدا من العدد الذي تعلنه وكالة "الأونروا."

وفي عمان حذر سامي مشعشع المتحدث الرسمي باسم الأونروا من احتمال نفاد ميزانية الوكالة بنهاية الشهر الجاري. وقال في بيان صادر عنه، في إشارة الى القرار الامريكي: "إن دولة واحدة لا تقرر مصير الوكالة. فهي قامت بفضل اتفاق دولي. هناك 167 دولة تدعم الأونروا وستصوت لتمديد مهامها في الجمعية العامة. نتوقع من هذه الدول رفع حجم مساهماتها لتغطية العجز المالي الذي خلفه القرار الأمريكي حتى تستعيد الوكالة استقرارها المالي."

على خلفية هذه الأزمة المالية المحدقة بميزانية وكالة الأونروا والتي أحدثها القرار الأمريكي، بدأ مسؤولوها في استقبال 526,000 فتاة وصبي من الفلسطينيين في مدارسها وسط مخاوف من أن الفشل في سد عجز ميزانيتها سيؤدي إلى كارثة إنسانية تضرب منطقة الشرق الأوسط عموما والفلسطينيين على وجه الخصوص.