|
الثورة بمفهومها الجديد والذي أطرته ثورات الربيع العربي هو فعل سلمي ينبذ العنف بكل أشكاله وألوانه ولا يقدم على قطف وردة أو قلع شجرة أو تدمير منشأة خاصة كانت أو عامة وهو الأمر الذي جعل الناس يلتفون حولها ويبذلون أرواحهم من أجل إنجاح أهداف ثورتهم السلمية وهو ما أرغم معظم دول العالم على عدم الوقوف في وجه هذه الثورات وترك دعم حكام الشعوب الثائرة ومحاولة خطب ود بعض شباب الثورات تطلعاً لما ينتج بعد هذه الثورات.
الثورات لم تستخدم العنف وسيلة لتحقيق أهدافها رغم وجود مبررات كثيرة بل وعلى العكس فقد واجهت العنف الصادر عن قوات الحكم الساقطة بالثبات والحجارة كأقسى رد يواجه به عنف البندقية والمدرعات والدبابات.
هكذا كان المشهد أيام الثورات العربية, مشهداً أسطورياً ناصع البياض مزخرفا بسلمية الثوار وروحهم الوطنية التي أسقطت الطواغيت وصنعت عرساً ديمقراطيا في تونس ومصر بدايةً.
ففي مصر على سبيل المثال بعد ما حققت الثورة هدفها الرئيسي بإسقاط نظام حسني مبارك تركوا الاحتجاجات والشوارع ليتفرغوا لبناء فجر جديد وبناء الديمقراطية الحقيقية عن طريق انتخابات نزيهة يشرف عليها القضاء بشكل كامل,
الانتخابات التي جاءت بالإسلاميين إلى الحكم ولأول مرة منذ عقود وهو الأمر الذي لم يرق للبعض من القوى المعارضة وفلول الحزب الوطني المنحل اللذين تحالفوا معا لإسقاط شرعية أول رئيس منتخب انتخابات نزيهة في تاريخ مصر
تحالفٌ انضم إليه كل من هو صاحب مصلحة خاصة أو منتفعين من النظام السابق أو محاربين للمشروع الإسلامي مضافٌ إليهم بعض شباب الثورة إما منتفعين أو مغرر بهم.
تحالفٌ حاول أصحابه إسقاط الرئيس المنتخب بشتى الطرق والسبل الممكنة من اعتصامات وتظاهرات غلب عليها طابع العنف والفوضى وقطع الطرقات وحرق المنشئآت ومع هذا يظهر قادة المعارضة ليعطوا هذه الأعمال غطاءً سياسياَ وينسبوها إلى الثورة وهي بريئة منها كبراءة الذئب من دم يوسف.
هنا يعرف الخيط الأبيض من الأسود,هنا يعرف دعاة السلمية من السلمية نفسها وفيما كان الوضع إبان الثورة التي لم يحرق فيها قصر واحد ولم تقتحم وزارة أو مبنى حكومي أو خاص يأتي من يدعوا أنهم ثوار اليوم ولا يمر عليهم يوم إلا وأحرقوا فيه منشأة أو قطعوا طريقا أو نهبوا فنادق ومباني ومحلات والأقبح من ذلك كله حرقهم للمساجد ومع ذلك كله فهم يتفاخرون بما يقومون به ويعتبرونه فعل ثوري.
في الجمعة الفائتة شاهدنا خروج تظاهرتان الأولى أمام قصر الرئاسة وميدان التحرير اكبر شاهد على أعمال التخريب التي ينسبها المتظاهرون هناك لمندسين ومنظمة ومخطط لها من الدولة لتشويه تظاهراتهم فإن كان ما يقولونه صحيح رغم أنه من الإستحالة أن تدمر الدولة منشئآتها وتدهور إقتصادها,فمن يفسر لنا حالات التحرش في قلب التظاهرات في ميدان التحرير.
وسط هذه الأجواء تكون التظاهرة الثانية والتي يقيمها الإسلاميون قد إنفضت وعاد المشاركون فيها إلى بيوتهم وقد تركوا مكان تظاهرهم كما هو عليه قبل مجيئهم رغم الفارق العددي بين التظاهرتين وهنا يكون من الطبيعي أن التظاهرة الأكبر هي من يحدث فيها المشاكل لعدم القدرة على السيطرة على الكم الهائل من الناس
ولكن ماحدث هو العكس فمظاهرة الالاف المؤلفة لم يحدث فيها شيئ بينما مظاهرات العشرات والمئات تدمر كل شيئ ينبض في حياة.
وهنا يبرز من هو سلميٌ بطبعه ومن يدعي السلمية في الوقت الذي يخرب فيه ويدمر كل شئ ليس له, هنا يبرز الفرق بين السلمية والعنف.
في السبت 16 فبراير-شباط 2013 08:34:23 م