رائد السقاف:الحكومة لا تتعامل مع المبدعين كثروة وكنز
الثورة نت
الثورة نت
 
 

لقاء/ حسن شرف الدين -

أكد المستشار والخبير في التنمية البشرية والتسويق رائد عبدالمولى السقاف أن افتقار بلادنا ووجود بيئة حاضنة للإبداع يعد من الأسباب الرئيسية لهجرة العقول والخبرات اليمنية إلى البلدان الأخرى والاستقرار خارج الوطن وعدم رجوعهم إلى البلد.

 وقال السقاف إنه من الصعب على أي شخص يمتلك عقلاً إبداعياً أن يتمكن من تقديم خبراته وإبداعه لمجتمع فاقد الصلة بأي شيء وإيجابي بسبب عدم تعامل المؤسسات المختلفة مع الموارد البشرية والاهتمام بإبداعاتهم وابتكاراتهم:

برأيكم .. ما هي أسباب هجرة العقول اليمنية إلى الخارج؟

 - أهم أسباب هجرة العقول والخبرات اليمنية، عدم وجود بيئة حاضنة للإبداع في بلادنا، بالعكس طاردة، لأسباب متعددة أهمها أن من يديرون اليمن ليست لديهم إمكانات علمية وفكرية فوجود الكفاءات المبدعة في البلاد يفضح عجز أصحاب القرار، فكان لابد من التضييق عليهم ليخرجوا، لتخلوا الساحة للمعاقين فكريا، ليفعلوا ما يشاءون بهذا البلد، إضافة إلى ذلك من الصعب على أي شخص يمتلك عقلاً إبداعياً أن يتمكن من تقديم خبرته وإبداعه لمجتمع فاقد الصلة بأي شيء جميل وايجابي، فلن تستوعب أو تستثمر، وأكبر سبب لإشكالية هروب المبدعين أن الحكومة ومؤسساتها لا تتعامل مع الموارد البشرية مهما كانت مبتكرة ومبدعة على أنها ثروة وكنز بمعنى لا يشعرون أنهم خسروا شيئاً نتيجة خروج هؤلاء من اليمن، مفهوم الثروة عند النظم المتخلفة تدور حول النفط والذهب والدولار فقط .

 البيئة المنفتحة

 ما هو الذي يجعل اليمنيين يبدعون خارج الوطن أكثر؟

 - كما ذكرت عندما توجد البيئة المنفتحة التي تحترم الانجاز والإبداع، يبرز اليمنيون بشكل ملفت.. والدول المتقدمة تعرف تماما استثمار هذه العقول، لأن هذا القرن عصر يعتبر اقتصاد المعرفة وليس عصر المنتجات، الدول الغنية هي التي تعرف أكثر.. وليس من تمتلك نفطاً أكثر، فاليمني بطبيعته مجتهد يبحث عن الفرص من خلال استثمار ما يمتلكه من إبداع فكري، فيخرج كل طاقاته في سبيل تقديم انجاز علمي يحقق أهدافه وطموحاته كلما وجد هناك من يدفعه إلى هذا الإبداع، وما يميز اليمني ثقافته المنفتحة على الآخر، حيث ينسجم مع البيئة الجديدة ويطوعها بما يحقق أهدافه.

 تحول نسبي

 هل اليمن بيئة طاردة وغير ملائمة للكوادر الوطنية؟

 - كما أشرت فعلا بيئة لا تناسب من يريد أن يضيف للفكر الإنساني أو ينجز بابتكار علمي، لأن ثقافة الانجاز والإبداع ليست حاضرة في بنية المجتمع ومؤسسات الدولة، رغم التحول النسبي الذي ظهر ولمسناه من خلال اهتمام المجتمع بشكل ملفت بالمتفوقين من أوائل الجمهورية، وهذا مؤشر ايجابي، يجعلنا أكثر تفاؤلاً بالمستقبل.

 ما حجم الخسائر التي تتكبدها اليمن جراء هجرة عقولها؟

 - تخسر اليمن كثيرا بطريقتي الاستهلاك المفرط العشوائي للموارد الطبيعية ..وعدم استغلال واستثمار الموارد المعرفية، فبطبيعة الحال تخسر عندما لا تحول ابداعات وانجازات العقول اليمنية إلى منتج أياً كان «سلعاً، أو خدمة أو فكرة» وكل هذه موارد تعود على اليمن بدخل مالي، وكذلك تخسر عندما لا تطور هذه العقول المبدعة وتهيئها لتكون نوعية وكمية كون نسبة الشباب في المجتمع كبيرة فتصدر العقول اليمنية إلى دول الجوار فيعود إلى الوطن أموال وسيولة كبيرة وتكون من مصادر الدخل، وهذا الذي خططت له الهند عندما أعلنت عن استراتيجية تصدير العقول بدلاً عن العضلات، لأن أجر وراتب العقل المبدع الواحد يزيد عن مائة عامل بعضلات.

الكثير من العقول الموجودة خارج الوطن ذهبت بمنح وفرص دراسة من الحكومة وبعد انتهاء فترة الدراسة يستقر حيث درسوا .. برأيك لماذا لا يبادل هؤلاء الوطن الوفاء بالوفاء؟

 - فعلا ذهبوا للدراسة على حساب الدولة وهذا من حقهم، درسوا وأحلامهم التفوق العلمي والعودة لخدمة الوطن ومع معرفتهم للواقع يكتشفون أن عودتهم لليمن تعني خسارة كل ما حصلوا عليه من معرفة لأنهم لن يجدوا من يقدر ما يملكوه من علم، اذن القضية ليست مرتبطة بالوفاء للوطن، ولكن قضية عدم وجود وطن، فقرار البقاء في الدول المتقدمة يخدم بطريقة غير مباشرة اليمن لأنهم سيحصلون على فرص أكبر للتطور والوصول إلى أعلى المستويات العلمية وفي الوقت المناسب سيعودون ليخدموا الوطن، لأن اتخاذ قرار البقاء خارج الوطن ليس سهلا وليس قراراً عاطفياً وميلاً للراحة والكسل فهم يعانون ولكن القرار صحيح ومهم .

ما الدور الذي يجب على الحكومة القيام به لإرجاع أبناء الوطن الموجودين في الخارج للاستفادة من خبراتهم وقدراتهم؟

 - لا أتمنى أن تلعب الحكومة دوراً في إقناع العقول اليمنية بالعودة إلى بلادها، الوقت غير مناسب، أولويات الحكومة أولا في هذه المرحلة أن توجد نظاماً مستقراً، عدالة تنمية، فإذا ما تحقق الاستقرار سيعودون تلقائيا دون أي دور من الحكومة .

 كيف تستثمر اليمن أبناءها وهم في الخارج؟

 - هناك فرص كبيرة في دول الجوار لاستثمار مواردنا البشرية المحترف والمبدعة، الدول المجاورة لديها موارد طبيعية كبيرة ولدينا موارد بشرية، كل الذي نقوم به البحث حول أهم احتياجات سوق العمل قي الخليج ونطور وندرب مواردنا بما يتناسب مع هذه الاحتياجات ومن ثم يتم التسويق لهم وعقد شراكات تكامل مع هذه الدول وتسوق لها في دول الجوار، وكلما كانت مواردنا ذكية ومدربة ومحترفة ستشكل مورداً مالياً كبيراً للوطن.

 ما هي مقومات استثمار الكوادر البشرية لتحسين التنمية في اليمن؟

 - أن تعي الدولة أن الشباب ثروة وطاقة مثل أية طاقة وليسوا عبئاً، وزيادة العدد معناه زيادة في الطاقة والعقول وليسوا بطوناً مستهلكة وهذا ما لم تفهمه الدول المتخلفة.. كما يجب تطوير النظام الجامعي بما يتناسب مع المتغيرات، وأن تصبح استراتيجية التعليم العلم من أجل العمل وليس فقط من أجل أن يعرف وبما يتناسب واحتياجات سوق العمل العالمي.. وكما يجب تطوير مؤسسات الارشاد التعليمي حتى يدرس كل شاب بما يتناسب مع ميوله فيتمكن من الابداع.. والتسويق لهذا المورد المهم بطريقة ذكية وفعالة، هذا باختصار ما تقوم به الدول التي تتعامل مع الناس كثروة.


في الأربعاء 11 سبتمبر-أيلول 2013 05:25:02 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=22015