خولان وغزوة حُبيش الكبرى
د.كمال  البعداني
د.كمال البعداني
 

قبل اكثر من الف وثلاثمائة عام (103 ) هجرية  قرر والي الاندلس ورجلها القوي السمح ابن مالك الخولاني المضي في الفتوحات الاسلامية هناك  فقاد الجيش بنفسه الى جنوب ( فرنسا) . وفي عام 1440هجرية  ارادت مجموعة او عصابة من خولان ان تواصل فتوحات السمح ابن مالك الخولاني ولكن بطريقتهم الخاصة فرفعوا شعار خولان ياعصابة راسي  وركبوا السيارات مدججين بالاسلحة بكل غرور وعنجهية .
 واتجهوا جنوبا ولكن ليس الى جنوب فرنسا كما فعل السمح ابن مالك بل جنوبا في اتجاه محافظة اب وتحديدا صوب احدى القرى في مديرية حبيش بضواحي المدينة .

 هجم الاشاوس على القرية بصورة مفاجئة  دون ان يعرضوا عل اهلها الخيارات الثلاث المعروفة  ( الاسلام او الجزية او الحرب ). . اكثر من اربعين مسلحاً هم من قاموا بتلك الغزوة . ومنهم من يحملون لقب ( شيخ) . فقد ارادو المشاركة بانفسهم ليكونوا القدوة .وقد قسم  المهاجمون انفسهم الى مجموعات متعددة منها اقتحام وحماية .

 اقتحموا القرية تحت وابل كثيف من الرصاص من الاسلحة المختلفة واشعلوا النيران في خمسة من بيوت القرية كما تفيد الروايات،  واتلفوا مضخة مياة واحتجزوا بعض ابناء القرية وجاسوا خلال الديار .  امتزجت اصوات النساء والاطفال مع اصوات الرصاص التي تدوي في سماء القرية ويرافق ذلك كله منظر الدخان المتصاعد من بعض البيوت التي تم اشعال النيران فيها . مشهد سينمائي فضيع او مشهد من مشاهد مسلسل الزير سالم ( يا لثارات كليب )  والهجوم على قبيلة بكر . ههرعت النساء وهن يحملن اطفالهن الى خارج القرية و غير مستوعبات لما يحدث .

 وعندما اعتقد المهاجمون ان الامر قد حسم لصالحهم وتم فتح البلدة  اخذوا يستعدون للمغادرة محاولين اخذ بعض الاسرى معهم . وفي هذا الوقت   كان اللواء عبد الحافظ السقاف مدير امن المحافظة مازال يستقبل العزاء في وفاة ابنه والذي توفي نتيجة عملية جراحية لتقرحات في القولون ، وصلته البلاغات بما يدور في احدى قرى حبيش فتسامى على حزنه وانحاز لواجبه  ولسان حاله يقول لا نجوت ان نجو .

اصدر توجيهاته وتعليماته الفورية  لرجال الامن في المدينة والى مدراء الامن في مديرية حبيش والمديريات المجاورة لها  وماهي الا لحظات من الزمن حتى كانت منافذ اب المحتمل خروج المهاجمين منها في يد رجال الامن واولها نقيل سمارة . اعطى السقاف توجيهاته بتنفيذ حملة امنية الى تلك القرية المنكوبة من اجل القبض على الجناة . تداعت الكثير من القبائل للتوجه الى مسرح الجريمة عندما وصل لها الخبر .

 وهنا تدخل المحافظ اللواء عبد الواحد صلاح ومعه اللواء السقاف وتم ايقافهم بصعوبة  حتى لا يتحول الامر الى صراع قبلي مؤكدين لهم ان السلطة المحلية ستقوم بواجبها . 

 كان التنسيق عالي بين كل من المحافظ ومدير الامن .. عندما وصلت قوات الامن الى اطراف القرية بدات باعتقال من كانوا متمركزين من المهاجمين حول القرية  وتجريدهم من اسلحتهم .

 هرب الكثير من المهاجمين فتم اعتقالهم من قبل رجال الامن وبعض رجال القبائل وخاصة من رجال وشباب القرية والذي كان الكثير منهم خارج القرية وقت وقوع ( الغزوة) . بقي هناك مجموعة من المهاجمين متحصنين داخل احدى البيوت ومحتجزين معهم احد الاشخاص وابنه بنية اختطافهم . 

 اعطى السقاف توجيهاته بانذارهم للتسليم دون قيدٍ اوشرط مالم سيتم التعامل معهم بالقوة . فخرجوا من المنزل وسلموا انفسهم  فتم اعتقالهم وتجريدهم من اسلحتهم .

 وما ان غربت شمس يوم الخميس 14 مارس حتى كان ما يقرب من اربعين شخصا داخل السجن المركزي بمدينة اب ..

 طبعا السبب الذي ساقوه لهذه الغزوة  هو مقتل احد ابناء القرية والذي اصله من خولان على يد احد ابناء هذه القرية . ومهما كان السبب فهناك طرق معروفة يجب اتباعها ، غير ان ماحدث يعتبر تصرف بربري جاهلي متخلف  ليس من الاسلام ولا من القبيلة في شي .  وعلى مشايخ وعقال خولان ان يكون لهم موقف حازم مما حدث .

 فلسنا في عصر الغارات والغزوات بل في عصر اخر مختلف عصر الفضاء المفتوح فالعالم اصبح عبارة عن قرية صغيرة وما كنت بعض القبائل تعتبره شجاعة وبطولة اصبح الجميع اليوم يراه جهل وتخلف . ومن باب الانصاف القول ان كل من  المحافظ صلاح ومدير الامن السقاف قد تصرفا في هذه الحادثة بمستوى عالي من المسئولية وفق مواقعهم وما يحتمه عليهم القانون .

 ولن نقول انهما انتصر ا لمحافظة اب باعتبارهما من ابنائها  لن نقول ذلك فهذا منطق مرفوض  فالتعصب للجغرافيا على حساب الحق والنظام والقانون هو تعصب جاهلي . فمدينة اب كانت وما زالت وستبقى  ابوابها مفتوحة  لكل ابناء اليمن دون تمييز   

 .. شكرا للسلطة المحلية . لقد اديتم ما يحتمه الواحب عليكم . ولا نلومكم بعدها بما يحصل خارج

 ارادتكم ، شكرا لرجال الامن ضباطاً وافراد فقد كانوا رجال .

 
في السبت 16 مارس - آذار 2019 04:57:30 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=44202