مقارنة الوطنية الحقة للقوات المسلحة والبرلمان في مصر واليمن
د. محمد البنا
د. محمد البنا

في اليمن: القوات المسلحة منقسمة وتهدد أركان الدولة اليمنية دون أي تحرك جدي لتوحيدها وإعادة هيكلتها, والبرلمان منتهي الصلاحية واغلب أعضاءه في غياب دائم عن جلساته دون رادع لكنهم يطالبون برفع المخيمات من الساحات معتبرين بقائها غير مبرر ويؤدي إلى تعطيل الحياة اليومية للمواطنين ويضر بمصالحهم ويعرقل حركة السير, ويناشدون رئيس الجمهورية بإعطاء توجيهاته (الشديدة) للجهات المعنية من أجل رفع المخيمات.

هذا يعني ان مشكلة اليمن هي في المخيمات الاحتجاجية سلميا وليست في انقسام القوات المسلحة وعشوائية عملها وهيكليتها المعتمدة على الأشخاص. كما ان البرلمان اليمني عندما لا يجد له انجازا فعليا في التشريع بسبب غياب أعضاءه وتشرذمهم بعد مصالحهم الشخصية, يعود للتدخل في أعمال السلطة التنفيذية, بل ويطالب بالتعامل بقسوة مع أبناء الشعب اليمني الذين من المفترض ان البرلمان يمثلهم في حالة صلاحيته. وهذا الدليل على انجازات البرلمان اليمني: النائب محمد الحميري يستغرب من "تباكي البركاني على مشاجرة, وصمته عن أعمال قتل المتظاهرين في تعز العام الماضي"، فيرد عليه البركاني "أنا لم أقل لعلي عبدالله صالح مثلما قلت له أنت اذهب وقاتل في تعز إنا معك مقاتلون وإنما قلنا له إنا معك مسالمون"، واصفا الحميري بأنه "عبدالله ابن أبي". وعلق الحميري "البركاني قلع العداد على علي عبدالله صالح ولا ندري ماذا سيفعل بالمؤتمر". يختمها الراعي رئيس المجلس بالقول: "يا أهل تعز أذا اتفقتم شغلتمونا وان اتفقتم شغلتمونا".

في مصر: البرلمان المنتخب من الشعب ترفضه المحكمة الدستورية وتحل مجلسه بسبب مخالفات إجرائية من عدد قليل من أعضاءه, والقوات المسلحة من منطلق مسؤوليتها الوطنية تنحاز إلى الشعب وتحذر من مخاطر استمرار الانقسامات التي تشهدها الساحة السياسية، تهدد أركان الدولة المصرية، وأكدت القوات المسلحة، أن "منهج الحوار هو الأسلوب الأمثل والوحيد، للوصول إلى توافق يحقق مصالح الوطن والمواطنين، وأن عكس ذلك يدخلنا في نفق مظلم نتائجه كارثية، وهو أمر (لن نسمح به)."

هذا يعني ان القوات المسلحة المصرية وصلت إلى مستوى عالي من الوطنية وحب الوطن والشعب والإخلاص لهما إلى درجة جعلتها تتخطى السياسيين وتنتصر عليهم في حب الوطن والشعب والتضحية بالمصالح الأنانية. فهي الجهة الوحيدة التي طالتها التغييرات الجديدة في مصر دون أي اعتراض بالرغم من ان التغييرات كانت في أعلى الهرم القيادي للقوات المسلحة التي لم تتلطخ أياديهم بدماء الشعب المصري. يكفي إعلان القوات المسلحة المصرية في بيانها الرسمي أنها لن تسمح بإدخال البلد في نفق مظلم, على عكس النفق المظلم الذي ادخل انقسام القوات المسلحة اليمنية البلد فيه.

قال الدكتور المخلافي وزير الشئون القانونية أنه سيتم خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل إنشاء لجنة دستورية تعمل خلال ستة أشهر من انتهاء المؤتمر على صياغة مشروع دستور جديد خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إنشائها واقتراح خطوات مناقشة الدستور والاستفتاء عليه وعرضه على الشعب في استفتاء عام.

في الغالب لا يفقه السياسيين لغة الأرقام ويخسرون خططهم بسهولة, فإذا افترضنا جدلا بان مؤتمر الحوار سينعقد في يناير 2013م وسينهي أعماله خلال ستة أشهر على اقل تقدير, هذا يعني ان اللجنة الدستورية سوف تباشر أعمالها خلال الستة الأشهر التالية (إلى نهاية العام 2013م). فإذا تمكنت اللجنة من إنهاء أعمالها التي تتضمن اقتراح خطوات مناقشة الدستور من قبل الأحزاب التوافقية, ومن ثم تقديمه للاستفتاء الشعبي بلا أو نعم, فمتى ستكون الانتخابات الرئاسية المستندة إلى الدستور الجديد والتي تنهي المرحلة الانتقالية الثانية والأخيرة للانتقال السلمي؟

فهل يعتبر الشرفاء في القوات المسلحة اليمنية من بطولة وفداء القوات المسلحة المصرية البطلة؟ وهل يعتبر السياسيون في اليمن وخصوصا في البرلمان منتهي الصلاحية من دروس الوطنية والإيثار لصالح الشعب بدلا من تهديده بالشدة والعصي الغليظة؟


في السبت 08 ديسمبر-كانون الأول 2012 08:50:16 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=18348