|
نقبع في أسفل ترتيب الأمم ، و قطارنا خارج سكة الحضارة ..ولا زلنا نسمع بين الفينة والأخرى بشيوع أفكار وظهور فتاوى لا تستوعبها العقول ، تظهر اتساع الهوة وتعاظم الشقة بيننا وبين استيعاب ظروف ومعطيات واقع امتنا ولوازم نهضتنا وتجاوز عثرتنا .
لدينا تضيع الأوقات وتهدر الجهود لمناقشة جواز إرضاع الكبير والفتوى القائلة بقتل الميكي ماوس وحرمة دخول النساء الانترنت إلا بمحرم.
ولدى امم الغرب والشرق يطلعون علينا كل يوم بجديد ويرفدون حياة البشر بما بما يفيد.
يتحدثون هناك عن تقنية النانو والجينوم الصناعي وثورة تكنولوجيا المعلومات وغزو الكواكب وتطور علوم الإدارة وغير ذلك .ولا يزال لدينا فئة من أمتنا تغرقنا في الجدال هل الديمقراطية كفر أم حلال.وهل يحق للمرأة قيادة السيارة أم لا.
هذه الفئة التي تدعي أن لها صلة بالسلف وأنها على منهاجهم قررت البقاء في الماضي وهجران الحاضر.أصبح لها تواجد في بعض المساجد ، ولها إطلاله في بعض الفضائيات ، وملئت حياتنا صياحا وعويلاً ومهاجمةً لمن اختاروا خوض غمار السياسية والعمل والالتحام بالجماهير لأجل إحداث التغيير المنشود.
يدعون أنهم يمتلكون ناصية الصواب ، و يمسكون بتلابيب الحقيقة . يفسقون ويضللون مجموع الأمة. لغتهم ركيكة وطرحهم ضعيف لا يقوى على الوقوف أمام ما تواجهه الأمة من حوادث ونوازل وملمات.
أعلنوها صراحة أن خيارهم القطيعة مع الواقع و مواجهة الحداثة.يعشقون العيش في ظلام الخلافات والنزاعات ويكرهون السير في أنوار العلم والتكنولوجيا والحداثة.
ويحرضون الناس على كره الشعوب ، إلغاء الآخر والمختلف ، والإطاحة بحقوق الأقليات .
يعاب عليهم قبول الظلم والاستبداد و التأصيل له والدعوة و حشد الرأي في سبيله.
ما شهدته البشرية من تطور أنماط الحكم والإدارة يريدون منا أن نلقيه وراء ظهورنا ونصدق فكرتهم القائلة بحكم الفرد حتى يوارى الثرى وهي فكرة موغلة في التخلف .
فهل من المعقول أن نستورد آخر السيارات وأحدث الساعات وأفضل أرضيات الحمامات وعندما نأتي إلى ما ينظم أمر الأمة نرفض أن نناقش ما توصلت إليه البشرية من خبرات و إمكانيات وتجارب.مشكلة المشاكل لديهم
هي العقل ، فهو عندهم نقيصة ولا يصلح لشئ .
نقلوا لنا التاريخ بطريقتهم الخاصة في حجب الحقائق ، فمحوا فصولا وأقاموا فصولا.
يريدون للأمة أن تطيل المكوث في مجاهل القرون الوسطى.
لم ترى الأمة الخير من فكرهم بل جنت الشرور والتكفير وظهور حركات الجهاد والسيارات المفخخة وثقافة إلغاء
الآخر و انتشار التطرف.
يعتبرون علوم الدنيا علم لا ينفع وجهل لا يضر.
صرنا أضحوكة بين الشعوب بسبب سطحية فكرهم وعبثية أفعالهم
بمضي الأيام ينقسمون فرقاً شتى يضلل بعضها بعضاً ويفسق بعضها بعضاً.
يعشقون و يبرعون في الردود ولا يجيدون العمل والانجاز .مكتباتهم عامرة بكتيبات السب والشتم والتجريح والتشكيك ومكتبات الأمم تعمر بكتب العلم والثقافة والتكنولوجيا.
يودون إصلاح مشاكل العالم ، وعجزوا عن المساهمة في حل ابسط مشاكل أمتهم.ندعوهم إلى الإطلاع على ثقافة الآخر و التحلي بالإنصاف وممارسة الموضوعية وفهم الواقع نرجوهم أن لا يخشوا من العقل ولا يصدقوا أنه
نقيصة ، إعمال العقل في النصوص هو السبيل للخروج من ثقافة الجمود والتصحر.أمامنا الكثير لكي نثبت للعالم أننا بخير وأن بإمكاننا فعل شئ .
نقول لهم أقلعوا عن مهاجمة إخوانكم في العقيدة، وحدثونا عن ما يمكن أن تقدموه على صعيد الواقع لجهة حل مشاكل الناس.
لن نقبل منكم الهروب من المساهمة في حل مشاكل الأمة بالإدعاء بأنكم مشغولين بدراسة الشرع وحراسة النصوص.
فالدين ملك لمجموع الأمة وليس حقاً حصرياً لأولئك للقابعين في العتمة والتكايا والزوايا.
انتم لا تملكون صكوك غفران حتى توزعونها كيفما تشاؤون ولمن تشاؤون.
فالأيام أثبتت أنكم زدتم مشاكل الأمة ووسعتم الخلافات وفرقتم ولم تجمعوا ولم تقدموا شيئا يذكر على صعيد الواقع.
الناس شبعت كلاما تريد حلولا لمشاكلهم المختلفة الفقر ، البطالة ، الفساد ، ضعف البنى التحتية ، انتشار القتل والكراهية ، مشاكل السياسة كالانفصال وغيرها.
التقعر في الكلام واستخدام غريب اللغة وسرد المتون الطويلة للأحاديث لن يحل مشاكلنا أيها السادة.
الأمة بحاجة لمبدعين ومنجزين ، وليست بحاجة لحفاظ ولا سيديهات بشرية.
Kak.kareem@yahoo.com
في الأربعاء 22 ديسمبر-كانون الأول 2010 11:31:39 ص