|
يزخر موقع (مأرب برس) بنخبة متميزة من عيون إبداعات الكتابة لكتاب يمنيين متميزين أبرزهم وأهمهم كـ كاتب سياسي محنك ومقارع وجسور منير الماوري....،و من وجهة نظر علمية نقدية محايدة ومتجردة ومنصفة وموضوعية وغير منحازة فإن عبد الملك المثيل أهم وأعظم كاتب سياسي بعد الماوري بل ويتفوق على زميله الماوري بفارق نقاط فنية وأدبية وسياسية ماهرة يعرفها الماوري ولكن ليس من تخصصه أن يبرزها كفن مكتوب للقراء كما يفعل المثيل ..تأتي هذه المقالة تتمة لقراءات نقدية أدبية لنخبة من شعراء وكتاب وأدباء اليمن كان أولها(سمات المقالة السياسية عند أحمد عائض) وآخرها (غراب ظاهرة ما بعد الحداثة)أحاول أن أختبر فيها نظريات النقد الأدبي(موضوع التخصص)على مقالات وأعمال كتابية تطبيقية لأدباء وكتاب اليمن.. وفي هذه القراءة سأحاول ان أعرض سبع مزايا فنية ونقدية فريدة للكاتب المثيل تميزه عن غيره من سائر الكتاب والصحفيين اليمنيين كما يلي.
العنوان المثيروالمدهش
كم قرأنا من محتوى جميل وبديع لكثير من الصحفيين وكتاب المقالة ولكن عناوين تلك المقالات لم تكن تتفق جمالياً ولا فنياً مع المحتوى (المحتوى في هيجة والعنوان في هيجة أخرى)،خذوا مثالاً الكاتب والأديب والمفكر العظيم البرلماني السابق (أستاذي المربي الزعيم والذي علمني كيف أكتب الشعر والمقالة)أحمد عبد الملك المقرمي-يكتب لـ(الصحوة الأسبوعية والصحوة نت) من أجمل محتوى المقالات التي يعشقها الناس فكراً وسياسةَ وأدباَ رصيناً ولكن عناوينها في(هـيجـة المقـــــــارمة) وله -مع ذلك- أحلى عناوين لأحلى مقالات سياسية كتبها المقرمي(قبل) و(بعد) تجربة المشترك..وخذوا أيضاَ(عبقرية فن العنوان)للكاتب الإصلاحي البديع الساخر أحمد عثمان(نفس الصحيفة والموقع) عبقري مدهش وساخر وموفق في العناوين أبداً ويذوب الناس عشقاً في عموده الأسبوعي بسبب عناوينه المدهشة الجاذبة للقارئ..
ومن هنا أقول –بعلم ومنهجية نقدية-لقد نجح عبد الملك المثيل فنياً في كل مقالاته تقريباً جاذباً للقراء بعنوان هو أجمل من المحتوى، والمحتوى أجمل منه،إنسجام فني مثير وجاذب ومدهش،حتى أنكَ لو سألتَ أي قارئ للمثيل عن أبرز مقالات المثيل سيرددها ويمليها عليك بدون أدنى تردد،يحفظها عن ظهر قلب مثل:
لنا الوحدة ولهم صورة الرئيس
شعار اهل المصالح..نعم للرئيس الصالح
سائرون على نهجك سيدي الرئيس
الفيدراية كزواج متعة
ماذا لو استنجد أهل الجعاشن بكفار قريش؟
السبع المدهش سيف العسلي
كل عنوان من العناوين المذكورة يسجل لحظة دهشة إبداعية تلخص المحتوى وتجذب القارئ اليها بقوة جمالية خفية مؤثرة..ومن أبرز خصائص المثيل كاتباً سياسيا ما يلي:-
الحضـور السيـاسي للمفـكر الناضج والكـاتب المســؤول
لم يقرأ الناس في تاريخ هذه المواقع البديعة كلاماً سياسياً ناضجاً لذي فكرٍ ناضجٍ كمقالات الماوري والمثيل مع شديد احترام لكل كتاب اليمن المرموقين..فالحضور السياسي في محتوى مقالة المثيل ليس محتوى مهرجٍ أو كاتب ٍ مرتزقٍ أو حزبيٍ متعصبٍ لحزبه وسياسة حزبه بل يتجلى حضور المفكر المحترم بكل سمات النضج ومزايا الطرح العاقل والبليغ المؤثر حتى وهو في أشد ذروة النقد والهجاء للحكام..
فاللفتة الفنية النقدية هنا هي اكتمالات اللغة السياسية في المقالة بكل أبعادها الساخرة والناقدة وكذلك الناضجة البناءة لتحقيق الغاية السامية من السياسة ويصل المثيل كل تلك الأبعاد بلغة سياسية ومفردات تخصه هو ويلونها بأكثر من لون لتحقيق المرمى السياسي الناضج.. دعونا نتخيل أن المثيل يحتفظ بجيبه بأعداد هائلة من الكرات الصغيرة الملونة(حمراء-صفراء-خضراء-بيضاء-زرقاء ..الخ) الحمراء يستعملها لنقد (أكبر رأس في البلد)،الصفراء للوزير ،والخضراء للذي أدنى منه وهكذا دواليك..وهو يجيد تلك اللعبة بذكاء وإتقان ..إحدى هذه الكرات التي يلعبها في هذا المقطع من مقالته ((لنا الوحدة ولهم صورة الرئيس)):-
(((...عموما يمكن لنا أن نقول لنا الوحدة ولكم يا من احتفلتم على وقع الغناء والعود والكاميرات صورة الرئيس فحافظوا عليها فهي أمانة في أعناقكم فلا تخونوها واستبسلوا في الدفاع عنها ، أما الوحدة فهي بريئة منكم لأن من تكسب باسمها وامتنع عن تقديم دولار واحد من أجلها لا يمكن له أن يضحي بدمه ورأسه من أجلها وما تهديدكم ووعيدكم بقطع الرؤؤس وحصد الأرواح سوى كلمات لم ولن ترتقوا أبدا لمعانيها لأن فاقد الشيء لا يعطيه....)))
وهذه كرة صفراء يرميها في مقالته ((نحن والوزير اللوزي...من يحاكم من؟)))، يقول:-
(((...اعتكف حسن اللوزي في "كهف اللجنة الدائمة"إجباريا سنين عدة,حتى أنه عجز أثناء فترة الإعتكاف في كتابة نص أدبي واحد,وهو الأديب الألمعي(حسب إعلام وزارته) ربما حزنا على نفسه وحاله,يوم أن تجاوزه مجموعة من "الأطفال" الذين منحوا حقائب وزارية رغم أنهم لم يمتلكوا ساعتها أي مؤهل أو تاريخ,وأيقن أيامها أنه وضع في "خانة النسيان"الرئاسية,فوقف متحسرا على أطلاله يبكي نفوذه ووزارته,ليؤثر بكائه الطويل على بصره فلم يشاهد قناة الجزيرة وهي تدك المنطقة رافعة درجات الحرية الإعلامية ومفجرة كل الخطوط الحكومية بمختلف ألوانها,ولم يتعرف على وسائل التواصل الإعلامي التي حولت العالم إلى قرية واحدة,وفجأة.... سمع خبرا أوقف دمع مقلتيه,وأعاد الحياة إلى روحه اليائسة والبسمة إلى فمه المرتجف,والتقطه ذلك الخبر من كهف اللجنة الدائمة ليضعه فوق كرسي وزارة الإعلام من جديد لكن بعقلية قديمة لا تفهم كيف تتحكم في جهاز الكمبيوتر...)))
من المثالين أعلاه يحس القارئ بلغة نقد قوية لأشخاص ورموز سياسية حكومية لكنها في حقيقتها ليست من قبيل (التجريح غير المسؤول) كما فعلتُ أنا مثلاً مع الأستاذ محمد ناصر الحزمي ((بحسب محاكمة ادبيات وقواعد التنظيم التربوي في الإصلاح)) وهذا موضوع آخر ربما يعقب عليه كاتب ناقد محايد من طرف ((منهج الإصلاح)) ولكننا هنا نتعامل مع أسس وقواعد نقدية فنية وأدبية إبداعية علمية(علمانية) محايدة-إذا لم يغضب الإصلاحيون من كلمة (علمانية)..
حضور النقد للرموز في مقالة المثيل تسندها ترسانة من العقلانية والنضج السياسي الذي يركز على فكرة محددة خدمةً للإصلاح السياسي وليس رغبةً في (التمثيل) بالرمز في الحكومة..،هذه الروح هي التي أكسبت مقالة المثيل حضور المحتوى السياسي المسؤول والناضج.. أما من ناحية أخرى أكثر نقداً- حسب قواعد الإبداع في فن الخطاب السياسي- فإن المثيل يرقى الى مستوى (مارك أنطونيو ) في رواية (جوليوس سيزار) لعميد الأدب العالمي شيكسبير الذي أخذ (يشرح)خصوم الملك (القيصر سيزار) ومنهم النبيل بروتوس،كان أنطونيو يظهر أنه يتحاشى هجاءهم وهو يخطب ثم هو يهجوهم بلغة سياسية وأدبية بليغة وغير مباشرة، بلغة مقنعة عاطفياً للجماهير (مع فارق الصورة واختلاف سياق المناسبة) كون مارك أنطونيو كان من مؤيدي الملك وصديق القيصر الحميم الذي اغتاله رجال القائد الطموح المنافس( بروتوس)...
***يـتبـع الحـلـقـة القــادمـة
**شاعر وناقد أدبي
a.monim@gmail.com
في الثلاثاء 08 يونيو-حزيران 2010 02:41:21 م