دبلوماسية اليمن في سوريا في قبضة الحوثيين

الأحد 08 إبريل-نيسان 2018 الساعة 02 مساءً / مأرب برس- مصر العربة
عدد القراءات 4200


"دبلوماسية اليمن في سوريا في قبضة الحوثيين".. قرارٌ سياسي أثار الكثير من الجدل، إذ افتتح نظام الرئيس السوري بشار الأسد سفارةً هي الأولى من نوعها لميليشيات جماعة "أنصار الله".

 
وتداول نشطاء صورةً للقيادي في ميليشيا الحوثي "رضوان الحيمي"، داخل سفارة اليمن في العاصمة السورية دمشق، وقد علق فوق رأسه صورة لـ"صالح الصماد" الزعيم السياسي لمليشيا "الحوثي".


ومع هذا الإجراء، باتت السفارة اليمنية التي يحتضنها نظام الأسد في دمشق أول سفارة للحوثيين في العالم، إذ أنّ العرف الدبلوماسي المعمول به في جميع الدول، يقضي برفع صورة رئيس الدولة في مختلف السفارات التابعة لتلك الدولة، ومع رفع صورة رئيس المجلس السياسي لمليشيات الحوثييين "الصماد"، يكون قد تم الاعتراف من هذه البعثة ومن نظام بشار الأسد على حد سواء بـ"شرعية" نظام الحوثي.


وحسب مواقع يمنية، فقد أعرب ناشطون وصحفيون عن استغرابهم إزاء الصمت الذي طرأ على الحكومة اليمنية حول السفارة في دمشق وعن مصيرها والجهات التي تمثلها.

يفتح هذا التطور، الباب أمام العديد من التكهنات عن علاقة تقارب كبيرة بين الحوثيين والأسد، كون سوريا واليمن تغرقان في حربين داميتين، غيّبت الأمن والاستقرار فيهما.


وحسب تقارير، يعمل الحوثيون بتنسيق عالٍ مع نظام الأسد، إذ التقى مسؤولون أمنيون ومن خارجية النظام مرارًا مع قيادات في ميليشيا، من ضمنهم سفير اليمن في سوريا نايف القانص الذي يقيم في دمشق منذ أكثر من خمس سنوات.

كمان أنّ ميليشيا الحوثي اختارت عقب سيطرتها على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 القيادي بحزب "البعث" اليمني جناح سوريا نايف القانص ليكون سفيرًا لهم لدى نظام الأسد الذي له علاقات وطيدة مع النظام.

ورغم قلة المعلومات عن العلاقة بين الحوثيين ونظام الأسد، إلا أنّ طرفًا ثالثًا ربما يكون هو ذاته لدليل على ذلك التقارب، والحديث هنا عن إيران.

فالجهمهورية الإسلامية عنصر مشترك فيما يدور في سوريا واليمن في الفترة الراهنة، إذ هي داعم عسكري كبير لنظام الأسد، وحافظت على بقائه منذ اندلاع الثورة ضده في 2011، من خلال عشرات الآلاف من عناصر الميليشيات التي تقاتل إلى جانب النظام على الأرض.

وفي اليمن أيضًا، تتحدث تقارير دولية عن دعم عسكري كبير تقدمه طهران إلى "الحوثيين" الذين سيطروا على أجزاء واسعة من اليمن، ومدن حيوية أهمها صنعاء
 

ووفقًا لـ"مؤيدي شرعية" الرئيس عبد ربه منصور هادي، فإنّ الحوثيين حوّلوا اليمن إلى قاعدة ثابتة للإيرانيين، يمارسون عبرها نفوذهم، وكأنه محافظة من محافظاتهم.


في معرض تعليقه على افتتاح السفارة، يقول المحلل السياسي السوري تيسير النجار: "الداعم الأساسي للأسد هي إيران التي هي الداعم الأساسي للحوثيين في اليمن".

ويضيف في حديثه لـ"مصر العربية": "كل العمليات الحربية التي نشهدها حاليًّا في المناطق القريبة من دمشق هي كلها تهدف إلى الاستحكام على الطوق الأمني للسيطرة الإيرانية على العاصمة"
 

ويتابع: "هذا يعني أنّ من يسيطر على الأرض هي إيران، ومن تسيطر على الجو هي روسيا، وبالتالي فمن الطبيعي أن تعمل إيران على أن تجعل كل حلفائها لهم سفارات في دمشق".

 

ويوضح: "نحن أمام فعل ورد فعل، كون السعودية كانت هي الفاعل الأساسي ضد الحوثيين مع الشرعيةاليمنية، وبما إنّ الرياض ضد الأسد وإيران، فمن الطبيعي أن يتم دعم الطرف المقابل للسعودية".

 

ويشير إلى أنّ من يهدّد أمن السعودية حاليًّا هم "الحوثيون" بدليل الصواريخ المستمرة التي تستهدف المملكة.

 

يعتبر"النجار" هذا الأمر بمثابة تشكيل محاور، ويقول: "هناك محور التحالف السعودي ضد إيران من أجل أمنها، والطرف الآخر واضح أنّ شكّل تحالفًا وذلك فيما بين روسيا وإيران وتركيا والنظام السوري".

 

"السعودية لها مصالحها ومن الطبيعي أن تتخذ إجراءات تجاه ما فعله نظام الأسد بافتتاح سفارة للحوثيين، وهي فاتحة في الأساس سفارة للشرعية اليمنية".. يوضح النجار.

 

ويستطرد: "ملف الحوثيين حسمته الجامعة العربية عندما أصدرت قرارًا ضدهم، لكن المشكلة في سوريا أنّ نظام الأسد ليس له أي علاقة بالسيادة.. هناك الكثير من القواعد العسكرية لدول مخالفة إن كان إيران وروسيا وأمريكا وبريطانيا وفرنسا وتركيا وألمانيا، بالإضافة إلى حزب الله".

  

المحلل السياسي السوري بشير علاو يعلق على "تطور السفارة" قائلًا: "لا نستغرب هذا الأمر، لأن الراعي واحد لتلك الميليشيات كما حزب الله اللبناني أو العراقي أو غيرها ممن استباح الساحة السورية في ظل الانكفاء العربي وعدم التصرف بحزم تجاه هذا الأمر".

 

ويضيف في حديثه لـ"مصر العربية": "بشكل عام.. السيد واحد هو إيران وهؤلاء جميعًا ينفذون الأجندة الخاصة بهم.. لا يوجد امتداد حدودي بينهم كما لبنان حتى يقوي تحالفهم ولا يمكن أن ينجح ذلك إلا من خلال مساعدة دول خليجيه تنفذ المشروع الإيراني في ظل الشتات الرسمي والشعبي العربي بينما تُركنا كسوريين نواجه مصيرنا قدر لنا أن نكون وقوده".

 

ويتابع - متأسفًا: "من ينفذ هذه الأجندة يوجد منهم في بلاد عربية محسوبين كتيارات سياسية تتكلم باسم الثورة وهي لا تعرفها، فهؤلاء دخلوا في أمور تسيئ لجميع السوريين عندما غيبوا الحاضنة السورية وأصبحوا يستوردون لها المشروعات الجاهزة التي تغير الموروث الفكري الاجتماعي، فالسوريون هم من بنوا أنظمة دول في التربية والتعليم وغيرها من هذه الأمور أصبحوا الآن بفضل تلك المنظومات السياسية مقلدين".