آخر الاخبار

الدول التابعة لإيران تتصدر قائمة أكثر شعوب العالم بؤسا.. لبنان اولا وسوريا ثانيا واليمن رابعا .. تفاصيل إسرائيل تفرج عن مراسل قناة الجزيرة بعد 12 ساعة من الاعتقال قيادات وطنية وسياسية وإجتماعية في ضيافة عضو مجلس القيادة الرئاسي د عبدالله العليمي أجواء مشحونة بالتوتر تسود حي شميلة بصنعاء عقب مواجهات مسلحة بين مواطنين وميلشيا حوثية منعت صلاة التراويح وإعتقال مقربين من الشيخ صالح طعيمان تفاصيل لقاء السفير السعودي آل جابر بالرياض مع المبعوث الأممي إلى اليمن حريق مفاجئ يتسبب في مضاعفة معاناة النازحين في مخيم النصر بمأرب جراء التهام النيران كافة الممتلكات الخاصة ولاضحايا عاجل : 10 غارات أمريكية بريطانية تستهدف مواقع  المليشيات الحوثية في اليمن .. تفاصيل اليمن تسلم مسئولة أممية خطة للتعامل مع كارثة السفينة الغارقة روبيمار الجيش السوداني يسحق هجوما مباغتا لقوات الدعم السريع من ثلاث محاور في الخرطوم عدن : تكريم 44 خريجًا من الحفاظ والحافظات لكتاب الله

تقاربت مع أمريكا وطمأنت روسيا وإيران.. كيف نجحت تركيا في الاستفادة من الجميع

الثلاثاء 19 يونيو-حزيران 2018 الساعة 08 مساءً / مأرب برس - محمد الجوهري
عدد القراءات 6728

 

 

رغم ظهور تحليلات تدعم هذا الأمر، إلا أنه من المبكر القول إن تقاربا أمريكيا تركيا حدث خلال الأسابيع الماضية من شأنه أن يؤثر على قوام التحالف الثلاثي بين أنقرة وموسكو وطهران، والذي تشكلت ملامحه من رحم الأزمة السورية.

لا تزال ملامح التقارب الأمريكي التركي الأخير تعاني من بعض التشوهات، وهو أمر لا يزال مطمئنا إلى حد ما لروسيا، التي كانت تنظر بارتياح إلى ما يمكن اعتباره ابتزازا أمريكيا متواصلا لتركيا، جعل أنقرة تراوح بين وضع الضعف والاحتياج إلى موسكو بشكل شبه دائم.

الآن، يبدو أن المعادلة في طريقها إلى التغير، بعد أن استطاعت تركيا كسر ضلعين من مثلث الأزمات مع الولايات المتحدة، والذي كان متكونا من (أزمة دعم واشنطن لمسلحي الأكراد في سوريا وأحيانا بالعراق – أزمة استضافة زعيم حركة الخدمة فتح الله كولن على الأراضي الأمريكية ورفض تسليمه لأنقرة التي تتهمه بقيادة محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/تموز 2016 – أزمة صفقة مقاتلات «إف-35» من واشنطن إلى أنقرة).

الثمرة الأولى جاءت بعد زيارة وزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو» إلى الولايات المتحدة أوائل الشهر الجاري، والاتفاق على خارطة طريق مع نظيره الأمريكي «مايك بومبيو» حول وضع مدينة منبج بالقرب من الحدود السورية التركية، والتي يسيطر عليها مسلحو وحدات حماية الشعب، التي تعتبرها تركيا تنظيما إرهابيا.

الخارطة المتفق عليها وضعت جدولا زمنيا صارما وسريعا لسحب الميليشيات الكردية من منبج، وخلال الساعات الماضية، دخلت قوات عسكرية تركية إلى المدينة، وسيرت دوريات مشتركة مع نظيرتها الأمريكية.

أما الضلع الثاني من مثلث التوتر بين واشنطن وأنقرة، فيبدو أنه في طريقه للحل أيضا، وذلك بعد إعلان وزير الخارجية التركي إبلاغ واشنطن أنقرة بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي فتح تحقيقات موسعة حاليا تتعلق بتنظيم «فتح الله كولن» في حوالي 20 ولاية أمريكية.

 

وخلال كتابة تلك السطور، جاءت الأنباء عن دخول القوات التركية أيضا إلى مدينة تل رفعت السورية، الواقعة شمال محافظة حلب، وهي خطوة لم تكن لتتم إلا بموافقة وقرار روسي.

التطور السابق تحديدا يشير إلى أن روسيا بدأت الرد على التقارب الأمريكي التركي، وأن ملامح هذا الرد ستكون في صالح أنقرة.

من المهم هنا، استعراض خطوات اعتبرت ذكية للغاية من تركيا، لطمأنة روسيا وإيران من عدم تأثرهما بتبعات التقارب الأخير مع الولايات المتحدة.

الخطوة الأولى:

تأكيد أنقرة حتى الآن على عدم التراجع عن صفقة منظومة «إس-400» الروسية المتطورة للدفاع الجوي، وذلك رغم استمرار تحذيرات واشنطن من عواقب تلك الخطوة، ومن الواضح أن واشنطن وأنقرة تتعاملان في هذه القضية تحديدا بمعزل عن التقارب الحاصل أخيرا على الميدان السوري، ولا تزال تفاصيل صفقة «إس-400» كما هي، وبدأت روسيا في تصنيع المنظومات التي سيتم توريدها إلى تركيا.

الخطوة الثانية:

 إعلان تركيا أنها لن تسمح باستخدام قاعدة «إنجرليك» الجوية على أراضيها، لشن ضربات على إيران، وهو ما وضع حدا لمخاوف إيرانية من التقارب التركي الأمريكي وإمكانية استخدام واشنطن الأمر لدفع أنقرة إلى الاصطفاف في حملتها المستعرة حاليا ضد طهران، والمنخرطة فيها (إسرائيل) ودول خليجية.

الخطوة الثالثة:

 حرص تركيا في غمرة نشوة النتائج الإيجابية التي حققها التقارب مع أمريكا في منبج، على الحديث عن استمرار دورها المهم في محادثات أستانة الرامية لحل الأزمة السورية بالطرق السياسية السلمية، وكذلك حديث وزير الخارجية التركي عن دور بلاده في الربط بين محادثات سوتشي (في روسيا) وجنيف (في سويسرا).

لذلك، لم يكن مستغربا أن تسارع روسيا إلى إهداء تركيا «تل رفعت»، بعد أن أهدتها أمريكا «منبج».

الخطوة الروسية جاءت أيضا لاستغلال حالة البرود الأمريكي في التعاطي مع رغبة تركيا في التقارب، حيث لا تزال واشنطن تتأني في تنفيذ طلب أنقرة بتسليم «كولن»، بذريعة إجراء التحقيقات اللازمة، رغم تقديم أنقرة ما تقول إنها دلائل واضحة على تورطه بمحاولة انقلاب يوليو/تموز 2016، علاوة على استمرار عرقلة صفقة مقاتلات «إف-35».

وإذا كانت تركيا تحصد حاليا أفضل نقاط الاستفادة من كل من الولايات المتحدة وروسيا، فإن بقية الأطراف مستفيدة أيضا، بما فيها الطرف الكردي، الذي خسر بشكل كبير، نظريا، بعد تلك التطورات.

في مقابل خروجهم من منبج، سمحت تركيا لواشنطن بنشر نحو 150 جنديا بمعدات متطورة في منطقة سنجار العراقية، وهي منطقة تحت سيادة التحركات العسكرية التركية، وسيمثل التواجد الأمريكي العسكري هناك ضمانة للأكراد بعدم تهديد تركيا بشكل أكبر التواجد الكردي على الحدود العراقية السورية.

واشنطن مستفيدة أيضا من تواجدها العسكري في سنجار، والذي سيجعل من الصعب على إيران نقل ميليشياتها داخل سوريا بحرية، وهو أمر تريده واشنطن بشدة هذه الفترة، بالاتفاق مع (إسرائيل) والتي تنسق معها لتقليل النفوذ الإيراني في جنوب غرب سوريا حاليا.

واشنطن مستفيدة كذلك من تواجدها العسكري في سنجار، والذي سيمنع مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» من دخول العراق مجددا، لدى هروبهم من هجمات قوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها واشنطن.

يمكن القول إن الجميع استفاد، لكن استفادة تركيا تظل هي الأكبر حاليا، حيث نجحت بشكل كبير في القضاء على التهديد الكردي المسلح في سوريا والعراق عليها، وكذلك كسبت نقاطا حاسمة في المواجهة ضد حزب العمال الكردستاني، وباتت الآن تهاجم معاقله في جبال قنديل بحرية أكبر.

الخلاصة أن تركيا حاليا جرت على جني المكاسب، مع مد يد الطمأنة للجميع، من باب البراجماتية السياسية والعسكرية، فالكل مستفيد.

تركيا أيضا تتعامل الآن مع الولايات المتحدة بشكل مستقل في كل أزمة بين البلدين، فإذا كانت الانفراجة قد تحققت في أزمة دعم واشنطن للأكراد، فإن الأمور على صعيد «فتح الله كولن» وصفقة «إف-35» لا تزال تمشي بوتيرة أبطأ.

ما سبق يعني أن واشنطن لم تدفع بعد الثمن الذي قد يدفع أنقرة للتفكير في التنازل عن التقارب مع روسيا وإيران، وعلى الأرجح ستظل صفقة «إف-35» معلقة في مقابل استمرار تركيا في المضي قدما بصفقة «إس-400» مع روسيا.

هل سيتخلخل هذا الوضع قريبا؟ وكيف ستتصرف تركيا حيال ذلك؟ الرد قد يكون أكثر واقعية ووضوحا بعد نتائج الانتخابات التركية الأخيرة.