إصلاحيو الجنوب كي نختلف عن فكر القاعدة
عبدالعزيز الحدي
عبدالعزيز الحدي

ما يميز الحركات الإسلامية المعاصرة اليوم أنها تفهمت واقع أمتها المعاش فسعت جاهدة إلى إصلاحه بالمعروف وداعية إلى الله بالحسنى لم تدخر جهدا في مناصرة قضايا مجتمعاتها العادلة ومنافحة الظلم والباطل فكانت النتيجة أن شاهدنا تلك الشعوب التي أصبحت إرادتها حرة تقذف بتلك الحركات إلى سدنة الحكم لتسلمها مقاليده عن رضا وتقدوها بقناعة إلى ما فيه الخير وصلاح الأمة .

على عكس من ذلك كان تنظيم القاعدة يقفز بعكاز العنف على واقع أمته غير مباليا في إصلاحه أو بأمر الإرادة الشعبية وتوجيهها شاقا طريقه بالتفجير والرشاش نحو زمام الحكم ليقفز به بعد ذلك خلف الحدود ليسلمه إلى أيمن الظواهري في كهوف تورى بورا فحظرت المفسدة بعظمتها وغابت المصلحة .

 في الجنوب من يتأمل حال حركتنا الإسلامية المتمثلة في (الإصلاح ) سيدرك مرارة الواقع الذي نعيشه فمن غياب ذلك النهج السوي الذي جعل تلك الحركات الإسلامية في بقية الدول العربية تشق طريقها بثبات نحو القمة والنجاح رغم خصوبة الأرض الجنوبية وعطشها له إلى التخبط الواضح حيال القضية المصيرية لكل جنوبي والذي كان ينبغي علينا أن نستشعر المسئولية التاريخية والأخلاقية الملقاة على عاتقنا كوننا كنا جزء من تلك الأسباب التي جعلت الجنوب يغرق في هذا المستنقع السحيق بمشاركتنا في غزو 94 م ثم سكوتنا بعد ذلك ونحن نشاهد تلك الجوارح تنهش الجسد الجنوبي الجريح بمخالبها التي لا ترحم واستمر ذلك الحال حتى بعد أن ركلنا النظام معيرا لنا بأننا كنا مجرد كرت في يده سحق بنا الجنوب وكرامته ثم رمى !!

ورغم الكثير من التصريحات التي كنا نسمعها من الكثير من الرموز الجنوبية في الحركة وكانت تصب في المسار الصحيح حيث كانت تؤكد بأننا جزء من هذا المجتمع الجنوبي وبالتالي فإن احترام إرادته وما يريد أمرا مسلما به ولا يمكننا الوقوف ضد تلك الإرادة ولا ينبغي لنا أن نفكر بذلك أصلا ..

إلا أن واقع الحال على الأرض ضل يناقض تلك التصريحات فغياب المشروع ورؤية الحل الخاصة بالحركة أدخلنا في سحابة من الضبابية والمؤسف أننا تبعثرنا على المشاريع المقدمة من القوى الجنوبية الأخرى فالأستاذ محسن با صرة يقف مع رؤية مؤتمر القاهرة بينما نجد الأستاذ إنصاف مايو قد أنضم إلى رؤية حبتور وشلته أما علي عشال فله رؤيته التي ما تزال حبيسة الضلوع ولا تسألوني عن معالي الوزير محمد السعدي فقد كنت أتوارى خجلا حين كان يتم المقارنة بين مواقفه ومواقف ابنة الحالمة تعز كرمان حيال القضية الجنوبية العادلة .

وإذا ما عدنا إلى شباب ثورة التغيير في عدن والمحسوبين على الحركة فقد صرح ممثلهم أن لديهم رؤية لحل القضية الجنوبية سلموها إلى المندوب ألأممي بن عمر في ملف خاص مما جعل الآخرون يتندرون ساخرين هل ما تم تقديمه للمندوب ألأممي رؤية لإنقاذ وطن أم تقريرا استخباراتي كي يدس خلسة بهذه الطريقة !

أمر مؤسف فعلا أن تشغلنا تلك المماحكات الجانبية مع بني قومنا عما كان ينبغي علينا القيام به من واجب شرعي ووطني تجاه الجنوب وأهله المسحوقين ولا ندري أهو العجز عن القيام بذلك الواجب أم الخشية ما أن تكون لنا رؤيتنا الجنوبية المستقلة التي لم تصدر بقرار من الشيخ في أفغانستان ( عفوا أقصد في صنعاء !! ) .

صحيح أيه السادة الكرام قد نرى في الحركة أن مصلحة الجنوب العليا تكمن في إبقاء الشراكة مع الشمال بعد استعادة الجنوب لحقه وكرامته وبما يضمن عدم وقوعه فريسة سهله مرة أخرى وقد يشاركنا في هذه النظرة بعض القوى الأخرى ولكن هل سعينا وعملنا بما يخدم تلك الرؤية ؟

وهل قمنا بالتنسيق مع تلك القوى الجنوبية التي تقترب منا في رؤاها كي نقف على أرضية مشتركة تخدم توجهنا في تحقيق المصلحة العليا ؟

وهل طلبنا من أخواننا في الشمال أن يتعاونوا معنا ويساعدونا كي يكون خيار الشراكة معهم خيارا جاذبا في الجنوب ؟

وهل طلبنا منهم على أضعف تقدير أن نتعاون على تنفيذ هدف من أهداف ثورة الشباب التي نحن جزء منها بل ممثلها الرسمي في الجنوب وهو ( حل القضية الجنوبي حلا عادلا بما يرضي الجنوبيين ) وبذلك نعالج لب وجوهر القضية في انتفاء الوصاية الشمالية التي أثقلت كاهل الجنوب حين يكون الحل المرضي نابعا من الجنوبيين أنفسهم ؟

ختاما ما ينبغي علينا فهمه بالحركة واستيعابه جيدا هو أن القرارات القادمة من صنعاء ليست وحدها كفيلة بتثبيتنا على كراسي الحكم والمسئولية في الجنوب ما لم تكن هناك رغبة جماهيرية وقبول شعبي فالزمن الذي نعيشه هو زمن الإرادات والشعار المرفوع اليوم هـــــو (( إرحل ))

والحقيقة التي يجب أن نقف عندها هي جنوبيتنا وأننا من الجنوبيين وفيهم ولن نأتي بغير جنوبيين كي ينتخبونا أو نحكمهم !

والحق الجنوبي يفرض علينا أن ننتصر له لا أن نخذله أو نكون مطية لمن يريد أن يقزمه أو يفصله حسب هواه .


في الأحد 11 مارس - آذار 2012 03:41:23 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.com/articles.php?id=14438