بِتُــــوع ربّنا قادمـــون

 * سلطان السامعي

كنت في مصر أثناء الانتخابات البرلمانية المصرية الأخيرة وشاهدت وسمعت عن قرب سير المعركة الانتخابية في الشارع وفي الإعلام الرسمي وإعلام المعارضة والذي لفت نظري هو أن غالبية الناس لا تهتم بالانتخابات في مصر حتى أن عدد الذين صوتوا لا يزيد عن 23% من عدد المسجلين في السجلات الانتخابية . ولقد كان التنافس شديداً بين مرشحي الحزب الوطني الحاكم المدعوم بالسلطة والمال والجيش والأمن وبين مرشحي الإخوان المسلمين المدعومين بتأييد الشارع والناخب المصري . في أحد المراكز الانتخابية لفت انتباه أحدهم عجوز تسير ببطء وبيدها عكاز تستعين بها على الشيخوخة أثناء السير فبادرها بالسؤال: من حترشحي يا حجة؟ أجابته: حرشح بتوع ربنا, أجابها: بس ربنا ما فيش معه مرشحين, أجابته: إلا دول اللي بيعملوا معنا خير في المستشفيات والمحاكم وفي كل مكان, دول اللي بيساعدونا ويخافوا ربنا . طبعاً من كلامها نعرف أنها تقصد مرشحي الإخوان المسلمين وكلام هذه العجوز جعلني أبحث في الموضوع لأيام فوصلت إلى خلاصة مفادها أن الإخوان في مصر غير معترف بهم رسمياً لكنهم في واقع الحياة موجودون في كل مكان, وقد انتهجوا الطريق الوسط (الاعتدال) وسياستهم تنبذ العنف والتطرف وأخذوا يتغلغلون في أوساط الناس ويلتصقون بالجماهير من خلال وسائل تخدم المواطنين بغض النظر عن معتقدات الناس الدينية أو السياسية

 وذلك من خلال جمعيات خيرية ونقابات تقوم بتقديم بعض المساعدات أو الخدمات للناس بأسعار رمزية أو بدون مقابل .

فالمواطن الذي يذهب إلى المستشفيات الخاصة فإن قيمة الكشف لا تقل عن خمسين جنيهاً بينما الكشف بالمستشفيات التابعة لبتوع ربنا بخمسة جنيهات فقط . يقوم الإخوان عبر تنظيمهم الدقيق بتكليف محامين للترافع عن قضايا الفقراء بالمجان أو بأسعار رمزية, وفي مختلف درجات التقاضي .-  الحضور الدائم ومشاركة المواطن في الأفراح والأتراح

.- التوعية الدائمة المباشرة بحقوق المواطن والتزاماته أمام الوطن عبر شخصيات مقبولة سلوكاً وممارسة .

- الوقوف مع المظلوم ورفع الظلم عنه .

-  ك شف وفضح كل الممارسات الخاطئة التي تمارسها السلطة بحق أبناء الوطن عبر الوسائل المتاحة .

-  توفير السكن لطلاب الريف بأسعار رمزية .

-  د عم وتعزيز ثقة المواطن بنفسه وأنه هو أداة التغيير إلى الأفضل وهو الهدف من التغيير المطلوب

  .- التوعية الدائمة للمواطن بأن الوطن ليس ملكاً خاصاً أو مقاطعة خاصة لجماعة أو لشخص بعينه

  .- شحذ الهمم بين الشباب من أجل رفع مستوى التحصيل العلمي .

 -   توفير سيارات لإسعاف المرضى بالمجان تابعة لجمعيات خيرية تابعة للإخوان 

.- توفير سيارات لنقل الموتى الفقراء بالمجان والقيام بتجهيزهم ودفنهم

  - قيام الأغنياء (من بتوع ربنا) بتوزيع زكاة ربنا على خلق ربنا من الفقراء بدون منّ أو أذى بلا إعلام ولا تصوير ولا تشهي

   .- التزام (بتوع ربنا ) بالسلوك الصادق والمعاملة الحسنة مع الآخرين في كل تعاملاتهم الحياتية حتى وإن اختلف الآخر في العقيدة أو النهج السياسي

  .- تقديم خدمة الأطباء إلى المنازل بأسعار زهيدة

  .- العناية الخاصة بالشباب عبر تفهم مشاكلهم والعمل على حلها وتوجيههم التوجيه السليم . إنهم باختصار يعملون بدون ضجيج في أوساط الناس منطلقين من تعاليم السماء لخلق مجتمع متعاون متماسك قوي وبالتالي هذا المجتمع يقف خلفهم سياسياً وقد أتت هذه السياسة أكلها في الانتخابات الأخيرة فحصة الإخوان 88 مقعداً في البرلمان المصري بعد أن كان لهم في البرلمان السابق 17 مقعداً فقط . ولولا التزوير والبلطجة واستخدام المال العام والسلطة وكل وسائل الترهيب والترغيب من قبل الحزب الحاكم مع المواطنين لكان (بتوع ربنا) قد حصدوا معظم مقاعد البرلمان حسب شهادة المحايدين . تلكم هي صورة عن جماعة سياسية محظورة منذ أكثر من نصف قرن لم يثنها الحظر من التفاعل مع مجتمعها وقضاياه ومع كل القضايا العربية والإسلامية والدولية وقد فرضت من خلال الإرادة والعزيمة القويتين فرضت على الآخرين في الداخل والخارج أن يتعامل معها بحكم الواقع.. والواقع هو الذي يفرض نفسه . وأخيراً كان فوز حماس في فلسطين مذهلاً للعالم.. إنها المصداقية والعزيمة والالتصاق بالجماهير . ومن يبرر فوز الإسلاميين في مصر وفلسطين وتركيا وغيرها بأنه احتجاج من المواطنين على فساد السلطات, أرد عليهم بسؤال: لماذا لم يعط هؤلاء المواطنون أصواتهم للأحزاب المعارضة الأخرى؟ إذا كان تصويتهم احتجاجاً وليس عن قناعات؟ أيها الأعزاء إنها قناعات الناس فالإسلاميون المعتدلون قادمون ويمثلهم في اليمن التجمع اليمني للإصلاح الذي يرفض التطرف وينتهج طريقاً لا تفريط فيه ولا إفراط ومعه الآن أحزاب اللقاء المشترك بنفس الطريق . أرجو لهم جميعاً ولكل الخيرين في هذا الوطن التوفيق والنجاح .


في الجمعة 24 فبراير-شباط 2006 10:13:45 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=87