من جديد الى حوار..مع صديقي القاعدي
كاتب/مهدي الهجر
كاتب/مهدي الهجر

غصَّة :

ليتك قبلتني أخوك ،فانطلق لساني نحوك بأخي القاعدي ، لكنك باعدت ، ففسقتني ، وكفّرتني ، ثم انثنيت على صدري ببندقيتك فتوشحت دمي وسامك في الجهاد ، واتخذت من قلبي جوازا يُوصلك الى الحورية في جناة عدن ، وقد كان قلبي لك مربعا ، وبحرا يغمرك بالحب والحنان ، ومرجلا يئز إن أصابك مكروه ، وأنينه لا ينقطع حتى يراك ..

ثم أني أشهد أن لا اله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، أرددها في اليوم مائة مرة ، وأسأله سبحانه ان يثبتني عليها عند الرحيل ، أحب الله ورسوله والمؤمنين ، واعتقد بعقيدة أهل السنة والجماعة ، وأحب في الله وأبغض في الله ، وأعظم أمنية لي ان يعز الله الإسلام والمسلمين ..

واستغفر الله في اليوم أكثر من مائة مرة على جهلي وخطأي وذنبي وتقصيري ، وأسأله سبحانه ان ينصر المجاهدين في كل مكان الماضون على منهجه وأن يرزقني الشهادة في سبيله بعد طول عمر وحسن عمل ...

فلماذا إذن قتلتني ؟ وكيف تلقى الله وعليك دمي ؟

أنتحاور ؟

كانت الأخبار ترد عن ان هناك جهودا لوساطة تعمل من اجل حوار او عقد هدنة بين السلطة وتنظيم القاعدة ، غير أن الرئيس هادي رفض في النهاية ذلك .

وموقف الرئيس هادي إيجابيا ويسير في نسقه الطبيعي لكن في ظل الظروف الطبيعية والمعتاد لمسمى ومدلول الدولة حيث لا يصح أن تتحاور الدولة مع عصابة متمردة تحمل السلاح ..

أما عندما تكون الأوضاع رخوة وعلى هذا النحو ، وفي كل يوم ترتخي الأعصاب أكثر ويسير التفكك في المفاصل وتسري الأنيميا في الجسد كله ، فلا أفضل عندها من الحوار على قاعدة المفاضلة بين الأرباح والخسائر .

لسنا معنيين بالأمريكان أو الموقف السعودي ، فمن يموت هو شعبنا ، ومن يُدمر هو جيشنا ، والأولوية كما هي عندهم برغماتية فلتكن عندنا مصلحة اليمن أولا .

يقتل الأمريكيون من القاعدة عبر طائراتهم العشرات فتتسع الفوضى في دورنا ، وتتهيأ البيئة أكثر للتوالد التلقائي للقاعدة فلا ينتهون بل ويزيدون ، ثم يرتدون ثأرا لكنهم يقتلون خيار قياداتنا في الجيش والأمن حتى لكأنهما يهتزا في الربط والمنظومة والجاهزية والثقة بسبب الشعور بالتفريط عندما تبقى الإستراتيجية على التوجيه ثم الى الضاحة (الهاوية ) مع الافتقاد الى إستراتيجية كيف تحميه ؟ والقلق أن السقوط مع تتالي الضربات وغياب الرؤية .

وإذا كان الرئيس بدافع المصلحة الوطنية العليا قد فتح باب الحوار لأنصار الله (الحوثيون ) وهم من ذات الشجرة الملعونة ، فلماذا لا يفتحه أمام أنصار الشريعة لذات المصلحة أيضا ؟ فكليهما في الفكرة ، والشعار ، والسلوك وأدوات الموت سواء ..

مع التقدير للموقف العام الرافض للحوار(من حيث المبدأ ) مع عصابات تقتل شعبها وتشعل الفتنة وتهدم الأساس والجدر حتى تضع السلاح ، وتوطئ الأكتاف للنظام والقانون وتقبل بالحياة المدنية على أساس من المواطنة والمنهج السلمي .

لكنه وتبعا لميزان القوى المختل ـــ ليس في معطياته الماديةـــ يُقبل الحوار ويكون مع هذا النوع من العصابات وفي هكذا حال أجدى من التولي .

تقنية جديدة .

العمليات الأخيرة للقاعدة والتي منها اغتيال عميد جوية وعقيد في البحث الجنائي اليوم في سيئون ( السبت 1-6-2013م تعطي عدد من الرسائل :

الأولى : أن هناك إستراتيجية جديدة بدأت تعمل للقاعدة تتمثل في ..

ـــ الرد السريع والجسيم والمباغت على كل عملية أمريكية تستهدفهم وبوجع يفوق بأضعاف وجعهم .

ــ استهداف قيادة نوعية محورية من الجيش والأمن ، والابتعاد قدر الإمكان عن النيل من الصف والأفراد لمقدار الخسارة من جهة وتجنبا للنقد العام الذي بهت القاعدة وأربكهم "ما ذنب الأفراد البسطاء " .

ــ عدم التمركز في مربع جغرافي ، والسير المتفرق والمتباعد والخفيف السريع على نمط الدراجة النارية وعليها في نفس الوقت وبحركة زئبقية " كأنما كان هنا ثم ابتلعته الارض " .

ـــ القدرة على الفعل الاستباقي ، وتوظيف رد الفعل الى السيطرة والتحكم والمبادرة .

الرسالة الثانية : انتقال عمليات القاعدة من قائمة الأمن السياسي " كبنك أهداف سابق " الى الأمن العام ، والهيكل الكامل للجيش ، وكأنما الأول قد استنفذ .

الرسالة الثالثة : أن القاعدة تستطيع أن تقتل وقتما تريد وفي المكان الذي تريد ، والعدد والنوع الذي تريد بكل سهولة وسلاسة ، فعملية سيئون الأخيرة (عميد الجوية وعقيد الأمن ) جاءت سريعا وفي نفس اليوم لا تفصل هذه عن تلك سوى ساعتين أو دقائق ، وهذا عكس الطبيعي والمألوف ، حيث كانت القاعدة تحتاج وقتا ممتدا ، ودعما لوجستيا من أجل أن تنفذ عملية تثأر بها لمن قتلوا في غارة ، او مواجهة ، ثم يختفي منفذوا العملية تماما ، ومن المستحيل تنفيذ عملية أخرى في نفس المربع .

أما بوصولها لهذا المستوى ، فإنها تكون قد أعلنت بوضوح وارتفاع صوت أن قواعد اللعبة مع السلطة قد تغيرت ، وأن تقنية الصراع اليوم لصالحها وتختلف .

الرسالة الرابعة : أن عمليات القاعدة ـــ في هذه الفترة تحديدا ـــ تأتي رد فعل بعد كل عملية لقتلاها فحسب ، وأنه إن كان القتل سبيلها الدائم لقتلت المئات من القيادات الأمنية والعسكرية بدليل انها في لحظات أتت على راسين منهما ، ولعل هذه ايماءة منها وورقة ضغط قوية نحو رغبتها في الحوار وعقد هدنة مع السلطة ، وهي من جهة أخرى تعكس أثر الضربات والغارات الممتدة على كوادرها ورموزها ، وأثر ذلك على التنظيم.

ومع ذلك وفي ظل الشهيق والزفير للقاعدة فإنها تحسن توظيف الحدث ، وإعادة تحريك أوراقها في الوقت الذي تتراجع فيه إرادة وإستراتيجية السلطة في إدارتها ممكناتها وتعاطيها مع الحدث بما يستوجب من العقلاء التدخل لا جراء حوار بناء وايجابي ينتهي بحفظ دماء أبنائنا وحماية مصلحة اليمن العليا .

دعوة :

ماذا لو تم الطلب من علماء الأمة بأسرها توجيه نداء لتنظيم القاعدة في اليمن والجزيرة ...أن اتقوا الله في شعبكم وأرضكم فأنتم لم تقتلون الا المسلمين في جزيرة العرب ؟

أو تعقد ندوات وفعاليات شعبية تبحث في القضية وتوجه نداءات وصرخات لهذا الشباب المفتون المتهور ..

ـــ إنكم بقتلكم جيشكم وتدميركم بنيتكم لا تخدمون الا أعداء هذه الأمة من اليهود والنصارى ، وتوطئون السبيل والأرض للتمدد الفارسي الحاقد على التاريخ والعروبة والدين .

ــ ما لذي استفادته محافظة أبين من تجربتكم هناك سوى الموت والخراب والفتنة التي تمزق وستظل تسري الى حين ؟

ــ ما لذي عاد على الإسلام من عملياتكم هذه على أرض اليمن سوى النزيف لموارد الأمة ، والخوف ، والقتل على الشبهة ، والفرصة لأعداء الإسلام في تشويه صورته.؟

لماذا إن قتلكم الأمريكيون قتلتمونا نحن إخوانكم غيلة ؟ فإن قلتم أنكم ضعفاء ، وقليل حدكم وعددكم وإمكاناتكم ، فاصبروا إذن ولن ينفع الإسلام ما تصنعوه ، بل سيستأصلكم ويستأصل أبناء جلدتكم من تعولون عليهم نصرة الإسلام وفتوحاته الرشيدة ، فاصبروا إذن وتحركوا في الشعب تربية وتعليما على فكرتكم فإن قبلكم واستوى يوما بالأغلبية لكم فاحكمونا على بركة الله ، ولكم السمع والطاعة والنصر المبين من رب العالمين .

تحركوا بيننا بمحبة وحنان ورحمة، فعلمونا ، وحاورونا ، وأقنعونا ، فإن تم ، فسنكون لكم أنصارا وجنودا ، وسننطلق بكم ومعكم فاتحين دعاة ومجاهدين ليعم الإسلام كل هذا الكون على درب أجدادكم من الصحابة والتابعين ..

ولكن لا تقتلونا ، وتذكروا أننا قومكم وعشيرتكم ، فإن جهلنا فخاطبونا بالعاطفة والرحمة واللين على غرار ما كان يخاطب به الأنبياء أقوامهم (يا قومي ... ) .

وتذكروا ان الصحابي الجليل كان يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم إن ظن أن في قلب الرسول صلى الله عليه وسلم شيئا من غضب تجاه قومه بـــ (يا رسول الله إنهم قومي .... )..

فيا قومنا اين حدبكم علينا ، وأين رحمتكم بنا ، هبوا (افترضوا ) أنا قد جهلنا ، وقد نازعنا الشيطان وغلبنا الهوى بفعل حملة التغريب والعداء للإسلام بعد غربة طالت ، وصليبية قلبت كل شيء ... ألا نستحق منكم الدعوة بالحسنى ، والكلمة الطيبة ؟ فقبل ان تحملونا على الجهاد وقتال بني الأصفر ، أدخلوا الإسلام أولا في قلوبنا ، وعلمونا صغيره قبل كبيره ، وأصوله قبل وفروعه ومحكمه قبل متشابهه ، وقطعيه قبل ظنيه وتدرجوا معنا فلا تحملونا الثقيل قبل أن تستوي وتشتد ظهورنا ...

  لكن قبل كل ذلك علمونا كيف نحبكم .


في الأحد 02 يونيو-حزيران 2013 04:02:09 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=20685