نُصوص المُبادرة الخليجيه وطُبول الحرب القادمة
د  عبدالله الحاضري
د عبدالله الحاضري

باستقراء نصوص المبادرة الخليجيه استبان أنها مَنحت النظام السابق امتيازات لم يكن ليحلُم بها ولم يُحققها في مراحله التاريخيه السياسيه السابقه فقد أنقذته من الفناء السياسي المُحتّم على أيدي الثوار وأوصلته بمشروعيه شعبيه إلى سَدّة الحُكم لأول مرة في تاريـخه ومكنتّهُ من نصف مقاعد الحكومه وجَعلتّهُ بصوره شبه مُطلقه يُهيـمن على مراكز القوه العسكريه والأمنية وأبقت بيديه كل أموال الشعب التي كانت بحوزته مُنذ ثلاثاً وثلاثون سنه ومنحت رئيسه السابق الحصانه القضائية الكاملة ولرموز هذا النظام الحصانه السياسيه بل إن نصوص المبادرة ليس في متونها ما يمنع الرئيس السابق أن يكون رئيس الرئيس الّلاحق حزبياً في خرق سياسي لم يشهد له العالم مثيلاً وأكثر من ذلك عدم تطرّق المُبادره لوضع أولاد الرئيس السابق المُمسكيـنَ بزمام المؤسسه العسكريه والأمنيه وإستمرار الوسائط البشريه للنظام ذاته في مراكزهم السيادية المسيطرة على كل مرافق الدوله حتى مدير مكتب الرئاسة السابق لم يتغير فهو مدير مكتب الرئاسه الحالي،لقد منحت المبادرة النظام السابق كل شيء ولولا أن هناك استحاله عقليه وشرعيه لمنحتهم صكّ عدم دخول النار وضمان دخول الجنّه , مع هذا كله مازال الرئيس السابق غير مقتنع بما منحتهُ المبادرة فلجأ لِمنح نفسه الحق أن يكون ذو صفات رسميه خمسه فهو الوصيّ وهو الامر الناهي وهو رئيس المؤتمر وهو رئيس الرئيس وهو الزعيم فهو بهذه الصفات يصدر أوامر للرئيس الحالي ويصدر قرارت جمهوريه بتعيينات داخل الحرس ويتم تنفيذها قهراً دون رضاء السلطه الرئاسية الحاليه ويهدد بإعتقال رئيس الحكومه و يفتح مخازن السلاح ويأمر بصرف كل أنواع الاسلحه لمن يشاء للقيام بأعمال مُحدده ضد الشعب وهو يشُن في الوقت الراهن حرباً ضدّ قبائل أرحب ويقوم بصرف مبالغ ماليه من أموال الشعب للقيام بأعمال ضد الشعب نفسه يجتمع علناً جهاراً نهاراً بالأدوات البشرية التنفيذيه لمخططات التخريب على كل المستويات يمُر في الطرقات بمواكب رئاسية كأمله وبمعيته نفس قوات الحرس السابقه والآن هناك سؤال مهم يفرض نفسه علينا مالذي منحته المبادرة للثورة وللشعب من امتيازات مقارنةً بما منحته للنظام السابق من إمتيازات ؟ في تصوري أن المُبادره لم تمنح الثوار أي حقوق قانونيه قد ترتقي إلى مستوى الثوره وكل ما هُنالك نصف مقاعد حكومه مُفرّغه من محتواها بلا حولٍ ولاقوه والأدهى والأمرّأن الثوار مطاردون في كل مكان لا يستطيعون حتى مجرد العوده إلى بيوتهم ..لكن الغريب أن النظام السابق برغم كل هذه الإمتيازات المُذهله يُصر على الإنتحار السياسي هذه المرة بطريقته الخاصه فهول ايُريد أن ينتحر لوحده بل يريد أن ينتحر معه على الأقل ثُلّةً من الشعب , وفقاً للطقوس الفرعونية التي كانت تنُص على أنه في حال موت الفرعون تدفن معه حاشيتهُ وخدمه وحشمه حيةً في قبره . وفي كل الأحوال نصوص المبادرة الخليجه هي التي جعلت النظام السابق يعيش في حالة ذهول وسُكر الى درجة أنه يضنُّ أنه لو أشعل حرباً وتخلص من خصومه على المستوى السياسي والثوري فإن مبادرةً ما على غِرار هذه المبادره ستنقذه لكنه هذه المره سيُمانع حتى يقضي على كُل خصومه تماماً كما يفعل النظام السوري, إن النظام السابق استفاد بلا جدال من مجموعة ثغرات في المبادره الخليجيه التي من أبرزهاعدم تحديد المراكز القانونيه لأولاد الرئيس الممسكين بزمام المؤسستين العسكريه والأمنية وأيضاً عدم تحديد طبيعة مهام الّلجنه العسكريه ومدى إلزاميّة قرارتها على المستوى العملياتي وأيضاً الحصانه القضائية الكاملة الممنوحة للرئيس السابق هذه هي أبرز الثغرات التي استفاد منها النظام السابق في تعزيز قدراته على المناوره واستعادته زمام المبادئه لإرباك خصومه السياسيين والثوريين على الرقعه الجغرافيه ، بكل صراحه المبادرة الخليجيه اليوم بهذه المُعطيات وصلت إلى طريق مسدود ليست الاشكاليه في ما منحته للنظام من امتيازات لم يكن يحلم بها فقد أغرته إلى درجة أنها أغوته حتى وصلت به الغوايه الى أنه يُحضّر لتفجير الأوضاع عسكرياً من جديد غير ابه بأحد ما في هذه الأرض بل الإشكاليه تكمُن في أن النظام السابق غيرَ راضٍ عن نفسه ولاعن وضعه السياسي ويرى أن الحلّ هو في تصفية خصومه السياسيين والثوريين ,أقول هذه الكلمات وأنا على يقين أنه بالإمكان تدارُك هذه الإشكاليه بإصلاح الأوضاع القانونيه المختلة في المبادرة الخليجيه التي ظهرت أثناء الممارسه العمليه لها, فهي ليست نصوص مُقدّسه لايجوز المساس بها بل ينبغي تعديلها كُلما ظهر عوارها ودعت الحاجه لتبديل بعض نصوصها لتتسّق مع مفهومها أويتم تغييرالواقع المُتعارض مع إحدى بنودها, فالهدف من المبادره هو تحقيق الأمن والسلم الاجتماعيين وكل ما يتعارض مع هذا الهدف يجب إزاحته على مستوى النص أو على مستوى واقع النص، أتمنى على كُل الدول الراعيه للمبادرة أن تُدرك أن قيمة المُبادره ليست في منطقية نصوصها بل في مدى قابليتها للحياه بعد تجربتها واليوم بعد أن ظهر عوار المبادره ووصلت الى طريق مسدود على مستوى التطبيق العملي صار من الواجب تقييم وضعها بسلبياتها وإيجابيتها على ضوء نتائج تجربتها ومن ثم إتخاذ الاجرءات القانونيه والعمليه الكفيله بإتمام مقاصد المبادره وهذا ما لايُمكن ان يتأتّى الا بالمصداقية الدوليه المؤسَّسه على مبادئ المودّه والأخوة الإنسانيه ولا أكون مُبالغاً إن قُلت أنَّ التأخير في تقييم المبادره على ضوء ما سبق سيؤدي بالضرورة إلى كارثة على كُل المستويات ولا يسعني في الأخير سوى القول أنه في حال تأخير التقييّم على الثوار خاصةً والشعب عامة أن يسارعوا إلى إنقاذ الوطن بالعودة الى مُعطيات الحَسم الثوري بالطُرق السلمية فالحسم الثوري في هذه الحاله أصبح ضرورة وواجب مُقدّس فلا يُمكن أن تموت ثوره إلا إذا سبق ومات شعبها نفسه ونحن شعب لدينا كل مقومات الحياة ولن يقف أمامنا نظام حُكم خرج من التاريخ لإنه تعفّن وضَلَّ عن مدارة .


في الثلاثاء 03 إبريل-نيسان 2012 12:48:44 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=14907