أيها الطلاب ..أحذروا جهاز كشف الغش
عبدالحكيم الصلوي
عبدالحكيم الصلوي

بعد أيام قليلة يتوجه طلابنا في المرحلة الثانوية إلى مقاعد الامتحان يحدوهم الأمل والطموح في خوض غمار هذا السباق الذي طالما انتظروه بفارغ الصبر ، فمنهم من صبر وثابر ، ومنهم من أهمل وتكاسل ، وتمنى على الله الأماني ، وشتان بين الاثنان ، فلكل مجتهد نصيب ومن يزرع الشوك لا يحصد العنب . وما أ صدق قول الشاعر :-

 وما نيل المطالب بالتمني *** ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

- ومع كل ذلك فقد انتظر جميع الطلاب هذه اللحظات الحاسمة من عمره طيلة(12) عاما، ويا لها من لحظات حاسمة ومصيرية في حياة كل طالب ، خاصة بعد أن أصبح معدل الطالب في هذه المرحلة بمثابة البوصلة التي تحدد مصيره ومساره، وتحدد اتجاهاته المستقبلية ،كما تحدد أيضا الكلية التي سيذهب إليها.

- أن امتحان الثانوية العامة يُعد المصفاة الحقيقي الذي من خلاله يتم تنقية الكثير من الشوائب الغير صالحة للإستقدام للدراسة في المرحلة الجامعية ،وحتى يؤدي هذا المصفاة دوره على أكمل وجه، يستلزم أن يحظى برعاية واهتمام من الجهات المسئولة ،بان تدار العملية الامتحانية في هذه المرحلة بكل أمانة ومهنية عالية ، ولتكن البداية باختيار رؤساء لجان المراكز الامتحانية من ذوي النزاهة والأمانة والشخصيات الوطنية التي لا تبحث عن مردود مالي أو جاهٍ اجتماعي ،كما كان يحصل في العهد الماضي ،وانتهاء باختيار مراقبين لا يقل نزاهة وأمانة عن رؤساء اللجان، وان يكونوا جميعا تحت مستوى المسئولية الوطنية التي كلفوا بها ، خاصة وإننا ما زلنا نعيش أجواء ثورية ودماء شهدائنا لم تجف وجراحات جرحانا لم تشف بعد، فلقد خرجت جماهير شعبنا بكل فئاته ومعهم هؤلاء الطلاب رافضة الأوضاع السابقة التي عملت على تجهيل الناس وإخراج جيل أمي بمعنى الكلمة ،هذه الجماهير المنتفضة خرجت من اجل بناء يمن جديد ، واليمن الجديد لا يبنى إلا بجيل نظيف ، جيل متسلح بالعلم والمعرفة ، مثقف الفكر ،واسع الاطلاع،جيل يؤمن بان العلم والمعرفة هما الطريق الوحيد للعبور إلى مستقبل أفضل.

وعليه يجب أن نعمل سوياً على إيجاد هذا الجيل ونحرص كل الحرص على أن يكون هذا الجيل قادراً على اجتياز كل العقبات والحواجز بمهارة عالية ، ليكون قادرا على تحمل مسئولياته بكل جدارة واحترام وقادراً على النهوض بهذا الوطن نحو الأفضل.

- ما نأمله أن يضع رؤساء المراكز الامتحانية حداً لتلك المهازل التي تحصل في محيط وداخل قاعات الامتحان التي أفقدت الهيبة لتلك المراكز الامتحانية وأيضا لرؤساء هذه اللجان بسبب تواطيهم وتساهلهم وتقصيرهم في أداء مهمتهم وواجبهم بالسماح بانتشار ظاهرة الغش .

وما اصدق قول الشاعر:-

 من يَهُن يَسْهُل الهوان عليه *** ما لِجُرْح بِمَيّتٍ إيـلامُ

اليوم أصبح الغش ظاهرة مرضية خطيرة ، وآفة اجتماعية يسقط في شباك مستنقعها الكثير من الطلبة للأسف الشديد الذين صاروا يربطون اجتياز هذه المرحلة بلجنة الامتحان لا شيء قبلها أو بعدها !!! هل ستكون اللجنة متساهلة معهم داخل قاعات الامتحان ؟ وهل ستسمح لهم بالغش أم لا؟ بدلاً من ربط ذلك بما استوعبته عقولهم من حصيلة علمية ، وبمدى اجتهادهم ومذاكراتهم طوال فترة دراستهم.

وهنا أجدها فرصة لأدعو الوجهاء والمشايخ وعقال القرى والحارات وأعضاء المجلس المحلي والنواب ومدراء فروع الأحزاب السياسية ومدراء المدارس والمدرسين بأن لا يسعوا إلى ممارسة الضغوط على رؤساء اللجان الامتحانية وعلى المراقبين سواء بالترغيب أو الترهيب من اجل مساعدة الطلاب والسماح لهم بالغش ، وألا يكونوا سفراء للنوايا السيئة أمام هذه اللجان ،باعتبار ما يقومون به ليس من الدين وليس من أعمال البر وليس أيضا عمل شريف فالرسول (ص) يقول: من غشنا فليس منا" ، فلا يبررون مساعيهم ألغير حميدة بدواعي الرحمة والشفقة وان يكفوا عن ترديد " الراحمون يرحمهم الرحمن إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" أرجو أن يكف هؤلاء عن ترديد مثل ذلك فالمقام ليس مقام رحمة . أما الاسوء من ذلك أن يقوم بعض المتحزبين العميان بمهام حزبي داخل هذه اللجان باعتبار ما يقدمه من غش يُعد مكسباً يضاف إلى رصيده الانتخابي ومنجز وطني له أبعاده السياسية الهدف منه زيادة الأتباع والرفع من ولاء الأنصار . 

أما الأدهى من ذلك كله أن يقوم مدراء المدارس ومدرسي الطلاب الذين حملوا أمانة صناعة الأجيال وتشرفوا بحمل رسالة التعليم وراية التغيير والذين كان يعول عليهم حماية هذه الأجيال وتحصينهم من هذه الآفات بالغش وحل ما صعب عن حله الطلاب من أسئلة الامتحان.

-اليوم ومع انتشار ظاهرة الغش والتي أدت إلى نجاح بالجملة ، اضطرت الجامعات الحكومية وبعض الجامعات الأهلية إلى عمل امتحان يعرف بامتحان القبول أو المفاضلة بين المتقدمين للدراسة في أقسامها لاختيار أفضل المتقدمين إليها ، ولا يقتصر ذلك على الكليات العلمية فحسب بل على الكليات الأدبية ، وتعتبر نتيجة هذا الامتحان + المعدل المطلوب أساسا لقبول الطالب في هذه الكليات ، وهذا إجراء وقائي وضروري وصار بمثابة (جهاز كشف الغش) .

ما نتمناه أن لا يقع طلابنا في مصيدة هذا الجهاز ويفتضح أمرهم أمام الملأ ..وكفى الله طلابنا شر الخزي والعار. ودمتم جميعاً سالمين.


في الثلاثاء 18 يونيو-حزيران 2013 04:09:08 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=20938