في ذكرى اليوم العالمي لحقوق الانسان
فهمي الزبيري
فهمي الزبيري

في العاشر من ديسمبر 1948 أعلن في قصر شايو موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ليغدو هذا اليوم مناسبة يحتفل بها العالم لتعزيز وحماية واحترام حقوق الإنسان، والتعريف بمفاهيم ومبادئ حقوق الإنسان، والعمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان.
 
ويعتبر اليوم العالمي لحقوق الإنسان معياراً تقاس به درجة احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتقيد بأحكامها، ويعد عريضة دولية تحترمها دول العالم وتعمل بموجبها، وبالرغم من أن الإعلان العالمي لا يتمتع بأي قوة قانونية، لكنه يمثل مركزاً أدبياً وأخلاقياً وله قوة اعتبارية ومعنوية في جميع دول العالم.
 
ويشكل الإعلان مرجعاً لاحترام الحقوق الأساسية كونه وثيقة تاريخية تظافرت حولها دول العالم بهدف تحقيق كرامة الإنسان، وتوضح تعريفاً مشتركاً للكرامة والقيم الإنسانية، كما يوصف بأنه سلطة أدبية للتنديد بالدول التي لا تحترم حقوق الإنسان، الأمر الذي أضفى على الإعلان وزناً معنوياً والاستشهاد بأحكامه في إجراءات الامم المتحدة والإشارة إليه في الدساتير الوطنية للعديد من دول العالم.
 
يحتفل العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان، واليمن يعيش واقعاً مريراً وأسوأ كارثة إنسانية وحقوقية تتمثل في الحرمان من الحقوق الأساسية في العيش الكريم والحق في الحياة والحرية والتعليم والصحة منذ سيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية على صنعاء وبقية المحافظات التي ترزح تحت سيطرتهم، فقد شهدت اليمن انتهاكات وجرائم خلال سيطرة المليشيات توزعت بين القتل والاختطافات والاختفاء القسري والمحاكمات السياسية ضد المعارضين وتعذيب المدنيين داخل السجون ما أدى إلى وفاة العشرات تحت قسوة ووحشية التعذيب بصنوفه المختلفة، إضافة إلى الحرمان من العلاج والاهمال الطبي المتعمد والحرمان من زيارة الأقارب للمختطفين وفرض مبالغ كبيرة لمن يرغب في معرفة المختطف ومبالغ أخرى للزيارة.
 
اليوم، يحتفل العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان والمواطن اليمني يعاني من انقطاع المرتب لأكثر من أربع سنوات الذي يعيل من خلاله اسرته وأطفاله، وهو ما يضاعف من المعاناة لاسيما في الظروف السيئة التي تمر بها البلاد بعد أن اشعلت مليشيا الحوثي الحرب في مختلف محافظات اليمن، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية قد تتسبب في فقدان المزيد من الأرواح بسبب المجاعة وانعدام الأمن الغذائي، وبالرغم من التحذيرات والنداءات التي تطلقها المنظمات الدولية بالمخاطر التي يتعرض لها المواطنين, إلا أن المليشيات ماتزال تمعن في نهب المساعدات الإغاثية والانسانية وبحسب تقارير وشهادات برامج ومنظمات الامم المتحدة.
 
الحق في العيش الكريم حق أساسي من حقوق الإنسان إلا أن المواطن اليمن يتكبد ويعاني كل لحظة من الوضع المعيشي في ظل الانقسام الحاصل ومنع تداول العملة النقدية الجديدة وارتفاع في المواد الغذائية الأساسية، وارتفاع جنوني للعملة الصعبة مقابل الريال اليمني المنهار، وكل يوم تزيد الانتهاكات بحق المواطنين والمؤسسات والمحال التجارية من نهب واقتحامات وجبايات مالية غير قانونية وتعسفات بقوة السلاح، لتمويل جبهات الحرب والقتال التابعة للحوثيين الأمر الذي يفاقم ويعقد من الوضع الاقتصادي المتردي والضحية والمتضرر الأكبر هو المواطن اليمني المغلوب على أمره، بينما قيادات ومشرفو جماعة الحوثي يعيشون طرفة اقتصادية وبناء اقتصاد وشركات تجارية ونفطية وعقارات ويتطاولون في البنيان كل ذلك ينعكس على حياة المواطنين ويثير التساؤلات وعلامات الاستفهام.
 
تمارس المليشيات انتهاكات حقوق الإنسان من تجنيد للأطفال وانتهاكات وجرائم بحق المرأة، وعمليات التطييف والتجريف للتعليم وللمؤسسات التعليمية ونشر الفكر الحوثي الذي يقوم على أساس الولاية والحق الإلهي وادراجه في المناهج التعليمية والذي يعتبر من أخطر الانتهاكات والجرائم الذي يعمل على تسميم الطلاب في المدارس، وإجبار الموظفين والمدرسين على حضور الدورات الطائفية التي تدعو وتعزز منهجية القتل والحرب والانقسام المجتمعي.
 
وتتعمد مليشيا الحوثي زرع الافكار المتطرفة وشحذ الاطفال بالكراهية
والعنف وفق افكار طائفية تحرض على الكراهية ونبذ الآخر، كما تستغل العملية
التعليمية في تجنيد اكبر عدد من المقاتلين وجمع التبرعات والاتاوات لرفد جبهاتها القتالية مما دفع بالعديد
من الأطفال ترك مقاعد الدراسة.
 
يحتفل العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان .. وأطفال اليمن تحصدهم الألغام التي زرعتها المليشيات في كل تراب وصلوا إليه، العشرات قتلوا بالألغام الحوثية أثناء لعبهم وهناك المئات من مبتوري الأطراف ومن يعانون من إعاقات دائمة بسبب الحقد المليشاوي.
 
ومن الأهمية بمكان، أن نتذكر في اليوم العالمي لحقوق الإنسان أولئك المشردين قسرياً والنازحين المهجرين بسبب الحرب أو التهديد أو السجن أو بسبب الخوف على حياتهم واضطروا للنزوح وعيش الحياة القاسية حتى لا يتعرضون هم وأطفالهم لآلة الموت
الحوثية، في غياب لأدنى مقومات الحياة والعيش الكريم، تركوا منازلهم وأعمالهم والنزوح إلى محافظات أخرى ليضمنوا السلامة الجسدية مع عائلاتهم بعد حملات الاعتقالات والتعذيب والإخفاء القسري والمعاناة التي يتعرض لها المعارضين للجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، والتهديد والملاحقة والبحث عن الأمن والاستقرار، بعد أن عاشوا في ظل القهر والخوف والتهديد من المليشيات الحوثية والبعض منهم اضطر للسفر خارج البلاد، وهي معاناة تجرعها الآلاف من أبناء اليمن في ظل سيطرة المليشيات الحوثية التي شعارها ومنهجها بالموت والدمار والخراب لليمن وأبنائه.
 
في اليوم العالمي لحقوق الانسان، هناك الكثير من الانتهاكات والممارسات التعسفية والجرائم تمارس بحق الإنسان اليمني والأطفال والنساء تضع المجتمع الدولي والهيئات والجهات الحقوقية الدولية ومجلس حقوق الإنسان، أمام مسئولية أخلاقية إزاء هذه الانتهاكات ومحاسبة مرتكبي الجرائم والانتهاكات، والانتصاف لحقوق الضحايا والمتضررين وتعويضهم، وتحقيق العدالة، لأن ما يشجع دائماً على ارتكاب المزيد من الانتهاكات هو الإفلات من العقاب وعدم المساءلة القانونية.
 
*مدير عام مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة


في الخميس 10 ديسمبر-كانون الأول 2020 09:13:57 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=45229