الصُحفي الذُبابة
عبدالخالق عطشان
عبدالخالق عطشان

إن الصحفي الذي يحمل قلم التغيير مثله كالمَلَـك (حامل البوق) إلا أنه (الصحفي) يلـتَـقِم بوقا ينفخ فيه لبعث كل القيم الإنسانية والمعاني العظيمة بوقا يجمع به قلوبا فرقتها العصبية بكل أشكالها القبلية والسياسية والفكرية بوقا يعلن النفير العام لرفع مداميك البناء والتنمية والتخندق في خنادق الدفاع عن الوطن..، وكما أن الأطباء هم ملائكة الرحمة فالصحفيين هم ملائكة الكلمة الطيبة والرسل الباحثين عن الحقيقة وحاملي لواءيهما....، غير أن الواقع أفرز أنواعا من الصحفيين تدثروا بالمعرفة زورا وبهتانا وضربوا على ضمائرهم أسوار الطمع والهلع مشمرين ولاهثين صوب الشهرة بالتشهير والقدح والتزوير فصارت أقلامهم لا تقل خطرا عن أسلحة قطاع الطرق وخبطات قطاع الكهرباء..،

* فصحفيا امتهن النقد لمجرد النقد من جهة وليكون ناقدا لصالح جهة بعينها ضد جهه أخرى ويأكل من سحت قلمه ويرضي فضول نقده.... ولما طال به المقام في طريق النقد تراه يتسكع في شوارع الكلمة يمتهن الشحاتة يتسلق أسوار الكلمة ولا يدخل من أبوابها وينتقل بذلك إلى طور آخر وهو اللصوصية فيسرق لآلئ غيره وجواهره فيضعها في عقدٍ مزينا بها جيده وأي (صحفي لمع إسمه من حرام فالذل أولى به )

*لم يضرب الله الأمثال في القرآن للتعجب وإنما ضربها لاستلهام الحقائق والتأكيد عليها فمثلا الذبابة لم يذكرها الله في كتابه لعلو شأنها وإنما لعظمة من أنشأها وليقف العلماء عند الإعجاز العلمي الذي في طياتها وليُحذِّروا من خطرها والخطر الذي تحمله ، وصحافتنا تعج بكثير من الذباب فالصحفي الذبابه لا يتنقل في بساتين الصدق ولا يمتص من رحيق الكلمة ولا يطوف في بشاشة وإنما متنقلا في مقالب الكذب ومزابل التزوير يتنقل في خبث بين الجراح ينكؤها ويدميها..

* فهذا صحفي لم يجد أخطر على الدين والوطن والكون من العلماء فكال لهم التهم كيلا وانتقى لهم من الدجل أقبحه ومن البهتان أشنعه فرماهم من قوس الحقد فقد خُيل إليه أن صفاء عمائمهم تيجانا تلمع باحثة عن كرسي الحكم.. ومتى كان الحكم حكرا على جماعة بعينها ؟؟ ،

*وصحفيا آخر التفت ذات اليمين والشمال فلم يجد إلا القامات الوطنية فشكك في أصلها واحتقر لونها وازدراها فتراه بذلك قد تجرد من كل القيم..، وصحفيا قد جمع الأذى من كل أطرافه فلم يسلم منه لا بشر ولا حجر ولا شجر إلا واستطال فيه... إنه بحق منتهى الجنون.. بل أن من غير اللائق بصحف طيبة الرائحة تحتضن مثل هؤلاء الصحفيين باسم حرية الرأي والتعبير فأي حرية تُجرّد صاحبها من عفة الكلمة وصفاء الرأي وسلامة الفكر واخلاق المهنة.. ومن الأعجب أيضا أن صحفيين وصحفا كانوا قد أوغلوا في ذم وقدح الحاكم السابق ونظامه وما إن قامت قيامة الثورة عليه وعلى نظامه حتى سال لعاب هؤلاء الصحفيين على ما في يديه فسالت أقلامهم قيحا وصديد في النظام الحالي وكل ما يتصل به فمُسِخوا ومُسِخت معهم صحفهم فتحولوا من الإيغال في النظام السابق ورأسه إلى المغالاة فيه ..

*لقد استغل هذا النوع من الصحفيين الحرية الناشئة وانعدام مبيد إلى الآن لم تستطع مصانع الثورة تصنيعه لتحد من ( ذُبُوبية ) هؤلاء الصحفيين وإلى حين ذلك سيظل النظام الهالك وزعيمه ومن على شاكلتهم ليس في مسخ الصحفيين فحسب بل إلى استنساخ صحفا وصحفيين يمارسون (الذبوبية) بكل أشكالها يسعون جاهدين إلى بعث العصبية وبث الفرقة والخلاف وعدم الاستقرار...، ورغم كل ذلك إلا أنه

من الصحفيين رجالٌ صدقت أفئدتهم فصدقت أقلامهم فاعتلوا منابر الكلمة بأمانة واستظلوا بقداسة المهنة فجمعوا القلوب ووحدوا الصفوف و ( الصحفيات شقائق الصحفيين)


في الأربعاء 29 مايو 2013 05:38:07 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=20635