ذكريات الأحمر الفقيد عن بعض دعاة التوحيد
عبدالجبار سعد
عبدالجبار سعد

مأرب برس - خاص

رحل إلى جوار الله أحد رجالات اليمن الذين كان لهم دور بارز في الكثير مما شهدته البلاد من أحداث طوال أكثر من نصف قرن ..

رحل الشيح عبد الله بن حسين الأحمر بين محب ومبغض .. وقادح ومادح .. وموالي ومعادي لكن الجميع رغم ذلك مجمعون على أنه أحد الكبار..الذين عاشوا هذه المرحلة من حياة اليمن وأثروا وتأثروا بها محتفظا بمواقفه وبشخصيته المتميزة .. في كثير من المواقف التي جعلته يترك في لحظة من اللحظات حزبه(التجمع اليمني للإصلاح ) كله الذي هو رئيسه وأعظم رموزه.. ليسجل موقفا متميزا عنه .. بعيدا عن مواقف القادة الصغار فيه .. بما فيهم بعض أبنائه..

ومن حسن الحظ أن الشيخ عبد الله قد سارع إلى تسجيل بعض ذكرياته عن حياته السياسية في آخر عمره .. وأصدرها قبل أن يفارق الدنيا إلى دار القرار .. وضمنها الكثير من مواقفه ومواقف غيره ..

وربما فرغ الكثير للتو من قراءة هذه المذكرات أو الذكريات .وأنا منهم .. وكنت قد التقطت منها بعض المواقف التي أجدني محتاجا لعرض بعضها الآن في مناسبة وداع هذا الرجل الكبير .. حتى يتبين الناس مواقفه .. خصوصا أولئك الصغار الذين لا يرضيهم إلا أن يعيشوا على حضانة الغير داخل البلاد أو خارجها .. وينتهي بهم الأمر إلى حضانة أعدائهم وأعداء الله .. وأعداء الوطن ..

****

الشيخ عبدالله عرف عنه عند الكثير أنه رجل السعودية الأول ولكنه وبرغم كل ذلك يعبر عن علاقته بالسعودية على النحو التالي ..

"وقد تساءل البعض إن كنت أخشى أن موقفي أثناء الحرب ( حرب 94م التي كانت فيها المملكة ظاهرا مع الجانب الجنوبي ) يؤثر على علاقتي الممتازة بقادة المملكة والحقيقة انه لم يكن لدي أي قلق أو توجس لأني أعرف مسئولي المملكة والملك والأمراء يعرفون عبدالله بن حسين الأحمر إنه بالنسبة للقضايا اليمنية الوطنية والأساسية لا يساوم فيها ولا يفرط وهذا هو ما يفهمونه عني منذ سنوات طويلة ........ويعلمون جيدا مع من يتعاملون ....الخ "

وفي الحقيقة فمن تتبع مواقفه السياسية يرى حقيقة تميز مواقفه عن مواقف المملكة حينما يكون الأمر متعلقا بالوطن ..

****

وحيث يرحل الشيخ عبد الله عنا ونحن والوطن نكابد امتدادات حرب 94م ومكايدات الصغار الذين تحركهم رغبات (بوش)و(رايس) و (ديك تشيني) وبعض قادة المملكة العربية السعودية و بعض قادة دول الخليج الغارقين حتى آذانهم في مشروع أمريكا التدميري للأمة .. في طريق تأجيج الصراعات داخل الوطن العربي والإسلامي ووطننا فيها في نطاق مشروع الشرق الأوسط الكبير والفوضى الخلاقة .. فيجب أن نراجع بعض صفحات عن تقييم شيخنا الفقيد الذي أسماه رمزالجهاد الخالد الرئيس القائد صدام حسين المجيد بـ ( حكيم اليمن ) ولنراجع نظره لمواقف بعض الأشخاص الذين ظهرت أسماؤهم في الأزمة الحالية .. في محاولة لخلق زعامات لفوضى اليمن الخلاقة في هذه الآونة..

تحدث عن علي ناصر محمد ومذبحته في اللجنة المركزية في يناير 86م فقال عنه ..وعن الموقف من مسألة الوحدة بعد المذبحة بعد أن يشير إلى علاقات القادة الشماليين آنذاك به .

 " علي ناصر محمد الذي كان موقفه متذبذبا وكان يطلب منا عدم القيام بأي تدخل أو تحرك وعدم الإفصاح عن أي حوار بيننا وبينه وحتى بعد أن وصل إلينا كان لا يزال يخبئ علينا وغير واثق بنا وماكان وصوله إلى هنا إلا مرور لخروجه .. إلى أصدقائه في أديس أبابا والاتصال بالكرملين وفعلا سافر في اليوم الثاني أو الثالث من وصوله صنعاء إلى أثيوبيا وهو يحذرنا من أي تدخل أو حتى اتخاذ موقف إعلامي وتحاشى أن يجري أي اتصال مع الكرملين من صنعاء وطار إلى أسمرة وأجرى الاتصالات من هناك من عند منجستووجاء الجواب من موسكو لا تأتي ولن نقبلك ولن ندعمك ونحن مع النظام الجديد الموجود في عدن .وعاد بعد ذلك إلى صنعاء يطلب منا الدعم ليزحف عليهم ويعلن الوحدة ولوكان لديه النية لأعلن الوحدة من حينها في عدن ولحصل على تجاوب من الداخل ومن جانبنا ولكنه لم يفعل بل حصلت المذبحة وهرب .. ووصل أبين ويمكن حتى في أبين لوكان أعلن الوحدة لكان لقي الدعم منا على أساس أنه نجي بنفسه إلى أبين والوضع في عدن مهتز وغير مستقر .. والمقاومة مستمرة لم يطرح هذا الموضوع كما ذكرنا إلا بعد أن يئس من الاتحاد السوفيتي .. "

........ثم يختم بعد حديث طويل فيقول عنه .. " ومن العجائب أنه بعد ماغسل يده وانتهى من كل شيء ظل يرفض أي تصريح من جانبه فيه أي نغمة لصالح الوحدة اليمنية أو تخليه عن الاشتراكية أو الحزب أو التقارب مع القوى المحافظة سواء داخل اليمن أو خارجه حتى أن السعودية عندما أبدت استعدادها لاستقباله رفض أن يزورها كي لا يقال إنه قد أصبح رجعيا .. "!!!

ونحن الآن نعرف أنه لا عاد الرجل اشتراكيا ولا يستنكف من أن يكون رجعيا مع السعودية أو حتى امبريالي مع أمريكا كحال الكثير من أخدانه في هذا الزمان ..

***

ويتحدث الشيخ الأحمر رحمه الله عن وساطة قام بها لدى الرئيس علي سالم البيض وهو معتكف في عدن فقال أن البيض .."اشترط علينا شرطا واحدا قال أنه إذا تم سوف يطلع فورا وهو إخراج المعسكرات من العاصمة وأن يخرج من سكنه في القصر الجمهوري ورجعنا من عنده ونحن متفائلون ولم نكن متألمين منه لأنه كان بسيطا وصريحا وودودا ولديه قدرة فائقة تجعل الشخص يأخذ عنه انطباعا جيدا طلعنا من عنده ونحن مقتنعين بالكثير مما طرحه علينا ."

هذا حديثه عن الكبير مثله.. الرئيس البيض حتى يعلم الصغار كيف يتحدث الكبار عن الكبار ..

ولكن الفقيد يتحدث بعد ذلك فيقول .."أثناء خروجنا من منزل علي سالم البيض إذا بحيدر العطاس يصل وقال لنا ماذا عملتم مع علي سالم ؟قلنا له :اتفقنا على انه سيعود إلى صنعاء بعد يومين وإذا به يقول أما طلوع صنعاء فلايمكن !!وهو الذي كان في نظر الناس رجلا عاقلا ومسالما ونزل عدن بحجة إقناع البيض وحتى الرئيس أصر على نزوله لأنه يستطيع أن يقنع البيض لكن حيدر العطاس عاد إلى صنعاء بعد ذلك بعدة شروط أكثر وأكبر ولم تكن في رأس البيض ابدا "

الى هنا نكتفي باستشهاداتنا في مناسبة وداع هذا الرجل الجليل القدر .. في قومه للإعتبار والانتفاع .. ومن المفيد القول أنه لو لم تنشر هذه المذكرات في حياة الفقيد لقيل أن القيادة السياسية قد قامت بكتابتها وزورتها على الفقيد.. لمافيها من إشارات إلى وجوه الفتنة الحاضرة ..الممتدة من فتنة 94م وهي تكاد تنزع عنهم البراقع التي تخفي نواياهم الخبيبثة في مواصلة تمزيق وتدمير الوطن وشعبه ..

رحم الله الشيخ الفقيد وحفظ اليمن .. من كيد الكائدين..وإنا لله وإنا إليه راجعون .

 ****


في الأربعاء 09 يناير-كانون الثاني 2008 03:31:42 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=3117